عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 30-03-2022, 11:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,262
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الاول
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(68)
الحلقة (83)
صــ566إلى صــ570

القول في تأويل قوله تعالى ذكره : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :

820 - فحدثني المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : " ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا " يقول : لا تأخذوا عليه أجرا . قال : هو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم ، علم مجانا كما علمت مجانا .

وقال آخرون بما :

821 - حدثني به موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا " يقول : لا تأخذوا طمعا قليلا وتكتموا اسم الله ، وذلك الثمن هو الطمع . [ ص: 566 ]

فتأويل الآية إذا : لا تبيعوا ما آتيتكم من العلم بكتابي وآياته بثمن خسيس وعرض من الدنيا قليل . وبيعهم إياه - تركهم إبانة ما في كتابهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم للناس ، وأنه مكتوب فيه أنه النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل - بثمن قليل ، وهو رضاهم بالرياسة على أتباعهم من أهل ملتهم ودينهم ، وأخذهم الأجر ممن بينوا له ذلك على ما بينوا له منه .

وإنما قلنا بمعنى ذلك : " لا تبيعوا " لأن مشتري الثمن القليل بآيات الله بائع الآيات بالثمن ، فكل واحد من الثمن والمثمن مبيع لصاحبه ، وصاحبه به مشتر : وإنما معنى ذلك على ما تأوله أبو العالية ، بينوا للناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا تبتغوا عليه منهم أجرا . فيكون حينئذ نهيه عن أخذ الأجر على تبيينه ، هو النهي عن شراء الثمن القليل بآياته .
القول في تأويل قوله تعالى ذكره : ( وإياي فاتقون ( 41 ) )

قال أبو جعفر : يقول : فاتقون - في بيعكم آياتي بالخسيس من الثمن ، وشرائكم بها القليل من العرض ، وكفركم بما أنزلت على رسولي وجحودكم نبوة نبيي - أن أحل بكم ما أحللت بأسلافكم الذين سلكوا سبيلكم من المثلات والنقمات .
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : " ولا تلبسوا " لا تخلطوا . واللبس هو الخلط . [ ص: 567 ] يقال منه : لبست عليه هذا الأمر ألبسه لبسا : إذا خلطته عليه . كما :

822 - حدثت عن المنجاب ، عن بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وللبسنا عليهم ما يلبسون ) [ سورة الأنعام : 9 ] يقول : لخلطنا عليهم ما يخلطون .

ومنه قول العجاج :


لما لبسن الحق بالتجني غنين واستبدلن زيدا مني


يعني بقوله : " لبسن " خلطن . وأما اللبس فإنه يقال منه : لبسته ألبسه لبسا وملبسا ، وذلك الكسوة يكتسيها فيلبسها . ومن اللبس قول الأخطل :


لقد لبست لهذا الدهر أعصره حتى تجلل رأسي الشيب واشتعلا


ومن اللبس قول الله جل ثناؤه : ( وللبسنا عليهم ما يلبسون ) . [ سورة الأنعام : 9 ]

فإن قال لنا قائل وكيف كانوا يلبسون الحق بالباطل وهم كفار ؟ وأي حق كانوا عليه مع كفرهم بالله ؟

قيل : إنه كان فيهم منافقون منهم يظهرون التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم ويستبطنون الكفر به . وكان عظمهم يقولون : محمد نبي مبعوث ، إلا أنه [ ص: 568 ] مبعوث إلى غيرنا . فكان لبس المنافق منهم الحق بالباطل ، إظهاره الحق بلسانه ، وإقراره بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به جهارا ، وخلطه ذلك الظاهر من الحق بما يستبطنه . وكان لبس المقر منهم بأنه مبعوث إلى غيرهم ، الجاحد أنه مبعوث إليهم ، إقراره بأنه مبعوث إلى غيرهم ، وهو الحق ، وجحوده أنه مبعوث إليهم ، وهو الباطل ، وقد بعثه الله إلى الخلق كافة . فذلك خلطهم الحق بالباطل ولبسهم إياه به . كما :

823 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله : " ولا تلبسوا الحق بالباطل " قال : لا تخلطوا الصدق بالكذب .

824 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : " ولا تلبسوا الحق بالباطل " يقول : لا تخلطوا الحق بالباطل ، وأدوا النصيحة لعباد الله في أمر محمد صلى الله عليه وسلم .

825 - وحدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال مجاهد : " ولا تلبسوا الحق بالباطل " اليهودية والنصرانية بالإسلام .

826 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال قال ابن زيد في قوله : " ولا تلبسوا الحق بالباطل " قال : الحق التوراة الذي أنزل الله على موسى ، والباطل : الذي كتبوه بأيديهم .
[ ص: 569 ] القول في تأويل قوله تعالى ذكره : ( وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ( 42 ) )

قال أبو جعفر : وفي قوله : " وتكتموا الحق " وجهان من التأويل :

أحدهما : أن يكون الله جل ثناؤه نهاهم عن أن يكتموا الحق ، كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل . فيكون تأويل ذلك حينئذ : ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق . ويكون قوله : " وتكتموا " عند ذلك مجزوما بما جزم به " تلبسوا " عطفا عليه .

والوجه الآخر منهما : أن يكون النهي من الله جل ثناؤه لهم عن أن يلبسوا الحق بالباطل ، ويكون قوله : " وتكتموا الحق " خبرا منه عنهم بكتمانهم الحق الذي يعلمونه ، فيكون قوله : " وتكتموا " حينئذ منصوبا لانصرافه عن معنى قوله : " ولا تلبسوا الحق بالباطل " إذ كان قوله : " ولا تلبسوا " نهيا ، وقوله " وتكتموا الحق " خبرا معطوفا عليه ، غير جائز أن يعاد عليه ما عمل في قوله : " تلبسوا " من الحرف الجازم . وذلك هو المعنى الذي يسميه النحويون صرفا . ونظير ذلك في المعنى والإعراب قول الشاعر :


لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
[ ص: 570 ]

فنصب " تأتي " على التأويل الذي قلنا في قوله : " وتكتموا " لأنه لم يرد : لا تنه عن خلق ولا تأت مثله ، وإنما معناه : لا تنه عن خلق وأنت تأتي مثله ، فكان الأول نهيا ، والثاني خبرا ، فنصب الخبر إذ عطفه على غير شكله .

فأما الوجه الأول من هذين الوجهين اللذين ذكرنا أن الآية تحتملهما ، فهو على مذهب ابن عباس الذي :

827 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله : " وتكتموا الحق " يقول : ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون .

828 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وتكتموا الحق " أي ولا تكتموا الحق . .

وأما الوجه الثاني منهما ، فهو على مذهب أبي العالية ومجاهد .

829 - حدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : " وتكتموا الحق وأنتم تعلمون " قال : كتموا بعث محمد صلى الله عليه وسلم .

830 - وحدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]