
13-04-2022, 12:18 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,777
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(91)
الحلقة (105)
صــ 106إلى صــ 110
القول في تأويل قوله تعالى ( وقولوا حطة )
وتأويل قوله : ( حطة ) ، فعلة ، من قول القائل : " حط الله عنك خطاياك فهو يحطها حطة " ، بمنزلة الردة والحدة والمدة من حددت ومددت .
واختلف أهل التأويل في تأويله . فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك .
ذكر من قال ذلك :
1009 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر : ( وقولوا حطة ) ، قال قال : الحسن وقتادة : أي احطط عنا خطايانا .
1010 - حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : ( وقولوا حطة ) ، [ ص: 106 ] يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئتكم .
1011 - حدثنا القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال ابن عباس : ( قولوا حطة ) قال : يحط عنكم خطاياكم .
1012 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قوله : ( حطة ) ، مغفرة .
10113 - حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : ( حطة ) ، قال : يحط عنكم خطاياكم .
1014 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، أخبرني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال لي عطاء في قوله : ( وقولوا حطة ) ، قال : سمعنا أنه : يحط عنهم خطاياهم .
وقال آخرون : معنى ذلك : قولوا " لا إله إلا الله " ، كأنهم وجهوا تأويله : قولوا الذي يحط عنكم خطاياكم ، وهو قول لا إله إلا الله .
ذكر من قال ذلك :
1015 - حدثني المثنى بن إبراهيم وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قالا أخبرنا حفص بن عمر ، قال حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة : ( وقولوا حطة ) ، قال : قولوا ، " لا إله إلا الله " .
وقال آخرون بمثل معنى قول عكرمة ، إلا أنهم جعلوا القول الذي أمروا بقيله : الاستغفار .
ذكر من قال ذلك :
1016 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وقولوا حطة ) قال : أمروا أن يستغفروا .
[ ص: 107 ] وقال آخرون نظير قول عكرمة ، إلا أنهم قالوا : القول الذي أمروا أن يقولوه ، هو أن يقولوا : هذا الأمر حق كما قيل لكم .
ذكر من قال ذلك :
1017 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وقولوا حطة ) ، قال : قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم .
واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله رفعت " الحطة " .
فقال بعض نحويي البصرة : رفعت " الحطة " بمعنى " قولوا " ليكن منك حطة لذنوبنا ، كما تقول للرجل : سمعك .
وقال آخرون منهم : هي كلمة أمرهم الله أن يقولوها مرفوعة ، وفرض عليهم قيلها كذلك .
وقال بعض نحويي الكوفيين : رفعت " الحطة " بضمير " هذه " ، كأنه قال : وقولوا : " هذه " حطة .
وقال آخرون منهم : هي مرفوعة بضمير معناه الخبر ، كأنه قال : قولوا ما هو حطة ، فتكون " حطة " حينئذ خبرا ل " ما " .
قال أبو جعفر : والذي هو أقرب عندي في ذلك إلى الصواب ، وأشبه بظاهر الكتاب : أن يكون رفع حطة بنية خبر محذوف قد دل عليه ظاهر التلاوة ، وهو دخولنا الباب سجدا حطة ، فكفى من تكريره بهذا اللفظ ما دل عليه الظاهر من التنزيل ، وهو قوله : ( وادخلوا الباب سجدا ) ، كما قال جل ثناؤه : [ ص: 108 ] ( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ) [ الأعراف : 164 ] ، يعني : موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم . فكذلك عندي تأويل قوله : ( وقولوا حطة ) ، يعني بذلك : وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ، وادخلوا الباب سجدا ، وقولوا : دخولنا ذلك سجدا حطة لذنوبنا . وهذا القول على نحو تأويل الربيع بن أنس وابن جريج وابن زيد ، الذي ذكرناه آنفا .
قال أبوجعفر : وأما على تأويل قول عكرمة ، فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في " حطة " ، لأن القوم إن كانوا أمروا أن يقولوا : " لا إله إلا الله " ، أو أن يقولوا : " نستغفر الله " ، فقد قيل لهم : قولوا هذا القول ، ف " قولوا " واقع حينئذ على " الحطة " ، لأن " الحطة " على قول عكرمة - هي قول " لا إله إلا الله " ، وإذا كانت هي قول " لا إله إلا الله " ، فالقول عليها واقع ، كما لو أمر رجل رجلا بقول الخير فقال له : " قل خيرا " نصبا ، ولم يكن صوابا أن يقول له : " قل خير " ، إلا على استكراه شديد .
وفي إجماع القرأة على رفع " الحطة " بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله : ( وقولوا حطة ) . وكذلك الواجب على التأويل الذي رويناه عن الحسن وقتادة في قوله : ( وقولوا حطة ) ، أن تكون القراءة في " حطة " نصبا . لأن من شأن العرب - إذا وضعوا المصادر مواضع الأفعال ، وحذفوا الأفعال - أن ينصبوا المصادر . كما قال الشاعر :
[ ص: 109 ] أبيدوا بأيدي عصبة وسيوفهم على أمهات الهام ضربا شآميا وكقول القائل للرجل : " سمعا وطاعة " بمعنى : أسمع سمعا وأطيع طاعة ، وكما قال جل ثناؤه : ( معاذ الله ) [ يوسف : 23 ] بمعنى : نعوذ بالله .
القول في تأويل قوله تعالى ( نغفر لكم )
يعني بقوله : ( نغفر لكم ) نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم ، ونسترها عليكم ، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها .
وأصل " الغفر " التغطية والستر ، فكل ساتر شيئا فهو غافره . ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جنة للرأس " مغفر " ، لأنها تغطي الرأس وتجنه . ومثله " غمد السيف " ، وهو ما تغمده فواراه . ولذلك قيل لزئبر الثوب : " غفرة " ، لتغطيته الثوب ، وحوله بين الناظر والنظر إليه . ومنه قول أوس بن حجر :
[ ص: 110 ] فلا أعتب ابن العم إن كان جاهلا وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا يعني بقوله : وأغفر عنه الجهل : أستر عليه جهله بحلمي عنه .
القول في تأويل قوله تعالى ( خطاياكم )
و" الخطايا " جمع " خطية " بغير همز ، كما " المطايا " جمع " مطية " ، والحشايا جمع حشية . وإنما ترك جمع " الخطايا " بالهمز ، لأن ترك الهمز في " خطيئة " أكثر من الهمز ، فجمع على " خطايا " ، على أن واحدتها غير مهموزة . ولو كانت " الخطايا " مجموعة على " خطيئة " بالهمز : لقيل خطائي على مثل قبيلة وقبائل ، وصحيفة وصحائف . وقد تجمع " خطيئة " بالتاء ، فيهمز فيقال " خطيئات " . و" الخطيئة " فعيلة ، من " خطئ الرجل يخطأ خطأ " ، وذلك إذا عدل عن سبيل الحق . ومنه قول الشاعر :
وإن مهاجرين تكنفاه لعمر الله قد خطئا وخابا يعني : أضلا الحق وأثما .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|