عرض مشاركة واحدة
  #261  
قديم 19-03-2022, 10:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,603
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثالث
الحلقة (259)

سُورَةُ مَرْيَمَ
صـ 419 إلى صـ 424



قوله تعالى : ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .

[ ص: 419 ] اعلم أولا أن لفظ " ما كان " يدل على النفي ، فتارة يدل ذلك النفي من جهة المعنى على الزجر والردع ، كقوله تعالى : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله الآية [ 9 \ 120 ] ، وتارة يدل على التعجيز ، كقوله تعالى : آلله خير أم ما يشركون أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها الآية [ 27 \ 59 - 60 ] .

وتارة يدل على التنزيه ، كقوله هنا : ما كان لله أن يتخذ من ولد ، وقد أعقبه بقوله : سبحانه أي : تنزيها له عن اتخاذ الولد وكل ما لا يليق بكماله وجلاله ، فقوله : ما كان لله بمعنى : ما يصح ولا يتأتى ولا يتصور في حقه جل وعلا أن يتخذ ولدا ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، والآية كقوله تعالى : وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا [ 19 \ 92 ] وفي هذه الآية الرد البالغ على النصارى الذين زعموا المحال في قولهم " عيسى ابن الله " وما نزه عنه جل وعلا نفسه هنا من الولد المزعوم كذبا - كعيسى - نزه عنه نفسه في مواضع أخر ، كقوله تعالى : إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم إلى قوله : إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد الآية [ 4 \ 171 ] ، والآيات الدالة على مثل ذلك كثيرة ، كقوله تعالى : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا [ 19 \ 88 - 91 ] إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم مستوفى في سورة " الكهف " .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : إذا قضى أمرا [ 19 \ 35 ] أي : أراد قضاءه بدليل قوله : إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [ 16 \ 40 ] ، وقوله تعالى : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ 36 \ 82 ] ، وحذف فعل الإرادة لدلالة المقام عليه كثير في القرآن وفي كلام العرب ، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة الآية [ 5 \ 6 ] أي : إذا أردتم القيام إليها ، وقوله تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ 16 \ 98 ] ، أي : إذا أردت قراءة القرآن ، كما تقدم مستوفى .

وقوله تعالى في الآية التي نحن بصددها : ما كان لله أن يتخذ من ولد زيدت فيه لفظة " من " قبل المفعول به لتأكيد العموم ، وقد تقرر في الأصول أن النكرة في سياق النفي [ ص: 420 ] إذا زيدت قبلها لفظة " من " لتوكيد العموم كانت نصا صريحا في العموم ، وتطرد زيادتها للتوكيد المذكور قبل النكرة في سياق النفي في ثلاثة مواضع : قبل الفاعل ، كقوله تعالى : ما أتاهم من نذير [ 28 \ 46 ] ، وقبل المفعول ، كهذه الآية ، وكقوله : وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه الآية [ 21 \ 25 ] ، وقبل المبتدأ كقوله : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره .
قوله تعالى : فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ، أظهر الأقوال في " الأحزاب " المذكورة في هذه الآية أنهم فرق اليهود والنصارى الذين اختلفوا في شأن عيسى ، فقالت طائفة : هو ابن زنى ، وقالت طائفة : هو ابن الله ، وقالت طائفة : هو الله ، وقالت طائفة : هو إله مع الله .

ثم إن الله توعد الذين كفروا منهم بالويل لهم من شهود يوم القيامة ، وذلك يشمل من كفر بالتفريط في عيسى كالذي قال إنه ابن زنى ، ومن كفر بالإفراط فيه كالذين قالوا إنه الله أو ابنه ، وقوله " ويل " كلمة عذاب ، فهو مصدر لا فعل له من لفظه ، وسوغ الابتداء به وهو نكرة كونه في معنى الدعاء ، والظاهر أن المشهد في الآية مصدر ميمي ، أي : فويل لهم من شهود ذلك اليوم - أي حضوره - لما سيلاقونه فيه من العذاب ، خلافا لمن زعم أن المشهد في الآية اسم مكان ، أي : فويل لهم من ذلك المكان الذي يشهدون فيه تلك الأهوال والعذاب ، والأول هو الظاهر وهو الصواب إن شاء الله تعالى ، وهذا المعنى الذي ذكره هنا ذكره أيضا في سورة " الزخرف " في قوله تعالى : ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم [ 43 \ 63 - 64 ] ، وما أشار إليه في الآيتين من أن الذين كفروا بالإفراط أو التفريط في عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، أنه لم يعاجلهم بالعذاب ، وأنه يؤخر عذابهم إلى الوقت المحدد لذلك - أشار له في مواضع أخر ، كقوله تعالى : ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار [ 14 \ 42 ] وقوله تعالى : وما نؤخره إلا لأجل معدود [ 11 \ 104 ] ، وقوله : ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون [ 29 \ 53 ] .

