عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-02-2022, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,441
الدولة : Egypt
افتراضي ابن مالك اللغوي

ابن مالك اللغوي


غنيم غانم عبدالكريم الينبعاوي



ملخص الرسالة

ابن مالك اللغوي

موضوعه، منهجه، مصادره






الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على رسول الله الأمين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعدُ:
فإنَّه يطيبُ لي أنْ أعرض هنا لموضوع بحثي، ودوافع اختياري له، ومنهجي الذي سأتَّبعه في البحث فيه، ومصادره وبعض ما اعترضته من صُعوبات.

1- موضوع البحث:
أمَّا موضوع بحثي فهو "ابن مالك اللغوي".

وهذا البحث يُعالج جهود ابن مالك في المجال اللغوي، وهي جهودٌ كثيرة ومتنوِّعة إذا قرنت بجهود غيره من علماء اللغة، فقد استَطاع من خلال مُؤلَّفاته التي خلفها لنا أنْ يُشارك بنصيبٍ في النهضة اللغويَّة، وأنْ تدنو أكثر مباحثه اللغويَّة المختلفة، مجتمعة أو متناثرة، من مجال فقه اللغة، بالمعنى المتعارَف عليه في الوقت الحاضر بين الباحثين.

وقد حرصت - ما أمكنني ذلك - على أنْ أتتبَّعَ أعماله اللغوية في مُصنَّفاته وآراءه التي أبداها هنا وهناك، فقد جمعت ما استطعتُ جمعَه من مصنَّفاته ثم عكفت عليها متتبعًا خطواته فيها واستطعت - بتوفيق الله - الوقوف على معظم أعماله اللغويَّة من مطبوع ومخطوط والإلمام بشتات ما تفرَّق.

ومن أهمِّ ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع:
أولاً: دراسة الجانب اللغوي عند ابن مالك، وهو جانبٌ مشرق لا يقلُّ أهميَّةً عن الجانب النحوي الذي عُرِفَ به واشتهر، وهذا العمل يسدُّ بلا شكٍّ حاجةً ماسَّة عند دارسي العربية المهتمِّين بقضاياها، فابن مالك شخصيَّة لغويَّة فذَّة لم تحظَ باهتمامٍ كبير في الدراسات، حتى الجامعيَّة، فالباحثون الذين اشتغلوا في ابن مالك تناولوا البحث في جانبه النحوي بين دراسة وتحقيق بعض مؤلَّفاته النحويَّة فأردت أنْ يظهر فضل صاحبنا في المجال اللغوي؛ حتى يأخُذ مكانه بين اللغويين كما أخَذَه بين النحويين.

ثانيًا: كان ابن مالك محدثًا ولغويًّا ونحويًّا، وليس من الدقَّة العلميَّة أنْ تبحث هذه الجوانب كلها في كتابٍ واحد، فأخذت الجانب اللغوي وحدَه؛ حتى يكون عملي أكثر دقَّةً وأقرب إلى طبيعة التخصُّص العلمي.

ثالثًا: أنَّ ابن مالك كان يُعوِّلُ في مصنَّفاته اللغويَّة على الكثير من أمَّهات الكتب، وهي لا تخرج عن اثنين: كتب موجودة بعضها مطبوع وآخَر لا يزال مخطوطًا، وكتب فُقِدت مع ما فُقِد من تراثنا، وقد حفظت مؤلَّفات ابن مالك بعض النقول عنها، ففي بعثها تقدير لأصحابها.

رابعًا: أنَّ الفترة التي عاش فيها ابن مالك في بلاد الشام كانت من أروع فترات الإنتاج العلمي في عصره؛ ففيها كان قد نضج كثيرٌ من العلوم، وأُقِيمت المدارس المتعدِّدة؛ ومن ثَمَّ تم فصل كثير من البحوث التي كانت متداخلةً فأفردت في مؤلَّفات مستقلَّةٍ.

خامسًا: أنَّ دراسة تراث ابن مالك اللغوي دراسةً علمية حديثة تعين دون ريبٍ على كشفِ صفحةٍ مشرقة من جوانب حضارتنا الإسلاميَّة وما قدَّمته في ميدان الدراسات اللغويَّة في أبحاث ونظريَّات تدنو من نطاق بحوث فقه اللغة في عصرنا الحاضر.

2- خطة الدراسة:
أمَّا خطَّتي في البحث فقد انتهيتُ إليها بعد دراسة مؤلَّفات ابن مالك اللغوية المخطوطة والمطبوعة، وقد أدَّت طبيعة الدراسة أنْ تكون في مدخل وأربعة أبواب وخاتمة ونتائج.

