عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-03-2022, 02:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,006
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا ندرس الفتنة الكبرى؟

لماذا ندرس الفتنة الكبرى؟
موقع قصة الإسلام


تقول المؤلفة أيضًا:

إن عليًا - رضي الله عنه - كان من الذين طعنوا في السيدة عائشة في حادث الإفك، فكرهته عائشة وحملتها له.
وتذكر الكاتبة أن عليًا وفاطمة قد أظهرا الشماتة في السيدة عائشة في حادث الإفك، ولما ظهرت برآتاها كلّمتهما في ذلك.
أيضًا تقول:
إن السيدة عائشة - رضي الله عنها - حاربت عليًا -رضي الله عنه-؛ لأنه أخذ الخلافة بعد عثمان - رضي الله عنه -، وكانت تريدها لطلحة بن عبيد الله؛ لأنه من قومها.
وهكذا نرى المجتمع المسلم في ذلك الوقت في نظر الكاتبة أكثر انحطاطًا من مجتمع المسلمين اليوم.
ومراجع الكاتبة ومصادرها شيعية، ولا أدرى ما إذا كانت تعرف ذلك أم لا، فإن كانت لا تعرف، فتلك مصيبة، وإن كانت تعرف فالمصيبة أعظم.
وتذكر الكاتبة أنه بعد كل هذا الحقد الدفين بين السيدة عائشة، وسيدنا علي قامت بينهما معركة الجمل، وضاعت كل هذه الدماء الطاهرة بسبب الكارهية، وهذا الحقد الدفين كما تزعم الكاتبة.
وكانت السيدة عائشة في زعم الكاتبة الباطل تنقِم على عثمان بن عفان، ومن ثَم ألّبت الناس عليه، ولما همّ عبد الله بن عباس أن يبقى في المدينة؛ ليدافع عن عثمان رضي الله عنه- وكان أميرًا للحج في هذا العام- قالت له:
يا عبد الله، لا تبق في هذه المدينة، ولا ترد الناس عن هذا الطاغية.
هكذا روج هؤلاء المستغربين لأفكار باطلة كاذبة؛ ليطعنوا الأمة في أعز ما لديها صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
من هم الصحابة؟
نحب أن نشير أيضًا إلى معنى الصحابة، حتى نكون على علمٍ بقدر من نتحدث عنه.
الصحابي هو: كل من آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورآه أو اجتمع به في حياته، ومات على الإيمان، فيدخل فيهم من ارتد، ثم رجع إلى الإسلام كالأشعث بن قيس.
وعدد الصحابة في أصح الأقوال مائة وأربعة عشر ألفًا.
أما التابعي: فهو من آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتقى بصحابي وتعلم منه، وهم درجات فمنهم الدرجة العليا كسعيد بن المسيب، فإن معظم رواياته عن الصحابة، والطبقة الوسطى من التابعين مثل: عكرمة، وقتادة، وعمر بن العزيز، والحسن البصري وغيرهم، والطبقة الصغرى، وهم من أخذوا أحاديث قليلة من الصحابة، ويوجد من يُسمّى بالمخضرم، وهو من آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته ولم يره كالنجاشي.
ويُجمع علماء الجرح والتعديل أن كل الصحابة عدول فكل ما قالوه حق، ربما يكون خطأً، لكنه ليس فيه كذب، ولا خيانة، ولا تدليس، وقال العلماء: لا تضر الجهالة مع صحابي.
أي أنك إذا علمت أن فلانًا من الصحابة، ولا تعرف عنه أي شيء إلا يقينك بصحبته، وقال جملة ما، فما قاله صحيح لا كذب فيه، فهذا هو تعاملنا مع صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن ثًمّ فلا يجوز على الإطلاق الطعن في أحد من الصحابة، وإذا فعل أحد من الصحابة فعلًا، ويحتمل هذا الفعل نيّتين، فيُحمل الأمر على الأحسن، وحسن الظن مطلوب في حق كل المسلمين، وفي حق الصحابة أَوْلى.
وإذا تبيّن خطأ أيٍّ من الصحابة نقول: اجتهد فأخطأ فله أجر.