وبالجملة فالله تعالى يمهل الظالم إلى وقت عذابه ، ولكنه لا يهمله ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله [ ص: 421 ] عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد [ 11 \ 102 ] ، وقال تعالى : وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير [ 22 \ 48 ] .

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : فاختلف الأحزاب من بينهم [ 19 \ 37 ] ، قال أبو حيان في ) البحر ( : ومعنى قوله " من بينهم " أن الاختلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين . انتهى محل الغرض منه .
قوله تعالى : أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ، قوله : أسمع بهم وأبصر صيغتا تعجب ، ومعنى الآية الكريمة : أن الكفار يوم القيامة يسمعون ويبصرون الحقائق التي أخبرتهم بها الرسل سمعا وإبصارا عجيبين ، وأنهم في دار الدنيا في ضلال وغفلة لا يسمعون الحق ولا يبصرونه ، وهذا الذي بينه تعالى في هذه الآية الكريمة بينه في مواضع أخر ، كقوله في سمعهم وإبصارهم يوم القيامة : ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون [ 32 \ 12 ] ، وقوله تعالى : لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد [ 50 \ 22 ] ، وكقوله في غفلتهم في الدنيا وعدم إبصارهم وسمعهم : اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون [ 21 \ 1 ] ، وقوله : يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون [ 30 \ 7 ] ، وقوله : صم بكم عمي فهم لا يرجعون [ 2 \ 18 ] ، وقوله : مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع الآية [ 11 \ 24 ] ، والمراد بالأعمى والأصم : الكفار ، والآيات بمثل هذا كثيرة ، واعلم أن صيغة التعجب إذا كانت على وزن " أفعل به " فهي فعل عند الجمهور ، وأكثرهم يقولون إنه فعل ماض جاء على صورة الأمر ، وبعضهم يقول : إنه فعل أمر لإنشاء التعجب ، وهو الظاهر من الصيغة ، ويؤيده دخول نون التوكيد عليه ، كقول الشاعر :


ومستبدل من بعد غضيا صريمة فأحر به لطول فقر وأحريا
لأن الألف في قوله : " وأحريا " مبدلة من نون التوكيد الخفيفة على حد قوله في الخلاصة :


وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا كما تقول في قفن قفا
[ ص: 422 ] والجمهور أيضا على أن صيغة التعجب الأخرى التي هي : " ما أفعله " فعل ماض ، خلافا لجماعة من الكوفيين في قولهم : إنها اسم بدليل تصغيرها في قول العرجي :


يا ما أميلح غزلانا شدن لنا من هؤلياء بين الضال والسمر
قالوا : والتصغير لا يكون إلا في الأسماء ، وأجاب من خالفهم بأن تصغيرها في البيت المذكور شاذ يحفظ ولا يقاس عليه .
قوله تعالى : وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ، الحسرة : أشد الندم والتلف على الشيء الذي فات ولا يمكن تداركه ، والإنذار : الإعلام المقترن بتهديد ، أي : أنذر الناس يوم القيامة ، وقيل له : يوم الحسرة ؛ لشدة ندم الكفار فيه على التفريط ، وقد يندم فيه المؤمنون على ما كان منهم من التقصير ، وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى في مواضع أخر كقوله : وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين الآية [ 40 \ 18 ] ، وقوله : إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد [ 34 \ 46 ] .

