عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11-03-2022, 10:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شبه القبوريِّين والردّ عليها

شبه القبوريين والرد عليها 8- 8)

فيصل بن قزار الجاسم

شبه القبوريين أنواع:



منها: ما هو قصص وحكايات، لا يعجز عن مثلها كل مُبطل.

ومنها: أحاديث موضوعة على النبي [.

ومنها: أحاديث ضعيفة لا يصح الاحتجاج بها، وغالبها يخالف نصوصا من الكتاب أو السُّنَّة أو الإجماع.

ومنها: أحاديث صحيحة - وهي قليلة - إلَّا أنها لا تدل على باطلهم، بل تدل على خلافه، مثلها مثل ما يستدلون به من آيات ويفسرونها بما تهواه أنفسهم من غير سلف من الصحابة والتابعين.

ومنها: ما هو قول عالم متأخر لا يعد قوله حجة في دين الله لو سلم من المعارضة، فكيف إذا خالف الكتاب والسُّنَّة وما أجمعت عليه الأمة؟! ومعلوم أن أقوال العلماء وإن عظموا يُحتجّ لها، ولا يُحتجّ بها، فكل يؤخذ من قوله ويُرد.

الشبهة السابعة عشرة

استدلوا على جواز التوسل بذات النبي [ والسؤال به، مثل أن يقول: أسألك بحق محمد، أو: بجاه محمد، ونحو ذلك، بأحاديث رويت في ذلك، وهي كالتالي:

1. ما روي عن عمر ] قال: قال رسول الله[: «لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب، أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب؛ لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك، رفعتُ رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحبُّ الخلق إليَّ، ادعني بحقّه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك».

ورواه ابن أبي الدنيا في (الإشراف) عن ابن مسعود ].

2. ما روي عن ابن عباس ] قال: «كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هُزمت يهود، فعاذت اليهود بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه ... - إلى أن قال - : فهزموا غطفان».

3. ما رواه الآجري في (الشريعة) بإسناده عن أبي الزناد قال: «من الكلمات التي تاب الله بها على آدم عليه السلام قال: اللهم إني أسألك بحق محمد».

4. ما رواه الخطيب في (الجامع)» عن ابن مسعود ] عن النبي [ في دعاء حفظ القرآن، وفيه: «أسألك بحق محمد نبيك ورسولك».

5. ما رواه الطبراني في (الدعاء) عن ابن عباس ] عن النبي [ في دعاء حفظ القرآن، وفيه: «أسألك بحق محمد نبيك ورسولك». والجواب عن هذا من وجوه:

أولا: أنها أحاديث واهية ساقطة، لا تصلح للاعتضاد والاعتبار، فضلا عن الاحتجاج، بل لا يحل روايتها إلا على سبيل بيان ضعفها ونكارنها.

وتفصيل القول فيها هو ما يلي:

1. أما الحديث الأول - وهو حديث آدم عليه السلام - فبيان بطلانه من وجوه:

الأول: أن مداره على أبي الحارث عبدالله ابن مسلم، رواه عن إسماعيل بن مسلمة، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر ] به. وأبوالحارث ساقط الرواية؛ قال عنه الذهبي في (الميزان): «روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم خبرا باطلا، فيه: «يا آدم لولا محمد ما خلقتك».

وقال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» بعد أن ذكر كلام الذهبي: «قلت: لا أستبعد أن يكون هو عبدالله بن مسلم بن رشيد، فإنه من طبقته»، وعبدالله بن مسلم بن رشيد متهم بالوضع، ذكره ابن حبان.

كما أن في الحديث عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وهو معروف بالضعف، قال أحمد: «ضعيف»، وقال ابن معين: «ليس حديثه بشيء»، وضعفه علي بن المديني جدا، وقال أبوداود: «أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف، وأمثلهم عبدالله»، وضعفه غيرهم أيضا، ذكر ذلك ابن حجر في «التهذيب».

فالحديث واه جدا إن لم يكن موضوعا.

وأما ما رواه ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود] فإسناده مظلم؛ لأن رواته مجاهيل ومبهمون، فقد رواه عن محمد بن المغيرة المازني، عن أبيه، عن رجل من أهل الكوفة، عن عبدالرحمن بن عبدربه المازني، عن شيخ من أهل البصرة، عن ابن مسعود به.

الثاني: أنه منكر المتن،؛ إذ إن فيه قول الله لآدم: «لولا محمد ما خلقتك».، وهذا يناقض ما ذكره الله في كتابه من أنه خلق الخلق لعبادته؛ حيث قال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: 5).

