عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-01-2022, 11:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,519
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(246)

- (باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة) إلى (باب موضع اليدين عند السلام)
هناك أعمال تبطل الصلاة وأعمال تصح بها الصلاة، فأقل ما تصح به الصلاة الطمأنينة في الأركان مع الإتيان بما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم من أعمال كما جاء ذلك في حديث المسيء صلاته.
أقل ما يجزئ من عمل الصلاة
شرح حديث رفاعة في المسيء صلاته
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة.أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن عجلان عن علي وهو ابن يحيى عن أبيه عن عم له بدري أنه حدثه: (أن رجلاً دخل المسجد فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه ونحن لا نشعر، فلما فرغ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصلَّ فإنك لم تصل، فرجع فصلى، ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، مرتين أو ثلاثة، فقال له الرجل: والذي أكرمك يا رسول الله! لقد جهدت فعلمني. فقال: إذا قمت تريد الصلاة فتوضأ فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ، ثم اركع فاطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع، ثم افعل كذلك حتى تفرغ من صلاتك)].
أورد النسائي هذه الترجمة لهذا الباب وهي أقل ما يجزئ في الصلاة، المقصود من ذلك الشيء الذي لابد منه في الصلاة، والذي إذا أخل به يكون أخل بالصلاة، مثل الذي مر في الحديث الذي قبل هذا، الذي صلى صلاةً لا يتم ركوعها ولا سجودها، فقال له: (منذ كم تصلي؟ فقال: منذ أربعين سنة. قال: ما صليت منذ أربعين سنة), يعني صلاتك ما هي مجزئة، وأورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فجاء رجل وصلى والنبي صلى الله عليه وسلم يرمقه -أي: ينظر إليه- وهم لا يشعرون، لكنه ينظر إلى كيفية صلاته فقضى صلاته وجاء وسلم عليهم، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن رد عليه السلام: (ارجع فصل)، الصلاة وجدت لكن وجودها مثل عدمها؛ لأنه ما صلى صلاةً مجزئة؛ لأنه أخل بركوعها وسجودها وقيامها، ما عنده اطمئنان في الصلاة نقرها نقراً، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب منه ليعود فيصلي، ولعله كان يعلم كيفية الصلاة، ولكنه نقرها فأراد أنه إذا عاد مرة ثانية، يأتي بها على المطلوب، لكنه صلى صلاةً مثل التي صلاها، فجاء ثم أعاده، فصلى مثل الأولى فلما قال: (ارجع فصل)، قال: لقد جهدت -يعني: الشيء الذي أقدر عليه أتيت به- فعلمني، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قمت إلى الصلاة)، يعني: أردت القيام إلى الصلاة، (فتوضأ فأحسن الوضوء)؛ لأن هذا شرط لابد من تقدمه على المشروط، أي من شروط الصلاة الوضوء، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، وقوله: (لا يقبل الله صلاة أحد إلا بطهور)، يعني إذا أحدث إلا بعدما يتطهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو شرط من شروط الصلاة، يتقدم المشروط وهو الوضوء، وإذا صلى الإنسان بدون وضوء فصلاته لاغية، وجودها مثل عدمها.
(ثم استقبل القبلة)، أيضاً كذلك استقبل القبلة بأن يتجه إلى القبلة، وهي من شروط الصلاة، وهذا إنما هو في الفرائض، وأما في النافلة بالنسبة للمسافر فقد عرفنا في الأحاديث الماضية أنه يستقبل القبلة في أول الصلاة، ثم يصلي أينما توجهت به راحلته، وأما في الفرائض فإنه لابد وأن يصلي مستقبلاً القبلة، فلا يصلي راكباً على الدابة وإنما ينزل، أما إذا كان الإنسان مثلاً في طائرة، والوقت سيخرج قبل نزول الطائرة، فإن الإنسان لا يؤخر الصلاة عن وقتها إلا إذا كانت صلاة تجمع مع الثانية، فيمكن أن يؤخر إلى آخر وقت الثانية إذا كانت الطائرة تنزل في وقت الثانية، وإذا مشى مثلاً في الصباح والطائرة تنزل عقب العصر فيمكنه أن يؤخر الظهر حتى يصليها مع العصر بعدما تنزل الطائرة، فيصلي الظهر ثم العصر، لكن إذا كانت ستغرب الشمس ولا تصل الطائرة إلا بعد الغروب وقد خرج الوقت، فالإنسان يصلي على حسب حاله -يعني: إذا وجد مكاناً في الطائرة يتجه فيه إلى القبلة ويركع ويسجد فعل، وإذا كان ما يجد فإنه يصلي في مقعده على حسب هيئته يومئ إيماءً- ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، أما بالنسبة للسيارات وبالنسبة للرواحل فإنه إذا جاء الوقت ينزلون ويصلون ثم يواصلون السير. (ثم استقبل القبلة وكبر)، يعني: ادخل الصلاة بتكبيرة الإحرام.
