عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-03-2022, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي ديداكتيك اللغة العربية: إشكالية الرؤية والاحتواء، والتسويغ اللساني

ديداكتيك اللغة العربية: إشكالية الرؤية والاحتواء، والتسويغ اللساني
إلياس خاتري



اتَّجه اختياري لهذا الموضوع لأسبابٍ أجدها وجيهة بالمعنى العلمي، وأُجمِلُها أساسًا في بُعدينِ: الأول يتمثَّل في كثافة التنظير الديداكتيكي لتدريسية اللغات، والثاني في احتوائه على مجموعةٍ من الإشكاليات، تعمِّق سؤال التدريس وتبلوره في جهاز مفاهيمي تربوي وبيداغوجي متماسِك، يعيد النَّظر في سبل وطبيعة وسائل تدريس اللغة العربية.



وقبل الشروع في مقاربة الموضوع، أودُّ أن أشير إلى جملة من القناعات بصدد الموضوع المقترح للمداولة والمحاورة والنِّقاش، بين يدي القارئ بكل أنواعه: المستفيد والناقد والمنتج، وأهم هذه القناعات: أنَّ موضوع تدريسية اللغات مجال للوصف والتحليل والتطبيق والأجرة.



ونشير إلى أنَّ الأمر فيما يخص هذا الموضوع متعلِّق بقضية من أهمِّ قضايا التربية والتعليم، وهي "تدريسية اللغات"؛ حيث إنَّ أي تصور مهما بلغت دقَّته، لسانيًّا كان أو تداوليًّا أو سيكولوجيًّا، على مستوى فرضياته وتصوُّراته ومفاهيمه - لن يكتسب نجاعة في مقاربة هذه المسألة، إلَّا إذا كان متفاعلًا مع الآخر ومندمجًا معه؛ بدليل تسمية المجال ووسمه بـ "علوم التربية"، وليس علم التربية، هذا يعني أنَّ علمًا واحدًا عاجز عن مقاربة هذا الموضوع؛ نظرًا للمتن الذي يشتغل عليه، والمتمثل في الظاهرة الإنسانية، وهي ظاهرة معقَّدة؛ نظرًا لطبيعتها، كما تؤكِّد أبحاث علم النفس التعلم، وخاصة ما طرحه "كاستون ميالاري"، وبالتالي فإنها تحتاج أكثر من علم؛ لأنها ظاهرة متعددة ومتقلِّبة ومتغيرة، وتطبعها النسبية بامتياز، ولا مجال للدقَّة فيها؛ لذا كانت "علوم التربية" العبارة الأنسب للتعبير عن المكونات الأساسية لمعالجة هذا الموضوع.



وما دمنا في مستهلِّ هذه الدراسة، وقبل الشروع في مقاربة موضوعاتها، وجب أن نحدِّد في البداية مجالها الإبستمولوجي بالأساس؛ حيث يمكن أن ندرجها معرفيًّا في إطار ما يمكن أن نسميه بـ "تدريسية اللغات"، أو ما يسمى في الأدبيات التربوية بـ "ديداكتيك اللغات"، وبالضبط تدريسية اللغة العربية، وقد تجمَّعتْ حول هذا الموضوع حصيلةٌ هامَّة من المعارف والتجارب والدراسات، وألِّفت فيها مجموعة من الكتب والمقالات والرسائل الجامعية.



إن هذا الموضوع في رأينا يؤدِّي إلى تطوير الإمكانيات اللغوية، وتحسين توظيفها بالشكل المطلوب في العملية التعليمية التعلمية خاصة، والتواصلية التداولية عامة.



"ولكن ما ينبغي الإشارة له لرفع كل التباس محتمل، هو أن هذا التخصص له مجموعة من المشارب والمداخل، كونه مجالًا تتقاطع فيه مجموعة من العلوم؛ كاللسانيات، وعلم النَّفس، وعلوم التربية وغيرها؛ بل إنه يستفيد من كلِّ النتائج المحصل عليها في هذه المجالات وغيرها دون أن يفقد استقلاله النسبي"[1].



كما سنعتمد - كتوضيح منهجي - في هذا الموضوع على نتائج الخطاب اللساني، والبرهنة على إمكانات استثمار نتائجه، والإفادة من تجاربه الميدانية والنظرية لتجويد تدريس اللغة العربية.



