عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 14-03-2022, 09:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,778
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 421الى صــ 435
(28)
المجلد الاول
كتاب الصيام





الفصل الثالث: إذا فكر فأنزل, أو قطر في إحليله, أو احتلم, أو ذرعه القيء؛ فإنه لا يفسد صومه.
أما القيء والاحتلام: فمن غير خلاف.
وأما إذا فكر فأنزل: فقد تقدم أن فيها وجهين:
وإذا قطر في إحليله: لم يفطر بمجرد ذلك, وكذلك لا يفسد صومه لو أنزل بغير شهوة؛ كالذي يخرج منه المني أو المذي لغير شهوة.

* فصل:
وقال الأثرم: قضية المباشرة شبيهة بقضية القبلة, فالقبلة إذا خاف الصائم أن ينتشر؛ اجتنبها, وإذا أمن ذلك؛ فلا بأس بها, وذلك أن ينتشر فيمذي فيجرح صومه.
ولا يباشر الصائم النساء لشهوة. قاله ابن أبي موسى.
وهل هو محرم أم مكروه؟
ولفظه: ولا تقرب النساء بجماع ولا مباشرة في نهار الصوم ولا قبلة إذا كان شديداً شابّاً شبقاً يخاف على نفسه.
فأما مباشرتها لغير شهوة؛ مثل أن يمس يدها لمرض ونحوه؛ فلا يكره؛ كما لا يكره في الإِحرام والاعتكاف.
وقال ابن عقيل: المباشرات دون الفرج مثل القبلة واللمس والمعانقة والمصافحة لشهوة: إن كان من الشيخ الهرم الذي لا تحرك القبلة منه ساكناً؛ فلا إثم عليه ولا قضاء ولا كفارة, وإن كان شابّاً؛ كره له ذلك, وأثم بفعله.

فأما القبلة: فإن كانت تحرك شهوته بأن يكون شابّاً؛ كرهت له القبلة. قال بعض أصحابنا: كراهة تحريم. وكذلك ذكر ابن عقيل وأبو الحسين.
وقال بعضهم: إذا كان ذا شهوة مفرطة؛ بحيث يغلب على ظنه أنه ينزل معها؛ حرمت كما يحرم [عليه] الاستمناء, وإن لم ينزل معه, وإلا؛ كرهت ولم تحرم.
وإن كان ممن لا تحرك القبلة شهوته؛ فعلى روايتين:إحداهما: لا بأس بها.
قال في رواية أبي داوود: إذا كان لا يخاف؛ فإذا كان شابّاً؛ فلا.
وقال في رواية ابن منصور وقد سئل عن الصائم يقبل أو يباشر: أما المباشرة شديدة, والقبلة أهون.
والثانية: يكره مطلقاً.
قال في رواية حنبل: وقد سئل عن القبلة للصائم, فقال: لا يقبل, وينبغي له أن يحفظ صومه, والشاب [ينبغي له] أن يجتنب ذلك؛ لما يخاف من نقض صومه.
وهذه الكراهة كراهة تحريم فيما ذكره القاضي وابنه أبو الحسين.
لأن الله سبحانه قال: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ. . .} إلى قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
والمباشرة أن تلاقي البشرة للبشرة على وجه الاستمتاع, وهو أعم من الجماع.
وقد مُدَّ إباحة ذلك إلى تبين الفجر, يدل على ذلك أنه قال في الاعتكاف: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} , وعم ذلك المباشرة بالوطء والغمز والقبلة, وكذلك قوله في آية الحج: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ} , [والرفث الجماع ومقدماته].
وآية الصيام قد ذكر فيها الرفث [والمباشرة] , ولأن كل عبادة حرمت من الوطء؛ حرمت مقدماته؛ كالإِحرام والاعتكاف, ولأن المباشرة والقبلة من دواعي الجماع؛ فلا يؤمن أن يقترن بها إنزال مني أو مذي, أو أن تدعو إلى الازدياد والإِكثار, فيفضي إلى الجماع.
- فإن سلمة بن صخر رأى بياض ساق امرأته, فدعاه ذلك إلى جماعها.
ومن نصر هذه الرواية؛ قال: إن تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم كان من خصائصه.
494 - لما روت عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم, ويباشر وهو صائم, وكان أملككم لإِربه». متفق عليه.

