عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 24-02-2022, 07:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,390
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الثالث
الحلقة (74)

من صــ 265 الى صـ
ـ 272

وكفر النصارى بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، وبمخالفة المسلمين أعظم من كفر اليهود بمجرد تكذيب المسيح، فإن المسيح لم ينسخ من شرع التوراة إلا قليلا، وسائر شرعه إحالة على التوراة، ولكن عامة دين النصارى أحدثوه بعد المسيح، فلم يكن في مجرد تكذيب اليهود له من مخالفة شرع الله الذي جاء بكتاب مستقل من عند الله لم يحل شيئا من شرعه على شرع غيره.
قال الله تعالى: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون} [العنكبوت: 51].
والقرآن أصل كالتوراة وإن كان أعظم منها ; ولهذا علماء النصارى يقرنون بين موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، كما قال النجاشي ملك النصارى لما سمع القرآن: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.

وكذلك «قال ورقة بن نوفل، وهو من أحبار نصارى العرب، لما سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إنه يأتيك الناموس الذي يأتي موسى، يا ليتني فيها جذعا، حين يخرجك قومك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا».
ولهذا يقرن سبحانه بين التوراة والقرآن، في مثل قوله {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] ويعني التوراة والقرآن، وفي القراءة الأخرى (قالوا ساحران) أي محمد وموسى.
{وقالوا إنا بكل كافرون - قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 48 - 49].
فلم ينزل كتاب من عند الله أهدى من التوراة والقرآن.
ثم قال تعالى: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [القصص: 50].
(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون (121)
(فصل)

قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
وكذلك لفظ " التلاوة " فإنها إذا أطلقت في مثل قوله: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} تناولت العمل به كما فسره بذلك الصحابة والتابعون مثل ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وغيرهم قالوا: يتلونه حق تلاوته يتبعونه حق اتباعه فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه. وقيل: هو من التلاوة بمعنى الاتباع كقوله: {والقمر إذا تلاها} وهذا يدخل فيه من لم يقرأه وقيل: بل من تمام قراءته أن يفهم معناه ويعمل به كما قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا. وقوله: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} قد فسر بالقرآن وفسر بالتوراة. وروى محمد بن نصر بإسناده الثابت عن ابن عباس: {يتلونه حق تلاوته} قال يتبعونه حق اتباعه. وروي أيضا عن ابن عباس: يتلونه حق تلاوته قال: يحلون حلاله. ويحرمون حرامه ولا يحرفونه عن مواضعه وعن قتادة: يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به قال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا بكتاب الله وصدقوا به أحلوا حلاله وحرموا حرامه وعملوا بما فيه ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول إن حق تلاوته: أن يحل حلاله ويحرم حرامه وأن نقرأه كما أنزل الله ولا نحرفه عن مواضعه وعن الحسن: يتلونه حق تلاوته قال: يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه وعن مجاهد: يتبعونه حق اتباعه وفي رواية: يعملون به حق عمله.
(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (124)
[فصل البرهان الحادي عشر " إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي " والجواب عليه]
فصل قال الرافضي: " البرهان الحادي عشر: قوله تعالى: {إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي}
[سورة البقرة: 124]. روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي عن ابن مسعود، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انتهت الدعوة إلي وإلى علي، لم يسجد أحدنا لصنم قط، فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا». وهذا نص في الباب ". والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بصحة هذا كما تقدم. الثاني: أن هذا الحديث كذب موضوع بإجماع أهل العلم. وانظر: زاد المسير 1 139 - 141، الدر المنثور للسيوطي 1 118. الثالث: أن قوله: " انتهت الدعوة إلينا " كلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه إن أريد: أنها لم تصب من قبلنا كان ممتنعا ; لأن الأنبياء من ذرية إبراهيم دخلوا في الدعوة. قال تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} [سورة الأنبياء: 72 - 73] وقال تعالى: {وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل} [سورة الإسراء: 2]. وقال عن بني إسرائيل: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [سورة السجدة: 24]
وقال: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض} [سورة القصص: 5، 6]. فهذه عدة نصوص من القرآن في جعل الله [أئمة] من ذرية إبراهيم قبل أمتنا. وإن أريد: انتهت الدعوة إلينا: أنه لا إمام بعدنا، لزم أن لا يكون الحسن والحسين ولا غيرهما أئمة، وهو باطل بالإجماع. ثم التعليل بكونه لم يسجد لصنم [هو] هو علة موجودة في سائر المسلمين بعدهم. الوجه الرابع: أن كون الشخص لم يسجد لصنم فضيلة يشاركه فيها جميع من ولد على الإسلام، مع أن السابقين الأولين أفضل منه، فكيف يجعل المفضول مستحقا لهذه المرتبة دون الفاضل؟ الخامس: أنه لو قيل أنه لم يسجد لصنم لأنه أسلم قبل البلوغ، فلم يسجد بعد إسلامه، فهكذا كل مسلم، والصبي غير مكلف. وإن قيل: إنه لم يسجد قبل إسلامه فهذا النفي غير معلوم، ولا قائله ممن يوثق به. ويقال: ليس كل من لم يكفر أو من لم يأت بكبيرة أفضل ممن تاب عنها مطلقا بل قد يكون التائب من الكفر والفسوق أفضل ممن لم يكفر ولم يفسق، كما دل على ذلك الكتاب [العزيز] فإن الله فضل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وأولئك كلهم أسلموا بعد [الكفر]. وهؤلاء فيهم من ولد على الإسلام. وفضل
السابقين الأولين على التابعين لهم بإحسان، وأولئك آمنوا بعد الكفر، و [أكثر] التابعين ولدوا على الإسلام. وقد ذكر الله في القرآن أن لوطا آمن لإبراهيم، وبعثه الله نبيا. وقال شعيب: {قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} [سورة الأعراف: 89]. وقال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا} [سورة إبراهيم: 13]. وقد أخبر الله عن إخوة يوسف بما أخبر، ثم نبأهم بعد توبتهم، وهم الأسباط الذين أمرنا أن نؤمن بما أوتوا في سورة البقرة وآل عمران والنساء. وإذا كان في هؤلاء من صار نبيا، فمعلوم أن الأنبياء أفضل من غيرهم. وهذا مما تنازع فيه الرافضة وغيرهم، ويقولون: من صدر منه ذنب لا يصير نبيا. والنزاع فيمن أسلم أعظم، لكن الاعتبار بما دل عليه الكتاب والسنة. والذين منعوا من هذا عمدتهم أن التائب من الذنب يكون ناقصا مذموما لا يستحق النبوة، ولو صار من أعظم الناس طاعة. وهذا هو الأصل الذي نوزعوا فيه، والكتاب والسنة و [الإجماع] يدل على بطلان قولهم فيه.
(قال لا ينال عهدي الظالمين (124)
[فصل قال الرافضي الخامس قوله تعالى " لا ينال عهدي الظالمين " أخبر بأن عهد الإمامة لا يصل إلى الظالم والرد عليه]
فصل