"وغني عن البيان أن البحث اللساني الحديث يعدُّ اللغات الطبيعية نسقًا من الرموز والعلامات، تخضع لتحويلات، وهو المنظور الذي نميل إليه؛ ذلك أن من إشكاليات الكتابة اللسانية العربية الحديثة - حسب الفاسي الفهري - تصوُّرَ اللغة العربية فوق اللغات، أو اعتبارها لغة مقدسة، والحق أنَّ اللغة العربية من منظور لساني صرفٍ لغةٌ طبيعية.



ويقول الفاسي الفهري في هذا الصدد: ليست اللغة العربية كما يدَّعي بعض اللغويين العرب لغة متميزة تنفرد بخصائص لا توجد في اللغات الأخرى، ومن ثمَّة لا يمكن وصفها بالاعتماد على النظريات الغربية التي بُنيت لوصف اللغات الأوروبية؛ بل لغة كسائر اللغات البشرية"[2].



إنَّ تدريس اللغة العربية بكل مكوناتها [الصرف، النحو، المعجم، التركيب، الصواتة، الدلالة] له مكانه هامَّة في الدراسات اللسانية والتربوية والأدبية والديداكتيكية الحديثة؛ حيث عَرفت هذه الدراسات تطورًا هامًّا في الآونة الأخيرة، وفي هذا الصدد يشير "محمد الدريج" للتمييز في إطار بيداغوجيا التعبير - في علاقة بتدريس اللغة العربية - بين الدراسة الأدبية واللسانية في التدريس، والتي ازدهرتْ في الآونة الأخيرة بفضل مجهودات أساتذة كليات الآداب بالخصوص؛ حيث ساهمت بجلاء في التعريف بالعديد من المناهج الحديثة، في تحليل مكونات الدرس اللغوي العربي وتطويره ليلائم خصوصيات كل مكون، حتى يكون مضمونًا تربويًّا ناجعًا، يستجيب لكل المقومات الديداكتيكية في تدريسية اللغات ومكوناتها.



ومن هذه المناهج نجد المنهج البنيوي، والمنهج البنيوي التكويني، والمنهج السميولوجي، والمنهج الشكلاني، والمنهج الموضوعاتي... وغيرها، ورغم كل هذا، وإن كانت مقاربتنا تستفيد من كل هذه الدراسات، فإننا سنركز بالأساس على الجوانب التربوية الديداكتيكية واللسانية، التي تسعى جاهدة إلى تحسين أداء كل من المدرس والتلميذ؛ لاكتساب مهارات وتقنيات في تعليم اللغة العربية وتعلمها.



إن تدريسية اللغة العربية مسألة أراها تأرجحتْ بين النظرية والتطبيق، أو بين التنظير والتقعيد على المستويات الأدبية والتربوية الصفية، وبين التصور اللساني في الأجرأة والتطبيق والمقاربة، بالتركيز على اللغة ومختلف مقوماتها وآلياتها ووظائفها.



ويأتي التركيز بعد كل هذا على الجانب السيكولوجي للفرد ومحيطه السوسيوثقافي، وبتفاعل كل هذه المكونات تنبلج آليَّة ناجعة لتدريس كل معطيات الدرس اللغوي بشكل ديداكتيكي هادف ومتين ومنشود، يراهن على الجودة والتميز في الأداء التربوي.



إذًا، ما هي خصائص هذه المعطيات؟

إن الانشغال بسؤال التدريس ومعطياته يشكِّل بدوره سؤالًا قابلًا للتحليل والتأويل، ويتمحور منصبًّا كظاهرة بيداغوجية، تعبئ كل مواردها لمعالجة سؤال التدريس وهويته؛ ليستقرَّ كظاهرة تعليمية بالوجود والكينونة والتطور لا محالة، مما يجعل من موضوع التدريسية موضوعًا محكومًا بعدة روابط وشروط وخلفيات ومقاصد؛ أهمها كما يرى التصوُّر اللساني: الرابط التداولي التواصلي والوظيفي للغة في التعليم والتعلم، وبالتالي فإن المتتبِّع المتقصي لسؤال تدريسية اللغات، أو الساعي إلى سبر أغوار هذا الموضوع، أو الناظر للمشهد الجدالي حوله، لا يمكن إلا أن يتساءل بدوره:

ما علَّة تداخل وتقاطع مجموعة من العلوم والحقول المعرفية؛ من لسانيات وعلم اللغة وعلم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، وبعض العلوم العصبية والفزيولوجية... في طرق التدريس؟



كيف يمكن للتدريس أن يدمج كل هذه المعارف، خدمة لسنده ومتنه، ومقصده وغايته الأساسية والرئيسة، وهي التربية والتعلم؟

وربما قد يذهب بهذا التساؤل أيضًا إلى أبعد من هذا، ليكون هاجسًا خفيًّا وجليًّا في الآن نفسه.



