
06-02-2022, 05:55 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (86)
صـ 40 إلى صـ 46
ولهذا تدخل " من " هذه في النفي لتحقيق نفي الجنس، كما في قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} [سورة الطور: 21] ، وقوله: {وما من إله إلا الله} [سورة آل عمران: 62] ، وقوله (1) .: {فما منكم من أحد عنه حاجزين} [سورة الحاقة: 47] .ولهذا إذا دخلت في النفي تحقيقا أو تقديرا أفادت نفي الجنس قطعا، فالتحقيق ما ذكر، والتقدير: كقوله تعالى: {إله إلا الله} [سورة آل عمران: 62] ، [وقوله] (2) . {لا ريب فيه} [سورة البقرة: 2] ونحو ذلك، بخلاف ما إذا لم تكن " من " موجودة، كقولك: ما رأيت رجلا، فإنها ظاهرة لنفي الجنس، ولكن قد يجوز أن ينفى بها الواحد من الجنس، كما قال سيبويه: يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا بل رجلين، فتبين (3) . أنه يجوز إرادة الواحد، وإن كان الظاهر نفي الجنس، بخلاف ما إذا دخلت " من " فإنها تنفي نفي الجنس قطعا (4) .
ولهذا لو قال لعبيده: من أعطاني منكم ألفا فهو حر، فأعطاه كل واحد ألفا، عتقوا كلهم، وكذلك لو قال لنسائه: من أبرأتني منكن من صداقها فهي طالق، فأبرأنه كلهن، طلقن كلهن. فإن المقصود بقوله: " منكم " بيان جنس المعطى والمبرئ لا إثبات هذا الحكم لبعض العبيد والأزواج.
فإن قيل: فهذا كما لا يمنع أن يكون كل المذكور متصفا بهذه الصفة
(1) وقوله: ساقطة من (أ) ، (ب)
(2) وقوله: ساقطة من (ن) ، (م)
(3) ن، م: فبين
(4) أ، ب: فإنه ينفي الجنس قطعا
*********************
فلا يوجب ذلك أيضا، [فليس] (1) . في قوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} ما يقتضي (2) . أن يكونوا كلهم كذلك.
قيل: نعم، ونحن لا ندعي أن مجرد هذا اللفظ دل على أن جميعهم موصوفون بالإيمان والعمل الصالح، ولكن مقصودنا أن " من " لا ينافي شمول هذا الوصف لهم، فلا يقول قائل: [إن] (3) . الخطاب دل على أن المدح شملهم وعمهم بقوله: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (4) . إلى آخر الكلام.
ولا ريب أن هذا مدح لهم بما ذكر من الصفات: وهو الشدة على الكفار والرحمة بينهم، والركوع والسجود يبتغون فضلا من الله ورضوانا، والسيما في وجوههم من أثر السجود، وأنهم يبتدئون من ضعف إلى كمال القوة والاعتدال كالزرع.
والوعد بالمغفرة والأجر العظيم ليس على مجرد هذه الصفات، بل على الإيمان والعمل الصالح، فذكر ما به يستحقون الوعد، وإن كانوا (5) . كلهم بهذه الصفة، ولولا ذكر ذلك لكان يظن أنهم بمجرد ما ذكر (* يستحقون المغفرة والأجر العظيم، ولم يكن فيه بيان سبب الجزاء، بخلاف ما إذا ذكر *) (6) . الإيمان
(1) فليس: ساقطة من (ن)
(2) ن، م: ما يوجب
(3) إن: زيادة في (أ) ، (ب)
(4) عبارة " أشداء على الكفار رحماء بينهم " في (ن) فقط
(5) ن، م: ولو كانوا
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م)
*******************
والعمل الصالح، فإن الحكم إذا علق باسم مشتق مناسب، كان ما منه الاشتقاق سبب الحكم.
فإن قيل: فالمنافقون كانوا في الظاهر مسلمين، قيل: المنافقون لم يكونوا متصفين بهذه الصفات، ولم يكونوا مع الرسول والمؤمنين، ولم يكونوا منهم، كما قال تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين - ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين} [سورة المائدة: 52 - 53] (1) .
وقوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين - وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} [سورة العنكبوت: 10 - 11] .
وقال: {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا - الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة} [سورة النساء: 140 - 141] . إلى قوله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا - إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما} [سورة النساء: 145 - 146] .
(1) عبارة " فأصبحوا خاسرين " في الآية الكريمة: زيادة في (أ) ، (ب) .
***********************
وقال تعالى: {ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون} [سورة التوبة: 56] .
وقال تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [سورة المجادلة: 14] (1) ، فأخبر أن المنافقين ليسوا من المؤمنين ولا من أهل الكتاب: وهؤلاء لا يوجدون في طائفة من المتظاهرين بالإسلام أكثر منهم في الرافضة ومن انضوى (2) . إليهم.
وقد قال تعالى (3) .: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير} [سورة التحريم: 8] .
وقال تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} [سورة الحديد: 13] ، فدل هذا على أن المنافقين لم يكونوا داخلين في الذين آمنوا معه، والذين كانوا منافقين، منهم من تاب عن نفاقه وانتهى عنه، (4) . الغالب، بدليل قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين - أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} [سورة الأحزاب:
(1) ن، م:. . ولا منهم. . . الآية
(2) أ، ب: انطوى
(3) ن، م: وقال تعالى
(4) وهم ن، م: ومنهم، وهو خطأ
********************
60 - 61] ، فلما لم يغره الله بهم ولم يقتلهم تقتيلا، بل كانوا يجاورونه بالمدينة، دل ذلك على أنهم انتهوا.
