عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 04-03-2022, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القول البديع في علم البديع

القول البديع في علم البديع (6/8)
للعلامة الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (1033هـ)


د. محمد بن علي الصامل


باب النوادر







وسمَّاه بعضٌ[46] التَّطريف وبعضٌ[47] الإغراب والطرفة، وهو أن يأتيَ الشاعر بمعنى غريب لقلَّته في كلام النَّاس، كقوله في الشيب:





وَلَقَدْ سَمِعْتُ وَمَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ بَيْنَا غُرَابُ البَيْنِ فِيهِ أَبْيَضُ[48][19أ/19ب]




وقوله:





غَيْرِي جَنَى وَأَنَا المُعَاقَبُ فِيكُمُ فَكَأنَّنِي سَبَّابَةُ المُتَنَدِّمِ[49]




وقول ابن الرومي[50] في نسوة:





يَسْتَغْفِرُ النَّاسُ بِأَيْدِيهِمُ وَهُنَّ يَسْتَغْفِرْنَ بِالأَرْجُلِ
فَيَا لَهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ يَرْفَعُهُ اللَّهُ إِلَى أَسْفَلِ[51]





أغرب بمخالفة العادة؛ حيث يفعلن بالأرجل ما يفعله النَّاس بالأيدي، والارتفاع إلى الأسفل مِن أغرب الغريب.

وكقول ابن سناء[52] في صبيٍّ حَسنٍ ضُرِب وسُجن:






بِنَفْسِي الَّذِي لَمْ يَضْرِبُوهُ لِرِيبَةٍ ولَكِنْ لِيَبْدُو الوَرْدُ فِي سَائِرِ الغُصْنِ
وَقَالُوا لَهُ شَارَكْتَ فِي الحُسْنِ يُوسُفًا[53] فَشَارِكْهُ أَيْضًا فِي الدُّخُولِ إِلَى السِّجْنِ[54]





وقوله:






عَلَيْكِ زَكَاةٌ فَاجْعَليِهَا وِصَالَنَا لأَنَّكِ فِي العِشْرِينَ وَهْيَ نِصَابُ[55]









باب التخيير






وهو أن يكون البيتُ صالحًا لقوافٍ شتَّى، فيتخيَّر الشاعر أحسنَها بمعرفته، كقوله:





إِنَّ الغَرِيبَ طَوِيلُ الذَّيْلِ مُمْتَهَنٌ فَكَيْفَ حَالُ غَرِيبٍ مَا لَهُ قُوتُ[56]




فيجوز أن يُقال ما له سبب، ما له حال، ما له مال، ما له أحد، لكن ما له قوت أبلغُ وأدلُّ على الفاقة، وأبينُ للضرورة، وأدعى للاستعطاف، وقوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 118][57]، فيجوز غفور رحيم، رؤوف رحيم، لكن عزيز حكيم أبلغُ وأنسب؛ لأنَّ مَن يغفر لمن يستحقُّ العذاب إنَّما يكون مَن لا فوقه أحدٌ يردُّ حكمه، ومَن كان كذلك كان عزيزًا ممتنعًا من الردِّ عليه، ومن كان حكيمًا وَضَع الشيء في محلِّه، وإن خفي وجهُ الحِكمة عن المخلوقين القاصرين عن إدراك أسرار الرُّبوبيَّة.







باب الاتساع






وهو أن يأتي الشاعر ببيتٍ يتسع فيه التأويل على قدر قوَّة الناظر فيه، وبحسب ما تحمله ألفاظه كقوله:





إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا نَسِيمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القُرُنْفُلِ[58]




فمن قائل: تضوَّعَ مثل المسك منهما بنسيم الصَّبا، أو تضوَّع نسيم [19ب/20أ] الصَّبا منهما، أو تضوَّع المسكُ منهما تضوُّعَ نسيمِ الصَّبا، أو تضوع المَسك بفتح الميم؛ يعني: الجلد، وقوله في صفة الفرس:






مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ[59]




وصف الفرس بلِين الرأس، وسرعة الانحراف، وشدَّة العَدْوِ.

وقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3][60]، فظاهره يقتضي إباحةَ الجمع بين تسع أو [ثماني عشرة][61]، باعتبار أنَّه مكرَّر اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة، والأصحُّ إنَّما هو الجمع بين [أربع][62] فقط.

وجميع فواتح السُّور المعجمة من هذا الباب.







باب التوجيه
[63]






ويُقال[64] الإبهام؛ وهو أن يأتيَ الكلام محتملاً لوجهين مختلفين كقوله:





وَيَرْغَبُ أَنْ يَبْنِي المَعَالِيَ خَالِدًا وَيَرْغَبُ أَنْ يُرْضِي صَنِيعَ الأَلائِمِ[65]





فإن جعلت الرغبة الأولى مقدَّرة بـ "في" كان مدحًا، وبـ "عن" كان ذمًّا، وإن جعلت الثانية مقدرة بـ "عن" كان ذمًّا، وبـ "في" كان مدحًا.


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]