هل بالفعل تطرح مسألة التدريس كل هذه الإشكاليات؟ ومن جهة أخرى: كيف تتفاعل معها في ممارسة صفِّية علمية ومنهجية؟



لا تتغيا هذه الأسئلةُ المحورية - كما قد يبدو - تعقيدَ المسألة المدروسة؛ بل إلى تأكيد مصداقية الموضوع ومشروعيَّته وحيويته، وإفادته من كلِّ التجارب السابقة في مختلف العلوم؛ لأنه ببساطة يقع في نقطة تقاطع إستراتيجية بينها.



لكن طبيعة النقاش الذي طال واستطال حول هذه الظاهرة، هو أنها "تكاد في بعض الأحيان أن تفرغ من حمولتها الغنيَّة والنابضة والحيوية؛ حيث تكاد بعبارة أن تستظهر أسئلة وتستبطن الأخرى، كما تستحضر قضايا معينة للتدريس وتغيب الأخرى"[3]، سواء تعلق الأمر بتدريسية اللغات أو بعض مكوناتها؛ فإنَّ كلا الموضوعين متكاملان ومتفاعلان بينهما؛ حيث يوضح ويفسر بعضهم البعض الآخر.



وكل هذا يأتي تأكيدًا لضرورة الابتعاد والنأي عن التصور الشكلي والصوري والوصفي في بناء طرائق التدريس، والدعوة إلى الاهتمام بالأجرأة في العمل الديداكتيكي ورصد الجواهر والكوامن الثاوية خلف طرائق التدريس وإمكانية تجويدها؛ بالتركيز على الجانب السياقي والتداولي والنفسي بالخصوص، والاستفادة منها ومن تطوراتها؛ لتطور بدورها الإمكانيات الديداكتيكية في الممارسة الصفية.



إن الديداكتيك أو علم التدريس أو فن التدريس - وغيرها من التسميات التي تعود لاختلاف الترجمات حول مفهوم واحد - هو مدخل أساسي للوقوف على الكثير من الصعوبات النظرية التطبيقيَّة التي تعترض المتعلم في مختلف مراحل تعلمه، باعتماد ما يسميه "شوفالار" آلية النَّقل الديداكتيكي؛ حيث إنَّها في إطار تعلمه للغات تجعله قادرًا على تغطية سلسلة من الانتقالات الأفقية والعمودية، خاصة العامة، المجدرة والمحسوسة؛ أي: تلك العمليات التي يمكن العثور عليها؛ سواء في مجال التدريس بكل نماذجه، أو بتطبيق منهج من مناهج التحليل؛ إذ من البديهي أن تتعاقَب مراحل التدريس وتتراكم النتائج المحققة بواسطة هذا المنهج أو ذاك؛ ذلك انطلاقًا من النقل الديداكتيكي الذي يفرز أشكالًا من التحويلات المعجمية والتركيبية، تبلور طرائقَ تدريسية فاعلة لمكونات الدرس اللغوي بشكل جلي[4].



لكن ما ينبغي الإشارة إليه، هو أن هناك إمكانيات مهمَّة لتطوير هذا الدرس؛ وذلك باستثمار التفاعلات المتبادلة بين مختلف العناصر المتداخلة في العملية التعليمية التعلمية، مع الاهتمام بالأهداف العامة والخاصة لتدريس اللغات وإستراتيجيات التعلم والاكتساب.



لكن هذا الاستثمار يجب أن يراعي الشروط السيكولوجية والسوسيولوجية والثقافية المؤثِّرة في الفعل التربوي بصفة عامَّة، وتدريس اللغة العربية بصفة خاصة؛ حتى لا يصبح الحديث عن ذلك مجرد ادِّعاء زائف؛ لأنَّنا من منطق الدارسين والباحثين نعرف بطريقة أو بأخرى الظروف المؤطرة للممارسة الصفية العملية في تدريسية اللغة العربية ومكوناتها.



"كما ينبغي من منطلق ديداكتيكي للمشتغل بالتدريسية، الالتزام بسلم مرن يمكنه من إدماج المعطى السيكولوجي وكل مستجداته لتطوير طرائق التدريس، مما يمكن من بناء صرح بيداغوجي متين، على مستوى تدريس اللغات المستهدفة، وجعل التفاعل من وسائل الربط الناجعة بين ما هو مكتسب وما هو قابل للاكتساب"[5].



