عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-02-2022, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ابن مالك اللغوي



3- أنَّ ابن مالك لا يشير - غالبًا - إلى تاريخ فراغه من تأليف كتبه؛ لهذا لم استطع التعرُّف على تاريخ كلٍّ منها، هذا التعرُّف الذي كان يُعيننا على فهم التطوُّر اللغوي عند المؤلف؛ لذلك عمدت إلى ترتيب هذه المؤلَّفات حسَب الموضوعات التي تناولتها مع الإشارة إلى المطبوع منها والمخطوط والمفقود.

4- أنَّ ابن مالك اهتمَّ بمشكلة الظاء والضاد، وما حدث من خلطٍ بين هذين الصوتين فوضع فيها خمسة مصنَّفات بذل فيها غاية جهده في محاولة التفريق بينهما، ولكن جهده كان مقصورًا على التمييز الكتابي لا النُّطقي، وهو بهذا يُحاكي الباحثين السابقين الذين ألَّفوا في الظاء والضاد، وسألت نفسي لماذا لم يجمع ابن مالك دراسته هذه كلها في مؤلَّفٍ واحد، يجمع شواردها بدل أنْ تكون مبعثرة في عدَّة بحوثٍ، وكانت الإجابة أنَّه في أكبر الظن أنَّ المؤلف بدأ يوضع عجالة، فرَّق فيها بين الكلمات التي وردت بالظاء وتلك التي وردت بالضاد، ولكنَّه أحسَّ بعد أنِ اتَّسعت دائرة عمله في اللغة أنها لا تكفي، فشفعها بثانيةٍ ثم بثالثة ثم برابعة فخامسة، وإن اختلفت طبيعةُ كلٍّ منها عن طبيعة الأُخرَيات إلى حدٍّ ما، فهي في جملتها يُكمل بعضها بعضًا.

5- أنَّ لابن مالك منهجًا واضحًا في التأليف في اللغة، وهذا المنهج لا يختلفُ كثيرًا عن المنهج الذي سلكَه المؤلِّفون المتأخِّرون عنه، فهو يُقدم على الاختيار والانتخاب فلم يكن ابن مالك وحدَه هو الذي سار عليه؛ فقد كان طابع العصر؛ إذ أخذ معظم على معظم علمائه في مختلف فنون المعرفة، على جميع ما قيل في كتب سابقيهم حتى قِيل: إنَّه عصر الموسوعات، فجاءت كتبهم مليئةً بأقوال المتقدِّمين، خالية من التجديد والابتكار، ومع ذلك فلابن مالك، مع إفادته من كتب السابقين استدراكات وتعقيبات على ما ورد بهذه الكتب.

6- كان ابن مالك يشيرُ إلى سبق عمله في فنٍّ من الفنون، فيقول في بعض كتبه: "إنَّ هذا المجموع خصصت بجمع شمله، ولم أسبق إلى الإتيان بمثله"، أو يقول: "هذه قصيدةٌ تجمع ضوابط مميزة للظاء من الضاد بحصر رُزِقت الإعانة عليه، وخصصت بالسبق إليه"، ولكنَّه لم يكن يُعنى دائمًا بذلك أنَّه ابتكر ما لم يكن له من وجود من قبل، وإنما كان يُعنى بعث الحياة فيما كان موجودًا، في سبكه وصياغته فجاء بشكلٍ أفضل، ولا شكَّ أنَّ حسن العرض دليلٌ على التمكُّن من المادة المعروضة.

7- أنَّ من أهم سمات ابن مالك في التأليف اللغوي أمانته العلميَّة، وتحرِّيه الشديد في إرجاع النُّقول إلى مصادرها الأصليَّة، وهذه السمة التأليفيَّة عكست دقَّته في تصنيف كتبه.

8- أنَّ النظم كان سهلاً عليه؛ فأعانه ذلك على وضع الضوابط التي تُسهِّلُ على المتعلم جمع المتفرِّقات وترتبيها.

9- أنَّه مال للكوفيين في الأصول العامَّة، فوقف من السماع والقياس والاحتجاج مثل موقفهم ورجح مذهبهم في ذلك على مذهب البصريين، أمَّا في المسائل الفرعية فقد كان يختار الرأي الذي صحَّ عنده دليله، فيُوافق الكوفيين تارةً ويُخالفهم تارة أخرى، ويستحسن رأي البصريين في مسألةٍ ويستقبح رأيهم في أخرى.

