
21-03-2022, 08:50 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة :
|
|
رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد

المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول
سُورَةُ البَقَرَة
من صــ 249 الى صـ 253
الحلقة (46)
وبهذا يتبين أن الثلاثة السابقة ليست من أسباب نزول الآية.
فإن قيل: ما سبب نزول الآية إذن؟
فالجواب: أن السبب ما ذكره أبو أيوب الأنصاري من أن الآية نزلت فيهم لما همُّوا بالإقامة على الأموال وإصلاحها وترك الجهاد مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ومما يدل على هذا أمور:
1 - أن أبا أيوب أحد الذين وقع منهم هذا لقوله: فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصاحب القصة أعلم بالمراد بها من غيره.
2 - قول أبي أيوب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأنزل اللَّه على نبيه يردُّ علينا ما قلنا، فقد صرح بأن الآية ردٌّ عليهم في قولهم هذا، وإذا كانت رداً عليهم فكيف يقال إنها نزلت في غيرهم.
3 - أن أبا أيوب امتثل ما أُمر فلم يزل شاخصاً في سبيل اللَّه حتى قبض، ومن البعيد جداً أن يستمسك أبو أيوب بهذا حتى الموت وهو يشك أن الخطاب بالآية يعنيه.
4 - أن القائل بهذا القول هم أكثر السلف وأكثر المفسرين والأكثرون أقرب للصواب في الغالب.
فإن قيل: فما الجواب عن قول حذيفة نزلت في النفقة؟
فالجواب: أن حذيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يضف جديداً لأن الآية صدرت بالأمر بالإنفاق في سبيل، وهذا يتفق مع قول أبي أيوب تماماً لأن الجهاد في سبيل اللَّه يتضمن الإنفاق فيه بخلاف القعود على الأموال وإصلاحها ففيه من قصد الدنيا ما لا يخفى.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآية قول أبي أيوب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ومن معه من الأنصار في حديثهم عن الإقامة في الأموال وإصلاح ما ضاع منها لأن الحديث في ذلك صحيح صريح قائله صحابي شهد التنزيل بل هو أحد الذين نزلت بسببهم الآية، ولم يوجد ما يعترضه حقاً واللَّه أعلم.
12 - قال اللَّه تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن كعب بن عجرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: وقف عليّ رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحديبية ورأسي يتهافت قملاً، فقال: (يؤذيك هوامُّك). قلت: نعم، قال: (فاحلق رأسك، أو قال: احلق). قال فيَّ نزلت هذه الآية: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ) إلى آخرها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفَرَق بين ستة، أو انسك بما تيسر).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية وقد أورده المفسرون وجعلوه سببًا لنزولها. كالطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير.
قال الطبري: (وقد تظاهرت الأخبار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن هذه الآية نزلت عليه بسبب كعب بن عجرة، إذ شكا كثرة أذى برأسه من صِئبانه، وذلك عام الحديبية). اهـ.
وقال ابن عطية: (ونزلت هذه الآية في كعب بن عجرة حين رآه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورأسه يتناثر قملاً فأمره بالحلاق ونزلت الرخصة). اهـ.
* النتيجة:
أن الآية نزلت بسبب ما جرى لكعب بن عجرة من الأذى في رأسه فأنزل اللَّه الرخصة لإزالة الأذى وبيان الفدية.
* * * * *
13 - قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأبو داود والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - ر. يما - قال: كان أهل اليمن يحجُّون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
ورواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة مرسلاً.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية وقد أورده جمهور المفسرين وجعلوه سبباً لنزولها منهم الطبري والبغوي والقرطبي وابن كثير والطاهر بن عاشور وغيرهم.
قال الطبري بعد أن ساق الروايات في ذلك: (وتزودوا من أقواتكم ما فيه بلاغكم إلى أداء فرض ربكم عليكم في حجكم ومناسككم، فإنه لا برَّ للَّه جل ثناؤه في ترككم التزود لأنفسكم ومسألتكم الناس، ولا في تضييع أقواتكم وإفسادها) اهـ.
وقال البغوي: (نزلت في ناس من أهل اليمن كانوا يخرجون إلى الحج بغير زاد ويقولون نحن متوكلون ويقولون نحن نحج بيت اللَّه فلا يطعمنا فإذا قدموا مكة سألوا الناس). اهـ.
وقال ابن العربي: (إنما خاطب اللَّه تعالى أهل الأموال الذين كانوا يتركون أموالهم ويخرجون بغير زاد ويقولون نحن المتوكلون). اهـ.
وقال القرطبي: (إن المراد الزاد المتخذ في سفر الحج المأكول حقيقة كما روى البخاري عن ابن عبَّاسٍ ثم ساق الحديث المذكور أعلاه .. ثم قال وهذا نص فيما ذكرنا وعليه أكثر المفسرين). اهـ.
* النتيجة:
أن الآية نزلت على السبب المذكور في حديث ابن عبَّاسٍ في شأن أهل اليمن الذين يحجون ولا يتزودون فأمرهم الله بالتزود المحسوس من الطعام والشراب والكساء وأخبرهم أن الزاد المعنوي وهو التقوى خير وأجل، كما قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ... ) وذلك لصحة سند الحديث، وتصريحه بالنزول، وموافقته للفظ الآية، واحتجاج المفسرين به واللَّه أعلم.
* * * * *
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|