إذًا، هذا التصور يجعل من البيداغوجيا التفاعلية في تدريسية اللغات، إحدى الإمكانيات المقترحة لتطوير الدرس اللغوي وتثمينه بالشكل المطلوب؛ لأنها تستند على ديناميةٍ تجمعُ بين كل طرائق العملية التعليمية التعلمية.



ويمكن القول: إنَّ تدريس اللغة العربية من منظور لساني وظيفي، هو مشروع يراود كلَّ الباحثين والمشتغلين بمجال ديداكتيك اللغات، وهو طموح مشروع، يروم تطوير اللغة العربية، وجعلها مسايرة لكلِّ تطلعات المستقبل، مما يتيح القول صدقًا: إن المدخل الأساسي لتطوير تدريس اللغة العربية هو استثمار ما جاءت به اللسانيات الحديثة، مما يستدعي حوسبة معجم اللغة، والتقعيد لنحو جديد يدعو للاقتصاد في القواعد اللغوية الواصفة للنَّحو التعليمي.



هذا ما يستدعي حسب رأي الباحثَيْن "مصطفى بوشوك، وعلي أيت أوشان" وغيرهم - الجمعَ بين النظريات اللسانية وديداكتيك اللغات، إضافة إلى الجانب التطبيقي والميداني، لتشخيص صعوبات المتعلمين ورصد أخطائهم اللغوية؛ بغية تطوير مناهج وتطوير طرق تدريس اللغة العربية في مختلف الأسلاك التعليمية.



وهذا ما يستدعي من جانب آخر إعادة النَّظر في المناهج الدراسية، والتجديد في المقرَّرات، والاستجابة لما جاء به الكتاب الأبيض[6] في هذا المجال، وفق مقتضيات المنحى اللساني المتطور[7]، "ومن الإكراهات التي تعرقل المسار التدريسي للغة العربيَّة: بعض العوامل التي تساهم فيها أسباب داخلية وخارجية انطلاقًا من الممارسة الفصلية، ومن هذه الإكراهات نجد ما يلي:

تدنِّي مستوى الإنجازات اللغوية لدى المتعلمين.

غياب منطق لغوي لديهم.

ضعف الرصيد المعجمي.



وهذا ما يحول دون المشاركة الفعَّالة في تطوير المهارات اللغوية، والتعبير بعربية سليمة محترمة لقواعد النحو العربي؛ وهذا لا يتعارض مع أفكار ومبادئ اللسانيات الحديثة، وخصوصًا اللسانيات التوليدية، التي لها مجموعة من النظريات التي تفسِّر بعض الأخطاء اللغوية؛ مثل "قيد الجزيرة الميمية" و"نظرية الربط ونظرية الإسناد والإعراب".



إن تدريس اللغات ليس بالأمر الهين، يستدعي مدرسًا مسلَّحًا بزاد معرفي نظري وإجرائي متين، ينهل جهازه المفاهيمي من حقول معرفية متنوعة، منها: ديداكتيك اللغات والبيداغوجيا واللسانيات بكل فروعها، خصوصًا التطبيقية والحاسوبية، إضافة إلى بعض العلوم الإنسانية الحديثة؛ كعلم النفس بكل أنماطه، وعلم الاجتماع وخصوصًا علم الاجتماع التربوي.



يتكرَّر هذا التأكيد على النهل من مختلف العلوم في تدريسية اللغات؛ نظرًا لطبيعة وخصوصية هذا المبحث، وضرورة استدعاء كل هذه التلوينات المعرفية؛ تأتي استجابة للممارسة التي يستدعيها للميدان.



وما دام الأمر يتعلَّق باللغة العربية، فإنَّ تدريسها يتعلَّق بالخضوع لما تقتضيه كرونولوجيا التعلم؛ أي: "إن تعليم العربية يقتضي الإيمان بأن الطبيعة الصوتية هي الأساس فيها، بينما الشكل الكتابي يأتي تاليًا على مرحلة التعلم بالسماع؛ لأن السمع سيد الملكات؛ فالكتابة في الواقع تعتبر تطورًا حديثًا نسبيًّا في التاريخ الإنساني، إذا ما قورنت باللغة الشفوية، وكثير من اللغات القديمة والحديثة ليس لها عنصر كتابي؛ أي: إنَّها لغةُ تخاطُبٍ فقط، وكثير من الناس يعيشون دون أن يكونوا قادرين على الكتابة أو القراءة؛ على أي حال فإنَّ الطبيعة الصوتية للغة تعني أن يبدأ تعليم اللغة بشكلها الصوتي الشفهي، قبل الكتابي؛ أي: أن يجيء تعليم الاستماع والكلام قبل القراءة والكتابة"[8].



