عرض مشاركة واحدة
  #171  
قديم 16-04-2022, 01:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (171)
صــ341 إلى صــ 345


والرابع: أن معنى الكلام: ينبغي لجميع الناس أن يعينوا ولي المقتول حتى يقيدوه منه ، كما لو قتل أولياءهم جميعا ، ذكره القاضي أبو يعلى . [ ص: 341 ] والخامس: أن المعنى: من قتل نبيا أو إماما عادلا ، فكأنما قتل الناس جميعا ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والقول بالعموم أصح . فإن قيل: إذا كان إثم قاتل الواحد كإثم من قتل الناس جميعا ، دل هذا على أنه لا إثم عليه في قتل من يقتله بعد قتل الواحد إلى أن يفنى الناس؟ فالجواب: أن المقدار الذي يستحقه قاتل الناس جميعا ، معلوم عند الله محدود ، فالذي يقتل الواحد يلزمه ذلك الإثم المعلوم ، والذي يقتل الاثنين يلزمه مثلاه ، وكلما زاد قتلا زاده الله إثما ، ومثل هذا قوله: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام: 160] فالحسنة معلوم عند الله مقدار ثوابها ، فعاملها يعطى بمثل ذلك عشر مرات . وهذا الجواب عن سؤال سائل إن قال: إذا كان من أحيا نفسا فله ثواب من أحيا الناس ، فما ثواب من أحيا الناس كلهم؟ هذا كله منقول عن المفسرين . والذي أراه أن التشبيه بالشيء تقريب منه ، لأنه لا يجوز أن يكون إثم قاتل شخصين كإثم قاتل شخص ، وإنما وقع التشبيه بـ"كأنما" ، لأن جميع الخلائق من شخص واحد ، فالمقتول يتصور منه نشر عدد الخلق كلهم .

[ ص: 342 ] وفي قوله: (ومن أحياها) خمسة أقوال .

أحدها: استنقذها من هلكة ، روي عن ابن مسعود ، ومجاهد . قال الحسن: من أحياها من غرق أو حرق أو هلاك . وفي رواية عكرمة عن ابن عباس: من شد عضد نبي أو إمام عادل ، فكأنما أحيا الناس جميعا .

والثاني: ترك قتل النفس المحرمة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد في رواية .

والثالث: أن يعفو أولياء المقتول عن القصاص ، قاله الحسن ، وابن زيد ، وابن قتيبة .

والرابع: أن يزجر عن قتلها وينهى .

والخامس: أن يعين الولي على استيفاء القصاص ، لأن في القصاص حياة ، ذكرهما القاضي أبو يعلى . وفي قوله (فكأنما أحيا الناس) جميعا قولان .

أحدهما: فله أجر من أحيا الناس جميعا ، قاله الحسن ، وابن قتيبة .

والثاني: فعلى جميع الناس شكره ، كما لو أحياهم ، ذكره الماوردي .

قوله تعالى: ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات يعني: بني إسرائيل الذين جرى ذكرهم .
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم [ ص: 343 ] من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم

قوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله في سبب نزولها: أربعة أقوال .

أحدها: أنها نزلت في ناس من عرينة قدموا المدينة ، فاجتووها ، فبعثهم رسول الله في إبل الصدقة ، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا ، فصحوا ، وارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، واستاقوا الإبل ، فأرسل رسول الله في آثارهم ، فجيء بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمر أعينهم ، وألقاهم بالحرة حتى ماتوا ، ونزلت هذه الآية ، رواه قتادة عن أنس ، وبه قال سعيد بن جبير ، والسدي .

والثاني: أن قوما من أهل الكتاب كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق ، فنقضوا العهد ، وأفسدوا في الأرض . فخير الله رسوله بهذه الآية: إن شاء أن يقتلهم ، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف . رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك .

[ ص: 344 ] والثالث: أن أصحاب أبي بردة الأسلمي قطعوا الطريق على قوم جاؤوا يريدون الإسلام فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال ابن السائب: كان أبو بردة ، واسمه هلال بن عويمر ، وادع النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يعينه ولا يعين عليه ، ومن أتاه من المسلمين لم يهج ، ومن مر بهلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يهج ، فمر قوم من بني كنانة يريدون الإسلام بناس من قوم هلال ، فنهدوا إليهم ، فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، ولم يكن هلال حاضرا ، فنزلت هذه الآية .

والرابع: أنها نزلت في المشركين ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن . واعلم أن ذكر "المحاربة" لله عز وجل في الآية مجاز .

[ ص: 345 ] وفي معناها للعلماء قولان .

أحدهما: أنه سماهم محاربين له تشبيها بالمحاربين حقيقة ، لأن المخالف محارب ، وإن لم يحارب ، فيكون المعنى: يخالفون الله ورسوله بالمعاصي .

والثاني: أن المراد: يحاربون أولياء الله ، وأولياء رسوله . وقال سعيد بن جبير: أراد بالمحاربة لله ورسوله ، الكفر بعد الإسلام . وقال مقاتل: أراد بها الشرك . فأما "الفساد" فهو القتل والجراح وأخذ الأموال ، وإخافة السبيل .

قوله تعالى: أن يقتلوا أو يصلبوا اختلف العلماء هل هذه العقوبة على الترتيب ، أم على التخيير؟ فمذهب أحمد رضي الله عنه أنها على الترتيب ، وأنهم إذا قتلوا ، وأخذوا المال ، أو قتلوا ولم يأخذوا ، قتلوا وصلبوا ، وإن أخذوا المال ، ولم يقتلوا ، قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن لم يأخذوا المال ، نفوا . قال ابن الأنباري: فعلى هذا تكون "أو" مبعضة ، فالمعنى: بعضهم يفعل به كذا ، وبعضهم كذا ، ومثله قوله: كونوا هودا أو نصارى [البقرة: 135]

المعنى قال بعضهم هذا ، وقال بعضهم هذا . وهذا القول اختيار أكثر اللغويين .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]