(ثم اقرأ) وأطلق القراءة، وعينها في أحاديث أخرى (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ففاتحة الكتاب هي التي لابد منها ويضيف إليها غيرها،(ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تعتدل جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، هذه صفة الركعة التي لاحظ الرسول صلى الله عليه وسلم إخلاله في الركوع والسجود وعدم الاطمئنان، فأرشده وبين له أن الاطمئنان في الصلاة لابد منه، ولهذا قال: (فإنك لم تصل)، معناه: ما صليت الصلاة المجزئة، ومن المعلوم أنه ما يعيد الصلوات التي مضت مدة حياته، وإنما يتوب إلى الله عز وجل ويندم على ما فرط ويحسن في المستقبل، لكن هذه الصلاة التي علم بأنها لاغية يعيدها.
فهذا حديث عظيم بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أموراً لابد منها في الصلاة، ويسمى الحديث حديث المسيء في صلاته، والحديث سبق أن مر بنا، ولكن النسائي أعاده هنا للاستدلال به على هذه الترجمة التي عقدها.
تراجم رجال إسناد حديث رفاعة في المسيء صلاته
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
وهو ابن سعد المصري، المحدث، الفقيه، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي].
هو علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن العجلان الزرقي الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبيه].
عن أبيه يحيى بن خلاد بن رافع بن العجلان الأنصاري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عم له بدري].
يعني ممن شهد بدراً وهو رفاعة بن رافع أخو خلاد بن رافع، ورفاعة صحابي بدري أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة
شرح حديث رفاعة في المسيء صلاته من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة. أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن داود بن قيس حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري حدثني أبي عن عم له بدري قال: ( كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد فدخل رجل فصلى ركعتين، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرمقه في صلاته، فرد عليه السلام ثم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه السلام ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى كان عند الثالثة أو الرابعة، وقال: والذي أنزل عليك الكتاب لقد جهدت وحرصت فأرني وعلمني. قال: إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع، فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وما انتقصت من هذا فإنما تنتقصه من صلاتك)].
قوله في الترجمة: باب أقل ما يجزئ من العمل في الصلاة، وقد مر في الدرس الماضي حديث رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله عنه من إحدى الطريقين اللتين أوردهما النسائي، فقد مرت وهي تتعلق ببيان المسيء صلاته، وأنه دخل المسجد وصلى صلاةً لم يطمئن في ركوعه وسجوده، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال له: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، أي: إن صلاتك غير مجزئة؛ لأنه ما حصل الإتيان بالأمور التي هي أركان الصلاة، وهي: القيام، والركوع، والسجود، والرفع من الركوع، والجلوس بين السجدتين، والاطمئنان في هذه الأفعال كلها وأورد بعد ذلك الطريقة الثانية المشتملة على ما اشتملت عليه الطريقة الأولى من جهة أن الرجل لما كرر الصلاة على الهيئة الأولى لم يأت بالمطلوب فيها، قال للنبي عليه الصلاة والسلام: والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت فأرني وعلمني، يعني أرني كيف أصلي وعلمني كيف أصلي؛ لأن الشيء الذي أعلمه أتيت به، وكان هذا الذي عمله خطأ؛ لأنه لم يأت بهذه الأفعال على الوجه الذي يجب عليه أن يأتي بها عليه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، أي إن صلاته غير مجزئة، ولما كرر العمل ولم يكن عمله هو الذي يبرئ الذمة ويتأتى به الواجب، قال للرسول عليه الصلاة والسلام: والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت -أي: أتيت بجهدي وما أقدر عليه وما أعلمه- فأعلمني وعلمني، فعلمه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وقال: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر)، فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى أمور لابد منها تسبق الصلاة، وهي: إحسان الوضوء، ثم استقبال القبلة، ويدخل فيها ويكبر تكبيرة الإحرام، ويقرأ ما تيسر من القرآن، وقد جاءت النصوص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بتعين قراءة الفاتحة، ثم يركع حتى يطمئن راكعاً، ثم يرفع حتى يعتدل قائماً، ثم يسجد حتى يطمئن ساجداً، ثم يجلس حتى يطمئن جالساً، ثم يسجد حتى يطمئن ساجداً، ثم يرفع، فيأتي بركعات صلاته على هذه الهيئة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بركعة واحدة.
