عرض مشاركة واحدة
  #238  
قديم 04-03-2022, 03:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,955
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثالث
الحلقة (236)

سُورَةُ الْكَهْفِ
صـ 281 إلى صـ 286



قوله تعالى : المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا .

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا ، وأن الباقيات الصالحات خير عند الله ثوابا وخير أملا .

والمراد من الآية الكريمة تنبيه الناس للعمل الصالح ; لئلا يشتغلوا بزينة الحياة الدنيا [ ص: 281 ] من المال والبنين عما ينفعهم في الآخرة عند الله من الأعمال الباقيات الصالحات ، وهذا المعنى الذي أشار له هنا جاء مبينا في آيات أخر ، كقوله تعالى : زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة الآية [ 3 \ 14 - 15 ] ، وقولـه : ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون [ 63 \ 9 ] ، وقولـه : إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم [ 64 \ 15 ] ، وقولـه : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا الآية [ 34 \ 37 ] ، وقولـه : يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم [ 26 \ 88 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الإنسان لا ينبغي له الاشتغال بزينة الحياة الدنيا عما ينفعه في آخرته ، وأقوال العلماء في الباقيات الصالحات كلها راجعة إلى شيء واحد ، وهو الأعمال التي ترضي الله ، سواء قلنا : إنها الصلوات الخمس ، كما هو مروي عن جماعة من السلف : منهم ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وأبو ميسرة ، وعمرو بن شرحبيل ، أو أنها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وعلى هذا القول جمهور العلماء ، وجاءت دالة عليه أحاديث مرفوعة عن أبي سعيد الخدري ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة ، والنعمان بن بشير ، وعائشة رضي الله عنهم .

قال مقيده عفا الله عنه : التحقيق أن " الباقيات الصالحات " لفظ عام ، يشمل الصلوات الخمس ، والكلمات الخمس المذكورة ، وغير ذلك من الأعمال التي ترضي الله تعالى : لأنها باقية لصاحبها غير زائلة . ولا فانية كزينة الحياة الدنيا ، ولأنها أيضا صالحة لوقوعها على الوجه الذي يرضي الله تعالى . وقوله : خير ثوابا تقدم معناه . وقوله : وخير أملا أي : الذي يؤمل من عواقب الباقيات الصالحات ، خير مما يؤمله أهل الدنيا من زينة حياتهم الدنيا وأصل الأمل : طمع الإنسان بحصول ما يرجوه في المستقبل . ونظير هذه الآية الكريمة قوله تعالى في " مريم " : ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا [ 19 \ 76 ] ، والمرد : المرجع إلى الله يوم القيامة ، وقال بعض العلماء : " مردا " مصدر ميمي ، أي : [ ص: 282 ] وخير ردا للثواب على فاعلها ، فليست كأعمال الكفار التي لا ترد ثوابا على صاحبها .
قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا .

قوله : ويوم [ 18 \ 47 ] ، منصوب باذكر مقدرا . أو بفعل القول المحذوف قبل قوله : ولقد جئتمونا فرادى [ 6 \ 94 ] ، أي : قلنا لهم يوم نسير الجبال : لقد جئتمونا فرادى ، وقول من زعم أن العامل فيه " خير " يعني والباقيات الصالحات خير يوم نسير الجبال بعيد جدا كما ترى .

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة : من أن يوم القيامة يختل فيه نظام هذا العام الدنيوي ، فتسير جباله ، وتبقى أرضه بارزة لا حجر فيها ولا شجر ، ولا بناء ولا وادي ولا علم ، ذكره في مواضع أخر كثيرة ، فذكر أنه يوم القيامة يحمل الأرض والجبال من أماكنهما ، ويدكهما دكة واحدة ، وذلك في قوله : فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة . . الآية [ 69 \ 13 - 15 ] .

وما ذكره من تسيير الجبال في هذه الآية الكريمة ذكره أيضا في مواضع أخر ، كقوله : يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا [ 52 \ 9 - 10 ] ، وقولـه : وسيرت الجبال فكانت سرابا [ 78 \ 20 ] ، وقولـه : وإذا الجبال سيرت [ 81 \ 3 ] ، وقولـه : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب الآية [ 27 \ 88 ] .

ثم ذكر في مواضع أخر أنه جل وعلا يفتتها حتى تذهب صلابتها الحجرية وتلين ، فتكون في عدم صلابتها ولينها كالعهن المنفوش ، وكالرمل المتهايل ، كقوله تعالى : يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن [ 70 \ 8 - 9 ] ، وقولـه تعالى : يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش [ 101 \ 4 - 5 ] ، والعهن : الصوف ، وقولـه تعالى : يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا [ 73 \ 14 ] ، وقولـه تعالى : وبست الجبال بسا [ 56 \ 5 ] ، أي : فتتت حتى صارت كالبسيسة ، وهي دقيق ملتوت بسمن ، على أشهر التفسيرات .