المدخل: تناولت فيه عصرَ ابن مالك في إيجازٍ شديد؛ الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية أيامَ نشأة ابن مالك في الأندلس في بعد رحيلِه إلى بلاد الشام واستقراره فيها؛ لأنَّها جميعًا كانت ذات أثرٍ فعَّال في توجيه حياة صاحبنا وفكره وآثاره، كما تناولت سيرته: فعرَّفت بنسبه ومولده ودراسته بالمغرب وشيوخه، ورحلته إلى المشرق وأسبابها وأثرها في حياته، واشتغاله بالإمامة والتدريس، وتلاميذه الذين أخذوا عنه، كلُّ ذلك - كما قلنا - في إيجازٍ شديد، مكتفيًا بما قاله الباحثون الذين سبَقُوني ووفوا هذا الجانب حقَّه.

الباب الأول: ويقع في فصلين:
الفصل الأول: في مؤلفاته اللغوية، وقد حاولت في هذا الفصل أن أجمع آثاره المتعلقة بالدراسات اللغويَّة، كتبًا كانت أو رسائل صغيرة، وأوثِّق نسبتها إلى ابن مالك، ثم أتكلَّم عنها كلامًا مفصلاً، فأعرف بها وبما فيها من معلوماتٍ مفيدة، وأشير إلى ما أثارت من نشاط علمي.

وبما أنَّ ابن مالك قد وضع أحيانًا أكثر من كتابٍ في مجال واحد من مجالات اللغة، فقد قسَّمتها إلى ثلاثة أقسام: في مجال الأصوات والبنية والدلالة، مشيرًا إلى ما طبع منها وإلى ذكر عدد مرَّات طبعاتها، وأسماء ناشريها ما أمكن ذلك، وإذا كانت مخطوطةً ذكرت أماكن وجودها في المكتبات المختلفة بما تيسَّر لي الوقوف عليه بنفسي، أو من خلال فهارس المخطوطات، وإنْ كانت مفقودةً عرضت لما وصَل إلى مَن وصفها.

الفصل الثاني: في منهجه اللغوي وطريقته في التأليف، فأفضت الحديث فيه بعض الإفاضة، وقسمت هذا الفصل إلى خمسة مباحث، تمثِّل أهم السمات التأليفيَّة في اللغة عند ابن مالك، وهي استقصاؤه وتنظيمه وسهولة عرضِه، وميله إلى الاستقلال بالرأي وأمانته العلميَّة وتحرِّيه، وإيثاره المذهب الكوفي على البصري.

وانتهيت إلى أنَّ لابن مالك منهاجًا خاصًّا، وطريقة في التأليف، كما أنَّ له آراء واجتهادات لا تقلُّ عن أصالة الآراء التي تابع فيها المتقدِّمين.

الباب الثاني: وهو في أربعة فصول:
أولها: في أصول اللغة، وقد تناولت في هذا الفصل السَّماع والقياس منذ نشأتهما وموقف نحاة البصرة والكوفة من السماع وممَّا يقاس عليه، ثم بيَّنت موقف ابن مالك منهما، وانتهيت إلى أنَّه كان يتوسَّع في القياس، كما بحثتُ في هذا الفصل الاحتجاجَ ومفهومه وتطوُّره وموقف ابن مالك من الاحتجاج بالقرآن الكريم والحديث النبوي وكلام العرب، وانتهيت إلى أنَّ ابن مالك كان يأخذ بالقرآن ويجعله في رأس مصادره، كما أنَّه أوَّلُ مَن توسَّع في الاستشهاد بالحديث، بحيث كان من أهمِّ ميزات مذهبه اللغوي، كما كان يحتجُّ بكلام العرب ويعتدُّ بكلِّ ما قالوه؛ لأنَّه كان يري أنَّ لغات العرب كلها جديرة بالاعتبار، ولا يصحُّ ردُّ أحداهما بالأخرى.

ثانيها: في الظواهر الأصواتية: وقد خصصت هذا الفصل لدراسة الضاد والظاء والهمز، والمقصور والممدود والإبدال، وهذه الموضوعات أفرد لها صاحبُنا بعضَ الكتب، كما رأيت إتمامًا للفائدة أنْ أتناولَ الجوانب الصوتية المبثوثة في كتبه النحوية، فدرست الإمالة والإدغام والوقف.

