عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-02-2022, 10:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البحث التفسيري :سورة البقرة آية :19 -20

الأقوال في المقصود بالبرق :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ( : (قوله:{وبرقٌ }
الوجه الأول
- وبه عن أبي الجلد قال: كتب إليه ابن عبّاسٍ يسأله عن البرق، فكتب إليه أنّ البرق ماءٌ.
- حدّثنا عليّ بن المنذر الطّريقيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن البرق- وكان عالمًا يقرأ الكتب- فكتب إليه. البرق من تلالؤ الماء
.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن ابن أشيء، عن ربيعة بن الأبيض، عن عليٍّ قال »: البرق مخاريق الملائكة.. »
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن حربٍ وأبو الرّبيع- واللّفظ لسليمان قالا: ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عبد الجليل، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة أنّه سئل عن البرق، فقال » :اصطفق البرد»
.
- وقال أبو الرّبيعٍ في حديثه : «البرق: اصطفق البرد»
.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ- يعني ابن سلمة- عن عبد الجليل، عن شهر ابن حوشبٍ: قال عبد اللّه بن عمرٍو لرجلٍ: سل كعبًا عن البرق: فقال كعبٌ : «البرق تصفيق ملك البرد. وحكى حمّادٌ بيده، لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ عثمان بن الأسود، عن مجاهد قال : البرق مصنع ملكٍ يسوق به السّحاب»
.

الوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي، عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك في قوله : {فيه ظلماتٌ ورعدٌوبرقٌ} «فأمّا البرق فالإيمان. عني بذلك أهل الكتاب«[تفسير القرآن العظيم: 1/ 55 – 56]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (:(والبرق: هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضّرب من المنافقين في بعض الأحيان، من نور الإيمان).[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه( : (واختلفوا في البرق: فقال علي بن أبي طالب : «هو مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب»
.
وقال ابن عباس:«هو سوط نور بيد الملك يزجي به السحاب
»
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أن البرق ملك يتراءى، وقال قوم: «البرق ماء»، وهذا قول ضعيف.
)[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]



المقصود بالصواعق:
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله : {من الصّواعق }
- حدّثنا عليّ بن المنذر الطّريقيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن الصّواعق. فكتب إليه أنّ الصّواعق مخاريق يزجر بها السّحاب . [تفسير القرآن العظيم: 1/ 56 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (والصّواعق: جمع صاعقةٍ، وهي نارٌ تنزل من السّماء وقت الرّعد الشّديد، وحكى الخليل بن أحمد عن بعضهم صاعقةً، وحكى بعضهم صاعقةً وصعقةً وصاقعةً ) [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ( : (والصاعقة: قال الخليل: «هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد يكون معها أحيانا نار، يقال إنها من المخراق الذي بيد الملك، وقيل في قطعة النار إنها ماء يخرج من فم الملك عند غضبه»


تأويل قوله ( حذر الموت ) :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله : {حذر الموت }
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت} والحذر منالقتل على الّذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم على مثل ما وصف من الّذي هو في ظلمة الصّيّب « [تفسير القرآن العظيم: 1/ 56 – 57 ]


معنى قوله {محيط بالكافرين} :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (فقال :{واللّه محيطٌ بالكافرين }يعنى جامعهم فمحلٌّ بهم عقوبته.
وكان مجاهدٌ يتأوّل ذلك كماحدّثني محمّد بن عمرٍو الباهليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه : {واللّه محيطٌ بالكافرين }قال : »جامعهم في جهنّم.. «
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في قوله
: {واللّه محيطٌ بالكافرين}قال : »جامعهم«.
وأمّا ابن عبّاسٍ فروي عنه في ذلك ماحدّثني به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ
: {واللّه محيطٌ بالكافرين }يقول» : اللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة.« ([جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى : {والله محيط بالكافرين }
الوجه الأول
- وبه عن ابن عبّاسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين } »يقول اللّه: واللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة- أي محيطٌ بالكافرين . «
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، في قوله : {
واللّه محيطٌ بالكافرين }قال : »جامعهم يوم القيامة في جهنّم. «.
الوجه الثّاني
- حدّثنا الحسن بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {واللّه محيطٌ بالكافرين}قال: «جامعهم- يعني: يوم القيامة.».
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ
: {واللّه محيطٌ بالكافرين }»يبعثهم اللّه من بعد الموت، فيبعث أولياءه أعداءه فينبّئهم بأعمالهم، فذلك قوله : { واللّه محيطٌ بالكافرين }
[تفسير القرآن العظيم: 1/ 57 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (و {محيطٌ بالكافرين }معناه: بعقابه وأخذه، يقال أحاط السلطان بفلان إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة، ومنه قوله تعالى : {وأحيطبثمره } [الكهف: 42 ]ففي الكلام حذف مضاف) .[المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ ): (ولهذا قال : {يجعلون أصابعهم في آذانهم منالصّواعق حذر الموت واللّه محيطٌ بالكافرين }أي: ولا يجدي عنهم حذرهم شيئًا؛ لأنّ اللّه محيطٌ [بهم] بقدرته، وهم تحت مشيئته وإرادته، كما قال : {هل أتاك حديث الجنود * فرعون وثمود * بل الّذين كفروا في تكذيبٍ * واللّه من ورائهم محيطٌ } [البروج: 17-20 ].[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]