وفي رواية لمسلم: «في شهر رمضان».
والرواية الأولى اختيار أبي موسى والقاضي وأصحابه.
495 - لما روي عن امسلمة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم». متفق عليه.
وعن عمرو بن أبي سلمة: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيقبل الصائم؟ فقال له: «سل هذه (لأم سلمة»). فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. فقال: يا رسول الله! قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما والله؛ إني لأتقاكم لله وأخشاكم له». رواه مسلم.
[وتكرار] النظر مكروه لمن تحرك شهوته بخلاف من لا تحرك شهوته.
وقيل: لا يكره بحال.
496 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له, وأتاه آخر فنهاه عنها؛ فإذا الذي رخص له شيخ, وإذا الذي نهاه شاب». رواه أبو داوود.
مسألة:
«ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً؛ أفطر».
هذه المسألة لها صورتان:
إحداهما: أن يأكل معتقداً بقاء الليل, فتبين له أنه أكل بعد طلوع الفجر.

والثانية: أن يأكل معتقداً غروب الشمس لتغيم السماء ونحو ذلك, فتبين أنه أكل قبل مغيبها, وفي كلا الموضعين يكون مفطراً, سواء في ذلك صوم رمضان وغيره, لكن إن كان في رمضان؛ لزمه أن يصوم بقية يومه [حتى لو جامع فيه لزمته الكفارة وعليه القضاء. هذا نصه في غير موضع ومذهبه]
وإن كان في قضاء رمضان؛ جاز له الخروج منه, والأفضل إتمامه وقضاؤه.
وإن كان في غير رمضان؛ لم يلزمه المضي فيه؛ سواء كان نفلاً أو نذراً معيناً أو صوم متتابع؛ كصوم كفارة الظهار والقتل, ولا ينقطع تتابعه بالأكل فيه بعد ذلك, هكذا ذكر. . . .
وذلك لأن الله تعالى يقول: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
وهذا أكل بعد أن تبين بياض النهار من سواد الليل أو لم يتم صيامه إلى الليل.

497 - لما روى علي بن حنظلة عن أبيه؛ قال: كنا مع عمر بن الخطاب في شهر رمضان, فلما غابت الشمس فيما يرون؛ أفطر بعض الناس, فقال رجل: يا أمير المؤمنين! هذه الشمس بادية. فقال: «أعاذنا الله من شرك, ما بعثناك راعياً للشمس». ثم قال: «من أفطر منكم؛ فليصم يوماً مكانه».
498 - وعن بشر بن قيس؛ قال: «كنا عند عمر بن الخطاب في عيشة رمضان, وكان يوم غيم, فجاءنا سويق, فشرب, وقال لي: أتشرب؟ فشربت, فأبصرنا بعد ذلك الشمس, فقال عمر: لا والله؛ ما نبالي أن نقضي يوماً مكانه».
499 - وعن زيد بن أسلم, عن أخيه, عن أبيه: «أن عمر بن الخطاب أفطر, فقالوا له: طلعت الشمس. فقال: خطب يسير, قد كنا جاهلين». رواهن سعيد.
ورواه مالك, عن زيد بن أسلم, عن أبيه: «أن عمر أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم, رأى أن قد أمسى وغابت الشمس, فجاءه رجل, فقال: يا أمير المؤمنين! قد طلعت الشمس. فقال عمر بن الخطاب: الخطب يسير, وقد اجتهدنا».
قال مالك: يريد بذلك القضاء, ويسير مؤنته وخفته فيما نرى. والله أعلم.
قال أحمد في رواية الأثرم: إذا تسحر وظن الفجر لم يطلع فشرب, ثم علم أنه طلع؛ يقضي يوماً مكانه, ومن أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت. يذهب إلى القضاء؛ على حديث زيد بن أسلم عن أخيه عن أبيه عن عمر بن الخطاب؛ قال: قضاء يوم يسير.
يقول: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} , فيقضي إذا أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت.
500 - وعن مكحول: أن أبا سعيد الخدري سئل عن رجل تسحر وهو يرى أن عليه ليلاً, وقد طلع الفجر؟ فقال: «إن كان في شهر رمضان؛ صام يومه ذلك وعليه قضاء يوم مكانه, وإن كان من غير شهر رمضان؛ فليأكل من آخره؛ فقد أكل من أوله».

501 - وعن يحيى الجزار؛ قال: سئل ابن مسعود عن الرجل يتسحر وهو يرى [أنه ليل] , وقد طلع الفجر؟ قال: «من أكل من أول النهار؛ فليأكل من آخره». رواهن سعيد.
فقد اتفقت الصحابة رضي الله عنهم على إيجاب القضاء مع الجهل؛ لأنه أفطر في جزء من رمضان يعتقده وقت فطر, فلزمه القضاء؛ كما لو أفطر يوم ثلاثين من شعبان, فتبين أنه من رمضان.
والفرق بين هذا وبين الناسي: أنه قد كان يمكنه الاحتراز؛ لأنه أكل باجتهاده, فتبين خطأ اجتهاده؛ بخلاف الناسي؛ فإنه لا يمكنه الاحتراز.
مسألة:
وإن أكل شاكّاً في طلوع الفجر؛ لم يفسد صومه, وإن أكل شاكّاً في غروب الشمس؛ فسد صومه.
هذا منصوص أحمد وأصحابه.
قال حرب: قيل لأحمد: رجل يتسحر وقد طلع الفجر؟ قال: إذا استيقن بطلوع الفجر؛ أعاد الصيام, وإن شك؛ فليس عليه شيء أرجو.