وقد كثر الطعن في كثير من الصحابة كما نعرف كمعاوية - رضي الله عنه -، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول عنه: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَ هَادِيًا مَهْدِيًّا)).
وكثيرٌ ممن يطعن في معاوية - رضي الله عنه - إذا ظل يعمل طوال حياته فلن يفعل ما فعله معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - من الخير في سَنَة واحدة، وقد هدى الله على يديه الأمم الكثيرة.
ولا يدفعنا كرهنا لعقائد الشيعة، ووضعهم الأحاديث أن نقلل من قدر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أو من قدر الحسين، أو من قدر السيدة فاطمة، أو من قدر أحد من أهل البيت - رضي الله عنهم -، فإن لهم في الإسلام مكانة عظيمة، ولكن لا إفراط ولا تفريط.
مراجع موثوق فيها:
هناك مجموعة من المراجع الموثوق فيها التي تحدثت عن أحداث الفتنة، وهي:
- العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي، وهو من أفضل الكتب على الإطلاق التي كُتبت للرد على من طعن في الصحابة - رضي الله عنهم -، وهو غير كتاب العواصم والقواصم.
والقاضي أبو بكر بن العربي ولد بأشبيلية بالأندلس في أواخر القرن الخامس الهجري، وحفظ القرآن وعمره خمس سنوات، وحفظ القراءات العشر، وعمره ستة عشر سنة، ثم أخذ يسيح في الأرض طالبًا العلم، فرحل إلى الجزائر، ومصر، والحجاز، والشام، وفلسطين، وغيرها من البلدان، وقد التقى خلال رحلاته بالكثير من العلماء المشهورين، وتعلّم منهم، ورجع ليؤلّف، وقام بعمل أكثر من خمسة وثلاثين مؤلفًا، ومن مؤلفاته كتاب: (أنوار الفجر في تفسير القرآن)، وعدد صفحاته مائة وستين ألف صفحة، وكانت تحمله الجمال، وقد كتبه في أواخر القرن الخامس الهجري، وحفظ في أكثر من مكان حتى انتهى به الأمر في القرن الثامن الهجري عند ملك مراكش وفُقد هذا الكتاب، وكان ابن العربي قد كتبه في عشرين سنة، ومن أروع مؤلفاته هذا الكتاب: (العواصم من القواصم)، وقد علّق عليه علامة من العصر محب الدين الخطيب، وأضاف عليه الكثير والكثير مما يسعد المرء أن يقرأه.
- كتاب (منهاج السنة النبوية) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وحق له أن يُلقّب بشيخ الإسلام، وسيف السنة المسلول على المبتدعين، وهذا الكتاب لا غنى عنه لمن يبحث في عقائد الشيعة، والقدرية، ومن يبحث في أحداث الفتنة، ويقع في أربعة أجزاء، ويستخدم المنطق، والعقل في الرد، والدفاع عن الصحابة - رضي الله عنهم -.
- كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير، وهو من أوثق الكتب وأفضلها، وينبغي لكل مسلم أن يجعله عنده، ولا بدّ من الأخذ في الاعتبار أن ابن كثير في بعض الأحيان كان ينقل عن الواقدي، فهذه الروايات تسقط، ولكن ابن كثير كان يذكر الروايات الأخرى الموثوقة، وقد نقل ابن كثير عن شيخه الطبري الكثير.
- كتاب (الشيعة والتشيع) لإحسان إلهي ظهير، وهو من أفضل من كتبَ عن الشيعة وفضحَ مخططاتهم، وقد اغتيل حديثًا في ظروف غامضة، وكتابه هذا من أفضل ما كتُب حول الشيعة والتشيع.
- كتاب (تاريخ الخلفاء) للسيوطي، يذكر قصة كل خليفة، وإن كان لم يتورع بشدة في رواية أحداث الفتنة. وقد توفي السيوطي سنة 911 هـ.
- كتاب (حماة الإسلام) لمصطفى نجيب، وهو من الكتب القيّمة الصغيرة، ومعظم ما ورد فيه موثوق، وتعليقات المؤلف على ما ورد تعليقات جيدة وفي محلها.
- وكتب استشهاد الحسين لابن كثير.
- رأس الحسين لابن تيمية.
- العقائد الشيعية لناصر الدين شاة.