المقصد من هذا المثل :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ ) :{مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا فلمّا أضاءت ما حوله ذهب اللّه بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون (17 (}
قوله :
{مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله :{
مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }قال : »هذا مثلٌ ضربه اللّه للمنافقين أنّهم كانوا يتعزون بالإسلام فينا المسلمين ويقاسمونهم الفيء فلمّا ماتوا سلبهم اللّه ذلك العزّ كما سلب صاحب النّار ضوءه«.
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية : {
مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }»فإنّما ضوء النّار ما أوقدتها، فإذا خمدت ذهب نورها، وكذلك المنافق كلّما تكلّم بكلمة الإخلاص- بلا إله إلا اللّه- أضاء له فإذا شكّ وقع في الظّلمة «..
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو شيبة- يعني شعيب- بن رزيقٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ، في قوله : {
مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }قال : »هذا مثل المنافقيبصر أحيانًا ثمّ يدركه عمى القلب ،وروي عن عكرمة والحسن والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ نحو قول عطاءٍ الخراسانيّ«. [تفسير القرآن العظيم: 1/ 50 – 51 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (واختلف المتأولون في المقصد بهذا المثل وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.
فقال جمهور المفسرين: «مثل الله تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم. والعمى: هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة التي تكاد أن تبهرهم هو البرق وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضح نفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق
«.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله صحيح بين.

وروي عن ابن مسعود أنه قال:
«إن رجلين من المنافقين هربا من النبي صلى الله عليه وسلم إلىالمشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله وأيقنا بالهلاك، فقالا: ليتنا أصبحنا فنأتي محمدا ونضع أيدينا في يده، فأصبحا وأتياه وحسن إسلامهما، فضرب الله ما نزل بهما مثلا للمنافقين».
وقال أيضا ابن مسعود:
»إن المنافقين في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن، فضرب الله المثل لهم«.)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وقوله عزّ وجلّ: {أو كصيّب من السّماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت واللّه محيط بالكافرين (19)} وهذا أيضاً مثل يضربه اللّه عزّ وجلّ للمنافقين)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وهذا مثلٌ آخر ضربه اللّه تعالى لضربٍ آخر من المنافقين)


معنى المثل :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ (: (قال أبو جعفرٍ: وهذه الأخبار الّتي ذكرنا عمّن روّيناها عنه، فإنّها وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني لأنّها جميعًا تنبئ عن أنّ اللّه ضرب الصّيّب لظاهر إيمان المنافق مثلاً ومثّل ما فيه من ظلماتٍ بضلالته، وما فيه من ضياء برقٍ بنور إيمانه، واتّقاءه من الصّواعق بتصيير أصابعه في أذنيه لضعف جنانه ونخب فؤاده من حلول عقوبة اللّه بساحته، ومشيه في ضوء البرق باستقامته على نور إيمانه، وقيامه في الظّلام بحيرته في ضلالته وارتكاسه في عمهه.
فتأويل الآية إذًن إذ كان الأمر على ما وصفنا.

