عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 15-04-2022, 05:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,562
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان


شد الهمة في رمضان

د.قذلة بنت محمد القحطاني
(14)

رمضـان شهر القرآن:


قال الله تعالىشَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( *ـ قال ابن كثير رحمه الله :
يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال الق
رآن العظيم، وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء *ـ وعن ابن عباس ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة "
*ـ قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله:


وفي حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كان ليلا يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)

ولذا كان للسلف حال أخرى مع القرآن
وعقد الإمام النووي رحمه الله فى كتابه القيم: (التبيان فى آداب حملة القرآن) فصلاً فى موقف السلف مع القرآن الكريم جاء فيه :ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة ، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة ، وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال ، وعن بعضهم في كل ست ، وعن بعضهم في كل خمس ، وعن
بعضهم في كل أربع ،وعن كثيرين في كل ثلاث ،وعن بعضهم في كل ليلتين ، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة ، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ، ومنهم من كان يختم ثلاثاً وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا بالليل وأربعا بالنهار فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون


. ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات: سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه0
وروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات.
وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات
وروى أبو داود بإسناده الصحيح أن مجاهداً كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء
وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان
وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حت
ى يختم القرآن . ثم يقول الإمام النووي رحمه الله :
وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة
قلت:ولايستغرب ذلك فهذه من كرامات الأولياء ..
حفظ الوقت: ـ

* ـ من الأمور المهمة أن يكون لك منهجية لاستغلالهذا الشهر ،فهذا الشهور ليس كالشهور الاخرى فأوقاته وساعاته أغلى من الذهب ونفيس الجواهر
وليعلم العبد أن صيام الاثنين والخميس وأيام البيض تطوع ،ولكن
رمضان فرض وركن من أركان الاسلام .
كيف أؤدي هذه الفريضة التي هي أحب الأعمال لله تعالى؟
ثبت في الحديث القدسي قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته:
فكنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)) ( رواه البخاري برقم 6502)
فالواجب أن أتقرب الى الله بالفريضة أولا , قبل النافلة!
تربية الأولاد والأسرة
اعقدي العزم أنت وأهل بيتك وأولادك وبناتك على حسن استقبال هذا الشهر
اجعلي بيتك بيت رباني،ودور الوالدين مهم وضروري في تثبيت الأبنا
ء لاسيما مع كثرة الفتن و الهجمة الشيطانية المتمثلة في الغزو الفكري والإعلامي على الجيل المسلم ومن الوسائل المعينة
: *

ـ نشر التوعية بتعظيم الشهر وأنه ليس كسائر الشهور ،وانه فريضة وركن من أركان الإسلام.
-التعريف بأسماء الله الحسنى وليكن كل ليلة التعريف باسم من الأسماء الحسنى،ليتعلق الأولاد بربهم ويعرفونه فهذا من أعظم أسباب الثبات •قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى : قال بعض العلماء : أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته ، فإذا عرَفه الناس عبدوه ، وقال تعالى
: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ }[ محمد : 19 قال ابن القيم -في الشافية الكافية؛
»ليست حاجة الأرواح قطّ إلى شيء أعظم منها إلى معرفة بارئها وفاطرها ومحبَّتِه وذكرِه والابتهاج به، وطلبِ الوسيلة إليه والزُّلفى عنده، ولا سبيل إلى هذا إلَّا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل وإليه أكره ومنه أبعد، والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه« *
ـ - عقد العزم في جلسة ودية على استغلال الشهر والتنافس على الخيرات واجتناب الغيبة
*ـ -إقامة مسابقة في حفظ القران وتتم المتابعة وتوضع لها جوائز قيمة.
*ـ جلسات إيمانية والصلاة
جماعة أحيانا في قيام الليل .
*ـ تعليق عبارات ايمانية وتذكير بفضائل الوقت.
*ـ بيني لهم حال السلف في رمضان.. .