كما يتطلَّب الأمر بالنسبة لمدرسي اللغة العربية معرفة مكامنها ومصادرها، ونسقها البنيوي والدلالي، إضافة إلى المعرفة العميقة بعلم النحو والعروض والبلاغة؛ أي: المعرفة بالمحددات التي تهيكل بنية الثقافة العربية، كما فصَّل فيها القول الدكتور محمد عابد الجابري[9]، ورصدها في ثلاث محددات، هي: البيان والعرفان والبرهان[10]، ويبدو جليًّا إذًا أنَّ تدريس اللغة العربية من منظور لساني حديث، سيعيدها للصدارة، ويعيد لها قوَّتَها ووظيفتها وحيويتها التداولية، وذلك" بـ:

تجديد وتوسيع متن اللغة العربية.

حوسبة معجم اللغة العربية.

استثمار الأفكار اللسانية، ونتائج البحث فيها في تدريس اللغة العربية.

استثمار التراث النقدي والبلاغي واللغوي العربي القديم لتطوير اللغة العربية.



إضافة إلى استثمار ما توصَّلتْ إليه فروع اللِّسانيات التطبيقية في معالجتها لتدريس مكونات اللغة العربية وقضاياها؛ معجمًا وتركيبًا، وصرفًا ودلالة وصواتة؛ وهذا ما يستدعي بالضرورة الإفادة من بعض الأبحاث بالخصوص؛ كاللسانيات التوليدية الحديثة مع الفاسي الفهري، واللسانيات الوظيفية مع أحمد المتوكل، وبعض أبحاث إدريس السغروشني وغيرها...



والهدف هو الخروج بمكون الدرس اللغوي من الطرائق التقليدية التي تتوخى الشحن، دون ربط التعلم بالسياق التداولي الذي يمكن أن يستثمر فيه قاعدة نحوية اكتسبها؛ الشيء الذي يظهر جمالية النحو العربي، وفكه عن العقد والصعوبة التي يَسِمُها به البعض، عن جهل أو بنيَّةٍ مبيَّتة، تستهدف النيلَ من اللغة العربية ككل؛ ويَرجِعون ذلك إلى معياريتها تارة، أو بالدعوة إلى حذف الإعراب، أو بإطلاق العنان للعاميات في كلِّ المنابر التواصلية والإعلامية (نستحضر هنا بعض الجرائد التي تكتب أعمدتها بالدارجة، كما تمَّ تدريج بعض الأفلام المكسيكيَّة بدعوى تقريبها من المواطن... لكن القصد أعمق من هذا؛ إنَّ هذا الأمر يجعل مهمة تطوير اللغة العربية في أعناق الباحثين، بالانفتاح على مستجدات اللسانيات المعاصرة، وتأهيلها لتأدية دورها الريادي في تطوير طرق التدريس، والمساهمة في البحث العلمي"[11].



ونقول بصريح التعبير: إنَّ كل المعطيات السابقة تمثِّل المدخل الأساسي لاختيار طريقة معينة للتدريس؛ أي: اختيار خطة شاملة يستعين بها المدرس لتحقيق الأهداف المطلوبة؛ من تعلُّم اللغة، وتحديد إجراءاتها وسبلها المنهجية، وإمكانياتها التربوية، وتقنياتها الصفية، في ارتباط مع وضعية تعليمية تعلمية؛ لتكوِّن مبادئ هادفة وفعالة لتذليل الصعوبات التي تعترض المعلِّم في ممارسته التي تتغيا إيصال مضامين تربوية هادفة، لبناء تصميم تدريسي "يُعنى بتوصيف القواعد والمبادئ والإجراءات اللغوية، وخلق نماذج ملائمة لتصميم وتخطيط منظومات التدريس، ويشير مصطلح (تصميم التدريس) إلى عملية منظمة، متصلة بتطبيق مبادئ التدريس والتعلم، في التخطيط للمواد والأنشطة التدريسية، أو هو عملية منهجية، أو منظومة لتخطيط منظومات التدريس؛ لتعمل بأعلى درجة من الكفاءة والفاعلية، لتسهيل التعلم، وعادة ما يستعان لإنجاز هذه العملية بما يسمى بمخططات التدريس"[12].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]