والحديث سبق أن مر في الدرس الماضي، وأيضاً في دروس مضت، ولكنه جاء به هنا للاستدلال على أقل ما يجزئ من العمل في الصلاة، والمراد من ذلك الأمور التي لابد منها، والتي إذا فقدت فإن الصلاة تكون مفقودة وتكون غير موجودة؛ لأنه لم يأت بالأمور الأساسية فيها التي هي الأركان، فلابد من هذه الأفعال، ولابد من الاطمئنان في هذه الأفعال التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث رفاعة في المسيء صلاته من طريق أخرى قوله: [سويد بن نصر].سويد بن نصر هو المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عبد الله بن المبارك].
هو المروزي أيضاً، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير، هكذا قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب وصفه بهذه الصفات، وختمها بقوله: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن داود بن قيس].
ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي بن يحيى بن خلاد].
هو علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان الزرقي الأنصاري. وهو ثقة، خرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك.
[يروي عن عمه رفاعة بن رافع الأنصاري].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو ممن شهد بدراً، وهنا لم يسمه، وإنما قال: عن عم له بدري، أي عم لـيحيى بن خلاد، وهو رفاعة بن رافع، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
شرح حديث عائشة: (كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام، قال: قلت: (يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي ثمان ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس فيذكر الله عز وجل ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا)].روى النسائي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وقد سألها سعد بن هشام عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة من معرفة أحكام الشريعة، وسؤال التابعين للصحابة عن أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وعن أفعاله في أمور معينة، وهنا سألها عن وتر رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأورد النسائي الحديث مختصراً؛ لأنه ليس فيه ذكر الوتر، وإنما فيه ذكر الركعات التي تسبق الوتر وهي الركعة الأخيرة، لكن الحديث جاء مطولاً عند النسائي فيما بعد، وفيه: (أنه بعدما صلى ثمان ركعات لم يجلس فيهن إلا بعد الثامنة، جلس يدعو، ثم قام ولم يسلم، ثم صلى ركعة، وجلس يدعو، ويذكر الله عز وجل، ثم سلم تسليماً يسمعهم إياه)، وهذه الطريقة التي معنا مختصرة، والطريقة التي ستأتي في قيام الليل هي مطولة ومفصلة لصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام في الوتر، وهذا يدل على أنه ليس بلازم في صلاة الليل أن يصلي ركعتين ثم يجلس يتشهد، ثم يصلي ركعتين وهكذا، ولكن لاشك أن هذا هو الأولى -يعني كونه يصلي، ويجلس عند كل ركعتين ويتشهد، ويصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يسلم ثم يقوم ويصلي ركعتين وهكذا- لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إليه ودل الأمة عليه وأمرها به وفعل ذلك أيضاً فالفصل ثبت من قوله وفعله، فالفصل من قوله ثبت بقوله: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى) هذا قوله.
وأما فعله فقد جاء: (أنه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين، ركعتين، ركعتين ثم ركعة واحدة)، أما الوصل فقد ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، فدل على أنه سائغ، ولكن الأولى والأفضل هو الفصل؛ لأنه هو الذي فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو الذي أرشد الأمة إليه، وأيضاً ما يحصل معه من الارتياح للتقوي على الصلاة فإنه إذا سلم من ركعتين ثم جلس أو شرب حصل شيء ينشطه للقيام، إذاً فالأولى هو ما أرشد إليه وفعله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو صلاة كل ركعتين على حدة، ثم يختم بركعة ينهي صلاة الليل بها.