ثم ذكر جل وعلا أنه يجعلها هباء وسرابا . قال : وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا [ 56 \ 5 ، 6 ] ، وقال : وسيرت الجبال فكانت سرابا [ 78 \ 20 ] .

وبين في موضع آخر أن السراب عبارة عن لا شيء ; وهو قوله : [ ص: 283 ] والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة ، إلى قوله : لم يجده شيئا [ 24 \ 39 ] .

وقولـه : ويوم نسير الجبال ، قرأه ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو : " تسير الجبال " بالتاء المثناة الفوقية وفتح الياء المشددة من قوله : " تسير " مبنيا للمفعول ، و الجبال بالرفع نائب فاعل تسير والفاعل المحذوف ضمير يعود إلى الله جل وعلا ، وقرأه باقي السبعة " نسير " بالنون وكسر الياء المشددة مبنيا للفاعل ، و " الجبال " منصوب مفعول به ، والنون في قوله " نسير " للتعظيم .

وقولـه في هذه الآية الكريمة : وترى الأرض بارزة ، البروز : الظهور ، أي : ترى الأرض ظاهرة منكشفة لذهاب الجبال والظراب والآكام ، والشجر والعمارات التي كانت عليها . وهذا المعنى الذي ذكره هنا بينه أيضا في غير هذا الموضع . كقوله تعالى : ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا [ 20 \ 105 - 106 ] ، وأقوال العلماء في معنى ذلك راجعة إلى شيء واحد ، وهو أنها أرض مستوية لا نبات فيها ، ولا بناء ولا ارتفاع ولا انحدار . وقول من قال : إن معنى وترى الأرض بارزة ، أي : بارزا ما كان في بطنها من الأموات والكنوز بعيد جدا كما ترى ، وبروز ما في بطنها من الأموات والكنوز دلت عليه آيات أخر ، كقوله تعالى : وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت [ 84 \ 3 - 4 ] ، وقولـه تعالى : أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور [ 100 \ 9 ] ، وقولـه : وأخرجت الأرض أثقالها [ 99 \ 2 ] ، وقولـه : وإذا القبور بعثرت [ 82 \ 4 ] .

وقولـه في هذه الآية الكريمة : وحشرناهم ، أي : جمعناهم للحساب والجزاء ، وهذا الجمع المعبر عنه بالحشر هنا جاء مذكورا في آيات أخر ، كقوله تعالى : قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم [ 56 \ 49 - 50 ] ، وقولـه تعالى : الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة [ 4 \ 87 ] ، وقولـه تعالى : يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن [ 64 \ 9 ] ، وقولـه تعالى : ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود [ 11 \ 103 ] ، وقولـه : ويوم نحشرهم جميعا الآية [ 6 \ 22 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

وبين في موضع آخر أن هذا الحشر المذكور شامل للعقلاء وغيرهم من أجناس المخلوقات ، وهو قوله تعالى : [ ص: 284 ] وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون [ 6 \ 38 ] .

وقولـه في هذه الآية الكريمة : فلم نغادر منهم أحدا [ 18 \ 47 ] ، أي : لم نترك ، والمغادرة : الترك ، ومنه الغدر ; لأنه ترك الوفاء والأمانة ، وسمي الغدير من الماء غديرا ; لأن السيل ذهب وتركه ، ومن المغادرة بمعنى الترك قول عنترة في مطلع معلقته :


هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
وقوله أيضا :


غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل
وما ذكره في هذه الآية الكريمة من أنه حشرهم ولم يترك منهم أحدا جاء مبينا في مواضع أخر ، كقوله : ويوم نحشرهم جميعا الآية [ 6 \ 22 ] ، ونحوها من الآيات ; لأن حشرهم جميعا هو معنى أنه لم يغادر منهم أحدا .
قوله تعالى : وعرضوا على ربك .

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الخلائق يوم القيامة يعرضون على ربهم صفا ، أي : في حال كونهم مصطفين ، قال بعض العلماء : صفا بعد صف ، وقال بعضهم : صفا واحدا وقال بعض العلماء " صفا " أي : جميعا ، كقوله : ثم ائتوا صفا [ 20 \ 64 ] ، على القول فيه بذلك ، وقال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة : وخرج الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في كتاب التوحيد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة بصوت رفيع غير فظيع : يا عبادي ، أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين ، يا عبادي ، لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ، أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم مسئولون محاسبون . يا ملائكتي ، أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب " ، قلت : هذا الحديث غاية في البيان في تفسير الآية ، ولم يذكره كثير من المفسرين ، وقد كتبناه في كتاب التذكرة ومنه نقلناه ، والحمد لله .

انتهى كلام القرطبي ، والحديث المذكور يدل على أن " صفا " في هذه الآية يراد به صفوفا ، كقوله في الملائكة : وجاء ربك والملك صفا صفا [ 89 \ 22 ] ، ونظير الآية قوله في الملائكة : يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا [ 78 \ 38 - 39 ] .