-أو مثل ما استضاء به المنافقون من قيلهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين بألسنتهم: آمنّا باللّه وباليوم الآخر وبمحمّدٍ وما جاء به، حتّى صار لهم بذلك في الدّنيا أحكام المؤمنين،وهم مع إظهارهم بألسنتهم ما يظهرون باللّه وبرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاء به من عند اللّه وباليوم الآخر، مكذّبون، ولخلاف ما يظهرون بالألسن في قلوبهم معتقدون، على عمًى منهم وجهالةٍ بما هم عليه من الضّلالة لا يدرون فى أيّ الأمرين اللّذين قد شرّعا لهم فيه الهداية في الكفر الّذي كانوا عليه قبل إرسال اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بما أرسله به إليهم، أم في الّذي أتاهم به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من عند ربّهم؟ فهم من وعيد اللّه إيّاهم على لسان محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وجلون، وهم مع وجلهم من ذلك في حقيقته شاكون في قلوبهم مرضٌ فزادهم اللّه مرضًا. كمثل غيثٍ سرى ليلاً في مزنةٍ ظلماء وليلةٍ مظلمةٍ يحدوها رعدٌ ويستطير في حافاتها برقٌ شديدٌ لمعانه كثيرٌ خطرانه، يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، ويختطفها من شدّة ضيائه ونور شعاعه وينهبط منها تاراتٌ صواعق تكاد تدع النّفوس من شدّة أهوالها زواهق.
فهم من وجلهم أن يكون ذلك حقًّا يتّقونه بالإقرار بما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بألسنتهم مخافةً على أنفسهم من الهلاك ونزول النّقمات وذلك تأويل قوله جلّ ثناؤه : {
يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت }
يعني بذلك يتّقون وعيد اللّه الّذي أنزله في كتابه على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما يبدونه بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتّقي الخائف أصوات الصّواعق بتغطية أذنيه وتصيير أصابعه فيها حذرًا على نفسه منها.
وقد ذكرنا الخبر الّذي روي عن ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ أنّهما كانا يقولان :
»
إنّ المنافقين كانوا إذا حضروا مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أدخلوا أصابعهم في آذانهم فرقًا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزل فيهم شيءٌ، أو يذكروا بشيءٍ فيقتلوا. «.
فإن كان ذلك صريحًا، ولست أعلمه صحيحًا، إذ كنت بإسناده مرتابًا؛ فإنّ القول الّذي روي عنهما هو القول وإن يكن غير صحيحٍ، فأولى بتأويل الآية ما قلنا؛ لأنّ اللّه إنّما قصّ علينا من خبرهم في أوّل مبتدأ قصصهم أنّهم يخادعون اللّه ورسوله والمؤمنين بقولهم آمنّا باللّه وباليوم الآخر مع شكّ قلوبهم ومرض أفئدتهم في حقيقة ما زعموا أنّهم به مؤمنون ممّا جاءهم به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عند ربّهم، وبذلك وصفهم في جميع آي القرآن الّتي ذكر فيها صفتهم. فكذلك ذلك في هذه الآية.

وإنّما جعل اللّه إدخالهم أصابعهم في آذانهم مثلاً لاتّقائهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين بما ذكرنا أنّهم يتّقونهم به كما يتّقي سامع صوت الصّاعقة بإدخال أصابعه في أذنيه. وذلك من المثل نظير تمثيل اللّه ما أنزل فيهم من الوعيد في آي كتابه بأصوات الصّواعق، وكذلك قوله :{
حذر الموت }
جعله جلّ ثناؤه مثلاً لخوفهم وإشفاقهم من حلول عاجل العقاب المهلكهم الّذي توعّده بساحتهم، كما يجعل سامع أصوات الصّواعق أصابعه في أذنيه حذر العطب والموت على نفسه أن تزهق من شدّتها.
.) .
[جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]


معنى الآية في قوله تعالى يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم ...).
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومعنى الآية فيما روي عن ابن عباس وغيره: كلما سمع المنافقون القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه قاموا أي ثبتوا على نفاقهم.
وروي عن ابن مسعود أن معنى الآية: كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك. وإذا نزلت بهم مصيبة أو أصابتهم شدة سخطوه وثبتوا في نفاقهم.