إلا أن القاضي ذكر في بعض المواضع: أنه لو أكل يظن أن الفجر لم يطلع؛ كان عليه القضاء, وإن كان الأصل بقاء الليل؛ احتياطاً؛ كما لو أكل وظن أن الشمس غربت.
وكذلك ذكر ابن عقيل في بعض المواضع: من خاف طلوع الفجر؛ يجب عليه أن يمسك جزءاً من الليل؛ ليتحقق له صوم جميع [النهار] , وقاس عليه يوم [الإِغمام].
وذكر ابن عقيل في موضع آخر: أنه إذا أكل ثم شك هل طلع الفجر أو غربت الشمس؟ ولم يبين له يقين الخطأ؛ فلا قضاء عليه؛ لأنه لم يتيقن وجود سبب القضاء.
والمذهب الذي ذكراه في سائر المواضع وذكره عامة الأصحاب كالمنصوص؛ لأن الأصل بقاء النهار؛ فإذا أكل قبل أن يعلم الغروب؛ فقد أكل في الوقت الذي يحكم بأنه نهار, وإذا أكل قبل أن يتبين الفجر؛ فقد أكل في الوقت الذي يحكم بأنه ليل, ولأن الله سبحانه قال: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}؛ فمن أكل وهو شاك؛ فقد أكل قبل أن يتبين له الخيط الأبيض.
ولأن الأكل مع الشك في طلوع الفجر جائز, والأكل مع الشك في الغروب غير جائز؛ كما سيأتي إن شاء الله تعالى, وإذا فعل الجائز؛ لم يفطر؛إلا أن يتبين له الخطأ.
وإن غلب على ظنه طلوع الفجر:
فقال بعض أصحابنا: هو كما استيقنه؛ لأن غلبة الظن في مواقيت العبادات تجري مجرى اليقين.
وظاهر قول أحمد وابن أبي موسى: أنه ما لم يتيقن طلوعه؛ فصومه تام.
وإن غلب على ظنه غروب الشمس؛ جاز له الفطر.
وقياس قول القاضي في الصلاة. . . .

* فصل:
[الوقت] الذي يجب صيامه من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب قرص الشمس؛ لقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
502 - وعن سهل بن سعد؛ قال: «أنزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} , ولم ينزل: مِنَ الْفَجْرِ} , فكان رجال إذا أرادوا الصوم؛ ربط أحدهم في رجليه الأبيض والخيط الأسود, ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما, فأنزل الله بعد {مِنَ الْفَجْرِ} , فعلموا إنما يعني الليل والنهار» أخرجاه.
503 - وعن عدي بن حاتم؛ قال: لما نزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}؛ عمدت إلى عقالين؛ عقال أبيض وعقال أسود, فوضعتهما تحت وسادتي, فجعلت أقوم الليل فلا يتبين لي, فلما أصبحت؛ ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, فقال: «إن وسادك لعريض, إنما هو بياض النهار من سواد الليل». رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
504 - وعن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا, حتى يستطير هكذا». قال: يعني: معترضاً. رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
ولفظ أحمد وأبي داوود والترمذي: «لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال, ولا الفجر المستطيل, ولكن الفجر المستطير في الأفق».
وفي لفظ لأحمد: «لا يغرنكم نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر (أو: يطلع) الفجر».
505 - وعن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن (أو قال: ينادي) بليل؛ ليرجع قائمكم, ويوقظ نائمكم, وليس الفجر أن يقول هكذا, ولكن يقول هكذا (يعني: الفجر هو المعترض وليس بالمستطيل»). رواه الجماعة إلا الترمذي.
وفي رواية صحيحة: «ليس أن يقول هكذا (وضم يده ورفعها) , ولكن يقول هكذا (وفرق بين السباتين»).
506 - وعن ابن أبي ذئب, عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هما فجران؛ فأما الفجر الذي كأنه ذنب السرحان؛ فإنه لا يحل شيئاً ولا يحرمه, وأما المستطير الذي يأخذ الأفق؛ فبه تحل الصلاة ويحرم الصيام». رواه أبو داوود في «مراسيله».
507 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أقبل الليل, وأدبر النهار, (وفي لفظ: وغابت الشمس)؛ أفطر الصائم».