فإذا علمت أن الله جل وعلا ذكر في هذه الآية الكريمة حالا من أحوال عرض [ ص: 285 ] الخلائق عليه يوم القيامة فاعلم أنه بين في مواضع أخر أشياء أخر من أحوال عرضهم عليه ، كقوله : يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [ 69 \ 18 ] ، وبين في مواضع أخر ما يلاقيه الكفار ، وما يقال لهم عند ذلك العرض على ربهم . كقوله : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون [ 11 \ 18 - 19 ] .

وقولـه في هذه الآية الكريمة : صفا أصله مصدر ، والمصدر المنكر قد يكون حالا على حد قوله في الخلاصة :


ومصدر منكر حالا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع
قوله تعالى : لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة .

هذا الكلام مقول قول محذوف ، وحذف القول مطرد في اللغة العربية ، كثير جدا في القرآن العظيم . والمعنى : يقال لهم يوم القيامة لقد جئتمونا ، أي : والله لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ، أي : حفاة عراة غرلا ، أي : غير مختونين ، كل واحد منكم فرد لا مال معه ولا ولد ، ولا خدم ولا حشم .

وقد أوضح هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون [ 6 \ 94 ] ، وقولـه : لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا [ 19 \ 94 - 95 ] ، وقولـه تعالى : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا الآية [ 21 \ 104 ] ، وقولـه : كما بدأكم تعودون [ 7 \ 29 ] تقدم .

وقولـه في هذه الآية الكريمة : كما خلقناكم " ما " مصدرية ، والمصدر المنسبك منها ومن صلتها نعت لمصدر محذوف على حذف مضاف ، وإيضاح تقريره : ولقد جئتمونا كما خلقناكم ، أي : مجيئا مثل مجيء خلقكم ، أي : حفاة عراة غرلا كما جاء في الحديث ، وخالين من المال والولد ، وهذا الإعراب هو مقتضى كلام أبي حيان في البحر ، ويظهر لي أنه يجوز إعرابه أيضا حالا ، أي : جئتمونا في حال كونكم مشابهين لكم في حالتكم الأولى ; لأن التشبيه يؤول بمعنى الوصف ، كما أشار له في الخلاصة بقوله :

[ ص: 286 ]
ويكثر الجمود في سعر وفي مبدي تأول بلا تكلف

كبعه مدا بكذا يدا بيد وكر زيد أسدا أي كأسد
فقوله " وكر زيد أسدا : أي : كأسد " مثال لمبدي التأول ; لأنه في تأويل كر في حال كونه مشابها للأسد كما ذكرنا ، واعلم أن حذف القول وإثبات مقوله مطرد في اللغة العربية ، وكثير في القرآن العظيم كما ذكرناه آنفا ، لكن عكسه وهو إثبات القول وحذف مقوله قليل جدا ، ومنه قول الشاعر :


لنحن الألى قلتم فأنى ملئتم برؤيتنا قبل اهتمام بكم رعبا
لأن المراد لنحن الألى قلتم نقاتلهم ، فحذف جملة نقاتلهم التي هي مقول القول ، وقوله : ولقد جئتمونا ، عبر فيه بالماضي وأراد المستقبل ; لأن تحقيق وقوع ذلك ينزله منزلة الواقع بالفعل ، والتعبير بصيغة الماضي عن المستقبل لما ذكرنا كثير جدا في القرآن العظيم ، ومنه قوله هنا : وحشرناهم [ 18 \ 47 ] ، وقولـه : وعرضوا على ربك [ 18 \ 48 ] ، وقولـه : لقد جئتمونا ، ومنه قوله : أتى أمر الله ، وقولـه : ونفخ في الصور [ 18 \ 99 ] ، وقولـه : وسيق الذين كفروا [ 39 \ 71 ] ، وقولـه : وسيق الذين اتقوا ربهم [ 39 \ 73 ] ، ونحو ذلك كثير في القرآن لما ذكرنا .
قوله تعالى : بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا .

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار زعموا أن الله لن يجعل لهم موعدا ، والموعد يشمل زمان الوعد ومكانه ، والمعنى : أنهم زعموا أن الله لم يجعل وقتا ولا مكانا لإنجاز ما وعدهم على ألسنة رسله من البعث والجزاء والحساب . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من إنكارهم البعث جاء مبينا في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا الآية [ 64 \ 7 ] ، وقولـه عنهم : وما نحن بمبعوثين [ 6 \ 29 ] ، وما نحن بمنشرين [ 44 \ 35 ] ، ونحو ذلك من الآيات .

وقد بين الله تعالى كذبهم في إنكارهم للبعث في آيات كثيرة ، كقوله في هذه السورة الكريمة : بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا [ 18 \ 58 ] ، وقولـه : قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم الآية [ 64 \ 7 ] ، وقولـه : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا [ 16 \ 38 ] ، وقولـه : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ 21 \ 104 ] ، والآيات بمثل هذا كثيرة جدا .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.56%)]