عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 30-03-2022, 11:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الاول
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(65)
الحلقة (80)
صــ551إلى صــ555




وذلك أن ظاهر الخطاب بذلك إنما هو للذين قال لهم جل ثناؤه : " اهبطوا منها جميعا " والذين خوطبوا به هم من سمينا في قول الحجة من الصحابة والتابعين الذين قد قدمنا الرواية عنهم . . وذلك ، وإن كان خطابا من الله جل ذكره لمن أهبط [ ص: 551 ] حينئذ من السماء إلى الأرض ، فهو سنة الله في جميع خلقه ، وتعريف منه بذلك الذين أخبر عنهم في أول هذه السورة بما أخبر عنهم في قوله ( : إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) [ سورة البقرة : 6 ] ، وفي قوله : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) [ سورة البقرة : 8 ] ، وأن حكمه فيهم - إن تابوا إليه وأنابوا واتبعوا ما أتاهم من البيان من عند الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم - أنهم عنده في الآخرة ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وأنهم إن هلكوا على كفرهم وضلالتهم قبل الإنابة والتوبة ، كانوا من أهل النار المخلدين فيها .

وقوله : " فمن تبع هداي " يعني : فمن اتبع بياني الذي آتيته على ألسن رسلي ، أو مع رسلي . كما :

795 - حدثنا به المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : " فمن تبع هداي " يعني بياني . .

وقوله : " فلا خوف عليهم " يعني فهم آمنون في أهوال القيامة من عقاب الله ، غير خائفين عذابه ، بما أطاعوا الله في الدنيا واتبعوا أمره وهداه وسبيله ، ولا هم يحزنون يومئذ على ما خلفوا بعد وفاتهم في الدنيا . كما :

796 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال قال ابن زيد : " لا خوف عليهم" يقول : لا خوف عليكم أمامكم .

وليس شيء أعظم في صدر الذي يموت مما بعد الموت . فأمنهم منه وسلاهم عن الدنيا فقال : " ولا هم يحزنون "
[ ص: 552 ] وقوله ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 39 ) )

يعني : والذين جحدوا آياتي وكذبوا رسلي . وآيات الله : حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته ، وما جاءت به الرسل من الأعلام والشواهد على ذلك ، وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربها . وقد بينا أن معنى الكفر التغطية على الشيء .

" أولئك أصحاب النار " يعني : أهلها الذين هم أهلها دون غيرهم ، المخلدون فيها أبدا إلى غير أمد ولا نهاية . كما :

797 - حدثنا به عقبة بن سنان البصري ، قال : حدثنا غسان بن مضر ، قال حدثنا سعيد بن يزيد - وحدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا أبو مسلمة سعيد بن يزيد - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، وأبو بكر بن عون ، قالا حدثنا إسماعيل بن علية ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ، ولكن أقواما أصابتهم النار بخطاياهم أو بذنوبهم ، فأماتتهم إماتة ، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة .
[ ص: 553 ] القول في تأويل قوله تعالى ذكره : ( يا بني إسرائيل )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " يا بني إسرائيل " ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن وكان يعقوب يدعى " إسرائيل " بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه . و " إيل " هو الله ، و " إسرا " هو العبد ، كما قيل : " جبريل " بمعنى عبد الله . وكما :

798 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء ، عن عمير مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : أن إسرائيل كقولك : عبد الله .

799 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عبد الله بن الحارث ، قال : " إيل " الله بالعبرانية . [ ص: 554 ]

وإنما خاطب الله جل ثناؤه بقوله : " يا بني إسرائيل " أحبار اليهود من بني إسرائيل ، الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنسبهم جل ذكره إلى يعقوب ، كما نسب ذرية آدم إلى آدم ، فقال : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) [ سورة الأعراف : 31 ] وما أشبه ذلك . وإنما خصهم بالخطاب في هذه الآية والتي بعدها من الآي التي ذكرهم فيها نعمه - وإن كان قد تقدم ما أنزل فيهم وفي غيرهم في أول هذه السورة ما قد تقدم - أن الذي احتج به من الحجج والآيات التي فيها أنباء أسلافهم ، وأخبار أوائلهم ، وقصص الأمور التي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمم ، ليس عند غيرهم من العلم بصحته وحقيقته مثل الذي لهم من العلم به ، إلا لمن اقتبس علم ذلك منهم . فعرفهم بإطلاع محمد على علمها - مع بعد قومه وعشيرته من معرفتها ، وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم دراسة الكتب التي فيها أنباء ذلك - أن محمدا صلى الله عليه وسلم [ ص: 555 ] لم يصل إلى علم ذلك إلا بوحي من الله وتنزيل منه ذلك إليه - لأنهم من علم صحة ذلك بمحل ليس به من الأمم غيرهم ، فلذلك جل ثناؤه خص بقوله : " يا بني إسرائيل " خطابهم كما :

800 - حدثنا به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قوله : " يا بني إسرائيل " قال : يا أهل الكتاب ، للأحبار من يهود .
القول في تأويل قوله : ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم )

قال أبو جعفر : ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جل ذكره ، اصطفاؤه منهم الرسل ، وإنزاله عليهم الكتب ، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه ، إلى التمكين لهم في الأرض ، وتفجير عيون الماء من الحجر ، وإطعام المن والسلوى . فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلف منه إلى آبائهم على ذكر ، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم ، فيحل بهم من النقم ما أحل بمن نسي نعمه عنده منهم وكفرها ، وجحد صنائعه عنده . كما :

801 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم " أي آلائي عندكم وعند آبائكم ، لما كان نجاهم به من فرعون وقومه .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]