
15-02-2022, 01:59 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,463
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (95)
صـ 103 إلى صـ 109
فيقال له] (1) : أهل السنة أحق بتنزيهه عن مشابهة المخلوقات من الشيعة، فإن التشبيه والتجسيم المخالف للعقل والنقل لا يعرف في أحد من طوائف الأمة أكثر منه في طوائف الشيعة، وهذه كتب المقالات كلها تخبر عن أئمة الشيعة المتقدمين من المقالات المخالفة للعقل والنقل في التشبيه والتجسيم بما لا يعرف نظيره عن أحد من سائر الطوائف، ثم قدماء الإمامية ومتأخروهم متناقضون في هذا الباب، فقدماؤهم غلوا في التشبيه والتجسيم، ومتأخروهم غلوا في النفي والتعطيل، فشاركوا في ذلك الجهمية والمعتزلة دون سائر طوائف الأمة.وأما أهل السنة المثبتون لخلافة الثلاثة، فجميع أئمتهم وطوائفهم المشهورة متفقون على نفي التمثيل عن الله تعالى، والذين أطلقوا لفظ " الجسم " على الله من الطوائف المثبتين لخلافة الثلاثة كالكرامية، هم أقرب إلى صحيح المنقول وصريح المعقول من الذين أطلقوا لفظ " الجسم " من الإمامية.
وقد ذكر أقوال الإمامية في ذلك غير واحد منهم (2) ومن غيرهم، كما
(1) يوجد في الكلام التالي سقط كبير في نسخة " ن "، " م " يبدأ من قوله: أهل السنة أحق بتنزيهه، وينتهي في ص 110 عند قوله: والمقصود هنا أن أهل السنة، وسنشير إلى نهاية السقط هناك بإذن الله.
(2) يعترف المامقاني في ترجمة هشام بن الحكم (تنقيح المقال 3/294 - 301) بكثرة الأخبار المروية عن هشام في التجسيم حتى أن الكليني ذكر خمسة منها في " الكافي " وينقل المامقاني عن هشام نص خبر من هذه الأخبار الخمسة (ص [0 - 9] 00) وفيه يقول هشام: " إن الله جسم صمدي نوري " كما ينقل عن البرقي قوله إن هشاما كان من غلمان أبي شاكر (الديصاني) الزنديق وأنه كان جسميا رديئا. وفي (أخبار الرجال) للكشي في ترجمة هشام بن سالم الجواليقي (ص [0 - 9] 83) أنه كان يزعم أن الله صورة وأن آدم خلق على مثل الرب ثم يشير إلى جنبه وشعر رأسه ليبين المماثلة.
************************
ذكرها ابن النوبختي في كتابه الكبير (1) ، وكما ذكرها أبو الحسن الأشعري في كتابه المعروف في " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " (2) وكما ذكرها الشهرستاني في كتابه المعروف " بالملل والنحل " (3) ، وكما ذكرها غير هؤلاء (4) .
وطوائف السنة والشيعة تحكي عن قدماء أئمة الإمامية من منكر
(1) تكلمت من قبل على النوبختي وكتابه " الآراء والديانات " في هذا الكتاب 1، والكتاب الكبير المقصود هنا هو " الآراء والديانات " وقد ذكر عنه النجاشي (الرجال، ص [0 - 9] 0) أنه كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة ".
(2) تكلم الأشعري - وهو المعروف بأمانته ودقته في عرض أقوال جميع مخالفيه - عن التجسيم عند الإمامية في موضعين من كتابه " مقالات الإسلاميين " الأول: ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 02 - 105: وبدأ الكلام بقوله: " واختلف الروافض أصحاب الإمامية في التجسيم، وهم ست فرق " ويفصل الأشعري الكلام بعد ذلك عن مقالاتهم، وينقل ابن تيمية نص كلامه في ذلك الموضع في هذا الكتاب بعد صفحات (بولاق 1/203) . والموضع الثاني من المقالات ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 57 - 259 وعنوان الكلام فيه: هذا شرح اختلاف الناس في التجسيم، ثم يبدأ الأشعري بإيراد كلام هشام بن الحكم، ويتكلم في النهاية عن مقالة هشام بن سالم الجواليقي.
(3) يقول الشهرستاني - وهو الذي يتهمه ابن تيمية بالميل إلى التشيع - في " الملل والنحل " 1/154: " فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية في الأصول، وبالمشبهة في الصفات متحيرين تائهين ". ويعرض الشهرستاني أقوال الهشامين بالتفصيل ويسرد كلامهما في التجسيم 1/164 - 165. وانظر أيضا: نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 03 وما بعدها.
(4) انظر مثلا: أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 3 - 77 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0 - 43، التبصير في الدين، ص [0 - 9] 3 - 25 ; كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، مادة " المشبهة " ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة " التشبيه "، " جسم ". وانظر ما سبق أن ذكرناه عن المجسمة في هذا الكتاب 1/9 (ت [0 - 9] ) .
*******************************
التجسيم والتشبيه، ما لا يعرف مثله عن الكرامية وأتباعهم ممن يثبت إمامة الثلاثة.