- حقيقة الخلاف بين علماء الشيعة وجمهور علماء المسلمين لسعيد إسماعيل.
- الأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثنى عشرية لمحب الدين الخطيب؛ العلّامة الذي قضى جزءًا كبيرًا من حياته في دراسة وتفنيد أصحاب دعاوى التقريب بين علماء الشيعة، وعلماء السنة، ويقول أنه لا تقريب، إن هذا شيئًا مختلفًا بالكلية عن دين الإسلام، وكما سيأتي في دراسة عقائد الشيعة الموجودة في كتبهم.
فهذه هي العقائد التي ينبغي أن نفهمها، ونحفظها جيدًا، ونحن بصدد دراسة هذا الموضوع الخطير؛ أحداث الفتنة، وعندما نقرأ في أي كتاب من الكتب لا نسلم رقابنا لأي كاتب.
لأنهم يريدون أن يفهّموا الناس أن الدولة الإسلامية ما قامت إلا في عهد أبي بكر وعمر فقط، بعد ذلك لا يمكن للإسلام أن يقيم دولة، فما دام الإسلام قد جاء وحكم فستكون الدماء، والأشلاء، والضحايا، فلا داعي إذن لإقامة دولة الإسلام، وإلا كان مصيرنا كمصيرهم، فإذا كان الصحابة -رضوان الله عليهم- وهم من أخذوا من الرسول مباشرة، قد فعلوا هذه الأفاعيل- في زعمهم- فماذا سيفعل غيرهم، فهذا هو الهدف الرئيسي الذي من أجله ينشرون هذه الروايات، وهذه الأكاذيب.
ومن ثَم فعليك عندما تقرأ في هذه الأحداث أن تتأكد من المراجع والمصادر التي تذكر الحدث، وتعرف مدى الصحة والضعف.
ذو النورين عثمان بن عفان -رضي الله عنه-
مقدمة:
كنا قد ذكرنا قبل ذلك أن هدفنا الأول من دراسة هذه الأحداث هو الدفاع عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، وكفى بذلك شرفًا، وذكرنا قول جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أحد صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول فيه:
((إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذٍ ككاتم ما أُنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
ذكرنا أيضًا علّة هذا القول، وأن هؤلاء الصحابة هم الذين نقلوا لنا القرآن، والسُّنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا طُعن فيهم بكفر، أو فسق، أو كذب، أو خيانة، وسكت من عنده علم، فإن معنى ذلك أن كلّ ما في أيدينا مما نُقل عنهم ليس بثقة، ولا يُؤخذ به، وفي هذا الأمر هدمٌ للدين، وكتمان لما أُنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
ومما ينبغي أن نؤكد عليه في هذا الصدد عدالة الصحابة جميعًا -أي أنهم جميعًا أهل ثقة وأمانة ولا يقبل بحال اتهامهم-، وإن أخطأ أحدهم في الرأي نقول: اجتهد فأخطأ فله أجر، ورواياتهم التي تثبت صحتها؛ مقبولة تمامًا.
يقول الله - تعالى -مخاطبًا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمته: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران: 110].
ويقول - عز وجل -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: 143].
ويقول - تعالى -: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18].
وكثير من أصحاب البيعة الذين - رضي الله عنهم - يُطَعن فيهم، ويوصمون ليس فقط بالفسق، ولكن بالكفر، ونعوذ بالله من ذلك، وقال الله - عز وجل -: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ) [التوبة: 100].
ويقول أيضا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 64].
ويقول - تعالى -: (لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8].
ويقول - عز وجل -: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَللهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد: 10].
وروى عبد الله بن مسعود عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينّ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ أَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ، وَيَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا)). رواه أبو هريرة وعمران بن حصين وورد في البخاري ومسلم.
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ)). رواه البخاري ومسلم.
أما علماء الشيعة فيقولون: إن خلفاء المسلمين الثلاثة الأُول، قد خانوا عهدهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
كما قال مهدي العسكري في كتابه، وقد نشرت وزارة الإرشاد الإسلامي بجمهورية إيران كتيباً جديداً يصنف فيه جيل الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - جميعا إلى ثلاث مجموعات كالآتي:
المجموعة الأولى:
هم الذين رضي الله عنهم- وهم في الحقيقة الذين رضي عنهم علماء الشيعة- وهم لا يتجاوزون أصابع اليدين، وهم:
علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، والمقداد بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي.