قال الرافضي: " الخامس: قوله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين} [سورة البقرة: 124] أخبر بأن عهد الإمامة لا يصل إلى الظالم. والكافر ظالم ; لقوله: {والكافرون هم الظالمون} [سورة البقرة: 254]. ولا شك في أن الثلاثة كانوا كفارا يعبدون الأصنام، إلى أن ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم ".
والجواب من وجوه: أحدها: أن يقال: الكفر الذي يعقبه الإيمان الصحيح لم يبق على صاحبه منه ذم. هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، بل من دين الرسل كلهم.
كما قال تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [سورة الأنفال: 38]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث
الصحيح: " «إن الإسلام يجب ما قبله» "، وفي لفظ: " «يهدم من كان قبله، وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وإن الحج يهدم ما كان قبله» ".
الثاني: أنه ليس كل من ولد على الإسلام بأفضل ممن أسلم بنفسه، بل قد ثبت بالنصوص المستفيضة أن خير القرون القرن الأول، وعامتهم أسلموا بأنفسهم بعد الكفر، وهم أفضل من القرن الثاني الذين ولدوا على الإسلام.
ولهذا قال أكثر العلماء: إنه يجوز على الله أن يبعث نبيا ممن آمن بالأنبياء قبل محمد - صلى الله عليه وسلم ; فإنه إذا جاز أن يبعث نبيا من ذرية إبراهيم وموسى، فمن الذين آمنوا بهما أولى وأحرى.
كما قال تعالى: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي} [سورة العنكبوت: 26].
وقال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين - ولنسكننكم الأرض من بعدهم} [سورة إبراهيم: 13 - 14].
وقال تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين - قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا} الآية [سورة الأعراف: 88 - 89].
وطرد هذا: من تاب من الذنب وغفر له لم يقدح في علو درجته كائنا من كان. والرافضة لهم في هذا الباب قول فارقوا به الكتاب والسنة وإجماع السلف ودلائل العقول، والتزموا لأجل ذلك ما يعلم بطلانه بالضرورة، كدعواهم إيمان آزر، وأبوي النبي وأجداده وعمه أبي طالب، وغير ذلك.
الثالث: أن يقال: قبل أن يبعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - لم يكن أحد مؤمنا من قريش: لا رجل ولا صبي ولا امرأة، ولا الثلاثة، ولا علي، وإذا قيل عن الرجال: إنهم كانوا يعبدون الأصنام، فالصبيان كذلك: علي وغيره.
وإن قيل: كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ.
قيل: ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ ; فأولئك يثبت لهم حكم الإيمان والكفر وهم بالغون، وعلي يثبت له حكم الكفر والإيمان وهو دون البلوغ.
والصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا
باتفاق المسلمين. وإذا أسلم قبل البلوغ فهل يجري عليه حكم الإسلام قبل البلوغ؟ على قولين للعلماء، بخلاف البالغ فإنه يصير مسلما باتفاق المسلمين.
فكان إسلام الثلاثة مخرجا لهم من الكفر باتفاق المسلمين. وأما إسلام علي، فهل يكون مخرجا له من الكفر؟ على قولين مشهورين. ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر.
وأما كون صبي من الصبيان قبل النبوة سجد لصنم أو لم يسجد، فهو لم يعرف ; فلا يمكن الجزم بأن عليا أو الزبير ونحوهما لم يسجدوا لصنم، كما أنه ليس معنا نقل بثبوت ذلك، بل ولا معنا نقل معين عن أحد من الثلاثة أنه سجد لصنم. بل هذا يقال لأن من عادة قريش قبل الإسلام أن يسجدوا للأصنام ; وحينئذ فهذا ممكن في الصبيان، كما هو العادة في مثل ذلك.
الرابع: أن أسماء الذم: كالكفر، والظلم، والفسق التي في القرآن - لا تتناول إلا من كان مقيما على ذلك، وأما من (* صار مؤمنا بعد الكفر، وعادلا بعد الظلم، وبرا بعد الفجور - فهذا تتناوله أسماء المدح *) دون أسماء الذم باتفاق المسلمين.
فقوله عز وجل: {لا ينال عهدي الظالمين} [سورة البقرة: 124]، أي:

ينال العادل دون الظالم، فإذا قدر أن شخصا كان ظالما ثم تاب وصار عادلا تناوله العهد كما يتناوله سائر آيات المدح والثناء.
لقوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم} [سورة المطففين: 22]، وقوله: {إن المتقين في جنات ونعيم} [سورة الطور: 17].
الخامس: أن من قال: إن المسلم بعد إيمانه كافر، فهو كافر بإجماع المسلمين. فكيف يقال عن أفضل الخلق إيمانا: إنهم كفار ; لأجل ما تقدم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]