عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16-04-2022, 01:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (175)
صــ361 إلى صــ 365


والثاني: رجلان من قريظة والنضير قتل أحدهما الآخر ، قاله قتادة . وقال [ ص: 361 ] ابن زيد: كان حيي بن أخطب قد جعل للنضيري ديتين ، والقرظي دية ، لأنه كان من النضير ، فقالت قريظة: لا نرضى بحكم حيي ، ونتحاكم إلى محمد ، فقال الله تعالى: لنبيه فإن جاؤوك فاحكم بينهم الآية .

فصل

اختلف علماء التفسير في هذه الآية على قولين .

أحدهما: أنها منسوخة ، وذلك أن أهل الكتاب كانوا إذا ترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا ، إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء أعرض عنهم ، ثم نسخ ذلك بقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل الله فلزمه الحكم ، وزال التخيير ، وهذا مروي عن ابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدي .

والثاني: أنها محكمة ، وأن الإمام ونوابه في الحكم مخيرون إذا ترافعوا إليهم ، إن شاؤوا حكموا بينهم ، وإن شاؤوا أعرضوا عنهم ، وهذا مروي عن الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والزهري ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وهو الصحيح ، لأنه [ ص: 362 ] لا تنافي بين الآيتين ، لأن إحداهما: خيرت بين الحكم وتركه . والثانية: بينت كيفية الحكم إذا كان .
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين

قوله تعالى: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة قال المفسرون: هذا تعجيب من الله عز وجل لنبيه من تحكيم اليهود إياه بعد علمهم بما في التوراة من حكم ما تحاكموا إليه فيه ، وتقريع لليهود إذ يتحاكمون إلى من يجحدون نبوته ، ويتركون حكم التوراة التي يعتقدون صحتها .

قوله تعالى: فيها حكم الله فيه قولان .

أحدهما: حكم الله بالرجم ، وفيه تحاكموا ، قاله الحسن .

والثاني: حكمه بالقود ، وفيه تحاكموا ، قاله قتادة .

قوله تعالى: ثم يتولون من بعد ذلك فيه قولان .

أحدهما: من بعد حكم الله في التوراة . والثاني: من بعد تحكيمك .

قوله تعالى: وما أولئك بالمؤمنين قولان .

أحدهما: ليسوا بمؤمنين لتحريفهم التوراة . والثاني: ليسوا بمؤمنين أن حكمك من عند الله لجحدهم نبوتك .
[ ص: 363 ] إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون

قوله تعالى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور قال المفسرون: سبب نزول هذه الآية: استفتاء اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الزانيين ، وقد سبق . و "الهدى": البيان . فالتوراة مبينة صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومبينة ما تحاكموا فيه إليه . و "النور": الضياء الكاشف للشبهات ، والموضح للمشكلات .

وفي النبيين الذين أسلموا ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم الأنبياء من لدن موسى إلى عيسى ، قاله الأكثرون .

فعلى هذا القول في معنى "أسلموا" أربعة أقوال .

أحدها: سلموا لحكم الله ، ورضوا بقضائه . والثاني: انقادوا لحكم الله ، فلم يكتموه كما كتم هؤلاء . والثالث: أسلموا أنفسهم إلى الله عز وجل . والرابع: أسلموا لما في التوراة ودانوا بها ، لأنه قد كان فيهم من لم يعمل بكل ما فيها كعيسى عليه السلام . قال ابن الأنباري: وفي "المسلم" قولان .

أحدهما: أنه سمي بذلك لاستسلامه وانقياده لربه . والثاني: لإخلاصه لربه ، من قوله: ورجلا سلما لرجل [الزمر: 29] أي: خالصا له .

[ ص: 364 ] والثاني: أن المراد بالنبيين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله الحسن ، والسدي . وذلك حين حكم على اليهود بالرجم ، وذكره بلفظ الجمع كقوله: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله [النساء: 54]

وفي الذي حكم به منها قولان . أحدهما: الرجم والقود . والثاني: الحكم بسائرها ما لم يرد في شرعه ما يخالف . والثالث: النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن قبله من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ، قاله عكرمة .

قوله تعالى: للذين هادوا قال ابن عباس : تابوا من الكفر . قال الحسن: هم اليهود . قال الزجاج : ويجوز أن يكون في الآية تقديم وتأخير على معنى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون الذين أسلموا . فأما "الربانيون" فقد سبق ذكرهم في (آل عمران) . وأما "الأحبار" فهم العلماء واحدهم حبر وحبر ، والجمع أحبار وحبور . وقال الفراء: أكثر ما سمعت العرب تقول في واحد الأحبار: حبر بكسر الحاء . وفي اشتقاق هذا الاسم ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه من الحبار وهو الأثر الحسن ، قاله الخليل . والثاني: أنه من الحبر الذي يكتب به ، قاله الكسائي . والثالث: أنه من الحبر الذي هو الجمال والبهاء . وفي الحديث "يخرج رجل من النار قد ذهب حبره وسبره" أي: جماله وبهاؤه . فالعالم بهي بجمال العلم ، وهذا قول قطرب .

وهل بين الربانيين والأحبار فرق أم لا؟ فيه قولان .

أحدهما: لا فرق ، والكل علماء ، هذا قول الأكثرين ، منهم ابن قتيبة ، والزجاج . وقد روي عن مجاهد أنه قال: الربانيون: الفقهاء العلماء ، وهم فوق الأحبار . وقال السدي: الربانيون العلماء ، والأحبار القراء . وقال ابن زيد: [ ص: 365 ] "الربانيون": الولاة ، و "الأحبار": العلماء ، وقيل: الربانيون: علماء النصارى ، والأحبار: علماء اليهود .

قوله تعالى: بما استحفظوا من كتاب الله قال ابن عباس : بما استودعوا من كتاب الله وهو التوراة . وفي معنى الكلام قولان .

أحدهما: يحكمون بحكم ما استحفظوا . والثاني: العلماء بما استحفظوا . قال ابن جرير: "الباء" في قوله: (بما استحفظوا) من صلة الأحبار .

وفي قوله: (وكانوا عليه شهداء) قولان .

أحدهما: وكانوا على ما في التوراة من الرجم شهداء ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثاني: وكانوا شهداء لمحمد عليه السلام بما قاله أنه حق . رواه العوفي عن ابن عباس .

قوله تعالى: فلا تخشوا الناس واخشون قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، وابن عامر ، والكسائي: "واخشون" بغير ياء في الوصل والوقف . وقرأ أبو عمرو: بياء في الوصل وبغير ياء في الوقف ، وكلاهما حسن . وقد أشرنا إلى هذا في (آل عمران) ثم في المخاطبين بهذا قولان .

أحدهما: أنهم رؤساء اليهود ، قيل لهم: فلا تخشوا الناس في إظهار صفة محمد ، والعمل بالرجم ، واخشوني في كتمان ذلك ، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس . قال مقاتل: الخطاب ليهود المدينة ، قيل لهم: لا تخشوا يهود خيبر أن تخبروهم بالرجم ، ونعت محمد ، واخشوني في كتمانه .

والثاني: أنهم المسلمون ، قيل لهم: لا تخشوا الناس ، كما خشيت اليهود الناس ، فلم يقولوا الحق ، ذكره أبو سليمان الدمشقي .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]