عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 15-03-2022, 02:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 341 الى صـ 345
الحلقة (67)

بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى:

[158] إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم

قوله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما الصفا والمروة علمان لجبلين بمكة، ومعنى كونهما من شعائر الله: من أعلام مناسكه ومتعبداته.

قال الرازي: كل شيء جعل علما من أعلام طاعة الله، فهو من شعائر الله. قال الله تعالى: والبدن جعلناها لكم من شعائر الله أي: علامة للقربة. وقال: ذلك ومن يعظم شعائر الله وشعائر الحج معالم نسكه، ومنه المشعر الحرام، ومنه إشعار السنام - وهو أن يعلم بالمدية، فيكون ذلك علما على إحرام صاحبها، وعلى أنه قد جعله هديا لبيت الله. و(الشعائر): جمع شعيرة وهي العلامة، مأخوذ من الإشعار الذي هو الإعلام، ومنه قولك: شعرت بكذا أي: علمت انتهى.

[ ص: 344 ] والحج: في اللغة: القصد. والاعتمار: الزيارة. غلبا في الشريعة على قصد البيت، وزيارته، على الوجهين المعروفين في النسك. والجناح: بالضم: الإثم والتضييق والمؤاخذة. وأصل الطواف: المشي حول الشيء. والمراد: السعي بينهما.

وقد روي في سبب نزول الآية عدة روايات:

ولفظ البخاري عن عروة قال: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فوالله! ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة! قالت: بئسما قلت يا ابن أختي! إن هذه لو كانت كما أولتها عليه، كانت: لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة. فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ قالوا: يا رسول الله! إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله: إن الصفا والمروة من شعائر الآية.

قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما.
فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.

ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس - إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة - كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول الله! كنا نطوف بالصفا والمروة، وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا. فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية.

[ ص: 345 ] قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام. من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت.

وفي رواية معمر عن الزهري: إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة. أخرجه البخاري تعليقا، ووصله أحمد وغيره.

وأخرج مسلم في رواية يونس عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا، هم وغسان، يهلون لمناة. فتحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سنة في آبائهم: من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة. وإنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين أسلموا. فأنزل الله عز وجل في ذلك: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم

وروى الفاكهي عن الزهري: أن عمرو بن لحي نصب مناة على ساحل البحر مما يلي قديد، فكانت الأزد وغسان يحجونها ويعظمونها، إذا طافوا بالبيت وأفاضوا من عرفات وفرغوا من منى أتوا مناة فأهلوا لها. فمن أهل لها لم يطف بين الصفا والمروة قال: وكانت مناة للأوس والخزرج والأزد من غسان، ومن دان دينهم من أهل يثرب.

وروى النسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارثة قال: كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما إساف ونائلة كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما... الحديث.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]