تراجم رجال إسناد حديث عائشة في كفارة المجلس
قوله: [أخبرنا محمد بن إسحاق الصاغاني].وهو ثقة، ثبت، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبو سلمة الخزاعي].
واسمه: منصور بن سلمة، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، ولم يخرج له الترمذي، ولا ابن ماجه.
وأبو سلمة منصور بن سلمة ممن وافقت كنيته اسم أبيه، لأنه منصور بن سلمة وهو أبو سلمة، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف؛ لأنه إذا كان معروفاً عند بعض الناس بالنسبة وذكر بالكنية قد يظن أنه تصحيف، فيظن أن (ابن) صحفت إلى (أبو)، لو جاء منصور أبو سلمة، يظن من لا يعرف أن كنيته أبا سلمة يقول: إن (أبو) مصحفة عن (ابن)، لكن من عرف أن كنيته اسم أبيه، يعرف ألا تصحيف، وأن الكل صواب، إن قيل: منصور أبو سلمة فهو صواب، وإن قيل: منصور بن سلمة فهو صواب.
[عن خلاد بن سليمان].
وهو ثقة، خرج له النسائي.
[عن خالد بن أبي عمران].
وهو فقيه، صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي.
[عن عروة].
وهو عروة بن الزبير بن العوام تابعي مشهور، ثقة وفقيه من فقهاء المدينة السبعة؛ لأنه اشتهر في عصر التابعين سبعة يقال لهم: الفقهاء السبعة، يطلق عليهم لقب الفقهاء السبعة، إذا جاء في كتب الفقه قال به الفقهاء السبعة، فالمراد بهم فقهاء المدينة السبعة، وعروة بن الزبير بن العوام أحد هؤلاء الفقهاء السبعة، وهم: ستة متفق عليهم والسابع مختلف فيه، فالستة المتفق عليهم: سعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ذكر الفقهاء السبعة ابن القيم في أول كتابه إعلام الموقعين، وذكر سابعهم أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وذكر بيتين من الشعر البيت الثاني يشتمل على السبعة، فلا أدري من الذي قال ذلك الشعر هل هو ابن القيم أم غيره، يقول:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل هم: عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
وحديث عبد الله بن الزبير أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة رضي الله تعالى عنها].
أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وهي الصحابية الوحيدة التي روت الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد ذكرتُ في الدرس الماضي أن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام سبعة، هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وعائشة أم المؤمنين، وقد جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
فالمراد بزوجة النبي: عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم
شرح حديث عائشة: (... رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، أعذني من حر النار وعذاب القبر)
قال رحمه الله تعالى: [نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم.أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يعلى حدثنا قدامة عن جسرة قالت: حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت علي امرأة من اليهود فقالت: إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبت، فقالت: بلى، إنا لنقرض منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت، فقال: صدقت، فما صلى بعد يومئذ صلاة إلا قال في دبر الصلاة: رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، أعذني من حر النار، وعذاب القبر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم؛ لأنه ذكر: ذكر ودعاء؛ لأن فيه ذكر وهو الثناء على الله بكونه رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، وفيه دعاء وهو قوله: أعذني من حر النار، وعذاب القبر، ففيه ذكر، وفيه دعاء، أوله ذكر وثناء، وآخره دعاء، فقال: الذكر والدعاء بعد التسليم، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها في قصة اليهودية التي جاءت إليها وقالت: (إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبت، فقالت: بلى، إنا لنقرض منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت، فقال: صدقت) صدقت فيما قالت، ثم قالت: (فما صلى بعد يومئذٍ صلاة إلا قال في دبر الصلاة: رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، أعذني من حر النار، وعذاب القبر) المقصود من إيراد هذا الذكر والدعاء الذي في آخر الحديث، هذا هو الذكر والدعاء بعد الصلاة وبعد التسليم.
والحديث يدل على إثبات عذاب القبر، وعذاب القبر تواترت فيه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من حيث إثباته وبيان أنه حق، ومن حيث ورود الأدعية الكثيرة في التعوذ بالله من عذاب القبر، وكذلك جاء في القرآن إثباته في قصة عذاب آل فرعون: ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46]، فإن هذا يدل على إثبات عذاب القبر؛ لأن الله تعالى قال: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، ثم قال: ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46] معناه: أنهم يعذبون قبل قيام الساعة، يعذبون بالنار في قبورهم قبل قيام الساعة وقبل البعث والنشور، فهذا يدل على إثبات عذاب القبر ولكنه فيما يتعلق بالكفار؛ لأن هذا عذاب الكفار.
