
09-03-2022, 09:49 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,262
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (106)
صــ16 إلى صــ 20
قوله تعالى: ولا تأكلوها إسرافا خطاب للأولياء ، قال ابن عباس : لا تأكلوها بغير حق . و"بدارا": تبادرون أكل المال قبل بلوغ الصبي ومن كان غنيا فليستعفف بماله عن مال اليتيم . وفي الأكل بالمعروف أربعة أقوال .
أحدها: أنه الأخذ على وجه القرض ، وهذا مروي عن عمر ، وابن عباس ، وابن جبير ، وأبي العالية ، وعبيدة ، وأبي وائل ، ومجاهد ، ومقاتل .
والثاني: الأكل بمقدار الحاجة من غير إسراف ، وهذا مروي عن ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، والنخعي ، وقتادة ، والسدي .
والثالث: أنه الأخذ بقدر الأجرة إذا عمل لليتيم عملا ، روي عن ابن عباس ، وعائشة ، وهي رواية أبي طالب ، وابن منصور ، عن أحمد رضي الله عنه .
والرابع: أنه الأخذ عند الضرورة ، فإن أيسر قضاه ، وإن لم يوسر ، فهو في حل ، وهذا قول الشعبي .
[ ص: 17 ] فصل
واختلف العلماء هل هذه الآية محكمة أو منسوخة؟ على قولين .
أحدهما: محكمة ، وهو قول عمر ، وابن عباس ، والحسن ، والشعبي ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وابن جبير ، والنخعي ، وقتادة في آخرين . وحكمها عندهم أن الغني ليس له أن يأكل من مال اليتيم شيئا ، فأما الفقير الذي لا يجد ما يكفيه ، وتشغله رعاية مال اليتيم عن تحصيل الكفاية ، فله أن يأخذ قدر كفايته بالمعروف من غير إسراف .
وهل عليه الضمان إذا أيسر؟ فيه قولان . لهم .
أحدهما: أنه لا ضمان عليه ، بل يكون كالأجرة له على عمله ، وهو قول الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وقتادة ، وأحمد بن حنبل .
والثاني: إذا أيسر وجب عليه القضاء ، روي عن عمر وغيره ، وعن ابن عباس أيضا كالقولين .
والقول الثاني: أنها منسوخة بقوله لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [النساء: 29] وهذا مروي عن ابن عباس ، ولا يصح .
قوله تعالى: فأشهدوا عليهم قال القاضي أبو يعلى: هذا على طريق الاحتياط لليتيم ، والولي ، وليس بواجب ، فأما اليتيم ، فإنه إذا كانت عليه بينة ، كان أبعد من أن يدعي عدم القبض ، وأما الولي ، فإن تظهر أمانته ، ويسقط عنه اليمين عند إنكار اليتيم للدفع ، وفي "الحسيب" ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه الشهيد ، قاله ابن عباس ، والسدي ، ومقاتل .
والثاني: أنه الكافي ، من قولك: أحسبني هذا الشيء [أي: كفاني ، والله حسيبي وحسيبك ، أي:كافينا ، أي: يكون حكما بيننا كافيا . [ ص: 18 ] قال الشاعر:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعا ونحسبه إن كان ليس بجائع
أي: نعطيه ما يكفيه حتى يقول: حسبي] قاله ابن قتيبة والخطابي .
والثالث: أنه المحاسب ، فيكون في مذهب جليس ، وأكيل ، وشريب ، حكاه ابن قتيبة والخطابي .
للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا
قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون سبب نزولها: أن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك ثلاث بنات وامرأة ، فقام رجلان من بني عمه ، يقال لهما: قتادة ، وعرفطة فأخذا ماله ، ولم يعطيا امرأته ، ولا بناته شيئا ، فجاءت امرأته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له ذلك ، وشكت الفقر ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . وقال قتادة: كانوا لا يورثون النساء ، فنزلت هذه الآية .
والمراد بالرجال: الذكور ، وبالنساء: الإناث ، صغارا كانوا أو كبارا .
[ ص: 19 ] و"النصيب": الحظ من الشيء ، وهو مجمل في هذه الآية ، ومقداره معلوم من موضع آخر ، وذلك مثل قوله: وآتوا حقه يوم حصاده [الأنعام: 141] وقوله: خذ من أموالهم صدقة [التوبة: 103] والمفروض: الذي فرضه الله ، وهو آكد من الواجب .
وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا
قوله تعالى: وإذا حضر القسمة أولو القربى في هذه القسمة قولان .
أحدهما: قسمة الميراث بعد موت الموروث ، فعلى هذا يكون الخطاب للوارثين ، وبهذا قال الأكثرون ، منهم ابن عباس ، والحسن ، والزهري .
والثاني: أنها وصية الميت قبل موته ، فيكون مأمورا بأن يعين لمن لا يرثه شيئا ، روي عن ابن عباس ، وابن زيد . قال المفسرون: والمراد بأولي القربى: الذين لا يرثون ، "فارزقوهم منه" أي: أعطوهم منه ، وقيل: أطعموهم ، وهذا على الاستحباب عند الأكثرين ، وذهب قوم إلى أنه واجب في المال ، فإن كان الورثة كبارا ، تولوا إعطاءهم ، وإن كانوا صغارا ، تولى ذلك عنهم ولي مالهم ، فروي عن عبيدة أنه قسم مال أيتام ، فأمر بشاة ، فاشتريت من مالهم ، وبطعام فصنع ، وقال: لولا هذه الآية لأحببت أن يكون من مالي وكذلك فعل محمد بن سيرين في أيتام وليهم ، وكذلك روي عن مجاهد: أن ما تضمنته هذه الآية واجب .
وفي "القول المعروف" أربعة أقوال .
أحدها: أن يقول: لهم الولي حين يعطيهم: خذ بارك الله فيك ، رواه سالم الأفطس ، عن ابن جبير . [ ص: 20 ] والثاني: أن يقول: الولي: إنه مال يتامى ، ومالي فيه شيء ، رواه أبو بشر عن ابن جبير . وفي رواية أخرى عن ابن جبير ، قال: إن كان الميت أوصى لهم بشيء أنفذت لهم وصيتهم ، وإن كان الورثة كبارا رضخوا لهم ، وإن كانوا صغارا ، قال وليهم: إني لست أملك هذا المال ، إنما هو للصغار ، فذلك القول المعروف .
والثالث: أنه العدة الحسنة ، وهو أن يقول: لهم أولياء الورثة: إن هؤلاء الورثة صغار ، فإذا بلغوا ، أمرناهم أن يعرفوا حقكم ، رواه عطاء بن دينار ، عن ابن جبير .
والرابع: أنهم يعطون من المال ، ويقال لهم عند قسمة الأرضين والرقيق: بورك فيكم ، وهذا القول المعروف . قال الحسن والنخعي: أدركنا الناس يفعلون هذا .
فصل
اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على قولين .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|