الثالث: مما يبين كذب هذا أن الله عز وجل قال: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} (البقرة: 37)، فأخبر أنه تاب عليه بالكلمات التي تلقاها منه، وقد ذكرها الله عز وجل في قوله: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (الأعراف: 23)، فأخبر أنه أمرهم بالهبوط عقب هذه الكلمات، وأخبر أنه تاب عليه عقب الكلمات، وأمره بالهبوط عقب الكلمات التي تلقاها منه، وهي قولهما: {ربنا ظلمنا أنفسنا}، ومن ذكر أن الكلمات التي تلقاها من ربه غير هذه الكلمات لم يكن معه حجة في خلاف ظاهر القرآن.

الرابع: لو كان آدم عليه السلام قد قال هذا فغفر له، لكانت أمة محمد أحق به منه، بل كل الأنبياء من ذريته أحق به، ومن له علم بالآثار علم يقينا أن النبي [ لم يأمر أمته به، ولا نُقل عن أحد من الصحابة الأخيار، ولا نقله أحد من الأئمة الأبرار الذين تذكر أقوالهم في الخلاف والإجماع؛ فعلم بذلك أنه من الأكاذيب التي يختلقها أهل الكذب والوضع.

2. وأما حديث سؤال اليهود الله بحق محمد: فمداره على عبدالملك بن هارون بن عنترة، رواه عن أبيه، عن جده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ] به، وعبدالملك بن هارون كذاب وضاع، كذبه يحيى بن معين وابن حبان، وقال أبوحاتم: «متروك ذاهب الحديث»، ذكر ذلك الذهبي في (الميزان).

فالحديث كذب بلا ريب.

ومما يزيد هذا وضوحا تفرده به عن ابن عباس ]، ولا يُعرف عنه البتة عن طريق أصحابه بإسناد صحيح ولا حسن، بل ولا ضعيف.

3. أما ما رواه الآجري عن أبي الزناد:

فهو من طريق أبي مروان العثماني، عن أبيه، عثمان بن خالد، عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه من قوله، ففيه عثمان بن خالد العثماني، قال البخاري: «ضعيف عنده مناكير»، وقال أبوحاتم: «منكر الحديث»، وقال ابن حبان: «لا يحل الاحتجاج بخبره»، ذكر ذلك الذهبي في (الميزان). وفيه أيضا عبدالرحمن بن أبي الزناد، وهو إلى الضعف أقرب، قال أبوحاتم: «لا يحتج به».

ثم إن الحديث من قول أبي الزناد، فهو مرسل معضل؛ لأن أبا الزناد لم يدرك أحدا من الصحابة، فمراسيله معضلات والحديث المعضل ضعيف جدا.

4. وأما ما رواه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي»: فقد رواه من طريق محمد بن خلف بن عبدالسلام، عن موسى بن إبراهيم المروزي، عن وكيع، عن عبيدة، عن شقيق، عن ابن مسعود به.


وموسى بن إبراهيم المروزي قال الذهبي عنه في (الميزان): «كذبه يحيى القطان، وقال الدارقطني وغيره: متروك. ومن بلاياه...» - ثم ذكر هذا الحديث في دعاء حفظ القرآن.

5. وأما ما رواه الطبراني في الدعاء:

فقد رواه من طريق أبي محمد موسى بن عبدالرحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به.

وموسى بن عبدالرحمن الصنعاني قال عنه ابن حبان: «دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتابا في التفسير».

فتبين بهذا أن ما استدلوا به من أحاديث إنما هي موضوعات وبواطيل.

الثاني: أن هذا التوسل لو كان مشروعا مستحبا، لأمر به النبي [، ولعمل به الصحابة ونقلوه مع شدة حبهم واقتدائهم بالنبي [ وتعظيمهم له.

الثالث: أن الثابت عن الأئمة النهي عن مثل هذا.

فقد صح عن أبي حنيفة وأبي يوسف النهي عن قول الداعي: «أسألك بحق رسلك وأنبيائك»؛ لأنه لا حق للمخلوق على الخالق، نقله عنهما صاحب «بدائع الصنائع» وابن الهمام في «فتح القدير» وغيرهما.


ولم يثبت عن أحد من السلف والأئمة بسند ثابت خلاف هذا القول والحكم.
وأما ما يذكره المتأخرون من أصحاب الأئمة فلا يصح أن يُنسب إلى الأئمة؛ لأنهم لم ينصوا عليه، وإنما هو قول قاله بعض فقهاء المذاهب المتأخرين، وهو قول لا يتابعون عليه إذ لم يكن لهم سلف، وقد قال الإمام أحمد: «يا أبا الحسن، إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام». وهذا يقوله لأصحابه في ذلك الزمن، فكيف بالمتأخرين؟!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]