عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 16-04-2022, 01:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (176)
صــ366 إلى صــ 370


[ ص: 366 ] قوله تعالى: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا في المراد بالآيات قولان .

أحدهما: أنها صفة محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن .

والثاني: الأحكام والفرائض . والثمن القليل مذكور في (البقرة) .

فأما قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وقوله تعالى بعدها: فأولئك هم الظالمون فأولئك هم الفاسقون . فاختلف العلماء فيمن نزلت على خمسة أقوال .

أحدها: أنها نزلت في اليهود خاصة ، رواه عبيد بن عبد الله عن ابن عباس ، وبه قال قتادة . والثاني: أنها نزلت في المسلمين ، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس نحو هذا المعنى . والثالث: أنها عامة في اليهود ، وفي هذه الأمة ، قاله ابن مسعود ، والحسن ، والنخعي ، والسدي . والرابع: أنها نزلت في اليهود والنصارى ، قاله أبو مجلز . والخامس: أن الأولى في المسلمين ، والثانية في اليهود ، والثالثة في النصارى ، قاله الشعبي .

وفي المراد بالكفر المذكور في الآية الأولى قولان .

أحدهما: أنه الكفر بالله تعالى . والثاني: أنه الكفر بذلك الحكم ، وليس بكفر ينقل عن الملة .

وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا له ، وهو يعلم أن الله أنزله ، كما فعلت اليهود ، فهو كافر ، ومن لم يحكم به ميلا إلى الهوى من غير جحود ، فهو ظالم وفاسق . وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: [ ص: 367 ] من جحد ما أنزل الله فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم به فهو فاسق وظالم .
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون

قوله تعالى: وكتبنا أي: فرضنا (عليهم) أي: على اليهود (فيها) أي: في التوراة . قال ابن عباس : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ، فما بالهم يخالفون ، فيقتلون النفسين بالنفس ، ويفقؤون العينين بالعين؟ وكان على بني إسرائيل القصاص أو العفو ، وليس بينهم دية في نفس ولا جرح ، فخفف الله عن أمة محمد بالدية .

قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر: النفس بالنفس ، والعين بالعين ، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن ، ينصبون ذلك كله ويرفعون "والجروح" وكان نافع ، وعاصم ، وحمزة ينصبون ذلك كله ، وكان الكسائي يقرأ: "أن النفس بالنفس" نصبا ، ويرفع ما بعد ذلك . قال أبو علي: وحجته [ ص: 368 ] أن الواو لعطف الجمل ، لا للاشتراك في العامل ، ويجوز أن يكون حمل الكلام على المعنى ، لأن معنى: وكتبنا عليهم: قلنا لهم: النفس بالنفس ، فحمل العين على هذا ، وهذه حجة من رفع الجروح . ويجوز أن يكون مستأنفا ، لا أنه مما كتب على القوم ، وإنما هو ابتداء إيجاب . قال القاضي أبو يعلى: وقوله: العين بالعين ، ليس المراد قلع العين بالعين ، لتعذر استيفاء المماثلة ، لأنا لا نقف على الحد الذي يجب قلعه ، وإنما يجب فيما ذهب ضوؤها وهي قائمة ، وصفة ذلك أن تشد عين القالع ، وتحمى مرآة ، فتقدم من العين التي فيها القصاص حتى يذهب ضوؤها . وأما الأنف فإذا قطع المارن ، وهو مالان منه ، وتركت قصبته ، ففيه القصاص ، وأما إذا قطع من أصله ، فلا قصاص فيه ، لأنه لا يمكن استيفاء القصاص ، كما لو قطع يده من نصف الساعد . وقال أبو يوسف ، ومحمد: فيه القصاص إذا استوعب . وأما الأذن ، فيجب القصاص إذا استوعبت ، وعرف المقدار . وليس في عظم قصاص إلا في السن ، فإن قلعت قلع مثلها ، وإن كسر بعضها ، برد بمقدار ذلك . وقوله: والجروح قصاص يقتضي إيجاب القصاص في سائر الجراحات التي يمكن استيفاء المثل فيها .

قوله تعالى: فمن تصدق به يشير إلى القصاص .

فهو كفارة له في هاء "له" قولان .

أحدهما: أنها إشارة إلى المجروح ، فإذا تصدق بالقصاص كفر من ذنوبه ، وهو قول ابن مسعود ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، والحسن ، والشعبي .

[ ص: 369 ] والثاني: إشارة إلى الجارح إذا عفا عنه المجروح ، كفر عنه ما جنى ، وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد ، ومقاتل ، وهو محمول على أن الجاني تاب من جنايته ، لأنه إذا كان مصرا فعقوبة الإصرار باقية .
وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين

قوله تعالى: وقفينا على آثارهم أي: وأتبعنا على آثار النبيين الذين أسلموا (بعيسى) فجعلناه يقفو آثارهم (مصدقا) أي: بعثناه مصدقا (لما بين يديه) وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا ليس هذا تكرارا للأول ، لأن الأول لعيسى ، والثاني للإنجيل ، لأن عيسى كان يدعو إلى التصديق بالتوراة ، والإنجيل أنزل وفيه ذكر التصديق بالتوراة .
وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون

قوله تعالى: وليحكم أهل الإنجيل قرأ الأكثرون: بجزم اللام على معنى الأمر ، تقديره: وأمرنا أهله أن يحكموا بما أنزل الله فيه . وقرأ الأعمش ، وحمزة: بكسر اللام ، وفتح الميم على معنى "كي" فكأنه قال: وآتيناه الإنجيل لكي يحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه .
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من [ ص: 370 ] الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون

قوله تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب يعني: القرآن (بالحق) أي: بالصدق مصدقا لما بين يديه من الكتاب قال ابن عباس : يريد كل كتاب أنزله الله تعالى . وفي "المهيمن" أربعة أقوال .

أحدها: أنه المؤيمن رواه التميمي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، وعكرمة ، وعطاء ، والضحاك . وقال المبرد: "مهيمن" في معنى: "مؤيمن" إلا أن الهاء بدل من الهمزة ، كما قالوا: أرقت الماء ، وهرقت ، وإياك وهياك .

وأرباب هذا القول يقولون: المعنى: أن القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب إلا أن ابن أبي نجيح روى عن مجاهد: ومهيمنا عليه . قال: محمد مؤتمن على القرآن . فعلى قوله ، في الكلام محذوف ، كأنه قال: وجعلناك يا محمد مهيمنا عليه ، فتكون هاء "عليه" راجعة إلى القرآن . وعلى غير قول مجاهد ترجع إلى الكتب المتقدمة .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]