عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-04-2022, 10:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي في ظلال آية من كتاب الله

في ظلال آية من كتاب الله
د. تيسير الغول

هناك آية أخطأ الناس في تفسيرها حتى بلغ هذا التفسير الخاطئ مداه؛ وهي في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس: 92].

منذ طفولتنا ونحن نسمع أن هذه الآية فيها معجزة، وأن بقاء جثة فرعون حتى هذه الساعة ونجاتها من التحلل هو مدلول هذه الآية: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ﴾ [يونس: 92].

وهذا الاعتقاد خاطئ وخطير في نفس الوقت؛ لأن المعنى الذي أشارت إليه الآية ليس له علاقة ببقاء جثة فرعون حتى هذه اللحظة، بل إن الآية تتحدث عن نجاة جثته من الغرق، وإلقائها على الساحل، ليرى الناس من خلفه - وهم أهل مصر - أن هذا ليس بإلهٍ كما كان يدَّعي، بل إن الله أهلكه بالغرق والموت.

أما الاحتفاظ بجثته حتى هذه اللحظة، فلا علاقة له بمعجزة، بل هي على ما كانت العادة جارية عليه في زمن المصريين القدامى، الذين كانوا أهل براعة وخبرة في التحنيط وفنونه وأسراره، ولا علاقة لمعجزة ربانية في ذلك؛ إذ إنه يوجد الآن في المتاحف المصرية عشرات الجثث المحنطة، مثل جثة فرعون، ولا غرابة في ذلك ولا معجزة.

وعلى هذا فإنه لا يجوز الربط بالمعنى بين واقع جثة فرعون وبقائها، وبين معنى هذه الآية التي تعني نجاة جثته من الغرق والتحلل في البحر، وقذفها إلى الساحل بأمر من الله تعالى؛ ليكون عبرة لمن بعده من المصريين في ذلك الوقت.

ثم إن جثة فرعون تم اكتشافها قبل مائة سنة أو يزيد قليلًا، فكيف كان المسلمون يفهمون هذه الآية قبل اكتشافها؟

قال ابن كثير رحمه الله: "قال ابن عباس وغيره من السلف: إن بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده سويًّا بلا روح، وعليه درعه المعروفة، على نجوة من الأرض، وهو المكان المرتفع، ليتحققوا موته وهلاكه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ ﴾؛ أي: نرفعك على مكان بارز من الأرض، ﴿ بِبَدَنِكَ ﴾ [يونس: 92]، قال مجاهد: بجسدك، وقال الحسن: بجسم لا روح فيه، وقال عبدالله بن شداد: سويًّا صحيحًا: أي: لم يتمزق، ليتحققوه ويعرفوه.

والله تعالى أعلم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.21%)]