عرض مشاركة واحدة
  #115  
قديم 24-04-2022, 05:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,685
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (115)

من صــ 93 الى صـ
ـ 100



فرخص الله للرجل أن يطأ المرأة في قبلها من أي الجهات شاء. وكان سالم بن عبد الله بن عمر يقول: كذب العبد على أبي. وهذا مما يقوي غلط نافع على ابن عمر؛ فإن الكذب كانوا يطلقونه بإزاء الخطأ؛ كقول عبادة: كذب أبو محمد.

لما قال: الوتر واجب. وكقول ابن عباس: كذب نوف: لما قال لما صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل. ومن الناس من يقول: ابن عمر هو الذي غلط في فهم الآية. والله أعلم أي ذلك كان؛ لكن نقل عن ابن عمر أنه قال. أويفعل هذا مسلم لكن بكل حال معنى الآية هو ما فسرها به الصحابة والتابعون وسبب النزول يدل على ذلك. والله أعلم.
وسئل - رحمه الله -:
عن رجل ينكح زوجته في دبرها. أحلال هو أم حرام؟
فأجاب:

" وطء المرأة في دبرها " حرام بالكتاب والسنة وهو قول جماهير السلف والخلف؛ بل هو اللوطية الصغرى وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في
أدبارهن} وقد قال تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} " والحرث " هو موضع الولد؛ فإن الحرث هو محل الغرس والزرع. وكانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها جاء الولد أحول فأنزل الله هذه الآية؛ وأباح للرجل أن يأتي امرأته من جميع جهاتها؛ لكن في الفرج خاصة. ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عزرا جمعيا؛ فإن لم ينتهيا وإلا فرق بينهما؛ كما يفرق بين الرجل الفاجر ومن يفجر به والله أعلم.
وسئل - رحمه الله تعالى -:
عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها؟ وهل أباحه أحد من العلماء؟
فأجاب:

الحمد لله رب العالمين، " الوطء في الدبر " حرام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين: من الصحابة والتابعين وغيرهم؛ فإن الله قال في كتابه: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} وقد ثبت في الصحيح: أن اليهود كانوا يقولون إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول فسأل المسلمون عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} و " الحرث " موضع الزرع.
والولد إنما يزرع في الفرج لا في الدبر {فأتوا حرثكم} وهو موضع الولد. {أنى شئتم} أي من أين شئتم: من قبلها ومن دبرها وعن يمينها وعن شمالها. فالله تعالى سمى النساء حرثا؛ وإنما رخص في إتيان الحروث والحرث إنما يكون في الفرج. وقد جاء في غير أثر: أن الوطء في الدبر هو اللوطية الصغرى وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن}
" و " الحش " هو الدبر وهو موضع القذر والله سبحانه حرم إتيان الحائض مع أن النجاسة عارضة في فرجها فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلظة: و " أيضا " فهذا من جنس اللواط ومذهب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأحمد وأصحابه أن ذلك حرام لا نزاع بينهم وهذا هو الظاهر من مذهب مالك وأصحابه؛ لكن حكى بعض الناس عنهم رواية أخرى بخلاف ذلك. ومنهم من أنكر هذه الرواية وطعن فيها.
وأصل ذلك ما نقل عن نافع أنه نقله عن ابن عمر وقد كان سالم بن عبد الله يكذب نافعا في ذلك. فإما أن يكون نافع غلط أو غلط من هو فوقه. فإذا غلط بعض الناس غلطة لم يكن هذا مما يسوغ خلاف الكتاب والسنة كما أن طائفة غلطوا في إباحة الدرهم بالدرهمين واتفق الأئمة على تحريم ذلك لما جاء في ذلك من الأحاديث الصحيحة وكذلك طائفة غلطوا في أنواع من الأشربة.
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {كل مسكر خمر؛ وكل خمر حرام} وأنه سئل عن أنواع من الأنبذة فقال: {كل مسكر حرام} {ما أسكر كثيره فقليله حرام} وجب اتباع هذه السنن الثابتة. ولهذا نظائر في الشريعة. ومن وطئ امرأته في دبرها وجب أن يعاقبا على ذلك عقوبة تزجرهما فإن علم أنهما لا ينزجران فإنه يجب التفريق بينهما. والله أعلم.

(ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم (224)

قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
و " أيضا " قوله سبحانه وتعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم} فإن السلف مجمعون أو كالمجمعين على أن معناها أنكم لا تجعلوا الله مانعا لكم إذا حلفتم به من البر والتقوى والإصلاح بين الناس؛ بأن يحلف الرجل أن لا يفعل معروفا مستحبا أو واجبا أو ليفعلن مكروها أو حراما ونحوه فإذا قيل له: افعل ذلك أو لا تفعل هذا.
قال: قد حلفت بالله: فيجعل الله عرضة ليمينه. فإذا كان قد نهى عباده أن يجعلوا نفسه مانعا لهم في الحلف من البر والتقوى. والحلف بهذه الأيمان إن كان داخلا في عموم الحلف به وجب أن لا يكون مانعا من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى فإنه إذا نهى أن يكون هو سبحانه عرضة لأيماننا أن نبر ونتقي فغيره أولى أن نكون منهيين عن جعله عرضة لأيماننا وإذا تبين أننا منهيون عن أن نجعل شيئا من الأشياء عرضة لأيماننا أن نبر ونتقي ونصلح بين الناس فمعلوم أن ذلك إنما هو لما في البر والتقوى والإصلاح مما يحبه الله ويأمر به فإذا حلف الرجل بالنذر أو بالطلاق أو بالعتاق أن لا يبر ولا يتقي ولا يصلح فهو بين أمرين:

إن وفى بذلك فقد جعل هذه الأشياء عرضة ليمينه أن يبر ويتقي ويصلح بين الناس وإن حنث فيها وقع عليه الطلاق ووجب عليه فعل المنذور؛ فقد يكون خروج أهله منه أبعد عن البر والتقوى من الأمر المحلوف عليه فإن أقام على يمينه ترك البر والتقوى وإن خرج عن أهله وماله ترك البر والتقوى فصارت عرضة ليمينه أن يبر ويتقي فلا يخرج عن ذلك إلا بالكفارة.

وهذا المعنى هو الذي دلت عليه السنة: ففي الصحيحين من حديث همام عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه} ورواه البخاري أيضا من حديث عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم {من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثما} فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اللجاج باليمين في أهل الحالف أعظم من التكفير. " واللجاج " التمادي في الخصومة؛ ومنه قيل رجل لجوج إذا تمادى في الخصومة ولهذا تسمي العلماء هذا " نذر اللجاج والغضب " فإنه يلج حتى يعقده ثم يلج في الامتناع من الحنث.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن اللجاج باليمين أعظم إثما من الكفارة وهذا عام في جميع الأيمان.
وأيضا {فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن سمرة: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك} أخرجاه في الصحيحين وفي رواية في الصحيحين {فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير} وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير} وفي رواية {فليأت الذي هو خير. وليكفر عن يمينه} وهذا نكرة في سياق الشرط فيعم كل حلف على يمين كائنا ما كان الحلف؛ فإذا رأى غير اليمين المحلوف عليها خيرا منها وهو أن يكون اليمين المحلوف عليها تركا لخير فيرى فعله خيرا من تركه أو يكون فعلا لشر فيرى تركه خيرا من فعله فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه.
وقوله هنا " على يمين " هو والله أعلم من باب تسمية المفعول باسم المصدر سمي الأمر المحلوف عليه يمينا كما يسمى المخلوق خلقا والمضروب ضربا والمبيع بيعا ونحو ذلك وكذلك أخرجاه في الصحيحين {عن أبي موسى الأشعري في قصته وقصة أصحابه؛ لما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليستحملوه فقال: والله ما أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه ثم قال:
إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها} وفي رواية في الصحيحين {إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير} وروى مسلم في صحيحه عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا حلف أحدكم على اليمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير} وفي رواية لمسلم أيضا {من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير}وقد رويت هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذه الوجوه من حديث عبد الله بن عمر وعوف بن مالك الجشمي. فهذه نصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة أنه أمر من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن يكفر يمينه ويأتي الذي هو خير ولم يفرق بين الحلف بالله أو النذر ونحوه.
وروى النسائي عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيته} وهذا صريح بأنه قصد تعميم كل يمين في الأرض وكذلك الصحابة فهموا منه دخول الحلف بالنذر في هذا الكلام فروى أبو داود في سننه حدثنا محمد بن المنهال حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة.
فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك كفر عن يمينك وكلم أخاك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم وفيما لا يملك} فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أمر هذا الذي حلف بصيغة الشرط ونذر نذر اللجاج والغضب بأن يكفر يمينه وأن لا يفعل ذلك المنذور واحتج بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

{لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم وفيما لا يملك} ففهم من هذا أن من حلف بيمين أو نذر على معصية أو قطيعة فإنه لا وفاء عليه في ذلك النذر وإنما عليه الكفارة؛ كما أفتاه عمر. ولولا أن هذا النذر كان عنده يمينا لم يقل له كفر عن يمينك. وإنما قال صلى الله عليه وسلم {لا يمين ولا نذر} لأن اليمين ما قصد بها الحض أو المنع والنذر ما قصد به التقرب وكلاهما لا يوفى به في المعصية والقطيعة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.15 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]