المجموعة الثانية:
وصفها الكتاب بأنها أسوأ العناصر، وأنها انتحرت تحت أقدام الطغاة، ومن هؤلاء عبد الله بن عمر بن الخطاب.
المجموعة الثالثة:
وصفها بأنها باعت شرفها، وباعت كل حديث بدينار، وتضم في رأيهم- عياذاً بالله من هذا الرأي- أبا هريرة، وأبا موسى الشعري وغيرهم.
وأبو هريرة كما نعرف مِن أكثر مَن روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان قد اشترى دينه ببعض الدراهم كما يدعون، فيكون كل ما رواه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في زعمهم الفاسد- باطل، وكذا عبد الله بن عمر الذي روى بمفرده أربعة آلاف حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو أمر في غاية الخطورة، ويقولون عن خالد بن الوليد عديم المبالاة، وعثمان أرستقراطي، وعبد الرحمن بن عوف عابد المال، وسعد بن أبي وقاص عديم التقوى.
وهؤلاء الثلاثة: عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، من العشرة المبشرين بالجنة على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمن يكذبون؟! الصحابة أم الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟!.
وخالد بن الوليد كما نعرف سيف الله المسلول.
يقول الخميني في كتابه (كشف الأسرار):
إن أبا بكر، وعمر، وعثمان لم يكونوا خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل أكثر من ذلك يقول: إنهم غيروا أحكام الله، وحللوا حرام الله، وظلموا أولاد الرسول، وجهلوا قوانين الرب وأحكام الدين.
فهذا قليل القليل من كثير يقال افتراء، وكذباً على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم - جميعاً وأرضاهم.
أما علماء السنة فيقول أحمد بن حنبل - رحمه الله -:
"إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسوء، فاتهمه على الإسلام".
وقال إسحاق بن راهويه:
"من شتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يعاقب ويحبس".
ويقول الإمام مالك:
"من شتم النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل بكفره، ومن سب أصحابه أُدّب".
وقال القاضي أبو يعلى:
"الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة؛ إن كان مستحلاً لذلك كفر، وإن لم يكن مستحلاً لذلك فسق."
ويقول ابن تيمية:
"من زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامة الصحابة، فلا ريب في كفره".
ويقول أبو زرعة الرازي:
"إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق".
لأجل هذا كله كانت دراسة هذه الأحداث للدفاع عن الصحابة الكرام، وتبرئتهم مما ألصقه بهم هؤلاء الطغاة الجهال، واتبعهم في ذلك كثير من جهلة المسلمين من السنة، وكتبوا فيها كتابات كثيرة لا ندري إن كانت عمداً فتكفرهم، أم جهلاً فتفسقهم؟
من أمثال عبد الرحمن الشرقاوي، وعائشة قدروة عميدة كلية الآداب بالجامعة اللبنانية سابقاً التي طعنت بشدة في السيدة عائشة، وسيدنا علي، والسيدة حفصة، والسيدة فاطمة، وسيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنهم - جميعاً.
هذا رجل من أعظم الناس في ميزان الإسلام، وقد لقب بهذا اللقب لزواجه ابنتي الرسول - صلى الله عليه وسلم - السيدة رقية، والسيدة أم كلثوم، وهذا أمر في غاية الشرف، ولم يجمع أحد من البشر على مدار العصور ابنتي نبي غير هذا الصحابي الجليل، وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة أم كلثوم - رضي الله عنها -: ((لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا)).
هذا الخليفة المظلوم طُعن فيه كثيراً، وحتى من قِبَل جهال السنة الذين يكتبون دون تمحيص أو دراية.
وقد استُخلف - رضي الله عنه - على المسلمين في بداية العام 24 هـ، وظل خليفة للمسلمين حتى قتل سنة 35 هـ، بعد الكثير من الادعاءات الظالمة التي ألصقت به - رضي الله عنه - وأرضاه من بعض الذين ادعوا الإسلام، وبعض المسلمين الذين اتبعوهم جهلاً في ذلك الوقت، حتى قتلوه - رضي الله عنه -، وبعد ذلك بالغت الشيعة في الطعن في عثمان - رضي الله عنه - على أساس أنه أخذ الخلافة من علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالاحتيال مع عبد الرحمن بن عوف، ونعوذ بالله من زعمهم.