وأما من لا يطلق على الله اسم " الجسم "، كأئمة أهل الحديث والتفسير والتصوف والفقه، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم، وشيوخ المسلمين المشهورين في الأمة، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهؤلاء ليس فيهم من يقول: إن الله جسم، وإن كان أيضا ليس من السلف والأئمة من قال: إن الله ليس بجسم. ولكن من نسب التجسيم إلى بعضهم، فهو بحسب ما اعتقده من معنى الجسم ورآه لازما لغيره.
فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفاة الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسما مشبها، ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة من الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم، كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب " الزينة " (1) ، وغيره لما ذكر طوائف المشبهة
(1) أبو حاتم أحمد بن حمدان بن أحمد الليثي الورسناني، المعروف بأبي حاتم الرازي، ذكره ابن حجر في " لسان الميزان " في قسم الكنى، وسماه أبا حاتم الكشي وذكره في الأسماء وسماه: أحمد بن حمدان بن أحمد الورسامي أبا حاتم الليثي، وقال عنه: " ذكره أبو الحسن بن بابويه في " تاريخ الري " وقال: كان من أهل الفضل والأدب والمعرفة باللغة وسمع الحديث كثيرا وله تصانيف، ثم أظهر القول بالإلحاد وصار من دعاة الإسماعيلية، وأضل جماعة من الأكابر، ومات في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ". وأورد بروكلمان اسمه كالآتي (تاريخ الأدب العربي، 3/352، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار، ط. المعارف) : أبو حاتم عبد الرحمن بن حمدان (كتبت سهوا همدان) الرازي الورساني. ولم أجد في اللباب لابن الأثير إلا الورسناني نسبة إلى ورسنان، قال: وظني أنها من قرى سمرقند. وذكر ابن النديم في الفهرست (189) كتاب الزينة لأبي حاتم الرازي ضمن كتب الإسماعيلية وقال عنه " كبير نحو أربعمائة ورقة، وذكر له أيضا كتاب الجامع فيه فقه وغير ذلك، وقد ذكر هذا الكتاب الشيخ الكوثري في فهرس كتاب قواعد آل محمد لمحمد بن الحسن الديلمي وقال: الجامع في الفقه لأبي حاتم بن حمدان الورسناني. ولأبي حاتم الرازي كتاب أعلام النبوة، وقد نشر ب. كرواس جزءا منه ضمن كتاب رسائل الرازي الفلسفية "، 1939.
*******************************
فقال (1) : " ومنهم طائفة يقال لهم المالكية ينتسبون إلى رجل يقال له مالك بن أنس، ومنهم طائفة يقال لهم الشافعية ينتسبون إلى رجل يقال له الشافعي ".
وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إن الله يرى في الآخرة.
هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد والأوزاعي، وأبي حنيفة (والشافعي) (2) ، وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود، ومحمد بن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي (3) ، وأبي بكر
(1) طبع قسم من كتاب الزينة في الكلمات العربية والإسلامية لأبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي بتحقيق الأستاذ حسين بن فيض الله الهمداني، وفي الجزأين الأول (ط. القاهرة، 1957) والثاني (ط. القاهرة، 1958) لم يصل المؤلف إلى الموضع الذي نقل ابن تيمية هذا النص عنه، وهو الذي يوجد على الأغلب في كلامه عن الفرق، وانظر مقدمة المؤلف 1/56 - 57.
(2) والشافعي: ساقطة من (أ) .
(3) أبو عبد الله بن نصر المروزي الإمام شيخ الإسلام الفقيه الحافظ، ولد ببغداد سنة 202 وتوفي سنة 294. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 9/489 - 490 ; تذكرة الحفاظ 2/201 - 203 تاريخ بغداد 3/315 - 318 ; الأعلام للزركلي 7/346.
*******************************
بن المنذر (1) ومحمد بن جرير الطبري وأصحابهم.
والجهمية والمعتزلة يقولون: من أثبت لله الصفات، وقال: إن الله يرى في الآخرة، والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فإنه مجسم مشبه، والتجسيم باطل. وشبهتهم في ذلك أن الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم، وما قام به الكلام وغيره من الصفات لا يكون إلا جسما، ولا يرى إلا ما هو جسم أو قائم بجسم.
ولهذا صار مثبتة الصفات معهم ثلاث طوائف: طائفة نازعتهم في المقدمة الأولى، وطائفة نازعتهم في المقدمة الثانية، وطائفة نازعتهم نزاعا مطلقا في واحدة من المقدمتين، ولم تطلق في النفي والإثبات ألفاظا مجملة مبتدعة لا أصل لها في الشرع، ولا هي صحيحة في العقل، بل اعتصمت بالكتاب والسنة وأعطت العقل حقه، فكانت موافقة لصريح المعقول، وصحيح المنقول.
فالطائفة الأولى الكلابية ومن وافقهم، والطائفة الثانية الكرامية ومن وافقهم.