508 - وعن عبد الله بن أبي أوفى؛ قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في شهر رمضان, فلما غابت الشمس؛ قال: «يا بلال! انزل فاجدح لنا». فقال: يا رسول الله! إن عليك نهاراً. قال: «انزل فاجدح». فنزل, فجدح, فأتاه به, فشرب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا؛ فقد أفطر الصائم (وأشار بأصبعه قبل المشرق»). رواه الجماعة إلا ابن ماجه والترمذي.
[وفي رواية ابن عيينة عن الشيباني عن ابن أبي أوفى؛ قال: «انزل فاجدح لي». قال: الشمس يا رسول الله! قال: «انزل فاجدح». فجدح له فشرب. قال: فلو نزا أحد على بعيره لرآها (يعني: الشمس) , ثم أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده قبل المشرق, فقال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا؛ فقد أفطر الصائم»].
* فصل:
والسنة تعجيل الفطور لقوله تعالى: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
509 - وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا غربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم».
510 - «وأمر بلالاً لما غربت الشمس أن ينزل فيجدح لهم السويق».

511 - وعن سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر». رواه الجماعة إلا أبا داوود والنسائي.
512 - وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: إن أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً». رواه أحمد واحتج به, وللترمذي حسن غريب.
513 - وعن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون». رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه, ولفظه: «لا يزال الناس بخير».
514 - وعن سعيد بن المسيب؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا إفطارهم, ولم يؤخروا تأخير أهل المشرق». رواه مالك وسعيد.
515 - وعن مكحول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من فقه الرجل تعجيل فطره وتأخير سحوره؛ فإن الله جاعل لكم من سحوركم بركة». رواهما سعيد.

516 - وعن أبي عطية الهمداني؛ قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رحمها الله, فقلنا: يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب محمد, كلاهما لا يألوا عن الخير, أحدهما يعجل الإِفطار ويعجل الصلاة؟ قال: قلنا: عبد الله. قالت: كذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: «يعجل المغرب والإِفطار, والآخر يؤخر المغرب والإِفطار». وفي رواية: «والآخر أبو موسى». رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه, وقال الترمذي: حسن صحيح.
517 - وعن مورق العجلي, عن أبي الدرداء؛ قال: «ثلاث من أخلاق الأنبياء: التبكير بالإِفطار, والإِبلاغ في السحور, ووضع اليمين على الشمال في الصلاة». رواه سعيد.
ويستحب التعجيل إذا غاب القرص مع بقاء تلك الحمرة الشديدة, ويستدل على مغيبها باسوداد ناحية المشرق.
وإذا تيقن أو غلب على ظنه مغيبها؛ جاز له الفطر, وليس عليه أن يبحث بعد ذلك. قاله أصحابنا.

فأما مع الشك؛ فلا يجوز له الفطر, والاختيار أن لا يفطر حتى يتيقن الغروب.
ويتخرج على قول القاضي في مواقيت الصلاة أن لا يفطر حتى يتيقن الغروب إذا لم يحل بينه وبين الشمس حائل؛ لأنهم أفطروا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس, وكذلك على عهد عمر.

518 - وعن ابن عباس؛ قال: «إذا تسحرت, فقلت: إني أرى ذاك الصبح؛ فكل واشرب, وإن قلت: إني أظن ذاك الصبح؛ فكل واشرب, وإذا تبين لك؛ فدع الطعام, وأما الإِفطار؛ فلا تنظر إلى الشمس؛ فإن الشمس يواريها الجبال والسحاب, ولكن انظر إلى الأفق الذي يأتي منه الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم؛ فإذا رأيت الليل؛ فافطر». رواه سعيد.

519 - وعن قيس بن أبي حازم؛ قال: أتى عمر بن الخطاب بشراب عند الإِفطار, فقال لرجل عنده: «اشرب لعلك من المسوفين؛ سوف سوف».
520 - وعن سعيد؛ قال: قال عمر: «عجلوا الفطر, ولا تنطعوا تنطع أهل العراق».
521 - وعن [أيمن] المكي: أنه نزل على أبي سعيد الخدري, فرآه يفطر قبل مغيب القرص. رواهن سعيد.
وهذا محمول على القرص الأحمر لا على نفس قرص الشمس.
522 - وعن مجاهد؛ قال: كنت آتي ابن عمر بشراب للفطر, وكنت أخفيه من الناس لتعجيل الإِفطار. وفي رواية: كان يدعو بالشراب وهو صائم, فآخذ في نفسي من سرعة ما يشرب.
523 - وعن رجل: «أن ابن عمر كان يدعو بالشراب وهو صائم, فيغمزه ابنه أن لا تعجل حتى يؤذن المؤذن, ففطن له ابن عمر, فقال: ويلك! أترى هذا أفقه في دين الله مني». رواهن سعيد.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]