عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-04-2022, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة : Egypt
افتراضي البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)

البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة
(المصالح والمفاسد) (1)









كتبه/ محمد سعيد الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذه مجموعة حلقات نتناول فيها -بإذن الله- قضية "الموازنة بين المصالح والمفاسد" من خلال قصص الكتاب والسُنَّة.

ومُراعاة المصالح والمفاسد مَطلبٌ شرعي جاءت به الشريعة الإسلامية؛ لأنَّ الشريعة جاءت لتحقيق مَصالح العباد أو تكميلها، ودفع المفاسد أو تقليلها، قال تعالى على لسان شُعيبٍ: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ".

- والموازنة: هي المُفاضلة بين المصالح والمفاسد المتعارضة؛ لتقديم الأوْلى بالتقديم، وتأخير الأوْلى بالتأخير.

- والمصلحة: هي الفعلُ الذي فيه صلاحٌ ونفعٌ.

- والمفسدة: ضدُّ المصلحة.

الحلقة الأولى: قصة موسى والخضر عليهما السلام:

عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أنَّ النبيَّ ذَكَرَ قصةَ مُوسى والخَضِر؛ فقال: "فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ؛ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الْخَضِرُ؛ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ أَجْرٍ ... فَعَمَدَ (قَصَدَ) الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ أَجْرٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا: قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا . قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ".

ثُمَّ ذَكَرَ الخَضِرُ لمُوسَى سَبَبَ خَرْقِهِ لِلسَّفِينَةِ؛ فَقَالَ: "سَأُنَبِّئُك� � بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا؛ فَإِذَا جَاءَ الذِي يُسَخِّرُهَا وَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً؛ فَتَجَاوَزَهَا، فَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ" (متفق عليه).

- وَكَانَ وَرَاءَهُمْ: أي: أمَامَهم.

- فَتَجَاوَزَهَا: أي تركوها؛ لأنها مَعِيبة.

الدروس المستفادة:

1- بيانُ الحكمة مِن خَرقِ السفينة، وهو أنَّ مَلِكًا ظالِمًا كان أمَامَهم يأخذ كل سفينةٍ صالحةٍ بالقَهرِ والقُوةِ.

2- مَشروعيةُ إصلاح كلِّ المالِ (أو أكثره) بإفسادِ بعضه؛ فالخَضِر أفسَدَ بعض المال بيده لينجوَ أصل المال.

3- إذا عُلِم بالتجربة والواقع أنَّ عاقبةَ المال كله إلى الفساد، ويمكن استنقاذه بإفساد بعضه؛ شُرِع ذلك قياسًا على فِعل الخضر.


4- متى وُجِد ضَرران لا بد مِن وقوع أحدهما؛ فيُتَحَمَّل الضرر الأصغر لدفع الضرر الأكبر؛ لأنَّ خَرقَ السفينة أخَف مِن ضَياعِها بالكليَّة.

5- الموازنةُ بين المصالح والمفاسد مما اتفقت عليها جميع الشرائع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُلَ لِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا بِحَسَبِ الإِمْكَانِ" (مجموع الفتاوى).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.66%)]