وقال قوم: معنى الآية: كلما خفي عليكم نفاقهم وظهر لكم منهم الإيمان مشوا فيه، فإذا افتضحوا عندكم قاموا، ووحد السمع لأنه مصدر يقع للواحد والجمع.
) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


معنى قوله :{يكاد البرق يخطف أبصارهم } :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومعنى : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (أي: لشدّته وقوّته في نفسه، وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يكاد البرق يخطف أبصارهم}يقول: »يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين«..
وقال ابن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {
يكاد البرق يخطف أبصارهم }
أي لشدّة ضوء الحقّ) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


معنى الخطف :.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ.:(والخطف:السّلب ومنه الخبر الّذي روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنّه نهى عن الخطفة. يعني بها النّهبة؛ومنه قيل للخطّاف الّذي يخرج به الدّلو من البئر خطّافٌ لاختطافه واستلابه ما علقبه. ومنه قول نابغة بني ذبيان:



خطاطيف حجنٌ في حبالٍ متينةٍ.......تمدّ بها أيدٍ إليك نوازع

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه (: (والخطف الانتزاع بسرعة.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


المقصود بالبرق :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فقال : {يكاد البرق}يعني بالبرق: الإقرار الّذي أظهروه بألسنتهم باللّه وبرسوله وما جاء به من عند ربّهم،فجعل البرق له مثلاً على ما قدّمنا صفته.)[جامع البيان: 1/ 381 – 383]


سبب تخصيص السمع والأبصار .
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(:)القول في تأويل قوله تعالى : {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما خصّ جلّ ذكره السّمع والأبصار بأنّه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للّذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله:
{يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق}وقوله: {يكاد البرق يخطف أبصارهم كلّما أضاء لهم مشوا فيه}فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل. ثمّ عقّب جلّ ثناؤه ذكر ذلك بأنّه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبةً لهم على نفاقهم وكفرهم، وعيدًا من اللّه لهم)[جامع البيان: 1/ 381 - 383]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) :(وخص الأسماع والأبصار لتقدم ذكرها في الآية)[المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


معنى قوله {كلّما أضاء لهم مشوا فيه }:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( أي كلّما ظهر لهم من الإيمان شيءٌ استأنسوا به واتّبعوه، وتارةً تعرض لهم الشّكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فمعناه: كلّما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السّائر في ظلمة اللّيل وظلمة الصّيّب الّذي وصفه جلّ ثناؤه، إذا برقت فيها بارقةٌ أبصر طريقه فيها.) [جامع البيان: 1/ 378 – 381 ]


لماذا ذكر الله قوله: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} ؟
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وقوله : {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى :{ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }قال :لما تركوا من الحقّ بعد معرفته) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


معنى قوله وإذا أظلم قاموا ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): ( وقاموا معناه ثبتوا، لأنهم كانوا قياما، ومنه قول الأعرابي:
«وقد أقام الدهر صعري بعد أن أقمت صعره»
يريد أثبت الدهر.
) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


معنى قوله (ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (ويشبه هذا المعنى في حال المنافقين أن الله لو شاء لأوقع بهم ما يتخوفونه من الزجر والوعيد أو لفضحهم عند المؤمنين وسلط المؤمنين عليهم، وبكل مذهب من هذين قال قوم.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


معنى قوله {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }قال ابن عبّاسٍ: »أي إنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ، أو عفوٍ، قديرٌ«..)

مدلول قوله تعالى : {على كلّ شيءٍ }:
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقوله تعالى :{على كلّ شيءٍ }لفظه العموم ومعناه عند المتكلمين على كل شيء يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

معنى قوله {قديرٌ} :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه ): (و {قديرٌ }بمعنى قادر، وفيه مبالغة) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


سبب تخصيص القدرة بالذكر :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (القول في تأويل قوله تعالى : {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما وصف اللّه نفسه جلّ ذكره بالقدرة على كلّ شيءٍ في هذا الموضع، لأنّه حذّر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنّه بهم محيطٌ وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قديرٌ، ثمّ قال: فاتّقوني أيّها المنافقون واحذروا خداعي وخداع رسولي وأهل الإيمان بي لا أحلّ بكم نقمتي فإنّي على ذلك وعلى غيره من الأشياء قادرٌ) [جامع البيان: 1/ 384 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (وخص هنا صفته التي هي القدرة بالذكر لأنه قد تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142]
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]