عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 16-04-2022, 01:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (177)
صــ371 إلى صــ 375

[ ص: 371 ] والثاني: أنه الشاهد ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومقاتل .

والثالث: أنه المصدق على ما أخبر عن الكتب ، وهذا قول ابن زيد ، وهو قريب من القول الأول .

والرابع: أنه الرقيب الحافظ ، قاله الخليل .

قوله تعالى: فاحكم بينهم يشير إلى اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق قال أبو سليمان: المعنى: فترجع عما جاءك . قال ابن عباس : لا تأخذ بأهوائهم في جلد المحصن .

[ ص: 371 ] قوله تعالى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا قال مجاهد: الشرعة: السنة ، والمنهاج: الطريق . وقال ابن قتيبة: الشرعة والشريعة واحد . والمنهاج: الطريق الواضح . فإن قيل: كيف نسق "المنهاج" على "الشرعة" وكلاهما بمعنى واحد؟ فعنه جوابان .

أحدهما: أن بينهما فرقا من وجهين: أحدهما: أن "الشرعة" ابتداء الطريق ، والمنهاج: الطريق المستمر ، قاله المبرد . والثاني: أن "الشرعة" الطريق الذي ربما كان واضحا ، وربما كان غير واضح . والمنهاج: الطريق الذي لا يكون إلا واضحا ، ذكره ابن الأنباري . فلما وقع الاختلاف بين الشرعة والمنهاج ، حسن نسق أحدهما على الآخر .

والثاني: أن الشرعة والمنهاج بمعنى واحد . وإنما نسق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين . قال الحطيئة:


ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد


فنسق البعد على النأي لماخالفه في اللفظ ، وإن كان موافقا له في المعنى ، ذكره ابن الأنباري . وأجاب عنه أرباب القول الأول ، فقالوا: "النأي": كل ما قل بعده أو كثر كأنه المفارقة ، والبعد إنما يستعمل فيما كثرت مسافة مفارقته .

وللمفسرين في معنى الكلام قولان .

أحدهما: لكل ملة جعلنا شرعة ومنهاجا ، فلأهل التوراة شريعة ، ولأهل [ ص: 373 ] الإنجيل شريعة ، ولأهل القرآن شريعة ، هذا قول الأكثرين . قال قتادة: الخطاب للأمم الثلاث: أمة موسى ، وعيسى ، وأمة محمد ، فللتوراة شريعة ، وللإنجيل شريعة ، وللفرقان شريعة يحل الله فيها ما يشاء ، ويحرم ما [يشاء] بلاء ، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه ، [ولكن] الدين الواحد الذي لا يقبل غيره ، التوحيد والإخلاص لله الذي جاءت به الرسل .

والثاني: أن المعنى: لكل من دخل في دين محمد جعلنا القرآن شرعة ومنهاجا ، هذا قول مجاهد .

قوله تعالى: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة فيه قولان .

أحدهما: لجمعكم على الحق .

والثاني: لجعلكم على ملة واحدة ولكن ليبلوكم أي: ليختبركم في ما آتاكم من الكتب ، وبين لكم من الملل . فإن قيل: إذا كان المعني بقوله: لكل جعلنا [ ص: 374 ] منكم شرعة :نبينا محمدا مع سائر الأنبياء قبله ، فمن المخاطب بقوله: ليبلوكم ؟ فالجواب: أنه خطاب لنبينا ، والمراد به سائر الأنبياء والأمم . قال ابن جرير: والعرب من شأنها إذا خاطبت غائبا ، فأرادت الخبر عنه أن تغلب المخاطب ، فتخرج الخبر عنهما على وجه الخطاب .

قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات قال ابن عباس ، والضحاك: هو خطاب لأمة محمد عليه السلام . قال مقاتل: و "الخيرات": الأعمال الصالحة . إلى الله مرجعكم في الآخرة فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون من الدين . قال ابن جرير: قد بين ذلك في الدنيا بالأدلة والحجج ، وغدا يبينه بالمجازاة .
وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون

قوله تعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله سبب نزولها: أن جماعة من اليهود منهم كعب بن أسيد ، وعبد الله بن صوريا ، وشأس بن قيس ، قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد ، لعلنا نفتنه عن دينه ، فأتوه ، فقالوا: يا محمد ، قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم ، وأنا إن تبعناك ، اتبعك اليهود ، وإن بيننا وبين قوم خصومة ، فنحاكمهم إليك ، فتقضي لنا عليهم ، ونحن نؤمن بك ، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس . وذكر مقاتل أن [ ص: 375 ] جماعة من بني النضير قالوا له: هل لك أن تحكم لنا على أصحابنا أهل قريظة في أمر الدماء كما كنا عليه من قبل ، ونبايعك؟ فنزلت هذه الآية . قال القاضي أبو يعلى: وليس هذه الآية تكرارا لما تقدم ، وإنما نزلتا في شيئين مختلفين ، أحدهما: في شأن الرجم ، والآخر: في التسوية في الديات حتى تحاكموا إليه في الأمرين .

قوله تعالى: واحذرهم أن يفتنوك أي: يصرفوك عن بعض ما أنزل الله إليك وفيه قولان .

أحدهما: أنه الرجم ، قاله ابن عباس . والثاني: شأن القصاص والدماء ، قاله مقاتل .

قوله تعالى: فإن تولوا فيه قولان .

أحدهما: عن حكمك . والثاني: عن الإيمان ، فاعلم أن إعراضهم من أجل أن الله يريد أن يعذبهم ببعض ذنوبهم . وفي ذكر البعض قولان .

أحدهما: أنه على حقيقته ، وإنما يصيبهم ببعض ما يستحقونه .

والثاني: أن المراد به الكل ، كما يذكر لفظ الواحد ، ويراد به الجماعة ، كقوله: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء [الطلاق: 1] والمراد: جميع المسلمين . وقال الحسن: أراد ما عجله من إجلاء بني النضير وقتل بني قريظة .

قوله تعالى: وإن كثيرا من الناس لفاسقون قال المفسرون: أراد اليهود .

وفي المراد بالفسق هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها: الكفر ، قاله ابن عباس . والثاني: الكذب ، قاله ابن زيد . والثالث: المعاصي ، قاله مقاتل .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]