ليلة القدر خير من ألف شهر
قال تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوح
ُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) من حرمها فقد حُرم؛ فعن أنس بن مالك قال: دخل رمضان، فقال رسول الله: إنَّ هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير
من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا مَحروم؛ صحيح سنن ابن ماجه. إنَّ الملائكةَ تلك الليلةَ أكثر في الأرض من عدد الحصى،
يَقْبَلُ الله التوبةَ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبوابُ السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها. وعلى كل من الحائض والنفساء أن تحسن العملَ طوال الشهر؛ حتى يتقبل الله منهن، ولا يحرمهن فضل هذه الليلة؛ قال جويبر قلت للضحاك: "أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟"، قال: "نعم، كلُّ مَن تقبَّل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر
". وهي في العشر الأواخر من رمضان؛
عن عائشةَ - رضي الله عنهما - قالت: كان رسولُ الله يُجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: ((تَحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان))،
وعنها أنَّ النبي، قال: ((تَحرَّوا ليلةَ القدر في
الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان))،
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: ينبغي أنْ يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعها، كما قال النبي: ((تحروها في العشر الأواخر))، وتكون في السبع الأواخر أكثر وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين، كما كان أُبَي بن كعب يحلف أنَّها ليلة سبع وعشرين. اهـ. وَّ الحكمةَ في إخفاء ليلةِ القدر أنْ يَحصل الاجتهادُ في التماسها وطلبها
. ومن علاماتها
: وَرَدَ لليلةِ القدر علاماتٌ، منها أنَّها ليلة بلجة منيرة، وأنَّها سا
كنة لا حارة ولا باردة، وأنَّ الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر
. الدعاء فيها بطلب العفو

سألت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - النبي: ماذا أقول إنْ وافقت ليلة القدر؟ قال لها النبي: ((قولي: اللهم إنك عفوٌّ تُحب العفو فاعف عني))
فهذه ليلة عظيمة القدر والشرف.
كيف تضيع هذه الأيام الليالي وفيها ليلة العبادة فيها أكثر من 83 سنة .
ـ فيجب حفظ الوقت وحفظ الجوارح والصمت وحفظ اللسان والتقوي واستحضار الإخلاص واستغلال الأوقات.
فمثلا عند الإفطار دعوة لا ترد . فلابد أن يضبط الإنسان وقته فالمرأة ة التي لديها مسؤوليات تحاول أن تضبط وقتها وتحاول أن تنهي أمور الطبخ قبل المغرب وتفرغي لقلبك , فه
ي ساعات عظيمة نفحات إيمانية لا تضيع هنا وهناك.
فيها ساعة فرحة المؤمن وفرحة الصائم وفيها لحظات لا ترد دعوة الصائم .
البعض يقول ثلاثين دعوة!!
مما يستقبل رمضان به الدعوة إلى الله : ـ

ـ الثبات على الدعوة لله تعالى وهذا أمر استخير الله به من سنوات كلما هممت أن أتفرغ في رمضان لنفسي ولكن أنى ذلك مع عظم الهجمة وكثرة الصد عن سبيله ،وإذا كان أهل الباطل قد تفرغ
وا وتفننوا في فتنة العباد بمسلسلات رمضانية وأفلام يهودية وسموها رمضانية وما أدري ما وجه النسبة إلى رمضان !! بل هي مسلسلات شيطانية يهودية وأسأل الله أن يبصرنا ويفتح لنا في القرب منه.
ففي رمضان تمتلئ المساجد بالنساء فمتى تجدي هذه الفرصة؟
أما الخلوة مع نفسك فعندك من الوقت في الليل والنهار مايكفي ،فأعطي الدعوة ساعة أو ساعتين مع الإجهاد في توزيع الكتب والاهتمام بنشر العلم.
والدعوة إلى الله عمل عظيم ,جليل وهو مهمة الأنبياء والرسل وأدعو الأخوات الفاضلات المشرفات على المساجد إلى بذل الجهد في الدعوة والإصلاح
. أما الخلوة فعندك وقت في الليالي وفي النهار ولكن أعطي الدعوة ساعة أو ساعتين فقطواجتهدي في توزيعالكتب , ونشر العلم .. فالداعية الى الله ليس له إجازة . سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله لم يأخذ اجازة طوال حياته في الدعوة.الى الله بل هو في سرير المرض وهو يفتي وقبل موته بساعات اصدر فتوى .. والعلامة ابن عثيمين يلقي درسه وهو في العناية المركزة!رحمة الله عليهم
اجمعين

وختاما أقول استقبلي الشهر بصلاح القلب وصلاح النية وصلاح العمل . بالعزيمة الصادقة والصدق مع الله وليكن شعارك " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى "ارفعي همتك مع الله , ولتكن همتك مع الله سكنى الفردوس الأعلى " ورد في الحديث
.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ )
رواه البخاري 2790 جنة الله تحتاج ثبات وتطلب عمل وعزوف عن الشهوات , حفت بالمكاره
..
فاجعلي مشروعك هذه السنة على هذه المضغة (القلب ) ازيلي شوائب الشرك والرياء وحب الثناء وطهري قلبك بالإخلاص لله تعالى . انظري الى قلبك أين مقامة في اليقين ؟
رب عظيم ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا
!

جنة تعرض !
جنة تزيين !
نار تغلق !
شياطين تصفد !
ونحن في اللهو الغفلة والأسواق وقيل وقال!