من هو عثمان بن عفان؟
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، فهو - رضي الله عنه - ينتمي إلى بني أمية، ويلتقي مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجد الرابع عبد مناف، وهذا شرف كبير أن يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأم عثمان - رضي الله عنه - هي أروى بنت كريز، وأم أروى هي أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب توأمة عبد الله -والد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فعثمان - رضي الله عنه - هو ابن بنت عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو إذن من أقرباء النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهتي الأم والأب.
ولد عثمان - رضي الله عنه - بعد ست سنوات من عام الفيل، فهو أصغر من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بست سنوات، ومن أوصافه أنه كان رجلاً ربعة ليس قصيراً ولا طويلاً، حسن الوجه، أبيض مشرباً بحمرة، بوجهه نكتات جدري، كثير اللحية تملأ ما بين منكبيه، وكانت لحيته بيضاء لكبر سنه، عظيم الكراديس- كبير العظام- بعيد ما بين المنكبين، طويل الذراعين، وشعره قد كسا ذراعيه، كان جعد الرأس، وكان أحسن الناس ثغراً، وكان من أجمل الناس، وقد اشتهر بذلك، وكان يقال عنه والسيدة رقية - رضي الله عنها - أنهما أجمل زوج.
أسلم - رضي الله عنه - على يد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وكان رابع من أسلم بعد أبي بكر، وزيد بن حارثة، وعلي بن أبي طالب، وقد قابله أبو بكر يوماً بعد نزول الرسالة فقال له:
ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأصنام التي يعبدها قومنا، أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع؟
قال: بلى هي كذلك.
فقال أبو بكر - رضي الله عنه -:
والله هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه برسالته، هل لك أن تأتيه؟
فقال: نعم.
فاجتمع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: ((يَا عُثْمَانُ، أَجِبِ اللَّهَ إِلَى حَقِّهِ، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، وِإِلَى خَلْقِهِ)).
قال: فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
فكانت استجابته للإسلام سريعة بفضل الله - تعالى -، وهو من حسنات أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه.
وبعد إسلامه تزوج من رقية - رضي الله عنه - بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل أنه كان زوجاً لها قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع شرفه ومكانته في قومه إلا أنه عندما أسلم آذاه أهله إيذاء شديداً، وكان يتولى تعذيبه عمه الحكم بن العاص، فكان يجلده فلا يرده ذلك عن دين الله شيئاً.
عندما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة، كان - رضي الله عنه- من أول من هاجر إليها هو وزوجته السيدة رقية، وتبعهم المسلمون بعد ذلك، وكان الهدف من الهجرة إلى الحبشة هو تكوين نواة للمسلمين بالحبشة، حتى إذا استأصلت نواة مكة يصبح للمسلمين مكاناً آخر ينطلقون منه بعد ذلك.
وفي أثناء وجود المسلمين في الحبشة أشيع أن أهل مكة قد أسلموا، ورجع بعض المسلمين إلى مكة، وكان منهم عثمان بن عفان والسيدة رقية - رضي الله عنهما -، ولما علم المسلمون أن تلك كانت شائعة كاذبة استقر منهم بمكة من قدمها، واستقر بالحبشة من لم يأت منها.
ثم هاجر عثمان - رضي الله عنه - وزوجه رقيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فكان صاحب الهجرتين، وقليل من الصحابة من كان كذلك، وكان - رضي الله عنه - ونظراً لكثرة ماله يعتق الكثير من العبيد، سواء في فترة إقامته في مكة أو المدينة، وبعد أن تولى الخلافة أيضاً استمر في عتق العبيد حتى قيل: ما مرت جمعة إلا وأعتق عثمان - رضي الله عنه - رقبة.
وهذا منذ أسلم حتى لقي الله - تعالى -، وإذا مرت جمعة دون أن يعتق رقبة لقلة مال، أو قلة رقاب أعتق في الجمعة التي تليها رقبتين.
