
21-03-2022, 04:32 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (123)
صــ101 إلى صــ 105
يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا
قوله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا سبب نزولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا قوما من أحبار اليهود ، منهم عبد الله بن صوريا ، وكعب [ابن أسد] إلى الإسلام ، وقال لهم: إنكم لتعلمون أن الذي جئت به حق ، فقالوا: ما نعرف ذلك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس .
وفي الذين أوتوا الكتاب قولان .
أحدهما: أنهم اليهود ، قاله الجمهور . والثاني: اليهود والنصارى ، ذكره الماوردي . وعلى الأول يكون الكتاب: التوراة ، وعلى الثاني: التوراة والإنجيل . والمراد بما نزلنا: القرآن ، وقد سبق في (البقرة) بيان تصديقه لما معهم .
قوله تعالى: من قبل أن نطمس وجوها في طمس الوجوه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه إعماء العيون ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك .
والثاني: أنه طمس ما فيها من عين ، وأنف ، وحاجب ، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس ، واختيار ابن قتيبة . [ ص: 102 ] والثالث: أنه ردها عن طريق الهدى ، وإلى هذا المعنى ذهب الحسن ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي . وقال مقاتل: من قبل أن نطمس وجوها ، أي: نحول الملة عن الهدى والبصيرة . فعلى هذا القول يكون ذكر الوجه مجازا . والمراد: البصيرة والقلوب . وعلى القولين قبله يكون المراد بالوجه: العضو المعروف .
قوله تعالى: فنردها على أدبارها خمسة أقوال .
أحدها: نصيرها في الأقفاء ، ونجعل عيونها في الأقفاء ، هذا قول ابن عباس ، وعطية .
والثاني: نصيرها كالأقفاء ، ليس فيها فم ، ولا حاجب ، ولا عين ، وهذا قول قوم ، منهم ابن قتيبة .
والثالث: نجعل الوجه منبتا للشعر ، كالقرود ، هذا قول الفراء .
والرابع: ننفيها مدبرة عن ديارها ومواضعها . وإلى نحوه ذهب ابن زيد . قال ابن جرير: فيكون المعنى: من قبل أن نطمس وجوههم التي هم فيها . وناحيتهم التي هم بها نزول ، فنردها على أدبارها من حيث جاؤوا بديا من الشام .
والخامس: نردها في الضلالة ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي ، ومقاتل .
قوله تعالى: أو نلعنهم يعود إلى أصحاب الوجوه . وفي معنى لعن أصحاب السبت قولان .
[ ص: 103 ] أحدهما: مسخهم قردة ، قاله الحسن ، وقتادة ، ومقاتل . والثاني: طردهم في التيه ، حتى هلك فيه أكثرهم ذكره الماوردي .
قوله تعالى: وكان أمر الله مفعولا قال ابن جرير: الأمر هاهنا: بمعنى: المأمور ، سمي باسم الأمر لحدوثه عنه .
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما
قوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به قال ابن عمر: لما نزلت يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا [الزمر: 53] قالوا: لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والشرك؟ فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، فنزلت هذه . وقد سبق معنى الإشراك .
والمراد من الآية: لا يغفر لمشرك مات على شركه . وفي قوله: لمن يشاء نعمة عظيمة من وجهين ، أحدهما: أنها تقتضي أن كل ميت على ذنب دون الشرك لا يقطع عليه بالعذاب ، وإن مات مصرا . والثاني: أن تعليقه بالمشيئة فيه نفع [ ص: 104 ] للمسلمين ، وهو أن يكونوا على خوف وطمع .
ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا
قوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم سبب نزولها: أن مرحب ابن زيد ، وبحري بن عون -وهما من اليهود- أتيا النبي صلى الله عليه وسلم بأطفالهما ، ومعهما طائفة من اليهود فقالوا: يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ قال: لا ، قالوا: والله ما نحن إلا كهيئتهم ، ما من ذنب نعمله بالنهار إلا كفر عنا بالليل ، وما من ذنب نعمله بالليل إلا كفر عنا بالنهار ، فنزلت هذه الآية . هذا قول ابن عباس .
وفي قوله ألم تر قولان . أحدهما: ألم تخبر ، قاله ابن قتيبة . والثاني: ألم تعلم ، قاله الزجاج . وفي الذين يزكون أنفسهم قولان . أحدهما: اليهود على ما ذكرنا عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وقتادة ، ومقاتل . والثاني: أنهم اليهود ، والنصارى ، وبه قال الحسن ، وابن زيد ، ومعنى "يزكون أنفسهم": يزعمون أنهم أزكياء ، يقال: زكى الشيء: إذا نما في الصلاح .
وفي الذي زكوا به أنفسهم أربعة أقوال .
أحدها: أنهم برؤوا أنفسهم من الذنوب ، رواه أبو صالح ، عن ابن عباس .
[ ص: 105 ] والثاني: أن اليهود قالوا: إن أبناءنا الذين ماتوا يزكوننا عند الله ، ويشفعون لنا رواه عطية ، عن ابن عباس .
والثالث: أن اليهود كانوا يقدمون صبيانهم في الصلاة فيؤمونهم ، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم ، هذا قول عكرمة ، ومجاهد ، وأبي مالك .
والرابع: أن اليهود والنصارى قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه [المائدة: 18] وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى [البقرة: 111] هذا قول الحسن ، وقتادة .
قوله تعالى: بل الله يزكي من يشاء أي: يجعله زاكيا ، ولا يظلم الله أحدا مقدار فتيل . قال ابن جرير: وأصل "الفتيل" المفتول ، صرف عن مفعول إلى فعيل ، كصريع ، ودهين .
وفي الفتيل قولان . أحدهما: أنه ما يكون في شق النواة ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وعطاء بن أبي رباح ، والضحاك ، وقتادة ، وعطية ، وابن زيد ، ومقاتل ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة ، والزجاج .
والثاني: أنه ما يخرج بين الأصابع من الوسخ إذا دلكن ، رواه العوفي ، عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، وأبو مالك ، والسدي ، والفراء .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|