عرض مشاركة واحدة
  #77  
قديم 24-02-2022, 08:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,362
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الثالث
الحلقة (77)

من صــ 289 الى صـ
ـ 296


ثم قال - تعالى -:{فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} [آل عمران: 64].
وهذه الآية هي التي كتب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر ملك الروم لما دعاه إلى الإسلام.
وقال في كتابه.

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين و:
{ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} [آل عمران: 64]».
فدعاه النبي إلى الإسلام، في كتابه الذي أرسله إليه وقال أيضا في آل عمران:
{ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} [آل عمران: 79] (79) {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} [آل عمران: 80].
فذكر التوحيد في هذه الآية، وكفر من اتخذ الملائكة والنبيين أربابا، فكيف بمن اتخذ الأحبار والرهبان أربابا ثم ذكر الإيمان بخاتم الرسل، فقال: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} [آل عمران: 81] (81) {فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} [آل عمران: 82] (82) {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون} [آل عمران: 83] (83) {قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} [آل عمران: 84] (84) {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} [آل عمران: 85].

[فصل: أمر المؤمنين بقول الحق لتقوم به الحجة على المخالف]
وأما قوله - تعالى -:

{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} [العنكبوت: 46].
فهو أمر للمؤمنين أن يقولوا الحق الذي أوجبه الله عليهم، وعلى جميع الخلق ليرضوا به الله، وتقوم به الحجة على المخالفين، فإن هذا من الجدال بالتي هي أحسن، وهو أن تقول كلاما حقا يلزمك، ويلزم المنازع لك أن يقوله، فإن وافقك وإلا ظهر عناده وظلمه.
كما قال - تعالى - في الآية الأخرى:

{قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون} [البقرة: 139].

فإنا مشتركون في أنه ربنا كلنا وأن عمل كل عامل له لا لغيره،وامتزنا نحن بأنا مخلصون له، وأنتم لستم مخلصين له، فأوجب هذا أن الحق معنا دونكم، وأن أعمالنا صالحة مقبولة، وأعمالكم مردودة.
ويشبه ذلك قوله - تعالى -:
{قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} [آل عمران: 64].
فأمره لهم أن يقولوا اشهدوا بأنا مسلمون يتضمن إقامة الحجة عليهم كما كان المسيح - عليه السلام - يقول.
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ... (143)
والوسط العدل الخيار وقد جعلهم الله شهداء على الناس وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول.
وقد ثبت في الصحيح {أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت وجبت ثم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت وجبت قالوا: يا رسول الله ما قولك وجبت وجبت؟ قال: هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرا فقلت: وجبت لها الجنة وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت: وجبت لها النار أنتم شهداء الله في الأرض}. فإذا كان الرب قد جعلهم شهداء لم يشهدوا بباطل فإذا شهدوا أن الله أمر بشيء فقد أمر به وإذا شهدوا أن الله نهى عن شيء فقد نهى عنه ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطأ لم يكونوا شهداء الله في الأرض بل زكاهم الله في شهادتهم كما زكى الأنبياء فيما يبلغون عنه أنهم لا يقولون عليه إلا الحق وكذلك الأمة لا تشهد على الله إلا بحق وقال تعالى: {واتبع سبيل من أناب إلي} والأمة منيبة إلى الله فيجب اتباع سبيلها وقال تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} فرضي عمن اتبع السابقين إلى يوم القيامة فدل على أن متابعهم عامل بما يرضى الله والله لا يرضى إلا بالحق لا بالباطل.
[فصل: توسط المسلمين واعتدالهم في التوحيد والعبادات والمعاملات]
وإذا كان جنس أهل الكتاب أكمل - في العلوم النافعة والأعمال الصالحة - ممن لا كتاب له، فمعلوم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أكمل من طائفتي أهل الكتاب: اليهود والنصارى وأعدل، وقد جمع لهم محاسن ما في التوراة وما في الإنجيل. فليس عند أهل الكتاب فضيلة علمية وعملية إلا وأمة محمد صلى الله عليه وسلم أكمل منهم فيها.
فأما العلوم: فهم أحذق - في جميع العلوم - من جميع الأمم حتى العلوم التي ليست بنبوية، ولا أخروية، كعلم الطب - مثلا - والحساب، ونحو ذلك، هم أحذق فيها من الأمتين، ومصنفاتهم فيها أكمل من مصنفات الأمتين، بل أحسن علما وبيانا لها من الأولين الذين كانت هي غاية علمهم، وقد يكون الحاذق فيها من هو عند المسلمين منبوذ بنفاق وإلحاد، ولا قدر له عندهم، لكن حصل له بما يعلمه من المسلمين من العقل، والبيان ما أعانه على الحذق في تلك العلوم، فصار حثالة المسلمين أحسن معرفة وبيانا لهذه العلوم من أولئك المتقدمين. وأما العلوم الإلهية والمعارف الربانية وما أخبرت به الأنبياء من الغيب كالعرش، والملائكة، والجن، والجنة، والنار، وتفاصيل المعاد، فكل من نظر في كلام المسلمين فيها وكلام علماء اليهود، والنصارى وجد كلام المسلمين فيها أكمل، وأتم.

ومعلوم أن علم أهل الكتاب والملل بذلك أتم من علم غيرهم، وأما العبادة، والزهد، والأخلاق، والسياسة المنزلية، والمدنية، فالكلام فيها مبني على أصل، وهو معرفة المقصود بها، وما به يحصل المقصود.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]