
03-04-2022, 11:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,920
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (162)
صــ296 إلى صــ 300
فصل
وقد زعم قوم أن هذه الآية اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقا وإن ذكروا غير اسم الله عليها ، فكان هذا ناسخا لقوله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [الأنعام: 121] والصحيح أنها أطلقت إباحة ذبائحهم ، لأن الأصل أنهم يذكرون الله ، فيحمل أمرهم على هذا . فإن تيقنا أنهم ذكروا غيره ، فلا نأكل ، ولا وجه للنسخ ، وإلى هذا الذي قلته ذهب علي ، وابن عمر ، وعبادة ، وأبو الدرداء ، والحسن في جماعة .
قوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات فيهن قولان .
أحدهما: العفائف ، قاله ابن عباس . والثاني: الحرائر ، قاله مجاهد .
وفي قوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب قولان .
أحدهما: الحرائر أيضا ، قاله ابن عباس .
والثاني: العفائف ، قاله الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والضحاك ، والسدي . فعلى هذا القول; يجوز تزويج الحرة منهن والأمة .
فصل
وهذه الآية أباحت نكاح الكتابية . وقد روي عن عثمان أنه تزوج نائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية . وعن طلحة بن عبيد الله: أنه تزوج [ ص: 297 ] يهودية . وقد روي عن عمر ، وابن عمر كراهة ذلك . واختلفوا في نكاح الكتابية الحربية ، فقال ابن عباس : لا تحل ، والجمهور على خلافه ، وإنما كرهوا ذلك ، لقوله تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله [المجادلة: 22] والنكاح يوجب الود . واختلفوا في نكاح نساء تغلب ، فروي عن علي رضي الله عنه الحظر ، وبه قال جابر بن زيد ، والنخعي ، وروي عن ابن عباس الإباحة . وعن أحمد روايتان . واختلفوا في إماء أهل الكتاب ، فروي عن ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد: أنه لا يجوز نكاحهن ، وبه قال الأوزاعي ، ومالك ، والليث بن سعد ، والشافعي ، وأصحابنا . وروي عن الشعبي ، وأبي ميسرة: جواز ذلك ، وبه قال أبو حنيفة . فأما المجوس ، فالجمهور على أنهم ليسوا بأهل كتاب ، وقد شذ من قال: إنهم أهل كتاب ، ويبطل قولهم قوله عليه السلام: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" . فأما "الأجور" و "الإحصان" و "السفاح" و "الأخدان" فقد سبق في سورة (النساء) .
قوله تعالى: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله سبب نزول هذا الكلام: أن الله تعالى لما رخص في نكاح الكتابيات قلن بينهن: لولا أن الله تعالى قد رضي علينا ، لم يبح للمؤمنين تزويجنا ، وقال المسلمون: كيف يتزوج الرجل منا الكتابية ، وليست على ديننا ، فنزلت: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال مقاتل بن حيان: نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب ، يقول: ليس إحصان المسلمين إياهن بالذي يخرجهن من الكفر . وروى ليث عن مجاهد: ومن يكفر بالإيمان ، قال: الإيمان بالله تعالى . قال الزجاج : [ ص: 298 ] معنى الآية: من أحل ما حرم الله ، أو حرم ما أحله الله ، فهو كافر . وقال أبو سليمان: من جحد ما أنزله الله من شرائع الإيمان ، وعرفه من الحلال والحرام ، فقد حبط عمله المتقدم . وسمعت الحسن بن أبي بكر النيسابوري الفقيه يقول: إنما أباح الله عز وجل الكتابيات ، لأن بعض المسلمين قد يعجبه حسنهن ، فحذر ناكحهن من الميل إلى دينهن بقوله: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله .
يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون
قوله تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة قال الزجاج : المعنى إذا أردتم القيام إلى الصلاة ، كقوله: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله [النحل: 98] قال ابن الأنباري: وهذا كما تقول: إذا آخيت فآخ أهل الحسب ، وإذا اتجرت فاتجر في البز . قال: ويجوز أن يكون الكلام مقدما ومؤخرا ، تقديره: إذا غسلتم وجوهكم ، واستوفيتم الطهور ، فقوموا إلى الصلاة . وللعلماء في المراد بالآية قولان .
أحدهما: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين ، فاغسلوا ، فصار الحدث مضمرا في وجوب الوضوء ، وهذا قول سعد بن أبي وقاص ، وأبي موسى الأشعري ، وابن عباس ، والفقهاء .
[ ص: 299 ] والثاني: أن الكلام على إطلاقه من غير إضمار ، فيجب الوضوء على كل من يريد الصلاة ، محدثا كان ، أو غير محدث ، وهذا مروي عن علي رضي الله عنه ، وعكرمة ، وابن سيرين . ونقل عنهم أن هذا الحكم غير منسوخ ، ونقل عن جماعة من العلماء أن ذلك كان واجبا ، ثم نسخ بالسنة ، وهو ما روى بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد ، فقال له عمر: لقد صنعت شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال: "عمدا فعلته يا عمر" وقال قوم: في الآية [ ص: 300 ] تقديم وتأخير ، ومعناها: إذا قمتم إلى الصلاة من النوم أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء ، فاغسلوا وجوهكم .
قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق "إلى" حرف موضوع للغاية ، وقد تدخل الغاية فيها تارة ، وقد لا تدخل ، فلما كان الحدث يقينا ، لم يرتفع إلا بيقين مثله ، وهو غسل المرفقين . فأما الرأس فنقل عن أحمد وجوب مسح جميعه ، وهو قول مالك ، وروي عنه: يجب مسح أكثره ، وروي عن أبي حنيفة روايتان .
إحداهما: أنه يتقدر بربع الرأس . والثانية: بمقدار ثلاث أصابع .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|