ثالثها: في البنية: وقد تناولت في هذا الفصل بعض موضوعات ابن مالك التي تدخُل في بنية الكلمة وهي المد والقصر وما جاء في الأفعال في وزن "فعل وأفعل" باتِّفاق المعنى، والمثلَّثات المتحدة المعنى، وانتهيت إلى أنَّ ما جاء في هذه الموضوعات لغات مختلطة.

رابعها: في الدلالة المعنويَّة: وقد تناولت في هذا الفصل في إيجاز التعريف بالدلالة ومفهومها، وجهود اللغويين في هذا المجال، ثم فصَّلت القول في مظهرين من مظاهر الدلالة أولهما: المثلثات المختلفة الدلالة المعنويَّة، وفيها يختلف المعنى باختلاف الحركة، وانتهيت إلى أنَّه يمكن أنْ يكون المثلث بهذا الوصف لغة قبيلة واحدة، ما دامت الحركة هي الدالَّة على تغيُّر المعنى.

ثانيهما: الترادف: وفيه تناولتُ مفهوم الترادف ورأي العلماء فيه، وأشرت إلى بعض المؤلَّفات الني كُتِبت فيه، وذكرت أنَّ بعض العلماء قد غالوا في مفهوم معنى الترادف، وعرضت لبعض نماذج ممَّا ورد في الكتب على أنَّه منه وليس كذلك، كما تناولت ما أورده ابن مالك عن الترادُف مستشهدًا بقوله، وانتهيت أنَّه قد تابع غيره من المؤلِّفين الذين كتبوا فيه ولم يمحص ما قيل.

الباب الثالث: ويقع في فصلين:
أولهما: عن أهمِّ مصادر ابن مالك اللغوية: وهي الكتب التي عوَّل عليها كثيرًا في تأليف كتبه اللغويَّة، ولمَّا كانت هذه الكتب مهمَّة، فقد رأيت أنْ أعرض لها بالدراسة الموجزة فأعرف بها وبما فيها، وأقف على موضوعها ومنهجها، وطريقة تأليفها، ثم أذكر مدى أقادة صاحبنا منها.

ثانيهما: عن أهم مراجعه الثانوية في اللغة، وقد اكتفيت في هذا الفصل بذِكر أهمها عند ابن مالك والتعريف بها بإيجاز.

الباب الرابع: أمَّا هذا الباب فهو في "النقد والتقويم" جعلته في ثلاثة فصول:
تناولت في أولها: آراء القدماء والمحدثين في ابن مالك بين مؤيِّدين ومعارضين، فعرضت لبعض الذين أثنوا عليه من المتقدمين والذين تعصَّبوا عليه، ثم عرضت لبعض نقود المتأخِّرين العادلة.

وناقشت في الفصل الثاني بعضًا من آراء المحدثين ممَّن أفرطوا في الثناء عليه، بحيث جعَلُوه خلوًا من كل عيب، أو انتقدوه وراحوا يُردِّدون بعض أقوال الغامطين لحقه دون تدقيق أو تمحيص.

أمَّا الفصل الثالث فذكرت فيه رأيي في دراسة صاحبنا وآرائه.

الخاتمة: وفيها لخَّصت عملي فأبرزت دون إطالة أهمَّ النتائج التي توصَّلت إليها.

3- المصادر والمراجع:
لعلَّ من أكبر الصُّعوبات التي لاقيتها في بناء بحثي هذا هي مصادره الأساسية؛ أي: (كتب ابن مالك) فقد حاولت جاهدًا الوقوف على هذه المصادر؛ لأنَّ مادة هذا البحث مبعثرة في كتاب صاحبنا اللغوية وغيرها ممَّا ألف في محال النحو والصرف والقراءات، زِدْ على هذا أنَّ ابن مالك قد خلَّف لنا آثارًا لغويَّة لم تنشرْ منها إلا القليل.

وقد بذلتُ الجهدَ في جمع مادَّة هذا البحث واستقصاء معلوماته من المصادر والمراجع القريبة والبعيدة، فتكلَّفت مشقَّة السفر وأعباءه إلى كلٍّ من مصر وسوريا وتركيا، فزُرت بعض المكتبات، ووقفت على بعض المخطوطات وصوَّرت ما احتجت إليه.

