خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)
شرح الكلمات:
صدقة: مالاً يتقرب به إلى الله تعالى.
تطهرهم وتزكيهم بها: أي تطهرهم من ذنوبهم، وتزكيهم أنت أيها الرسول بها بدعائك لهم وثنائك عليهم.
وصل عليهم: أي ادع لهم بالخير.
إن صلاتك سكن لهم: أي دعاءك رحمة.
ويأخذ الصدقات: يتقبلها.
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)
مرجون لأمر الله: مؤخرون لحكم الله وقضائه.
عليم حكيم: أي بخلقه نيات وأموالاً وأعمالاً حكيم في قضائه وشرعه.
معنى الآيات:
لقد تقدم في الآية قبل هذه أن المتخلفين التائبين قالوا للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه أموالنا1 التي تخلفنا بسببها صدقة فخذها يا رسول الله فقال لهم إني لم أُؤْمر بذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية {خذ2 من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم، والله سميع عليم} فأمر تعالى رسوله أن يأخذ صدقة هؤلاء التائبين لأنها تطهرهم من ذنوبهم ومن أوضار الشُّح في نفوسهم وتزكيهم أيها الرسول بها بقبولك لها وصل عليهم أي ادع لهم بخير، إن صلاتك سكن3 لهم أي رحمة وطمأنينة في نفوسهم والله سميع لأقوالهم لمَّا قدموا صدقتهم وقالوا خذها يا رسول الله عليم بنياتهم وبواعث نفوسهم فهم تائبون توبة صدق وحق. وقوله تعالى {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده} الاستفهام للتقرير أي هم يعلمون ذلك قطعاً، ويأخذ الصدقات4 أي يقبلها، وأن الله هو التواب أي كثير قبول التوبة من التائبين الرحيم بعباده المؤمنين ثم أمر الله تعالى رسوله أن يقول لهم حاضاً لهم على العمل الصالح تطهيراً لهم وتزكية لنفوسهم {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} 5 فيشكر لكم ويثني به عليكم {وستردون إلى عالم الغيب والشهادة} وهو الله عز وجل {فينبئكم بما كنتم تعملون} ويجزيكم به الحسن بالحسن والسيء بمثله. وقوله تعالى {وآخرون مرجون لأمر الله. إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} هذا هو الصنف الثالث من أصناف المتخلفين فالأول هم المنافقون والثاني هم التائبون والثالث هو المقصود بهذه الآية وهم ثلاثة أنفار كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فهؤلاء لم يأتوا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليعتذروا إليه كما فعل التائبون المتصدقون بأموالهم منهم أبو لبابة حيث ربطوا أنفسهم في سواري المسجد فأمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمقاطعتهم6 حتى يحكم الله فيهم، وهو معنى قوله تعالى {مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم} فإن عذبهم أو تاب عليهم فذلك لعلمه وحكمته. وبقوا كذلك حتى ضاقت بهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم ثم تاب الله تعالى عليهم كما جاء ذلك بعد كذا آية من آخر هذه السورة {إن الله هو التواب الرحيم} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- الصدقة تكفر الذنوب ونطهر الأرواح من رذيلة الشح والبخل..
2- يستحب لمن يأخذ صدقة امرئ مسلم أن يدعو له بمثل: آجرك الله7 على ما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت.
3- ينبغي للتائب من الذنب الكبير أن يكثر بعده من الصالحات كالصدقات والصلوات ونحوها.
4- فضيلة الخوف والرجاء فالخوف يحمل على ترك المعاصي والرجاء يعمل على الإكثار من الصالحات.
__________
1 المال في فصيح اللغة: هو كل ما تموّل وتملك فهو مال. والمراد من قولهم هذه أموالنا يعنون ما لديهم من سائر أنواع المال. وأما في الزكوات فإنها خاصة بالعين المواشي والثمار والحبوب بشروطها التي هي النصاب والحول في العين والحصاد في الحبوب والتمر بلوغ خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً والصاع أربعة أمداد.
2 هذه الآية وإن نزلت في الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فإنها عامة في الأمة فعلى ولاة أمور المسلمين أن يجبوا الزكوات ويأخذوها من الأمة فريضة الله تعالى على المسلمين للقيام بمصالح المسلمين، والذين قدّموا أموالهم كلها أخذ منها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثلث، وردّ عليهم الباقي. فقال مالك من تصدق بجميع ماله يجزئه منه الثلث أخذاً من هذه الحادثة.
3 معناه أنه إذا دعا لهم سكنت قلوبهم وفرحوا، واختلف هل هذه الصلاة على المتصدق باقية أو انتهت بوفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحيح أنها باقية. فمن أخذ صدقة متصدق يصلي عليه اقتداء برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
4 أخرج مسلم: "لا يتصدق أحد بصدقة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فتربو في كفّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل".
5 روى أبو داود وأحمد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيراً استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا".
6 هؤلاء هم: كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع.
7 هو معنى: {وصلِّ عليهم} إذ الصلاة الدعاء لغة.