عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-03-2022, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,777
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (102)
صـ 152 إلى صـ 158

لها، ليس فيها ما يحصل (1) بعضه من حكم الوهم الباطل، وبعضه من حكم العقل الصادق، وإنما يعلم أن الحكم من حكم الوهم الباطل إذا عرف بطلانه، فأما أن يدعي بطلانه بدعوى كونه من حكم الوهم، فهذا غير ممكن، [وبسط هذه الأمور له موضع آخر] (2) .
والمقصود هنا أن هذا المبتدع وأمثاله من نفاة ما أثبته الله ورسوله لنفسه من معاني الأسماء والصفات من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من المتفلسفة والرافضة [وغيرهم] (3) ، لا يعتمدون فيما يقولونه على دليل صحيح لا سمعي ولا عقلي.
أما السمعيات فليس معهم نص واحد يدل على قولهم [لا قطعا ولا ظاهرا] (4) ، ولكن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة على نقيض (5) قولهم، ودالة على ذلك أعظم من دلالتها على المعاد والملائكة وغير ذلك مما أخبر الله به رسوله، ولهذا سلط الله عليهم (6) الدهرية المنكرون للقيامة ولمعاد الأبدان، وقالوا: إذا جاز لكم أن تتأولوا ما ورد في الصفات، جاز لنا أن نتأول ما ورد في المعاد، وقد أجابوهم بأنا قد علمنا ذلك بالاضطرار من دين الرسول.

_________
(1) ن (فقط) : ما يحكم، وهو تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: بعض، وهو خطأ.
(6) أ، ب: ولهذا تسلط عليهم ; م: ولهذا سلط عليهم.
***********************

فقال لهم أهل الإثبات: وهكذا العلم بالصفات (1) في الجملة هو مما يعلم بالضرورة مجيء الرسول به، وذكره في الكتاب والسنة أعظم من ذكر الملائكة والمعاد، مع أن المشركين من العرب لم تكن تنازع فيه كما كانت تنازع في المعاد، مع أن التوراة مملوءة من ذلك، ولم ينكره الرسول على اليهود كما أنكر عليهم ما حرفوه وما وصفوا به الرب من النقائص كقولهم: {إن الله فقير ونحن أغنياء} [سورة آل عمران: 181] ، و {يد الله مغلولة} [سورة المائدة: 64]
[ونحو ذلك] (2) ، وذلك مما يدل على أن الله (3) أظهر في السمع والعقل من المعاد، فإذا كانت نصوص المعاد لا [يجوز] (4) تحريفها فهذا بطريق الأولى، وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر (5) .

والجواب الثاني: (6) أن يقال: هذا الدليل قد عرف ضعفه ; لأنه إذا كان هذا الحادث ليس بدائم، وهذا ليس بدائم باق، يجب أن يكون نوع الحوادث ليست بدائمة (7) باقية كما أنه إذا كان هذا الحادث ليس بباق، [وهذا الحادث ليس بباق] (8) ، يجب أن يكون نوع الحوادث ليس بباق.

_________
(1) ب: فيقال لهم: وهكذا الإثبات وكذا العلم بالصفات ; أ: مثل نسخة (ب) إلا أن فيها. فقال لهم. . . إلخ. وأما المثبت فهو عن (ن) ، (م) .
(2) ونحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: على أنه.
(4) يجوز: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: في موضعها.
(6) بدأ الجواب الأول على دليل الرافضة والمعتزلة ص 146.
(7) أ، ب: دائمة.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (أ) ، (ب) : وهذا ليس بباق.
****************************

بل هي باقية دائمة في المستقبل في الكتاب (1) والسنة وإجماع سلف الأمة وجمهورها (2) ، كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، والمراد دوام نوعه (3) ، لا دوام كل فرد فرد.
قال تعالى: {لهم فيها نعيم مقيم} [سورة التوبة: 21] ، والمقيم هو نوعه. وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] ، والمراد أن نوعه لا ينفد وإن كان كل جزء منه ينفد، أي: ينقضي وينصرم (4) .
وأيضا فإن ذلك يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب، وذلك ممتنع في صريح العقل. وهذا الدليل هو أصل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه ; لأنهم رأوه باطلا لا يقيم حقا ولا يهدم باطلا، [وقد تقدم الكلام على هذا في مسألة الحدوث] (5) .
وتمام كشف (6) ذلك أن نقول في: الوجه الخامس (7) : إن الناس عليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله، فيصدقوه فيما أخبر، ويطيعوه فيما أمر فهذا أصل السعادة وجماعها.