ومن محاسنه - رضي الله عنه -، والتي لا تخفى على أحد أنه عندما أتى المدينة المنورة كان اليهود يتحكمون في المياه فاشترى بئر رومة على نفقته الخاصة، وحفرها، وجعلها للمسلمين، ونصيبه فيها كنصيب المسلمين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: ((مَنْ حَفَرَ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ)).
تأتي بعد ذلك غزوة بدر، ونعرف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما خرج لبدر لم يكن في نيته القتال، وإنما خرج المسلمون للعير، وكان عثمان - رضي الله عنه - ممن يصرون على الخروج مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومع المسلمين، إلا أن الله - عز وجل - لم يرد ذلك، فقد مرضت السيدة رقية - رضي الله عنها - مرضاً شديداً، وأمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يمكث معها ليطببها، ويمرضها، فمكث معها - رضي الله عنه - وأرضاه، وذهب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه إلى بدر، وكان القتال والنصر، ورجعوا إلى المدينة، فوجدوه يدفن السيدة رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي زوجته - رضي الله عنهما -، وأسهم له النبي - صلى الله عليه وسلم - بسهم من الغنائم، وكأنه من المشاركين في هذه الغزوة، وزوجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ابنته أم كلثوم - رضي الله عنها -، ومكثت معه حتى السنة التاسعة من الهجرة، وتوفاها الله - تعالى -، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعثمان: ((لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا)).
ومن فضائله - رضي الله عنه - أنه لما كان في المدينة بعد هجرة المسلمين إليها اشترى من ماله الخاص أرضاً حول المسجد النبوي توسعة للمسجد.
وتأتي بعد ذلك غزوة أحد التي بدأت بالنصر للمسلمين، ثم مخالفة الرماة لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالهزيمة للمسلمين، وقتل الكثير من الصحابة وفرار الكثير، ومنهم عثمان - رضي الله عنه -، وذلك لهول وعظم المعركة، ولكن الله - عز وجل - بمنه، وفضله، وجوده، وكرمه أنزل قوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [آل عمران: 155].
ومن عفا الله عنه في أمر من الأمور فلا يجوز لأي إنسان أن يُعَرّض- ولو مجرد تعريض- بهذا الأمر، وعندما تكلم أناس في (ماعز) بعد أن زنى ورجم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ماعز: ((لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ وُزِّعَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَسِعَتْهُمْ)).
ومر النبي - صلى الله عليه وسلم - على جيفة حمار، وكان معه هذين الذين تكلما في أمر (ماعز) فقال لهما: ((انْزِلَا فَكُلَا مِنْ هَذِهِ الْجِيفَةِ)).
فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، كيف نفعل ذلك؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فَمَا فَعَلْتُمَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ)).
وكانت هذه الغيبة في حق رجل اعترف بزناه، فكيف بنا مع رجل أعلن الله - عز وجل - في القرآن أنه عفا عنه، وتجاوز عن هذه الأمر.
بعد ذلك، وفي السنة الرابعة للهجرة كانت غزوة ذات الرقاع، استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة، فكان أميراً للمدينة في غياب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم شارك في الخندق، وفي غطفان استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة.

عثمان وبيعة الرضوان
لما ذهب الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة للعمرة قبل صلح الحديبية ورفضت مكة دخوله، والمسلمين ليطوفوا بالحرم، أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يرسل أحد الصحابة؛ ليعلمهم أنهم ما أتوا لقتال، أو حرب، وإنما أتوا للعمرة، واختار - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأرضاه فقال عمر - رضي الله عنه -: إني أخاف قريشاً على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني؛ عثمان بن عفان.
