عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-04-2022, 04:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (105)

من صــ 13 الى صـ
ـ 20



الثَّانِي: أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِتْمَامِ وَجَعَلَ الْهَدْيَ فِي حَقِّ الْمُحْصَرِ قَائِمًا مَقَامَ الْإِتْمَامِ. وَالْإِتْمَامُ وَاجِبٌ فَمَا قَامَ مَقَامَهُ يَكُونُ وَاجِبًا؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ حَتَّى يَنْحَرَ الهدي؛ لأنه بدل عن تمام النسك. ولا يجوز له التحلل حتى يتم النسك.
الثالث: أن قوله: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196] كقوله: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196]، وذلك أن الإحصار المطلق هو الذي يتعذر معه الوصول إلى البيت، وهذا يوجب الهدي لا محالة.
الرابع: أنه قال: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: 196] وهذا عام .. . فإن أراد التحلل قبل النحر: لم يكن له ذلك. حتى لو رفض إحرامه وفعل شيئا من المحظورات فهو باق على إحرامه.
قال أصحابنا: فإن تحلل قبل الهدي فعليه دم لأجل إحلاله.
وقال أبو الخطاب: وإن نوى التحلل قبل الهدي والصيام ورفض الإحرام: لزمه دم وهو على إحرامه. ومعناه: إذا كان الرفض بالحلق ونحوه. فأما إن تعددت المحظورات .. . .
وإذا نحر الهدي: صار حلالا بمجرد ذلك مع نية الإحلال في إحدى الروايتين اختارها القاضي. وهذا ينبني على أن الحلاق ليس بواجب على المحرم المتم. فعلى المحصر أولى، وينبني أيضا على أن الحلق .. . .
قال القاضي: فعلى هذا يحل من إحرامه بأدنى ما يحظره الإحرام من طيب، أو غيره، والأشبه: أنه لا يحتاج إلى ذلك بل بنفس الذبح.
والرواية الثانية: عليه أن يحلق رأسه؛ لأن الحلاق واجب، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حلقوا رءوسهم في عمرة الحديبية.
فصل
وينحر الهدي في موضع حصره حيث كان من حل، أو حرم، هذا هو المنصوص عن - في مواضع - وعليه أكثر أصحابه.
وقال أبو بكر: إن أمكنه أن يبعث بالهدي حتى ينحر بمكة في الموضع بعث به، وإلا حل يوم النحر.
قال ابن أبي موسى: قال بعض أصحابنا: لا ينحر هدي الإحصار إلا بالحرم.
لقوله {هديا بالغ الكعبة} [المائدة: 95]، وقوله: {ثم محلها إلى البيت العتيق} [الحج: 33]؛ لأن الله قال: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196]، ثم قال: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: 196] والهدي المطلق: إنما هو ما أهدي إلى الحرم بخلاف النسك، ثم إنه قال: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: 196]. وهدي المحصر داخل في هذا، لا سيما وقد تقدم ذكره.
ومحل الهدي: الحرم لقوله سبحانه: {ثم محلها إلى البيت العتيق} [الحج: 33].
ولأنه لو كان محله موضع الحصر لكان قد بلغ محله، ومن قال هذا زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نحر بالحرم، وأن طرف الحديبية من الحرم.

ووجه الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما صدهم المشركون عن العمرة زمن الحديبية: نحروا وحلقوا بالحديبية عند الشجرة وهي من الحل.

