
08-03-2022, 08:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة :
|
|
رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد

المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول
سُورَةُ البَقَرَة
من صــ 234 الى صـ 238
الحلقة (43)
8 - قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
1 - أخرج البخاري وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي عن البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كان أصحابُ محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبةً لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنزلت هذه الآية: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) ففرحوا بها فرحاً شديداً ونزلت: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ).
2 - أخرج البخاري أيضاً عن البراء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل اللَّه: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ).
3 - أخرج الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام، حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات ليلة، وقد سهر عنده، فوجد امرأته قد نامت، فأرادها، فقالت: إني قد نِمتُ، قال: ما نِمتِ، ثم وقع بها، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فأنزل اللَّه تعالى: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ).
4 - أخرج أبو داود عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنه -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) فكان الناس على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء، وصاموا إلى القابلة، فاختان رجل نفسه، فجامع امرأته، وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أن يجعل ذلك يسراً لمن بقي ورخصة ومنفعة فقال سبحانه: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ) وكان هذا مما نفع اللَّه به الناس ورخص لهم ويسر.
5 - أخرج أبو داود عن ابن أبي ليلى قال: أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال فذكر الحديث .. وفيه قال: وحدثنا أصحابنا قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح قال: فجاء عمر بن الخطاب، فأراد امرأته، فقالت: إني قد نِمتُ فظن أنها تعتل فأتاها، فجاء رجل من الأنصار، فأراد الطعام، فقالوا: حتى نسخن لك شيئاً فنام فلما أصبحوا أُنزلت عليه هذه الآية: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة وقد ذكر جمهور المفسرين هذه الروايات وجعلوها سبباً لنزول الآية منهم الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (إن قال لنا قائل وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم؟
قيل: كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين:
أحدهما: جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حراماً ذلك عليهم) اهـ.
ثم ساق الأسباب.
وقال البغوي: (قال أهل التفسير كان في ابتداء الأمر إذا أفطر الرجل حلَّ له الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة، أو يرقد قبلها، فإذا صلى العشاء أو رقد قبلها حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى الليلة القابلة). اهـ. ثم ساق الأسباب.
وقال ابن كثير: (وهكذا روي عن مجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذه الآية في عمر بن الخطاب، ومن صنع كما صنع، وفي صرمة بن قيس فأباح الجماع والطعام والشراب في جميع الليل رحمة ورخصةً ورفقاً) اهـ.
وقال السعدي: (كان في أول فرض الصيام يحرم على المسلمين الأكل والشرب والجماع في الليل بعد النوم فحصلت المشقة لبعضهم فخفف اللَّه عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع سواء نام أو لم ينم لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أُمروا به) اهـ.
وبناءً على ما تقدم فالآية في قول المفسرين نزلت على سببين: أحدهما في الطعام والشراب، والآخر في إتيان النساء.
فأما الأول: وهو الامتناع من الطعام والشراب بعد النوم فقد دلَّ عليه حديث البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ودلت الآية على رفع ذلك الحكم لأن اللَّه - جل وعلا - جعل غاية الامتناع من الطعام والشراب بيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فدل هذا على أن ما قبل الغاية زمناً للطعام والشراب لا سيما أن نوم صرمة كان في أول الليل فرخص اللَّه في الليل كله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|