ووافق النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الرأي، ودعا - صلى الله عليه وسلم - عثمان - رضي الله عنه -، وبعثه إلى أبي سفيان، وإلى أشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت بحرب، وأنه جاء لمجرد العمرة، فدخل - رضي الله عنه - مكة، وأجاره أبان بن سعيد بن العاص، وهو أحد أبناء عمومته، وقام معهم بالمفاوضات، وأوضح لهم الأمر، فطلبوا أن يقوموا ببعض المفاوضات مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوافقهم، ولما هم بالرجوع عرضوا عليه أن يطوف بالبيت الحرام، وكان هذا حلماً لكل المسلمين بعد هجرة سنوات وسنوات بعيداً عن مكة، ولكنه - رضي الله عنه - قال لهم:
ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
مكث عثمان - رضي الله عنه - في مباحثاته مع أهل مكة ثلاثة أيام، وفي هذا الوقت أشيع عند رسول الله، وعند المسلمين أن عثمان قد قتل في داخل مكة، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته جميعاً، وتبايعوا على الموت انتقاماً لمقتل عثمان - رضي الله عنه -، وفي هذا ما فيه من التشريف لعثمان - رضي الله عنه -، وفي أثناء هذه المبايعة يأتي جميع الصحابة ليبايعوه فوضع - صلى الله عليه وسلم - يده مكان يد عثمان بن عفان، فكانت خير يد في هذه المبايعة.
وشارك - رضي الله عنه - بعد ذلك في فتح خيبر، وفتح مكة، وجاءت بعد ذلك غزوة تبوك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((مَنْ يُجَهِّزُ الْجَيْشَ؟)).
فقام عثمان - رضي الله عنه - وقال: يا رسول الله، عليَّ مائة من الإبل بأحلاسها وأقتابها -أي بكل ما تحمله-، فَسُرّ بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطلب من المسلمين أن يساهموا في الجيش، فقام عثمان - رضي الله عنه - مرة أخرى فقال:
عَلَيّ مائة أخرى بأقتابها وأحلاسها. وأخذ - رضي الله عنه - يزيد على نفسه، تقول بعض الروايات أنه أنفق ثلاثمائة، وقيل ألفاً من الإبل، ثم ذهب إلى بيته، وأتى بألف من الدنانير، وضعها في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومائتي أوقية من الفضة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا فَعَلَ بَعْدَ الْيَوْمِ)). قالها - صلى الله عليه وسلم - مرتين في حقه - رضي الله عنه -.
وعندما حوصر - رضي الله عنه - في الفتنة قال: أنشدكم بالله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ)).
فجهزتهم؟ قالوا: نعم.
وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقول: اشترى عثمان الجنة مرتين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث حفر بئر رومة، وحيث جهز جيش العسرة.
عثمان وخلق الحياء
وقد جمع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كثيراً من مكارم الأخلاق، فكان - رضي الله عنه - حيِيّاً شديد الحياء، ففي صحيح الإمام مسلم عن أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها - وأرضاها عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعاً في بيتي، كاشفاً عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوى ثيابه- قال محمد ولا أقول ذلك في يوم واحد- فدخل فتحدث، فلما خرج، قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عمر، فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عثمان، فجلست وسويت ثيابك، فقال:
((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)).
وفي سنن الترمذي وعند الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ)).
وفي مسند الإمام أحمد ‏عن ‏ابن عمر‏ ‏قال: ‏ ‏خرج علينا رسول الله ‏ ‏- صلى الله عليه وسلم -‏ ‏ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال: ((‏رَأَيْتُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كَأَنِّي أُعْطِيتُ الْمَقَالِيدَ، وَالْمَوَازِينَ، فَأَمَّا الْمَقَالِيدُ فَهَذِهِ الْمَفَاتِيحُ، وَأَمَّا الْمَوَازِينُ فَهِيَ الَّتِي تَزِنُونَ بِهَا، فَوُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَوُزِنْتُ بِهِمْ فَرَجَحْتُ، ثُمَّ جِيءَ ‏ِبِأَبِي بَكْرٍ، ‏ فَوُزِنَ بِهِمْ فَوَزَنَ، ثُمَّ جِيءَ بِعُمَرَ ‏َفَوُزِنَ فَوَزَنَ، ثُمَّ جِيءَ بِعُثْمَانَ فَوُزِنَ بِهِمْ ثُمَّ رُفِعَتْ)).
إذن فإيمان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يزن إيمان هذه الأمة، وكان - رضي الله عنه - حافظاً للقرآن عن ظهر قلب، ويقول السيوطي في (تاريخ الخلفاء): لم يحفظ القرآن من الخلفاء قط إلا اثنان؛ عثمان بن عفان، والمأمون العباسي.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]