ولأن الحل: موضع للتحلل في حق المحصر، فيكون موضعا للنحر كالحرم، وهذا لأن محل شعائر الله إلى البيت العتيق من الأعمال والهدي، فمتى طاف المحرم بالبيت: فقد شرع في التحلل، ومتى وصلت الهدايا إلى الحرم: فقد بلغت محلها. وهذا عند القدرة والاختيار.
فأما في موضع العجز: فقد جوز الله للمحصر أن يحل من إحرامه بالحل، وصار محلا له فكذلك يصير محلا لهديه، ولا يقال: الهدي قد يمكن إرسالها .. . .
وأما قوله: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: 196] فإن محله المكان الذي يحل فيه؛ وهذا في حال الاختيار هو الحرم، كما قال: {والهدي معكوفا أن يبلغ محله} [الفتح: 25]. فأما حال الاضطرار فإنه قد حل ذبحه للمحصر حيث لا يحل لغيره.
[مسألة هدي التمتع]
مسألة: (الضرب الثاني: على الترتيب وهو هدي التمتع يلزمه شاة، فإن لم يجد فيصام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع).
هذا الهدي واجب بنص القرآن، والسنة، والإجماع؛ قال الله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} [البقرة: 196].
وبالسنة كما تقدم عن ابن عمر، وبالإجماع.
وفيه فصول: -
الأول: في الهدي ويجزئ فيه ما يجزئ في الأضحية وهو بدنة، أو بقرة، أو شاة، أو شرك في دم؛ لأن الله قال: {فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196] والغنم: الهدي بدليل قوله في جزاء الصيد: {هديا بالغ الكعبة} [المائدة: 95]، ولا يقال: فقد يدخل في الجزاء ما لا يدخل في مطلق الهدي من الصغير والمعيب ويسمى هديا؛ لأن ذلك إنما وجب باعتبار المماثلة المذكورة في قوله: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] وفي آية التمتع أطلق الهدي، ولم يعتبر فيه مماثلة شيء؛ ولأن ذلك يدل على أن المعيب والصغير من الأزواج الثمانية يكون هديا، وهذا صحيح، كما أن الرقبة المعيبة تكون رقبة في العتق، لكن الواجب في مطلق الهدي والرقبة: إنما يكون صحيحا على الوجه المشروع.
وعلم ذلك بالسنة؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم («أهدى مرة غنما») متفق عليه.
وعن عكرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: («قسم بين أصحابه في متعتهم غنما، فأصاب سعدا يومئذ تيس») رواه سعيد.
ولا يجب عليه الهدي حتى يكون واجدا له؛ إما بأن يكون مالكه، أو يجد ثمنه. فإن كان عادما بمكة واجدا ببلده بحيث يمكنه أن يقترض: لم يجب ذلك عليه نص عليه في رواية الأثرم إذا وجب عليه هدي متعة وليس معه نفقة وهو ممن لو استقرض أقرض فلا يستقرض ويهدي، قال الله: {فمن لم يجد فصيام} [البقرة: 196] وهذا ليس بواجد؛ وذلك لأنه قد وجب عليه الهدي، أو بدله في مكة فلم يجب عليه الاقتراض، كما لو عدم الماء، وهذا بخلاف عادم الرقبة في الظهار على أحد .. . .
ولأنها عبادة مؤقتة ذات بدل، فإذا عدم المبدل حين الوجوب: جاز له الانتقال إلى بدله كالطهارة.
فصل
وأما صيام السبعة فيجوز تأخيره إلى أن يرجع إلى أهله، فإذا رجع إليهم فإن صامها في طريقه، أو في مكة بعد أيام منى وبعد التحلل الثاني جاز، وإن صامها قبل التحلل الثاني وبعد التحلل الأول لم يجز سواء رجع إلى وطنه، أو لم يرجع ذكره القاضي .. . .
قال - في رواية أبي طالب -: إن قدر على الهدي وإلا يصوم بعد الأيام، قيل له: بمكة أم في الطريق؟ قال: كيف شاء.
وقال - في رواية الأثرم - وقد سأله عن صيام السبعة، يصومهن في الطريق أم في أهله؟ فقال: كل قد تأوله الناس ووسع في ذلك كله.
والأصل في ذلك قوله تعالى: {وسبعة إذا رجعتم} [البقرة: 196].
فذهب القاضي وأصحابه وغيرهم إلى أن معنى ذلك: إذا رجعتم من الحج؛ لأنه قد قال تعالى: {فصيام ثلاثة أيام في الحج} [البقرة: 196] ثم قال: {وسبعة إذا رجعتم} [البقرة: 196] فتقدير الرجوع من الحج - الذي تقدم ذكره - أولى من تقدير الرجوع من السفر؛ لأنه لم يذكر، ولأنه لو رجع إلى أهله قبل الإحلال الثاني، لم يجز الصوم. فعلم أن الحكم مقيد بالرجوع من الحج فقط، ويصح تسميته راجعا من الحج بمعنيين:
أحدهما: أنه قد عاد إلى حاله قبل الإحرام من الإحلال.
والثاني: أنه يفعل في أماكن مخصوصة، فإذا قضاه ورجع عن تلك الأماكن وانتقل عنها سمي راجعا بهذا الاعتبار.
وفيها طريقة أخرى أحسن من هذه، وهي طريقة أكثر السلف أن معنى الآية: إذا رجعتم إلى أهلكم وهي طريقة أحمد؛ لأنه قال: إذا فرط في الصوم وهو متمتع صام بعدما يرجع إلى أهله وعليه دم.
وقال - في رواية جماعة -: عليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم؛ وإن شاء صام في الطريق؛ وذلك لما أخرجا في الصحيحين عن ابن عمر وعائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

(«لما قدم مكة، قال للناس: من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله»). وذكر الحديث. وهذا تفسير من النبي - صلى الله عليه وسلم -.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.84%)]