فالأولى قالوا: إنه تقوم به (2) الصفات، ويرى في الآخرة، والقرآن
(1) أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري شيخ الحرم فقيه مجتهد من الحفاظ صنف في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف مثلها. ولد سنة 242 وتوفي سنة 318 - على الأرجح - انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/344 ; تهذيب التهذيب واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 96 - 197 ; لسان الميزان 5/27 - 28 ; تذكرة الحفاظ 3/782 - 783 ; طبقات الشافعية 3/102 - 108 ; الأعلام للزركلي 6/184.
(2) أ: قالوا: يقول إنه تقوم به، وهو تحريف.
*****************************
كلام الله قائم بذاته، وليست الصفات أعراضا ولا الموصوف جسما [000] (1) لم نسلم أن ذلك ممتنع.
(1) الكلام بعد عبارة: " ولا الموصوف جسما " غير متصل، وواضح أن (أ) ، (ب) يوجد فيهما سقط يتألف من سطور عديدة وسأجتهد هنا في كتابة ما يقوم مقام هذا السقط بحسب فهمي لمقصود ابن تيمية وبما يتفق مع السياق - مع الاقتباس من نصوص ابن تيمية في مواضع مختلفة من مؤلفاته -. ولكن الكلابية ومن وافقهم من الأشاعرة والسالمية لم يثبتوا الصفات الاختيارية التي تكون بمشيئته وقدرته، مثل كونه يتكلم بمشيئته، عندما يشاء، بكلام معين، إذ أنهم قالوا إن ما يقوم بمشيئته وقدرته لا يكون إلا مخلوقا حادثا منفصلا عنه، فلو اتصف الرب به لقامت به الحوادث، ولو قامت به لم يخل عنها، وعلى ذلك فيجب أن نقول إن الله يتكلم بكلام قديم لازم للذات أزلا وأبدا، ليس شيء منه متعلق بمشيئته تعالى واختياره. وكذلك سائر الصفات الاختيارية مثل كونه تعالى يحب ويرضى ويسمع ويرى وهو إذا رأى الشيء بعد حدوثه فهو إنما يرى موجودا في علمه لا موجودا بائنا عنه. والطائفة الثانية أثبتت الصفات الاختيارية وقالت: إن الله يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما قديما بذاته، وهو يتكلم بحروف وأصوات بمشيئته وقدرته، ليتخلصوا بذلك من بدعتي المعتزلة والكلابية، لكنهم قالوا: إنه لم يكن يمكنه في الأزل أن يتكلم، بل صار الكلام ممكنا له بعد أن كان ممتنعا عليه، من غير حدوث سبب أوجب إمكان الكلام وقدرته عليه. وقال الكرامية في المشهور عنهم إن الحوادث التي تقوم به تعالى لا يخلو منها ولا يزول عنها، لأنه لو قامت به الحوادث ثم زالت عنه كان قابلا لذلك لم يخل منه، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث، والحدوث عندهم غير الإحداث، والقرآن عندهم حادث لا محدث، لأن المحدث يفتقر إلى إحداث، بخلاف الحدوث. ونحن نوافق الكرامية في إثباتهم للصفات الاختيارية وفي قولهم بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما قائما بذاته، ولكننا نخالفهم في الأصل الذي بنوا عليه قولهم بأن ذلك لم يكن ممكنا منذ الأزل، فهم إذا قالوا إن ذلك ممتنع لامتناع حوادث لا أول لها، لم نسلم أن ذلك ممتنع.
***********************************************
ثم كثير من الناس يشنع على الطائفة الأولى بأنها مخالفة لصريح العقل والنقل بالضرورة ; حيث أثبتت رؤية لمرئي لا بمواجهة، وأثبتت كلاما لمتكلم يتكلم لا بمشيئته وقدرته.
وكثير منهم يشنع على الثانية بأنها مخالفة للنظر العقلي الصحيح.
ولكن مع هذا فأكثر الناس يقولون: إن النفاة المخالفين للطائفتين من الجهمية والمعتزلة، وأتباعهم من الشيعة، أعظم مخالفة لصريح المعقول - بل ولضرورة العقل - من الطائفتين.
وأما مخالفة هؤلاء لنصوص الكتاب والسنة، وما استفاض عن سلف الأمة، فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على عالم، ولهذا أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات لا يتبع فيه ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وإنما يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم، وأما نصوص الكتاب والسنة، فإما أن يتأولوها، وإما أن يفوضوها، وإما أن يقولوا: مقصود الرسول أن يخيل إلى الجمهور اعتقادا ينتفعون به في الدنيا، وإن كان كذبا وباطلا، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة وأتباعهم، وحقيقة قولهم أن الرسل كذبت فيما أخبرت به عن الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ; لأجل ما رأوه من مصلحة الجمهور في الدنيا.
وأما الطائفة الثالثة، فأطلقوا في النفي والإثبات ما جاء به الكتاب والسنة، وما تنازع النظار في نفيه وإثباته من غير اعتصام بالكتاب والسنة، لم توافقهم فيه على ما ابتدعوه في الشرع وخالفوا به العقل، بل إما أن يمسكوا عن التكلم بالبدع نفيا وإثباتا، وإما أن يفصلوا القول في اللفظ
********************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|