وعذاب القبر، جاء في حق الكفار، وفي حق المسلمين الذين هم أهل للعذاب، وقد مر في الحديث الذي في الصحيحين مرور النبي صلى الله عليه وسلم في القبرين، قال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) فكان عذابهما بهذين السببين، فأحاديث عذاب القبر متواترة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وجاء في الحديث أنهم كانوا يقرضون منه الثوب والجلد، وهذا من الآصار التي كانت على من قبلنا، وأما هذه الأمة فإنهم يغسلون النجاسة ويغسلون الثياب فتطهر بالغسل.
وقوله في الدعاء: (جبريل وميكائيل وإسرافيل) هذا توسل إلى الله عز وجل بربوبيته، لجبريل وميكائيل وإسرافيل، وتوسل إلى الله عز وجل بأسمائه وصفاته، هذا هو التوسل المشروع، فخير التوسل: أن يتوسل إلى الله عز وجل بأسمائه وصفاته، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث أخرى التوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل.
والحديث ذكر الشيخ الألباني أنه ضعيف الإسناد.
ترجمة رجال إسناد حديث: (... رب جبريل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حر النار وعذاب القبر)
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].وهو أحمد بن سليمان الرهاوي، ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا يعلى].
وهو: ابن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قدامة].
وهو ابن عبد الله العامري الكوفي، مقبول، أخرج حديثه ابن ماجه، والنسائي.
[عن جسرة بنت دجاجة العامرية].
وهي مقبولة، خرج حديثها أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عائشة].
وعائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد تقدم ذكرها في الإسناد الذي قبل هذا، والإسناد فيه قدامة وفيه جسرة بنت دجاجة، وقد قال عن كل منهما الحافظ في التقريب أنه مقبول، والمقبول هو الذي لا يعول على حديثه إلا إذا توبع. نوع آخر من الدعاء عند الانصراف من الصلاة
شرح حديث: (... اللهم أصلح ديني الذي جعلته لي عصمة ...) قال رحمه الله تعالى: [نوع آخر من الدعاء عند الانصراف من الصلاة.أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو حدثنا ابن وهب أخبرني حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه أن كعباً حلف له بالله الذي فلق البحر لموسى إنا لنجد في التوراة: أن داود نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته قال: اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وحدثني كعب أن صهيباً حدثه أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقولهن عند انصرافه من صلاته].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الذكر بعد التسليم، وأورد فيه هذا الحديث عن صهيب رضي الله تعالى عنه، والذي ذكر في أوله عن كعب الأحبار أنه قال: إنا نجد في التوراة أن داود عليه الصلاة والسلام كان إذا انصرف من صلاته قال: اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمه، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، اللهم إني أعوذ برضاك من سخط، وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد.
هذا المعنى الذي جاء في هذا الحديث جاء في أحاديث ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، فهاتان الجملتان في هذا الحديث جاءتا في صحيح مسلم، وحديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك) أيضاً جاء في أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديث: (لا مانع لما أعطيت ولما معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) جاء في أحاديث منها ما تقدم قريباً في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه.
وهذا الإسناد قال عنه الألباني إنه ضعيف الإسناد.
تراجم رجال إسناد حديث: (... اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود].وهو ثقة، روى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن وهب].
وهو عبد الله بن وهب المصري ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حفص بن ميسرة].
وهو ثقة ربما وهم، خرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن موسى بن عقبة].
وهو ثقة، إمام في المغازي، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن أبي مروان].
وهو ثقة، خرج له النسائي وحده.
[عن أبيه].
أبو مروان قيل: اسمه مغيث، وقيل: اسمه سعيد، وقيل غير ذلك، وقيل: إن له صحبة، وقال عنه النسائي إنه ليس بمعروف، ولعل الكلام في الحديث من جهة أبي مروان هذا، ثم أبو مروان يروي عن كعب الأحبار.
[عن صهيب].
وهو صهيب بن سنان الرومي صحابي مشهور حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وفي الحديث شيء يدل على نكارته في المتن، وذلك أنه قال: إنا نجد في التوراة أن داود، وداود إنما كان بعد موسى؛ لأن موسى أنزلت عليه التوراة وداود كان بعد زمن موسى، فهذا يدل على النكارة من حيث المتن، وإن كان يمكن أن يذكر أمر مستقبل في التوراة، لكن هنا فيه حكاية: أنه كان يقول إذا انصرف من صلاته قال: كذا وكذا، فهذا قد يظهر منه أنه فيه نكارة من حيث المتن، بالإضافة إلى ضعف الإسناد الذي قال الشيخ الألباني.