
13-04-2022, 12:20 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(94)
الحلقة (108)
صــ 121إلى صــ 125
1047 - حدثنا القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج [ ص: 121 ] ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( وإذ استسقى موسى لقومه ) ، قال : خافوا الظمأ في تيههم حين تاهوا ، فانفجر لهم الحجر اثنتي عشرة عينا ، ضربه موسى . قال ابن جريج : قال ابن عباس : " الأسباط " بنو يعقوب ، كانوا اثني عشر رجلا كل واحد منهم ولد سبطا ، أمة من الناس .
1048 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : استسقى لهم موسى في التيه ، فسقوا في حجر مثل رأس الشاة ، قال : يلقونه في جوانب الجوالق إذا ارتحلوا ، ويقرعه موسى بالعصا إذا نزل ، فتنفجر منه اثنتا عشرة عينا ، لكل سبط منهم عين ، فكان بنو إسرائيل يشربون منه ، حتى إذا كان الرحيل استمسكت العيون ، وقيل به فألقي في جانب الجوالق . فإذا نزل رمى به ، فقرعه بالعصا ، فتفجرت عين من كل ناحية مثل البحر .
1049 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثني أسباط ، عن السدي قال : كان ذلك في التيه .
وأما قوله : ( قد علم كل أناس مشربهم ) ، فإنما أخبر الله عنهم بذلك . لأن معناهم - في الذي أخرج الله جل وعز لهم من الحجر ، الذي وصف جل ذكره في هذه الآية صفته - من الشرب كان مخالفا معاني سائر الخلق فيما أخرج الله لهم من المياه من الجبال والأرضين ، التي لا مالك لها سوى الله عز وجل . وذلك [ ص: 122 ] أن الله كان جعل لكل سبط من الأسباط الاثني عشر ، عينا من الحجر الذي وصف صفته في هذه الآية ، يشرب منها دون سائر الأسباط غيره ، لا يدخل سبط منهم في شرب سبط غيره . وكان مع ذلك لكل عين من تلك العيون الاثنتي عشرة ، موضع من الحجر قد عرفه السبط الذي منه شربه . فلذلك خص جل ثناؤه هؤلاء بالخبر عنهم : أن كل أناس منهم كانوا عالمين بمشربهم دون غيرهم من الناس . إذ كان غيرهم - في الماء الذي لا يملكه أحد - شركاء في منابعه ومسايله . وكان كل سبط من هؤلاء مفردا بشرب منبع من منابع الحجر - دون سائر منابعه - خاص لهم دون سائر الأسباط غيرهم . فلذلك خصوا بالخبر عنهم : أن كل أناس منهم قد علموا مشربهم .
القول في تأويل قوله تعالى ( كلوا واشربوا من رزق الله )
وهذا أيضا مما استغني بذكر ما هو ظاهر منه ، عن ذكره ما ترك ذكره . وذلك أن تأويل الكلام : ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر ) ، فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، قد علم كل أناس مشربهم ، فقيل لهم : كلوا واشربوا من رزق الله . أخبر الله جل ثناؤه أنه أمرهم بأكل ما رزقهم في التيه من المن والسلوى ، وبشرب ما فجر لهم فيه من الماء من الحجر المتعاور ، الذي لا قرار له في الأرض ، ولا سبيل إليه [ إلا ] لمالكيه ، يتدفق بعيون الماء ، ويزخر بينابيع العذب الفرات ، بقدرة ذي الجلال والإكرام .
ثم تقدم جل ذكره إليهم - مع إباحتهم ما أباح ، وإنعامه بما [ ص: 123 ] أنعم به عليهم من العيش الهنيء - بالنهي عن السعي في الأرض فسادا ، والعثا فيها استكبارا ، فقال جل ثناؤه لهم : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( 60 ) )
يعني بقوله : ( لا تعثوا ) لا تطغوا ، ولا تسعوا في الأرض مفسدين . كما : -
1050 - حدثني به المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، يقول : لا تسعوا في الأرض فسادا .
1051 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) لا تعث : لا تطغ .
1052 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، أي لا تسيروا في الأرض مفسدين .
1053 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، لا تسعوا في الأرض .
وأصل " العثا " شدة الإفساد ، بل هو أشد الإفساد . يقال منه : عثي فلان في الأرض " - إذا تجاوز في الإفساد إلى غايته - " يعثى عثا " مقصور ، وللجماعة : هم يعثون . وفيه لغتان أخريان ، إحداهما : " عثا يعثو عثوا " . ومن قرأها بهذه اللغة ، فإنه ينبغي له أن يضم الثاء من " يعثو " ، ولا أعلم قارئا يقتدى بقراءته [ ص: 124 ] قرأ به . ومن نطق بهذه اللغة مخبرا عن نفسه قال : " عثوت أعثو " ، ومن نطق باللغة الأولى قال : عثيت أعثى " .
والأخرى منهما : " عاث يعيث عيثا وعيوثا وعيثانا ، كل ذلك بمعنى واحد . ومن " العيث " قول رؤبة بن العجاج :
وعاث فينا مستحل عائث : مصدق أو تاجر مقاعث يعني بقوله : " عاث فينا " ، أفسد فينا .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها )
قد دللنا - فيما مضى قبل - على معنى " الصبر " وأنه كف النفس وحبسها عن الشيء . فإذ كان ذلك كذلك ، فمعنى الآية إذا : واذكروا إذ قلتم - يا معشر بني إسرائيل - : لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد - وذلك " الطعام الواحد " ، هو ما أخبر الله جل ثناؤه أنه أطعمهموه في تيههم ، وهو " السلوى " [ ص: 125 ] في قول بعض أهل التأويل ، وفي قول وهب بن منبه هو " الخبز النقي مع اللحم " - فاسأل لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من البقل والقثاء ، وما سمى الله مع ذلك ، وذكر أنهم سألوه موسى .
وكان سبب مسألتهم موسى ذلك فيما بلغنا ، ما : -
1054 - حدثنا به بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ) قال : كان القوم في البرية قد ظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، فملوا ذلك ، وذكروا عيشا كان لهم بمصر ، فسألوه موسى . فقال الله تعالى : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .
1055 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( لن نصبر على طعام واحد ) ، قال : ملوا طعامهم ، وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه قبل ذلك ، قالوا : ( ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها ) الآية .
1056 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ) ، قال : كان طعامهم السلوى ، وشرابهم المن ، فسألوا ما ذكر ، فقيل لهم : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .
قال أبو جعفر : وقال قتادة : إنهم لما قدموا الشام فقدوا أطعمتهم التي كانوا يأكلونها ، فقالوا : ( ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ) ، وكانوا قد ظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، فملوا ذلك ، وذكروا عيشا كانوا فيه بمصر .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|