
21-03-2022, 04:33 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (125)
صــ111 إلى صــ 115
قوله تعالى: فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب يعني: التوراة ، والإنجيل ، والزبور . كله كان في آل إبراهيم ، وهذا النبي من أولاد إبراهيم . وفي الحكمة قولان .
أحدهما: النبوة ، قاله السدي ، ومقاتل . والثاني: الفقه في الدين ، قاله أبو سليمان الدمشقي .
وفي الملك العظيم خمسة أقوال . أحدها: ملك سليمان ، رواه عطية ، عن ابن عباس . والثاني: ملك داود ، وسليمان في النساء ، كان لداود مائة امرأة ، ولسليمان سبعمائة امرأة ، وثلاثمائة سرية ، رواه أبو صالح ، عن ابن عباس ، وبه قال السدي . والثالث: النبوة ، قاله مجاهد . والرابع: التأييد بالملائكة ، قاله ابن زيد في آخرين . والخامس: الجمع بين سياسة الدنيا ، وشرع الدين ، ذكره الماوردي .
فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا
قوله تعالى: فمنهم من آمن به فيمن تعود عليه الهاء ، والميم قولان .
أحدهما: اليهود الذين أنذرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول مجاهد ، ومقاتل .
[ ص: 112 ] والفراء في آخرين . فعلى هذا القول في هاء "به" ثلاثة أقوال .
أحدها: تعود على ما أنزل الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله مجاهد . قال أبو سليمان: فيكون الكلام مبنيا على قوله على ما آتاهم الله من فضله وهو النبوة ، والقرآن .
والثاني: أنها تعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فتكون متعلقة بقوله أم يحسدون الناس يعني: بالناس محمدا صلى الله عليه وسلم ، ويكون المراد بقوله فمنهم من آمن به عبد الله بن سلام ، وأصحابه . والثالث: أنها تعود إلى النبإ عن آل إبراهيم ، قاله الفراء .
والقول الثاني أن الهاء ، والميم في قوله (فمنهم) تعود إلى آل إبراهيم ، فعلى هذا في هاء "به" قولان . أحدهما: أنها عائدة إلى إبراهيم ، قاله السدي . والثاني: إلى الكتاب ، قاله مقاتل .
قوله تعالى: ومنهم من صد عنه وقرأ ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن جبير ، وعكرمة ، وابن يعمر ، والجحدري: (من صد عنه) برفع الصاد . وقرأ أبي بن كعب ، وأبو الجوزاء ، وأبو رجاء ، والجوني: بكسر الصاد .
إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما
قوله تعالى: سوف نصليهم نارا قال الزجاج : أي: نشويهم في نار . ويروى أن يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية ، أي: مشوية . وفي قوله بدلناهم جلودا غيرها قولان .
أحدهما: أنها غيرها حقيقة ، ولا يلزم على هذا أن يقال: كيف بدلت [ ص: 113 ] جلود التذت بالمعاصي بجلود ما التذت ، لأن الجلود آلة في إيصال العذاب إليهم ، كما كانت آلة في إيصال اللذة ، وهم المعاقبون لا الجلود .
والثاني: أنها هي بعينها تعاد بعد احتراقها ، كما تعاد بعد البلى في القبور . فتكون الغيرية عائدة إلى الصفة ، لا إلى الذات ، فالمعنى: بدلناهم جلودا غير محترقة ، كما تقول: صغت من خاتمي خاتما آخر . وقال الحسن البصري: في هذه الآية: تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة ، كلما أكلتهم قيل: لهم: عودوا ، فعادوا .
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا
قوله تعالى: وندخلهم ظلا ظليلا قال الزجاج : هو الذي يظل من الحر والريح ، وليس كل ظل كذلك ، فأعلم الله تعالى أن ظل الجنة ظليل لا حر معه ، ولا برد . فإن قيل: أفي الجنة برد أو حر يحتاجون معه إلى ظل؟ فالجواب: أن لا ، وإنما خاطبهم بما يعقلون مثله ، كقوله: ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا [مريم: 62] وجواب آخر: وهو أنه إشارة إلى كمال وصفها ، وتمكين بنائها ، فلو كان البرد أو الحر يتسلط عليها ، لكان في أبنيتها وشجرها ظل ظليل .
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا
قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها في سبب نزولها ثلاثة أقوال . .
[ ص: 114 ] أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة ، طلب مفتاح البيت من عثمان بن أبي طلحة ، فذهب ليعطيه إياه ، فقال: العباس: بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية ، فكف عثمان يده مخافة أن يعطيه للعباس ، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "هات المفتاح" فأعاد العباس قوله ، وكف عثمان ، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "أرني المفتاح إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر" فقال: هاكه يا رسول الله بأمانة الله ، فأخذ المفتاح ، ففتح البيت ، فنزل جبريل بهذه الآية ، فدعا عثمان ، فدفعه إليه . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والزهري ، وابن جريج ، ومقاتل .
والثاني: أنها نزلت في الأمراء . رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال زيد بن أسلم ، وابنه ، ومكحول ، واختاره أبو سليمان الدمشقي ، وقال: أمر الأمراء أن يؤدوا الأمانة في أموال المسلمين .
والثالث: أنها نزلت عامة ، وهو مروي عن أبي بن كعب ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، واختاره القاضي أبو يعلى . واعلم أن نزولها على سبب لا يمنع عموم حكمها ، فإنها عامة في الودائع وغيرها من الأمانات . وقال ابن مسعود: الأمانة في الوضوء ، وفي الصلاة ، وفي الصوم ، وفي الحديث ، وأشد ذلك في الودائع .
[ ص: 115 ] قوله تعالى: نعما يعظكم به يقول: نعم الشيء يعظكم به ، وقد ذكرناه في (البقرة) .
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول في سبب نزولها قولان . أحدهما: أنها نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية ، أخرجه البخاري ، ومسلم ، من حديث ابن عباس .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|