_________
(1) ن، م، أ: بالكتاب.
(2) ن، م: وإجماع الأئمة.
(3) ن، م: دوام وقوعه.
(4) أ، ب: ويتصرم.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) كشف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) الوجه الخامس: كذا في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويبدو أن ابن تيمية يصل كلامه هنا أول كلامه في الوجه الخامس من الوجوه التي رد بها على القسم السابق من كلام ابن المطهر (ص [0 - 9] 7 - 99) وأول الوجه الخامس في ص [0 - 9] 02 من هذا الجزء.
*****************************

والقرآن كله يقرر هذا الأصل قال تعالى: {الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ، فقد وصف سبحانه بالهدى والفلاح المؤمنين الموصوفين في هذه الآيات.
وقال تعالى لما أهبط آدم من الجنة: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] ، فقد أخبر أن من اتبع الهدى الذي أتانا منه، وهو ما جاءت به الرسل، فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكره، وهو الذكر الذي أنزله، وهو كتبه التي بعث بها رسله (1) ، بدليل أنه قال بعد ذلك: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} .
والذكر مصدر يضاف تارة (2) إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، كما يقال: دق الثوب، ودق القصار (3) ، ويقال (4) : أكل زيد، وأكل الطعام،

_________
(1) ن: التي بعثت به الرسل ; م: الذي بعث بها الرسل.
(2) أ، ب: تارة يضاف.
(3) قصر الثوب وقصره (بتضعيف الصاد) قصارة وقصرا حوره ودقه بالقصرة، وهي قطعة من الخشب، وفاعل ذلك القصار (انظر: اللسان) .
(4) ن: نقول ; م: ونقول.
*************************

ويقال: ذكر الله أي: ذكر العبد لله (1) ، ويقال: ذكر الله أي: ذكر الله الذي ذكره هو مثل ذكره عبده (2) ، ومثل القرآن الذي هو (3) ذكره.
وقد يضاف الذكر إضافة الأسماء المحضة، فقوله: {ذكري} إن أضيف إضافة المصادر كان (4) المعنى: الذكر الذي ذكرته، وهو كلامه الذي أنزله، وإن أضيف إضافة الأسماء المحضة، فذكره هو ما اختص به من الذكر، والقرآن مما (5) اختص به من الذكر.
قال تعالى: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} [سورة الأنبياء: 50) وقال: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، وقال: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} [سورة يس: 69] ، وقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [سورة النحل: 44] ، وقال فيما يذكره من (6) ضمان الهدى والفلاح لمن اتبع الكتاب والرسول: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 157] ، وقال: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [سورة إبراهيم: 1] ، ونظائره في القرآن كثيرة.
[الإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص]
وإذا كان كذلك، فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي الكمال من

_________
(1) أ، ب: ذكر العبد الله ; ن: أي ذكر الله، أي ذكر العبد لله.
(2) ن: ويقول ذكر الله مثل ذكر عبده ; م: ويقول ذكر الله أي ذكر الله الذي هو ذكره وهو مثل ذكر عبده.
(3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: المصدر فكأن.
(5) ن، م: ما.
(6) أ، ب: في.
**************************

إثبات أسمائه وصفاته على وجه التفصيل، والنفي على طريق الإجمال للنقص والتمثيل، فالرب تعالى (1) موصوف بصفات الكمال [التي لا غاية فوقها، منزه عن النقص بكل وجه ممتنع، وأن يكون له مثيل في شيء من صفات الكمال] (2) ، فأما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا وأما صفات الكمال فلا يماثله - بل ولا يقاربه - (3) فيها شيء من الأشياء.
والتنزيه يجمعه نوعان: نفي النقص، ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد} وغيرها [من القرآن] (4) ، مع دلالة العقل على ذلك، وإرشاد القرآن إلى ما يدل على ذلك من العقل، بل وقد أخبر الله أن في الآخرة من أنواع النعيم ما له شبه (5) في الدنيا، كأنواع المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغير ذلك، وقد قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء (6) ، فحقائق تلك

_________
(1) ن، م: والرب سبحانه.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ن، م: فلا تماثله بل ولا تقارنه.
(4) من القرآن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: ما ليس له شبه، وهو خطأ.
(6) أورد الطبري هذا الأثر لقول الله تعالى: (وأتوا به متشابها) [سورة البقرة: 25] وقد ذكره بإسنادين (ط. المعارف) 1/391 - 392. وحدثني أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي - ح - وحدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا مؤمل، قالا جميعا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء. وقال ابن بشار في حديثه عن المؤمل، قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. وأما الإسناد الثاني فهو: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء. ونقل ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، وقال: " رواه ابن جرير، من رواية الثوري، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به ". وقال السيوطي في " الدر المنثور " في تفسيره لتلك الآية " وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. ".
*****************************

أعظم من حقائق هذه بما (1) لا يعرف قدره، وكلاهما مخلوق، والنعيم [الذي] (2) لا يعرف جنسه قد أجمله الله [سبحانه وتعالى] (3) بقوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [سورة السجدة: 17] .
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[أنه] (4) قال: " «يقول الله تعالى: أعددت (5) لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (6) فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الاسم مع أن بينهما في الحقيقة

_________
(1) ن: مما ; م: لما.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: يقول الله إني أعددت.
(6) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه في: البخاري 4/118 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) ، 6/116 (كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة تنزيل السجدة) ، 9/144 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 4/2174 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، أول الكتاب من ثلاثة طرق) ; سنن الترمذي 5/26 (كتاب التفسير، باب تفسير سورة السجدة) ; سنن ابن ماجه 2/1447 (كتاب الزهد، باب صفة الجنة) ; سنن الترمذي 2/335 (كتاب الرقائق، باب ما أعد الله لعباده الصالحين) ; المسند (ط. المعارف) 17/46، 19/104.
*************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.26%)]