عرض مشاركة واحدة
  #83  
قديم 18-02-2022, 11:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,647
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
سُورَةُ آَلِ عِمْرَانَ
الحلقة (83)
صــ436 إلى صــ 440

يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون .

قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قرأ أبو رزين العقيلي ، وأبو عمران الجوني ، وأبو نهيك: تبيض وتسود ، بكسر التاء فيهما . وقرأ الحسن ، والزهري ، وابن محيصن ، وأبو الجوزاء: تبياض وتسواد بألف ، ومدة فيهما . وقرأ أبو الجوزاء ، [ ص: 436 ] وابن يعمر: فأما الذين اسوادت وابياضت ، بألف ومدة . قال الزجاج: أخبر الله بوقت ذلك العذاب ، فقال: يوم تبيض وجوه . قال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة ، وتسود وجوه أهل البدعة . وفي الذين اسودت وجوههم ، خمسة أقوال .

أحدها: أنهم كل من كفر بالله بعد إيمانه يوم الميثاق ، قاله أبي بن كعب .

والثاني: أنهم الحرورية ، قاله أبو أمامة ، وإسحاق الهمذاني .

والثالث: اليهود قاله ابن عباس .

والرابع: أنهم المنافقون ، قاله الحسن . والخامس: أنهم أهل البدع ، قاله قتادة .

قوله تعالى: (أكفرتم) قال الزجاج: معناه: فيقال لهم: أكفرتم ، فحذف القول لأن في الكلام دليلا عليه ، كقوله تعالى: وإسماعيل ربنا تقبل منا [ البقرة: 127 ] ، أي: ويقولان: ربنا تقبل منا . ومثله: من كل باب سلام عليكم [ الرعد: 25 ، 26 ] والمعنى: يقولون سلام عليكم . والألف لفظها لفظ الاستفهام ، ومعناها التقرير والتوبيخ . فإن قلنا: إنهم جميع الكفار ، فإنهم آمنوا يوم الميثاق ، ثم كفروا ، وإن قلنا: إنهم الحرورية ، وأهل البدع ، فكفرهم بعد إيمانهم: مفارقة الجماعة في الاعتقاد ، وإن قلنا: اليهود ، فإنهم آمنوا بالنبي قبل مبعثه ، ثم كفروا بعد ظهوره ، وإن قلنا: المنافقون ، فإنهم قالوا بألسنتهم ، وأنكروا بقلوبهم .

قوله تعالى: (فذوقوا العذاب) أصل الذوق إنما يكون بالفم ، وهذا استعارة منه ، فكأنهم جعلوا ما يتعرف ويعرف مذوقا على وجه التشبيه بالذي يعرف عند التطعم ، تقول العرب: قد ذقت من إكرام فلان ما يرغبني في قصده ، يعنون: عرفت ، ويقولون ذق الفرس ، فاعرف ما عنده .

[ ص: 437 ] قال تميم بن مقبل:


أو كاهتزاز رديني تذاوقه أيدي التجار فزادوا متنه لينا


وقال الآخر:


وإن الله ذاق حلوم قيس فلما راء خفتها قلاها


يعنون بالذوق: العلم . وفي كتاب الخليل: كل ما نزل بإنسان من مكروه فقد ذاقه .
وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون .

قوله تعالى: (وأما الذين ابيضت وجوههم) قال ابن عباس: هم المؤمنون . ورحمة الله جنته ، قال ابن قتيبة: وسمى الجنة رحمة ، لأن دخولهم إياها كان برحمته . وقال الزجاج: معناه: في ثواب رحمته ، قال: وأعاد ذكر "فيها" توكيدا .
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين .

قوله تعالى: (وما الله يريد ظلما للعالمين) قال بعضهم: معناه: لا يعاقبهم بلا جرم . وقال الزجاج: أعلمنا أنه يعذب من عذبه باستحقاق .
ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون .

قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) سبب نزولها أن مالك بن الضيف ووهب بن يهوذا اليهوديين ، قالا لابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة [وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ]: ديننا خير مما تدعونا إليه ، ونحن أفضل منكم ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عكرمة ومقاتل . وفيمن أريد بهذه الآية ، أربعة أقوال .

أحدها: أنهم أهل بدر . والثاني: أنهم المهاجرون . والثالث: جميع الصحابة .

والرابع: جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، نقلت هذه الأقوال كلها عن ابن عباس . وقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: "إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها ، وأكرمها على الله تعالى" قال الزجاج: وأصل الخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 439 ] وهو يعم سائر أمته .

وفي قوله تعالى: (كنتم) ، قولان .

أحدهما: أنها على أصلها ، والمراد بها الماضي ، ثم فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أن معناه: كنتم في اللوح المحفوظ .

والثاني: أن معناه: خلقتم ووجدتم . ذكرهما المفسرون .

والثالث: أن المعنى: كنتم مذ كنتم ، ذكره ابن الأنباري . والثاني: أن معنى كنتم: أنتم ، كقوله تعالى: وكان الله غفورا رحيما [ النساء: 96 ] .

ذكره الفراء ، والزجاج . قال ابن قتيبة: وقد يأتي الفعل على بنية الماضي ، وهو راهن ، أو مستقبل ، كقوله تعالى: (كنتم) ومعناه: أنتم ، ومثله: (وإذ قال الله يا عيسى) [ المائدة: 116 ] ، أي: وإذ يقول . ومثله: (أتى أمر الله) [ النحل: 1 ] ، أي: سيأتي ، ومثله: (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) [ مريم: 29 ] ، أي: من هو في المهد ، ومثله: وكان [ ص: 440 ] الله سميعا بصيرا [ النساء: 134 ] . أي: والله سميع بصير ، ومثله: فتثير سحابا فسقناه [ فاطر: 9 ] ، أي: فنسوقه .

وفي قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) قولان .

أحدهما: أن معناه: كنتم خير الناس للناس . قال أبو هريرة: يأتون بهم في السلاسل حتى يدخلوهم في الإسلام .

والثاني: أن معناه: كنتم خير الأمم التي أخرجت .

وفي قوله تعالى: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) قولان .

أحدهما: أنه شرط في الخيرية ، وهذا المعنى مروي عن عمر بن الخطاب ، ومجاهد ، والزجاج .

والثاني: أنه ثناء من الله عليهم ، قاله الربيع بن أنس . قال أبو العالية: والمعروف: التوحيد . والمنكر: الشرك . قال ابن عباس: وأهل الكتاب: اليهود والنصارى .

قوله تعالى: (منهم المؤمنون): من أسلم ، كعبد الله بن سلام وأصحابه . (وأكثرهم الفاسقون) ، يعني: الكافرين ، وهم الذين لم يسلموا .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]