ومن هنا أقول احرصي يامن تريدين الله والدار الاخرة على هذا القلب . ادعي الله بصلاحه فربما دعوة تستجاب تصلح بها دنيك ودنياك , ادعي الله بجوامع الدعاء , ادعي الله بالهداية . *
التزود بالطاعات والاستكثار من الـصـــالحــات غاية ومطلب لكل مؤمن، ولقد سُئل الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي(1) ـ رحمه الله ـ عن أسباب مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة، فأجاب ـ رحمه الله ـ بجواب نـفـيـس؛
حـيـث ذكــــر أسباباً متنوعة لمضاعفة ثوابها، مستدلاً بنصوص الوحيين ومراعياً مقاصد الشريعة ومصالحها(2)
قال رحمه الله: ـ(الجواب؛ وبالله التوفيق: أما مضاعفة العمل
بالحسنة إلى عشر أمثالها، فهذا لا بد منه في كل عمل صالح، كما قال تعالى:
- ((مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)) [الأنعام: 160] وأما المضاعفة بزيـــادة عن ذلك، وهي مراد السائل، فلها أسباب: إما متعلقة بالعامل، أو بالعمل نفسه، أو بزمانه، أو بمكانه، وآثاره. فمن أهم أسباب المضاعفــة أن يحقق(3) العبد في عمله الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول؛ فالعمل إذا كان من الأعمال المشروعة، وقصد العبد به رضى ربه وثوابه، وحقق هذا القصد بأن يجعله هو الداعي لـه إلى العمل، وهو الغاية لعمله، بأن يكون عمله صادراً عن إيمان بالله ورسوله، وأن يكون الداعـي لـه لأجل أمر الشارع، وأن يكون القصد منه وجه الله ورضاه، كما ورد هذا المعنى في عدة آيات وأحاديث، كقوله ـ تعالى ـ:
((إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)) [المائدة:27] أي: المتقين الله في عملهم بتحقيق الإخلاص والمتابعة، وكما في قوله لله: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(4).

وغيرها من النصوص. والقليل من العمل مع الإخلاص الـكـامــل يرجح بالكثير الذي لم يصل إلى مرتبته ف
ي قوة الإخلاص، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة تتفـاضــل عند الله بتفاضل ما يقوم بالقلوب من الإيمان والإخلاص؛ ويدخل في الأعمال الصالحة التي تتفاضل بتفاضل الإخلاص ترك ما تشتهيه النفوس من الشهوات المحرمة إذا تركها خـالـصـــاً من قلبه، ولم يكن لتركها من الدواعي غير الإخلاص وقصة أصحاب الغار(5) شاهد بذلك
.. ومن أسباب مضاعفة العمل: أن يكون من الأعمال التي نفعُها للإسلام والمسلمين لـــه وقعٌ وأثرٌ وغَناء، ونفع كبير، وذلك كالجهاد في سبيل الله: الجهاد البدني، والمالي، والقـــولي، ومجادلة المنحرفين؛ كما ذكر الله نفقة المجاهدين ومضاعفتها بسبعمائة ضعف
. ومن أعظم الجهاد: سلوك طرق التعلّم والتعليـم؛ فإن الاشتغـال بذلك لمن صحـت نيـتـه لا يوزنه عمل من الأعمال، لما فيه من إحياء العلم والدين، وإرشاد الجاهلين، والدعوة إلى الخير، والنهي عن الشر، والخير الكثير الذي لا يستغني العباد عنه؛ فمن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل له به طريقاً إلى الجنة، وم
ن ذلك المشاريع الخيرية التي فيها إعانة للمسلمين على أمور دينهم ودنياهم التي يستمر نفعها ويتسلسل إحسانها، كما ورد في الصحيح
):إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له)(6) ومن الأعمال المضاعفة: العمل الذي إذا قام به العبد، شاركه فيه غيره، فهذا أيضاً يضاعف بحسب من شاركه، ومن كان هو سبب قيام إخوانه المسلمين بذلك العمل؛ فهذا بلا ريب يزيد أضعافاً مضاعفة على عملٍ إذا عمله العبد لم يشاركه فيه أحد، بل هو من الأعمال القاصرة على عاملها، ولهذا فضّل الفقهاء الأعمال المتعدية للغير على الأعمال القاصرة
. ومن الأعمال المضاعفة إذا كان العمل له وقع عظيم، ونفع
كبير، كما إذا كان فيه إنجاء من مهلكة وإزالة ضرر المتضررين، وكشف الكرب عن المكروبين. فكم من عمل من هذا النوع يكون أكبر سبب لنجاة العبد من العقاب، وفوزه بجزيل الثـواب، حتى البهائـم إذا أزيـل ما يضرها كان الأجر عظيماً؛ وقصة المرأة البغي التي سقت الكلب الذي كاد يموت من العطش، فغُفر لها بغيها، شاهدة بذلك(7)