ثم كان الباب الثاني في: (آراؤه اللغوية وموقفنا منها) مشتملاً على أربعة فصول[3] تُسهم إلى حدٍّ ما في إبراز جهود ابن مالك في الدراسات اللغوية.

وقد سجل البحث في هذا الباب عددًا من النتائج، منها:
1- أنَّ ابن مالك اهتمَّ كثيرًا بالسماع وتوسَّع في الأخذ به.

2- أنَّ اللغويين والنُّحاة الأوائل قليلاً ما كانوا يستشهدون بالحديث في ما قاله أبو حيان من عدم استشهاد أئمَّة اللغة والنحو من البصريين والكوفيين أصلاً به غير صحيح؛ فقد استشهدوا جميعًا بالحديث، ولكنَّ ابن مالك كان أوَّل مَن أكثر من هذا الاستشهاد.

3- أنَّ أبا حيان كان متحاملاً على ابن مالك في هذه القضية، فقد انتقص دراسته وضعَّف منهجه اللغوي، ولكنَّ أبا حيان نفسه استشهد بالحديث في كثيرٍ من المسائل اللغوية والنحوية إلى عالجها، وكان في بعضها يعتمدُ على الحديث وحدَه، وقد أشار إلى هذا بعض الدارسين قديمًا وحديثًا.

4- أنَّ التصنيف الذي وضعه أبو نصر الفارابي للقبائل لم يكن محلَّ اتفاقٍ بين جميع اللغويين، ويظهر أنَّ البصريين كانوا أكثر تمسُّكًا به من الكوفيين.

وممَّن لم يلتزمْه ابن مالك؛ فقد عُنِي في كتبه بنقل لغة لخم، وخزاعة وقضاعة وغيرهما من القبائل التي لا يحتجُّ البصريون بلغتها.

5- أنَّ ابن مالك أفرد كتبًا لمباحث الضاد والظاء، والهمز، والمقصور والممدود، والإبدال، وقد اقتدى في تصنيفه هذا بالكتب المؤلَّفة في هذا الجانب مستعيرًا منها التقسيم والتبويب.

6- أنَّ المباحث التي تناولت المقصور والممدود باتِّفاق المعنى، وما ورد من الأفعال على وزن "فعل وأفعل" والمثلث المتَّحد المعنى هي في الحقيقة وافدة من لغات مختلطة، جمعها اللغويون المتأخرون كابن مالك دون أنْ ينسبوها إلى أهلها؛ إذ ليس من المعقول أن تنطق القبيلة الواحدة بكلمةٍ تتعدَّد صورها وتبقى دلالتها المعنويَّة دون تغيُّر؛ لأنَّ معنى هذا إحداث اضطراب في الفهم، والإبانة عن مقاصد الكلام، فمن المنطق اللغوي السديد أنْ تكون كلُّ صورةٍ منسوبة إلى قبيلة أو منطقة لغويَّة، وبالرُّجوع إلى معاجم اللغة وجدنا ما قُلناه يُؤيِّده الشواهد اللغويَّة، فكثيرٌ من هذه اللغات المختلطة منسوبةٌ فيها إلى أصحابها.

7- أنَّ المباحث التي تناوَلَها ابن مالك وتدخُلُ في مجال الدلالة المعنوية المثلث المختلف المعنى، وهو الذي يختلفُ معنى الكلمة فيه باختلاف حركة فائها إنْ كانت اسمًا أو عينها إنْ كانت فعلاً، هذا النوع من الكلمات يمكن نسبة كلِّ صورِه إلى قبيلةٍ واحدة؛ إذا لا لبس هناك، فلكلِّ صورة معناها.

أمَّا الباب الثالث الذي يتحدَّث عن (أهم مصادر ابن مالك ومدى إفادته منها) فيتكوَّن من فصلين[4].

ومن النتائج التي خرجت بها من هذا الباب:
1- أنَّني لم أرَ في المؤلِّفين المعاصرين لابن مالك ممَّن عوَّل على جهود اللغويين السابقين واستعان بها في التصنيف مثلما فعل صاحبنا، فقد تضمنت كتبه كثيرًا ممَّا قاله القدماء والمعاصرون له.