أمَّا المراجع الحديثة التي رأيت الإفادة منها في عملي فقد رجعت إلى الكثير منها، ولا سيَّما الرسائل الجامعية التي لها صلة ببحثي من قريب أو بعيد، فقد علمت أنَّ أستاذي الدكتور راشد راجح الشريف قد اشتغل في "تحقيق الكافية الشافية الكبرى لابن مالك وتحليل منهجه النحوي في هذا الكتاب مقارنًا بالألفية" لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كمبرج، فاتَّصلت به، ولقد لقيت منه كل مساعدة، وأمدَّني بما لديه من مصادر، وأرشدني إلى بعض ما كتب عن ابن مالك، كما أخبرني بأنَّ الدكتور عبدالمنعم أحمد هريدي، المدرس بمركز اللغة العربية بجامعة المالك عبدالعزيز بمكة، كان قد اشتغل في "ابن مالك وأثره في النحو العربي" لنيل درجة الماجستير من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، فالتقيت به وطلبت منه الاطِّلاع غلى رسالته أو الحصول على معلومات وافية عنها، فاعتذر مشكورًا بأنَّ الرسالة ليست تحت يده في الوقت الحاضر؛ ولذلك لم يتمكَّن من إفادتي بشيء.

ثم بعد أنْ قطعت شوطًا في البحث علمت أنَّ الدكتور عبدالرحمن محمد السيد، الأستاذ في كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة كان قد اشتغل في: "نحو ابن مالك بين البصرة والكوفة" لنيل درجة الدكتوراه من كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة، فكتبت إليه بتوصيةٍ من أستاذي الدكتور عبدالعزيز برهام في إمكان الوقوف على رسالته تلك أو الحصول على معلوماتٍ عنها، فأجاب مشكورًا بعذر - في رسالة خطية - بأنَّ الرسالة لا تزال مخطوطة، وإنَّ أخراجها من القاهرة قبل أنْ تُطبَع فيه بعض المجازفة، ولكنَّه على أتَمِّ استعداد لوضع النسخة الوحيدة من الرسالة التي في حوزته تحت تصرُّفي إذا كنت بالقاهرة.

وفي رحلتي الأخيرة إلى مصر من أجل هذا البحث وقفتُ على رسالةٍ مخطوطة عن صاحبنا في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بعنوان "ابن مالك وأثره في اللغة العربية"، وهي رسالة مقدَّمة من الشيخ يحيى محمد الأسيوطي، لنيل شهادة العالمية بدرجة أستاذ متخصِّص في النحو والصرف عام 1943م - ولمَّا كان عنوان هذه الرسالة يُغري الباحث بالوقوف عليها فقد قرأتها من ألفها إلى يائها، ولاحظت أنَّ الشيخ يحيى الأسيوطي اقتصر في بحثه على ترداد آراء ابن مالك النحوية ومذهبه النحوي، أمَّا الجانب اللغوي فلم يتطرَّق إليه.

على أنِّي أعترفُ بأنني قد استفدت من هذه الرسالة في بحثي، وأشرت إلى ذلك في مكانه.

كما وقفت على بحثين في الكلية نفسها عن ابن مالك للدكتور عبدالمنعم هريدي؛ أولهما: رسالته في الماجستير، والتي أشرت إلى عنوانها قبل قليل، وثانيهما بعنوان: "شرح عمدة الحافظ لابن مالك، تحقيق ودراسة"، وهو رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر.

ومع أنَّ هذين البحثين في النحو وبحثي في مجال اللغة فقد أفدت منهما، وأشرت إلى ذلك في مكانه.

وعندما زُرتُ كلية الأدب بجامعة القاهرة وجدتُ بها نسخةً من رسالة الدكتور عبدالرحمن السيد، وهي الرسالة التي أشرت أنِّي طلبت منه الوقوفَ عليها.

ولمَّا استعرضتها لمست أنَّ الباحث الكريم اقتصر في رسالته على مجال النحو عن ابن مالك ومنهجه في هذا الجانب، ومع ذلك فقد أفدت من هذه الرسالة في بحثي، ولا سيَّما في الفصل الذي أفرده لمؤلَّفات ابن مالك، فقد ذكر بعض مؤلفاته اللغوية وقد أشرت إليها في حينها.

ولم يقتصر البحث على تلك المراجع، بل تعدَّاها إلى مجموعةٍ من الكتب الحديثة المتخصِّصة في ميدان الدلالة اللغوية وعلم الأصوات الحديث، واللهجات العربيَّة من وجهة علم اللغة الحديث.

وسترد - في نهاية الرسالة - جريدة المصادر، مع معلومات وافية عنها.