وأشار إلى ما يحصل فيه من الحسرة في مواضع أخر ، كقوله : أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله الآية [ 39 \ 56 ] ، وقوله تعالى : قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها الآية [ 6 \ 31 ] ، وقوله : كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار [ 2 \ 167 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . وقوله في هذه الآية الكريمة : وهم في غفلة ، أي : في غفلة الدنيا معرضون عن الآخرة ، وجملة " وهم في غفلة " حالية ، والعامل فيها " أنذرهم " أي : أنذرهم في حال غفلتهم غير مؤمنين ، خلافا لمن قال : إن العامل في الجملة الحالية قوله قبل هذا " في ضلال مبين " ، وقد جاء في الحديث الصحيح ما يدل على أن المراد بقوله هنا " إذ قضي الأمر " أي : ذبح الموت .

قال البخاري رحمه الله في صحيحه : ) باب قوله عز وجل : وأنذرهم يوم الحسرة ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد : يا أهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت ، وكلهم قد رآه ، ثم ينادى : يا أهل النار ، فيشرئبون وينظرون ، فيقول : هل [ ص: 423 ] تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت ، وكلهم قد رآه ، فيذبح ، ثم يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت " ، ثم قرأ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة [ 19 \ 39 ] ، وهؤلاء في غفلة الدنيا وهم لا يؤمنون " انتهى من صحيح البخاري .

والحديث مشهور متفق عليه وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم الآية بعد ذكره ذبح الموت تدل على أن المراد بقوله " إذ قضي الأمر " أي : ذبح الموت ، وفي معناه أقوال أخر غير هذا تركناها لدلالة الحديث الصحيح على المعنى الذي ذكرنا .
قوله تعالى : إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ، معنى قوله جل وعلا في هذه الآية أنه يرث الأرض ومن عليها : أنه يميت جميع الخلائق الساكنين بالأرض ، ويبقى هو جل وعلا لأنه الحي الذي لا يموت ، ثم يرجعون إليه يوم القيامة ، وقد أشار إلى هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [ 55 \ 26 - 27 ] ، وقوله تعالى : وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون [ 15 \ 23 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا ، أمر الله جل وعلا نبيه " محمدا " صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة : أن يذكر في الكتاب الذي هو القرآن العظيم المنزل إليه من الله " إبراهيم " عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، ويتلو على الناس في القرآن نبأه مع قومه ودعوته لهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر ، وكرر هذا المعنى المذكور في هذه الآيات في آيات أخر من كتابه جل وعلا ، فهذا الذي أمر به نبيه هنا من ذكره في الكتاب إبراهيم : إذ قال لأبيه ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر الآية [ 19 \ 42 ] ، أوضحه في سورة " الشعراء " في قوله : واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون [ 26 \ 69 - 70 ] .

فقوله هنا : واذكر في الكتاب ، هو معنى قوله : واتل عليهم نبأ إبراهيم ، وزاد في " الشعراء " أن هذا الذي قاله لأبيه من النهي عن عبادة الأوثان قاله أيضا لسائر قومه ، وكرر [ ص: 424 ] تعالى الإخبار عنه بهذا النهي لأبيه وقومه عن عبادة الأوثان في مواضع أخر ، كقوله : وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين [ 6 \ 74 ] ، وقوله تعالى : إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين [ 26 \ 70 - 77 ] ، وقوله تعالى : ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين [ 21 \ 51 - 56 ] ، وقوله تعالى : وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين [ 43 \ 26 - 27 ] ، وقوله تعالى : وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين [ 37 \ 83 - 87 ] ، وقوله تعالى : قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك الآية [ 60 \ 40 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

وقوله في هذه الآية : إذ قال لأبيه ، الظرف الذي هو " إذ " بدل اشتمال من " إبراهيم " في قوله : واذكر في الكتاب إبراهيم ، كما تقدم نظيره في قوله : واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت الآية [ 19 \ 16 ] ، وقد قدمنا هناك إنكار بعضهم لهذا الإعراب ، وجملة : إنه كان صديقا نبيا [ 19 \ 41 ] ، معترضة بين البدل والمبدل منه على الإعراب المذكور ، والصديق صيغة مبالغة من الصدق ، لشدة صدق إبراهيم في معاملته مع ربه وصدق لهجته ، كما شهد الله له بصدق معاملته في قوله : وإبراهيم الذي وفى [ 53 \ 37 ] ، وقوله : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما [ 2 \ 124 ] .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]