2- أنَّه تختلف طريقة إفادته من مصادره الأساسيَّة ومراجعه الثانوية باختلاف موضوعات هذه المصادر؛ فالكثير من المصادر التي أخَذ عنها ابن مالك فُقِدت أصولها فلم يَصِلْنا منها إلا بعض ما نقَلَه ابن مالك.

3- أنَّ أبا منصور محمد الأزهري وأبا الحسن بن سيده، وأبا القاسم علي بن جعفر بن القطَّاع يعدون فيما نعتقد أهم اللغويين الذين اعتمَدَ ابن مالك على كتبهم؛ ولذلك جاءت كتبه اللغوية مليئة بالنقل عنهم.

وأخيرًا أفردت الباب الرابع (نقد وتقويم) لأُبيِّن القيمة الموضوعيَّة للدراسات اللغويَّة عند ابن مالك، فعقدت له ثلاثة فصول[5] خرجت منها إلى:
1- أنَّ ابن مالك بالرغم من شُهرته وانتشار كتبه، واعتداده بنفسه، لم يظهر له حسَّاد أو منافسون في حياته، وربما كان هذا راجعًا إلى انصِراف ابن مالك إلى كتبه ومطالعته، وعدم دخولِه مع علماء عصره في جدل أو مناقشات حادَّة.

2- أنَّ في المحدَثين باحثين كرَّروا كلام المتقدِّمين فيه دون فحص أو بحث؛ فأذاعوا كثيرًا ممَّا قاله أبو حيان عنه؛ فطمسوا بذلك الحقائق ذات الصلة بابن مالك وآثاره.

3- أنَّ من المحدَثين كذلك باحثين لم يُسلِّموا بما قيل فيه، بل ناقَشُوه فأنصَفُوا الرجل، ووقَفوا إلى جانبه.

4- أنَّ أبا حيان تعصَّب على ابن مالك، وسجَّل أمورًا انتقصه فيها، ومع ذلك فقد عظَّم ابن مالك ورفع من شأنه، ويتجلَّى ذلك في شرحه لمصنَّفاته وتبسيطها للناس.

5- أنَّ قبل أنْ نحكم لابن مالك أو عليه يجب أنْ نضع نصب أعيننا بعضَ الأمور والاعتبارات في مادَّته أو منهجه، كما أنَّه من الخطأ أنْ نقيس كتب ابن مالك بمقاييس التأليف في عصرنا الحاضر؛ فابن مالك كان يضع كتبَه على طريقة أهل زمانه، ثم يعمدُ إلى إعادة النظر فيها بين حينٍ وآخَر فينقحها ويزيد فيها، وأنَّ بعض الخلاف اليسير الذي نلمَسُه بين نقول ابن مالك والمصادر التي نقل عنها يمكن إرجاعه إلى اختلاف نسخ المصادر، أو عدم عناية النُّسَّاخ بهذه المصادر.

6- أنَّ هناك مآخذَ هيِّنة تأليفيَّة أخذتها عليه في كتبه اللغوية منها:
أ- أنَّه قد يعزو النصَّ إلى صاحبه دون أنْ يذكر اسم الكتاب الذي نقل منه، في الوقت الذي يكون لهذا المؤلف أكثر من كتاب.

ب- وأنَّه أحيانا لا يعزو اللغات إلى أصحابها.

ج- أنَّ شخصيَّته كانت - أحيانًا - تختفي في خِضَمِّ الأقوال التي ينقلها من كتب السابقين.

د- وأنَّه يغلب على طريقته في التأليف الاستطرادُ.

وفي البحث نتائجُ أخرى يمكن أنْ يقفَ عليها القارئ دون عناءٍ.

