
03-04-2022, 11:23 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,050
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (151)
صــ241 إلى صــ 245
يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا
قوله تعالى: يسألك أهل الكتاب في سبب نزولها ثلاثة أقوال . [ ص: 241 ] أحدها: أنهم سألوه أن ينزل كتابا عليهم خاصة ، هذا قول الحسن ، وقتادة .
والثاني: أن اليهود والنصارى أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: لا نبايعك حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان بكتاب أنك رسول الله ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن جريج .
والثالث: أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء مكتوبا كما نزلت التوراة على موسى ، هذا قول القرظي ، والسدي .
وفي المراد بأهل الكتاب قولان . أحدهما: اليهود والنصارى . والثاني: اليهود .
وفي المراد بأهل الكتاب المنزل من السماء قولان .
أحدهما: كتاب مكتوب غير القرآن .
والثاني: كتاب بتصديقه في رسالته ، وقد بينا في (البقرة) معنى سؤالهم رؤية الله جهرة ، واتخاذهم العجل . و "البينات": الآيات التي جاء بها موسى . فإن قيل: كيف قال: ثم اتخذوا العجل ، و "ثم" تقتضي التراخي ، والتأخر ، أفكان اتخاذ العجل بعد قولهم: "أرنا الله جهرة"؟ فعنه أربعة أجوبة ، ذكرهن ابن الأنباري .
أحدهن: أن تكون "ثم" مردودة على فعلهم القديم ، والمعنى: وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ، فخالفوا أيضا ، ثم اتخذوا العجل .
والثاني: أن تكون مقدمة في المعنى ، مؤخرة في اللفظ ، والتقدير: فقد اتخذوا العجل ، ثم سألوا موسى أكبر من ذلك . ومثله فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون [النمل: 28] المعنى: فألقه إليهم ، ثم انظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم .
[ ص: 242 ] والثالث: أن المعنى: ثم كانوا اتخذوا العجل ، فأضمر الكون .
والرابع: أن "ثم" معناها التأخير في الإخبار ، والتقديم في الفعل ، كما يقول القائل: شربت الماء ، ثم أكلت الخبز ، يريد: شربت الماء ، ثم أخبركم أني أكلت الخبز بعد إخباري بشرب الماء .
قوله تعالى: فعفونا عن ذلك أي: لم نستأصل عبدة العجل . و "السلطان المبين": الحجة البينة . قال ابن عباس : اليد والعصا . وقال غيره: الآيات التسع .
ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا
قوله تعالى: ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم أي: بما أعطوا الله من العهد ، و "الميثاق": ليعملن بما في التوراة .
قوله تعالى: لا تعدوا في السبت قرأ نافع: لا تعدوا ، بتسكين العين ، وتشديد الدال ، وروى عنه ورش "تعدوا" بفتح العين ، وتشديد الدال . وقرأ الباقون "تعدوا" خفيفة ، وكلهم ضم الدال . وقد ذكرنا هذا وغيره في (البقرة) و "الميثاق الغليظ": العهد المؤكد .
[ ص: 243 ] فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا
قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم "ما": صلة مؤكدة . قال الزجاج : والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم ، وهو أن الله أخذ عليهم الميثاق أن يبينوا ما أنزل عليهم من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره . والجالب للباء العامل فيها ، وقوله: حرمنا عليهم طيبات أي: بنقضهم ميثاقهم ، والأشياء التي ذكرت بعده حرمنا عليهم . وقوله: (فبظلم) بدل من قوله: (فبما نقضهم ، وجعل الله جزاءهم على كفرهم أن طبع على قلوبهم . وقال ابن فارس: الطبع: الختم و [من ذلك] طبع الله على قلب الكافر [كأنه] ختم [عليه حتى لا يصل إليه هدى ولا نور] فلم يوفق لخير ، والطابع: الخاتم يختم به .
قوله تعالى: فلا يؤمنون إلا قليلا فيه قولان .
أحدهما: فلا يؤمن منهم إلا القليل ، وهم عبد الله بن سلام ، وأصحابه ، قاله ابن عباس . والثاني: المعنى: إيمانهم قليل . وهو قولهم: ربنا الله ، قاله مجاهد .
وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما
قوله تعالى: وبكفرهم في إعادة ذكر الكفر فائدة . وفيها قولان .
[ ص: 244 ] أحدهما: أنه أراد: وبكفرهم بمحمد والقرآن ، قاله ابن عباس .
والثاني: وبكفرهم بالمسيح ، وقد بشروا به ، قاله أبو سليمان الدمشقي . فأما "البهتان" فهو في قول الجماعة: قذفهم مريم بالزنى .
وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما
قوله تعالى: وقولهم إنا قتلنا المسيح قال الزجاج : أي: باعترافهم بقتلهم إياه ، وما قتلوه ، يعذبون عذاب من قتل ، لأنهم قتلوا الذي قتلوا على أنه نبي وفي قوله: "رسول الله" قولان .
أحدهما: أنه من قول اليهود ، فيكون المعنى: أنه رسول الله على زعمه .
والثاني: أنه من قول الله ، لا على وجه الحكاية عنهم .
قوله تعالى: ولكن شبه لهم أي: ألقي شبهه على غيره .
وفيمن ألقي عليه شبهه قولان .
أحدهما: أنه بعض من أراد قتله من اليهود . روى أبو صالح ، عن ابن عباس: أن اليهود لما اجتمعت على قتل عيسى ، أدخله جبريل خوخة لها روزنة ، ودخل وراءه رجل منهم ، فألقى الله عليه شبه عيسى ، فلما خرج على أصحابه ، قتلوه يظنونه عيسى ، ثم صلبوه ، وبهذا قال مقاتل ، وأبو سليمان .
والثاني: أنه رجل من أصحاب عيسى ، روى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: أن عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه ، فقال: أيكم يلقى عليه [ ص: 245 ] شبهي ، فيقتل مكاني ، ويكون في درجتي؟ فقام شاب ، فقال: أنا ، فقال: اجلس ، ثم أعاد القول ، فقام الشاب ، فقالعيسى: اجلس ، ثم أعاد ، فقال الشاب: أنا ، فقال: نعم أنت ذاك ، فألقي عليه شبه عيسى ، ورفع عيسى ، وجاء اليهود ، فأخذوا الرجل ، فقتلوه ، ثم صلبوه . وبهذا القول قال وهب بن منبه ، وقتادة ، والسدي .
قوله تعالى: وإن الذين اختلفوا فيه في المختلفين قولان .
أحدهما: أنهم اليهود ، فعلى هذا في هاء "فيه" قولان .
أحدهما: أنها كناية عن قتله ، فاختلفوا هل قتلوه أم لا؟ .
وفي سبب اختلافهم في ذلك قولان .
أحدهما: أنهم لما قتلوا الشخص المشبه كان الشبه قد ألقي على وجهه دون جسده ، فقالوا: الوجه وجه عيسى ، والجسد جسد غيره ، ذكره ابن السائب .
والثاني: أنهم قالوا: إن كان هذا عيسى ، فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا ، فأين عيسى؟ يعنون الذي دخل في طلبه ، هذا قول السدي .
والثاني: أن "الهاء" كناية عن عيسى ، واختلافهم فيه قول بعضهم: هو ولد زنى ، وقول بعضهم: هو ساحر .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|