هذا، وقد رجعت للوقوف على سير الإعلام الوارد ذكرُهم في الرسالة، إلى كتب التراجم والطبقات، فعرَّفت بهم بإيجاز، فما كان من الأعلام المعروفة؛ كعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مثلاً أكتفي بالإشارة إلى الصفحات التي ورد فيها ذكرُه، أمَّا مَن كان منهم ذا شأنٍ خاصٍّ في بحثي مثل بعض شيوخ ابن مالك أو تلاميذه فعرَّفت بهم في شيءٍ من البسط، وأشرتُ إلى بعض المصادر التي ترجمتهم، ثم رتَّبت هذه التراجم على حروف الهجاء، وذيَّلت بها الرسالة، على أنَّني لم أذكُرْ في هذا الفهرس سوى أسماء الأعلام الواردة في متن الرسالة دون حواشيها.


خاتمة

والآن وقد انتهيت من هذه الدراسة إلى حيث أراد البحث وحدَّده الموضوع ورسمه المنهج، فينبغي أنْ أسأل نفسي: ما الفائدة التي جنيناها من دراسة هذا الموضوع؟

وللإجابة عن هذا السؤال يجدرُ بي - في هذه الخاتمة - أنْ أعرض للمعالم الرئيسية للبحث، وأبين ما حقَّقته من إضافات.

موضوع البحث: (ابن مالك اللغوي)، واقتضى المنهج الذي سلكته أنْ تكون الدراسة في أربعة أبواب يسبقُها مدخل وتتلوها خاتمة وقائمة مفصَّلة بأسماء مصادر البحث ومراجعه، وفهرس عام لمحتويات الرسالة، وفهرس للأعلام الوارد ذكرهم فيها[1].

مدخل البحث:
أما المدخل فقد خلصت منه إلى:
1- أنَّ الحياة الفكرية في عهد الأيوبيين والمماليك - على خلاف ما قاله بعض الدارسين - كانت مزدهرةً، وأنَّ الاضطراب السياسي الذي ساد هاتين الدولتين في الداخل والخارج لم يحدْ من وجود نهضةٍ فكريَّة كان لها أثرٌ كبير في نشر الثقافة الإسلاميَّة، وازدهار علومها، والحِفاظ عليها.

2- أنَّ ابن مالك تلقَّى علومه الأولى في بلاد الأندلس، ثم رجل إلى بلاد الشام بين الخامسة والعشرين والثلاثين من عمره، وأنَّ قدومه إلى بلاد الشام كان في عصر الأيوبيين لا في عصر الظاهر بيبرس كما يرى بعض الباحثين.

3- أنَّ لابن مالك شيوخًا - على خلاف ما قاله أبو حيان - تلقى العلم عنهم، وتأثَّر ببعضِهم على أنَّ ابن مالك لا يعيبه أنِ اعتمدَ على نفسه في تكوين علمه، بل على العكس يزيد هذا من قدرة عبقريَّته وقدرته.

4- أنَّ رحلة ابن مالك من الأندلس إلى بلاد الشام تختلفُ عن رحلة غيره من العلماء؛ فقد أقام في بلاد الشام ولم يرجع إلى الأندلس.

وأمَّا الباب الأول فقد أفردته للكلام عن (مظاهر نشاطه اللغوي وأسلوب عمله)، ويقعُ في فصلين يكشفان عن نشاطه في مجال اللغة[2].

وكان من نتائج هذا الباب:
1- أنَّني أعتقد أنِّي بهذه الدراسة قد أسهمت في الكشف عن جزءٍ كبير من تراث أمَّتنا اللغوي، وقدَّمت بحثًا عن تاريخ اللغة وحياتها من خلال ما عرضته من مؤلَّفات ابن مالك اللغوية المختلفة، فهي تُلقي ضوءًا ساطعًا على الأصول اللغويَّة التي اعتمد عليها "فقه اللغة" على مدى العصور، وتبين التطوُّر التاريخي والمراحل التي سار فيها، ولعلِّي لا أكون مبالغًا إذا قلت: إنَّ كثيرًا من قضايا التراث اللغوي فقد حفظته لنا مصنَّفات ابن مالك.

2- أنَّه ممَّا يدعو إلى الغِبطة أنَّ معظم مصنَّفات ابن مالك اللغوية سلمت من عوادي الزمان، وأنَّ الواجب القومي يقتضي أنْ تنشر الجماعات المتخصِّصة والجامعات هذه المخطوطات.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]