عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-02-2022, 09:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,590
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول
التمهيد
من صــ 173 الى صـ 177
الحلقة (31)

المبحث الثالث
الترجيح بتقديم قول صاحب القصة على غيره

من ضوابط الترجيح عند العلماء بين الروايات عند اختلافها تقديم ما رواه صاحب القصة على غيره لأنه أعلم بملابساتها، وقد أشار ابن قدامة إلى هذا المعنى فقال: (الرابع: أن يكون راوي أحدهما صاحب الواقعة فقول ميمونة: تزوجني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن حلالاًن يقدم على رواية ابن عبَّاسٍ: نكحها وهو محرم). اهـ.
وهذا هو مذهب جمهور العلماء لكون ميمونة أعرف بحال العقد، ووقته، نظراً لاهتمامها ومراعاتها.
وسأذكر أمثلة من دراستي وقع الترجيح فيها لهذا الاعتبار:
1 - قال اللَّه تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)

أخرج الترمذي وأبو داود والنَّسَائِي عن أسلم أبي عمران التجيبي، قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفاً عظيماً من الروم فخرج إليهم من المسلمين مثلهم، أو أكثر وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله يُلقي بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أيها الناس: إنكم لتُأوِّلون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أُنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا، فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرد علينا ما قلنا: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها، وتركنا الغزو، فما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم.
2 - قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77).
أخرج البخاري وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من حلف على يمين وهو فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان) قال: فقال الأشعث بن قيس: فيَّ والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ألك بيّنة؟) قال: قلت: لا، قال: فقال لليهودي: (احلف). قال: قلت: يا رسول الله! إذن يحلف ويذهب بمالي قال: فأنزل الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ... ) الآية.

3 - قال الله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176).

أخرج البخاري وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: مرضت فجاءني رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان، فأتاني وقد أُغمي علي، فتوضأ رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم صب وضوءه عليَّ فأفقت، فقلت: يا رسول الله - وربما قال سفيان: فقلت: أي رسول اللَّه - كيف أقضي في مالي، كيف أصنع في مالي؟ قال: فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث.
فجابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صاحب القصة، وبهذا يعلم أن ما رواه ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال: سأل عمر بن الخطاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الكلالة، فقال: (أليس قد بيّن اللَّه ذلك؟) قال: فنزلت: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ).
خطأ لا يصح لأن يكون سببًا للنزول.
4 - قال اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91).
أخرج مسلم وأحمد عن سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: وأتيتُ على نفر من الأنصار والمهاجرين. فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمراً. وذلك قبل أن تحرم الخمر. قال: فأتيتهم في حشٍّ، والحشُّ البستان، فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزِقّ من خمر. قال: فأكلت وشربت معهم، قال: فذُكرت الأنصار والمهاجرون عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي. فأتيت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته، فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - فيَّ - يعني نفسه - شأن الخمر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ).
5 - قال اللَّه تعالى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24).
أخرج مسلم عن سلمة بن الأكوع - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قدمنا الحديبية مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها قال:فقعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جبا الركية، فإما دعا وإما بسق فيها، قال: فجاشت فسقينا واستقينا. قال: ثم إن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعانا للبيعة في أصل الشجرة. قال: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس، قال: (بايع يا سلمة) قال: قلت: قد بايعتك يا رسول اللَّه في أول الناس. قال: (وأيضاً) قال: ورآني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَزِلاً - يعني ليس معه سلاح -. قال: فأعطاني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَفةً أو درقةً، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: (ألا تبايعني يا سلمة) قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس، قال: (وأيضاً) قال: فبايعته الثالثة، ثم قال لي: (يا سلمة أين حَجَفَتُكَ أو درقتك التي أعطيتك؟) قال: قلت: يا رسول اللَّه لقيني عمي عامر عَزِلاً فأعطيته إياها، قال: فضحك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: (إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيباً هو أحب إليَّ من نفسي) ثم إن المشركين راسلونا الصلح، حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا، قال: وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد اللَّه أسقي فرسه، وأَحسه، وأخدمه، وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجرًا إلى الله ورسوله، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها، فاضطجعت في أصلها، قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم، واضطجعوا، فبينما هم كذلك، إذ نادى منادٍ من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قُتل ابن زُنيم. قال: فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذتُ سلاحهم، فجعلته ضِغثاً في يدي. قال: ثم قلت: والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربتُ الذي فيه عيناه. قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: وجاء عمي عامر برجل من القَبَلات يُقال له مكرز يقوده إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فرس مُجَفف في سبعين من المشركين. فنظر إليهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: (دعوهم يكن لهم بدءُ الفجور وثناه) فعفا عنهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنزل اللَّه: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ... ) الآية.
المبحث الرابع
الترجيح بتقديم قول الشاهد للسبب على الغائب عنه

من ضوابط الترجيح بين الروايات عند اختلافها، وعدم إمكان الجمع بينها تقديم رواية من باشر القصة أو حضرها، وقد تحدث عن ذلك ابن قدامة قائلاً: (الخامس: أن يكون أحدهما باشر القصة كرواية أبي رافع تزوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ميمونة وهو حلال وكنت السفير بينهما مع رواية ابن عباس (يعني نكاحه إياها وهو محرم) فإن المباشر أحق بالمعرفة من الأجنبي ولذلك قدم الصحابة أخبار أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صحة صوم من أصبح جنبًا وفي وجوب الغسل من التقاء الختانين بدون الإنزال على خبر من روى خلاف ذلك). اهـ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]