والذين كانوا معه بالحديبية كلهم بايعه (1) . تحت الشجرة إلا الجد بن قيس (2) ، فإنه اختبأ تحت (3) . جمل أحمر.
وكذا جاء في الحديث: " «كلهم يدخل الجنة إلا صاحب الجمل الأحمر» " (4) .
(1) أ، ب: بايعوه
(2) في المسند (ط. الحلبي) 3/396: " عن أبي الزبير عن جابر قال: كان العباس آخذا بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوافقنا، فلما فرغنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أخذت وأعطيت. قال فسألت جابرا يومئذ: كيف بايعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلى الموت؟ قال: لا، ولكن بايعناه على أن لا نفر. قلت له: أفرأيت يوم الشجرة؟ قال: كنت آخذا بيد عمر بن الخطاب حتى بايعناه. قلت: كم كنتم؟ قال: كنا أربع عشر مائة فبايعناه كلنا إلا الجد بن قيس اختبأ تحت بطن بعير، ونحرنا يومئذ سبعين من البدن لكل سبعة جزور ". وانظر خبر اختباء الجد بن قيس وعدم بيعته في: طبقات ابن سعد 2/100 ; سيرة ابن هشام 3/330 ; تاريخ الطبري (ط. المعارف) 2/632 ; تفسير الطبري 26/54 - 55. وقد ترجم ابن حجر في الإصابة (1/230) للجد بن قيس وسماه: جد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري أبو عبد الله، وقال إنه كان سيد بني سلمة، وذكر أنه كان خال جابر، وأنه حمله وهو صغير في بيعة العقبة. وقال ابن حجر: إن إسناد هذا الحديث قوي، ثم قال: " وقال عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى: (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) نزلت في نفر ممن تخلف عن تبوك منهم أبو لبابة والجد بن قيس لم يتب عليهم " وقال: إنه تاب وحسنت توبته ومات في خلافة عثمان
(3) أ، ب: خلف
(4) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاءت ألفاظ بمعناها ضمن حديث طويل، رواه مسلم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ونصه في مسلم 4/2144 - 2145 (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الباب الأول) : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " من يصعد الثنية ثنية المرار، فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل. قال فكان أول من صعدها خيلنا، خيل بني الخزرج، ثم تتام الناس. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " وكلكم مغفور له، إلا صاحب الجمل الأحمر " فأتيناه فقلنا له: تعال يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم. قال: وكان رجل ينشد ضالة له ". قال النووي في شرحه 17/126 - 127: " من يصعد الثنية ثنية المرار: هكذا هو في الرواية الأولى: المرار، بضم الميم وتخفيف الراء، وفي الثانية: المرار أو المرار بضم الميم أو فتحها على الشك، وفي بعض النسخ بضمها أو كسرها، والله أعلم. والمرار شجر مر. وأصل الثنية الطريق بين جبلين، وهذه الثنية عند الحديبية. . قال القاضي: قيل: هذا الرجل هو الجد بن قيس المنافق ". وانظر " الاستقامة " لابن تيمية 2/265، 287 - 288
***********************
[وبالجملة] (1) .
فلا ريب أن المنافقين كانوا مغمورين أذلاء مقهورين (2) ، لا سيما في آخر أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي غزوة تبوك ; لأن الله تعالى قال:
{يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [سورة المنافقين: 8] ، فأخبر أن العزة للمؤمنين لا للمنافقين، فعلم أن العزة والقوة كانت في المؤمنين، وأن المنافقين كانوا أذلاء بينهم.فيمتنع أن يكون الصحابة الذين كانوا أعز المسلمين من المنافقين، بل ذلك يقتضي أن من كان أعز كان أعظم إيمانا، ومن المعلوم (3) . أن(1) وبالجملة: ساقطة من (ن)
(2) أ، ب: مغمورين مقهورين أذلاء. وفي (ن) : مغمورين ذلا مقهورين. والمثبت من (م)
(3) ن، م: ومعلوم
*****************
السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار - الخلفاء الراشدين (1) . وغيرهم - كانوا أعز الناس، وهذا كله مما يبين أن المنافقين كانوا ذليلين في المؤمنين، فلا يجوز أن يكون الأعزاء من الصحابة منهم، ولكن هذا الوصف مطابق للمتصفين به من الرافضة وغيرهم.والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف، بل لا بد لكل منهم من شعبة نفاق، فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب، وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه، كما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية، وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك، حتى يحكوا (2) . عن جعفر الصادق أنه قال: التقية ديني ودين آبائي (3) .
وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك، بل كانوا من أعظم الناس صدقا وتحقيقا للإيمان، وكان دينهم التقوى لا التقية (4) .
وقول الله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}
(1) ن، م: والخلفاء الراشدين
(2) أ، ب: حتى يحكوا ذلك ; ن: حتى يحكى
(3) في كتاب " الأصول من الكافي " لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكلبي 2/219، الطبعة الثانية، ط. طهران، 1381 عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن القيام للولاة، فقال: أبو جعفر - عليه السلام: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له
(4) ن، م: التقوى والتقية، وهو تحريف
**********************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|