وبعدُ:
فأحمدُ الله الذي وفَّقني لإعطاء صورةٍ كاشفة لابن مالك اللغوي، وأنْ هيَّأ لي من أسباب التوفيق في البحث ما حقَّقته من نتائج يلمَسُها القارئ من خلال الأبواب المختلفة فيه، وما أظنُّه جديدًا أرجو أنْ أضيفَه إلى المكتبة العربيَّة، على أنَّني لا أدَّعي الكمالَ في هذا البحث، أو أنَّني أتيتُ بشيءٍ لا يقبلُ المناقشة، ولكنِّي أزعم أنَّني أردت الحقَّ في عملي، وأخلصت في البحث والدرس ما وسعني الإخلاص؛ خدمةً للقرآن الكريم وللغته، وقد حرصت كلَّ الحرص على الإلمام بأطراف موضوعي بدقَّةٍ، وفقَ ما يتطلَّبُه المنهج العلمي الحديث، ولديَّ الرغبةُ الأكيدة في تقبُّل النقد الهادف، والتوجيهات القيِّمة، والتوصيات التي أتلقَّاها من أساتذتي لأنتفعَ بها في تقويم بحثي هذا، كما سأنتفع بها مستقبلاً.

وآخِر قولي: أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.



فهرس الموضوعات

الموضوع
الصفحة
هذا البحث
موضوعه منهجه مصادره
ب
مدخل البحث: عصر ابن مالك وحياته
1
الباب الأول مظاهر نشاطه اللغوي وأسلوب عمله
20
الفصل الأول: مؤلفاته اللغوية
23
1- في مجال الأصوات
23
2- في مجال البنية
89
3- في مجال الدلالة
105
- مؤلفات ابن مالك المفقودة
12
- مؤلفات نسبت إليه خطأ
129
الفصل الثاني: منهجه اللغوي وطريقته في التأليف
138
المبحث الأول: استقصاؤه
140
المبحث الثاني: تنظيمه وسهولة عرضه
145
المبحث الثالث: ميله إلى الاستقلال بالرأي
1552
المبحث الرابع: أمانته العلمية وتحرِّيه
158
المبحث الخامس: إيثاره المذهب الكوفي على البصري
167
الباب الثاني: آراؤه للغوية وموقفنا منها
175
الفصل الأول: في أصول اللغة
178
المبحث الأول: مفهوم السماع ورأى العلماء في الاحتجاج به
180
المبحث الثاني: القرآن والحديث
186
المبحث الثالث: موقف ابن مالك من مصادر اللغة
188
الفصل الثاني: الظواهر الأصواتية كما يراها
196
المبحث الأول: رسائل في الضاد والظاء - الهمز - المقصور والممدود - الإبدال
196
المبحث الثاني: آراء أبداها في ثنايا كتبه النحوية عن: الإمالة - الإدغام - الوقف
236
الفصل الثالث: البنية
248
1- المد والقصر
248
فعل وأفعل
250
المثلث المتحد المعنى
253
الفصل الرابع: الدلالة
258
المثلث المختلف الدلالة
261
المترادف
263
الباب الثالث: أهم مصادره ومدى إفادته منها
273
الفصل الأول: مصادره الأساسية:
278
1- "تهذيب اللغة"
278
2- "المحكم"
289
3- كتاب "الأفعال"
299
الفصل الثاني: مراجعه الثانوية:
305
1- "الغريب المصنف"
305
2- كتاب "الجيم"
306
3- "الفرق بين الضاد والظاء"
309
4- "مثلثات البطليوسي"
310
الباب الرابع: نقد وتقويم
311
الفصل الأول: عرض لآراء القدماء والمحدثين في ابن مالك
313
1- قدماء يُكثرون من الثناء عليه
313
2- قدماء يتعصَّبون عليه
318
3- محدثون ينقدونه وينصفونه
322
4- محدثون يظلمونه ويغبطونه حقه
325
الفصل الثاني: مناقشة
328
مع الأستاذ محمود رزق سليم
329
مع الدكتور مرتضى آية الله الشيرازي
332
مع الدكتور عبدالمنعم هريدي
334
الفصل الثالث: ما يُؤخَذ على ابن مالك
336
الخاتمة: في تلخيص البحث ونتائجه
344
فهارس البحث: المصادر - الموضوعات - الأعلام
352


[1] انظر هذا البحث ص 352.

[2] انظر في هذا البحث ص 20 - 174.

[3] انظر هذا البحث ص 175 - 272.

[4] انظر في هذا البحث ص 273 - 310.

[5] انظر في هذا البحث ص 311 - 343.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]