وهذا الحديث الذي أورده النسائي في هذه الترجمة، لعل المقصود من إيراده في هذه الترجمة هو أن الحديث الأول بطريقيه اشتمل على أقل ما يجزئ من عمل الصلاة، بالنسبة للركعة والركعات، وكيف يأتي بها، وأنه يطمئن في قيامه، وفي ركوعه، واعتداله من الركوع، وفي سجوده، وجلوسه بين السجدتين وهكذا، لكن ما فيه تعرض للتشهد ولا للسلام، فأورد النسائي هذا الحديث الذي فيه ذكر التشهد والسلام، وهذا هو مقصود من إيراد الحديث في الترجمة.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فهو يعتبر شيخاً لهم سمعوا منه وأخذوا الحديث عنه.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، المحدث، الناقد، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
وهو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة بن أوفى].
هو أيضاً بصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكان من العباد، وقد ذكر في ترجمته أنه مات فجأةً في الصلاة وهو يصلي بالناس إماماً لهم، ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) [المدثر:8]، في سورة المدثر: أنه كان يصلي بالناس الصبح، فلما جاء عند هذه الآية شهق شهقةً ثم وقع ومات رحمة الله عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن هشام].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الأصول الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، زوجة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، التي روت الأحاديث الكثيرة عنه عليه الصلاة والسلام، وتعتبر هي المرأة الوحيدة التي روت الروايات الكثيرة التي لم يدانها في ذلك أحد، بل إن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وهؤلاء السبعة هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وعائشة، سبعة يقول السيوطي فيهم في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
فالبحر هو ابن عباس.
المراد بزوجة النبي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وهي التي أنزل الله تعالى براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، ولهذا فإن من قذفها وقد برأها الله عز وجل مما قذفت به فإنه مرتد كافر ليس من أهل الإسلام؛ لأنه مكذب بالقرآن، ومكذب بما نزل به القرآن من براءتها، فمن رماها بالإفك فإنه كافر مرتد عن دين الإسلام يجب قتله، ولا يورث ماله وإنما يكون فيئاً يوضع في بيت مال المسلمين.
السلام
شرح حديث: (أن رسول الله كان يسلم عن يمينه وعن يساره)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السلام.أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سليمان يعني ابن داود الهاشمي حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد قال حدثني عبد الله بن جعفر وهو ابن المسور المخرمي عن إسماعيل بن محمد حدثني عامر بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب السلام -أي السلام من الصلاة- وهو الخروج من الصلاة الذي به يحصل الانتهاء منها، وقد جاء في الحديث: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، بمعنى أن الإنسان إذا كبر تكبيرة الإحرام حرم عليه ما كان حلالاً قبلها، وإذا سلم حصل الرجوع إلى ما كان عليه قبل التكبير، بمعنى أنه يحل له ما كان حراماً عليه في الصلاة، (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، يعني يحصل التحلل منها بالتسليم، ولهذا يعرفون الصلاة فيقولون: هي أقوال وأفعال مخصوصة مبتدئة بالتكبير مختتمة بالتسليم. أقوال وأفعال مخصوصة: هي ركوع، وسجود، وقراءة وتسبيح، وتهليل، ودعاء، واستغفار، وتشهد وما إلى ذلك، مبتدئة هذه الأفعال والأقوال بالتكبير ومختتمة بالتسليم، هذا هو التعريف الشرعي الذي يطابق المعنى الشرعي، وأما من حيث اللغة فمعناها: الدعاء، ولا شك أن الصلاة مشتملة على المعنى اللغوي الذي هو الدعاء، ولكن الصلاة الشرعية هذا هو تعريفها: أقوال وأفعال مخصوصة مبتدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم، فختام الصلاة التسليم.
وقد أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسلم عن يمينه وعن شماله)، يعني: يحصل الخروج من الصلاة بتسليمه عن اليمين وتسليمه عن الشمال، ففيه حصول تسليمتين، وفيه الالتفات إلى جهة اليمين وإلى جهة الشمال عند التسليم، والتسليم هو نهايتها، وهو ركن من أركان الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يسلم عن يمينه وعن يساره)
قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي الكوفي المعروف أبوه بابن علية، ومحمد بن إسماعيل ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال: حدثنا سليمان يعني: ابن داود الهاشمي].
سيلمان بن داود الهاشمي من نسل عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة، جليل، قال عنه الإمام أحمد: إنه يصلح للخلافة، يعني إشارةً إلى فضله ونبله وعلو مكانته.
أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن الأربعة.
وقوله: (يعني ابن داود الهاشمي)، هذه كلمة يعني ابن داود الهاشمي، زادها النسائي أو من دون النسائي ؛ لأن تلميذه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي الكوفي المشهور أبوه بـابن علية، لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، بل ينسب شيخه كما يريد، لكن محمد بن إسماعيل لما ذكر شيخه في هذا الإسناد ما زاد على أن قال: سليمان، يعني ما نسبه، لكن من دون التلميذ الذي هو النسائي أو من دون النسائي هو الذي أتى بهذه الزيادة، وأتى بكلمة (يعني)، وكلمة (يعني) فعل مضارع له فاعل، وله قائل، ففاعله ضمير مستتر يرجع إلى محمد بن إبراهيم بن علية.
وهذه الطريقة يستعملونها حتى يميزوا بين كلام التلميذ وكلام من دون التلميذ مما زاده من باب الإيضاح والبيان، وهما عبارتان تستعملان؛ هو ابن فلان، أو يعني ابن فلان، كما سيأتي في نفس الإسناد؛ لأن الإسناد جمع فيه بين الأمرين، أو بين العبارتين: كلمة (هو) وكلمة (يعني).
[حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد].
حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد هنا أيضاً عبارة هو ابن سعد من جنس عبارة يعني؛ لأن سليمان بن داود ما قالها، أي ما نسب شيخه، وما زاد على كلمة: إبراهيم شيئاً، لكن محمد بن إبراهيم أو من دونه هم الذين زادوها، وأما سليمان بن داود فهو قال: إبراهيم فقط، فمن دونه وهو محمد بن إسماعيل أو النسائي أو من دون النسائي هؤلاء هم الذين أتوا بكلمة: هو ابن سعد، وهو إبراهيم بن سعد الزهري، ينتهي إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه.
وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم ثقة، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبد الله بن جعفر].
وهو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وهو يقال له: المخرمي نسبة إلى مخرمة الذي هو أبو المسور، فيقال له: ابن مسور المخرمي، وعبد الله بن جعفر هذا قال عنه الحافظ في التقريب: ليس به بأس، وكذلك قال النسائي: ليس به بأس، وكلمة: ليس به بأس تعادل صدوق، كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة التقريب، أن كلمة: صدوق وليس به بأس أو لا بأس به هي في درجة واحدة.
وحديث عبد الله بن جعفر أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
والنسائي رحمه الله لما ذكر هذا الإسناد ميز في آخره بين عبد الله بن جعفر الذي ليس به بأس، ووالد علي بن المديني الذي هو ضعيف وقال عنه: متروك، حتى يبين أن هذا الذي يعنيه في هذا الإسناد هو المخرمي وليس عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني، فإنه لم يخرج له النسائي، لكنه لما كانت الأسماء متفقة أتى بهذا الكلام الذي يبين أن من ذكره في الإسناد ليس به بأس وهو عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة، منسوب إلى جده مخرمة فيقال له: المخرمي.
وهذا يسمى في المصطلح: المتفق والمفترق، يعني كونه يحصل الاتفاق في الأسماء وأسماء الآباء وتختلف الأشخاص فليسوا شخصاً واحداً وإنما شخصان اتفقا في الاسم واسم الأب، فيقال له: المتفق والمفترق.
[عن إسماعيل بن محمد].
هو إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عامر بن سعد].
يعني يروي عن عمه عامر بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يروي عن أبيه].
سعد بن أبي وقاص صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهم أفضل الصحابة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، هؤلاء عشرة شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، سردهم وسماهم وقال: إنهم في الجنة، وقد شهد لغيرهم في أحاديث متفرقة، مثل: ثابت بن قيس بن شماس، وعكاشة بن محصن، والحسن، والحسين، وفاطمة، وبلال، وعدد كبير من الصحابة جاءت أحاديث خاصة بالشهادة لآحادهم بالجنة كل جاء في حديث، ولكن قيل لهم: العشرة، وليس الشهادة لعشرة فقط؛ لأنهم اشتهروا بلقب العشرة؛ لأنهم بشروا بالجنة في حديث واحد، وسعد بن أبي وقاص هو آخر العشرة موتاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.25%)]