ومن أسباب المضاعفة: أن يكون العبد حسن الإسلام، حسن الطريقة، تاركاً للذنوب، غير مُصِرّ على شيء منها، فإن أعمال هذا مضاعفة كما ورد بذلك الحديث الصحيح: (إذا أحسن أحدكم إسلامه؛ فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف...) الحديث(8)
ومن أسبابها رفعة العامل عند الله، ومقامه العالي في الإسلام، فإن الله ـ تعالى ـ شكور حليم، لهذا كان أجر نساء النبي لله مضاعفاً. قال تعالى: ((وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ)) [الأحزاب: 31]، وكذلك العالم الرباني، وهو العالم العامل المعلّم تكون مضاعفة أعماله بحسب مقامه عند الله،
كما أن أمثال هؤلاء إذا وقع منهم الذنب، كان أعظم من غيرهم، لما يجـب عليهـم من زيادة التحـرز، ولما يجب عليهـم من زيادة الشكر لله على ما خصهم به من النعم
. ومن الأسباب: الصدقةُ من الكسب الطيب، كما وردت بذلك النصوص. ومنها شرفُ الزمان، كرمضان وعشر ذي الحجة ونحوها، وشرف المكان كالعبادة في المساجد الثلاثة، والعبادة في الأوقات التي حث الشارع على قصدها، كالصلاة في آخر الليل، وصيام الأيام الفاضلة ونحوها، وهذا راجع إلى تحقيق المتابعة للرسول المكمل لله مع الإخلاص للأعمال المنمّي لثوابها عند الله

. ومن أسباب المضاعفة: القيامُ بالأعمال الصالحة عند المعارض
ات النفسية، والمعارضات الخارجية؛ فكلما كانت المعارضات أقوى والدواعي للترك أكثر، كان العمل أكمل، وأكثر مضاعفة. وأمثلة هذا كثيرة جداً، ولكن هذا ضابطها
. ومن أهم مــــــا يضاعف فيه العمل: الاجتهاد في تحقيق مقام الإحسان والمراقبة، وحضور القلب في الـعـمـــــل، فكـلـمــا كانت هذه الأمور أقوى، كان الثواب أكثر، ولهذا ورد في الحديث: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) فالصلاة ونحوها وإن كانت تجزئ إذا أتى بصورتها الظاهرة، وواجباتها الظاهرة والباطنة، إلا أن كمال القبول، وكمال الثواب، وزيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، وتكفير السيئات، وزيادة نور الإيمان بحسب حضور الـقـلـب فـي العبادة(9). ولهذا كان من أسباب مضاعفة العمل حصولُ أثره الحسن في نفع العـبـد، وزيادة إيمانه، ورقّة قلبه، وطمأنينته، وحصول المعاني المحمودة للقلب من آثار العمل؛ فإن الأعمال كلما كملت، كانت آثارها في القلوب أحسن الآثار، وبالله التوفيق. ومن لطائف المضاعفة أن إسرار العمل قد يكون سبب
اً لمضاعفة الثواب، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظلهرجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.. ومنهم: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)(10( كما أن إعـلانها قد يكون سبباً للمضاعفة كالأعمال التي تحصل فيها الأسوة والاقتداء، وهذا مما يدخـــــل في القاعدة المشهورة: قد يعرض للعمل المفضول من المصالح ما يصيّره أفضل من غيره. ومـمــــــا هو كالمتفق عليه بين العلماء الربانيين أن الاتصاف في كل الأوقات بقوة الإخلاص لله، ومحـبـة الخير للمسلمين مع اللهج بذكر الله لا يلحقها شيء من الأعمال، وأهلها سابقون: لكلّ فـضـيـلـــــةٌ وأجرٌ وثوابٌ، وغيرها من الأعمال تبع لها؛ فأهل الإخلاص والإحسان والذكر هم السابـقـــــون السابقون المقربون في جنات النعيم

. ===============
الهوامش :
(1) الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي التميمي، من كبار العلماء، ولد بعنيزة سنة 1307هـ، له مؤلفات نافعة في سائر علوم الشريعة، واشتغل بالتدريس، وله تلاميذ متميزون من أشهرهم الشيخ العلاّمة محمد الصالح العثيمين. توفي بعنيزة سنة 1376هـ، انظر: علماء نجد لعبد الله البسام 2/422، والأعلام للزركلي3/340.
(2) الفتاوى الس
عدية، المسألة التاسعة، ص 43.
(3) في الأصل: (إذا حقق)
(4) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
(5) حديث أصحاب الغار متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ.
(6) رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
(7) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
(8) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
(9) أي يكتب للإنسان من صلاته على حسب خشوعه فيها.
(10) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.55 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]