
26-01-2022, 02:24 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,040
الدولة :
|
|
رد: البيوع المنهي عنها لذاتها أو لغيرها
3ـ بيع الصوف على الظهر:
اختلف الفقهاء في بيع الصوف على الظهر على مذهبين:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّه لا يجوز بيع الصوف على ظهر الحيوان؛ لأنه من أوصاف الحيوان، ولأنَّه يقوم به، أو لأنَّه متصل بالحيوان غير مقصود من الشاة.
المذهب الثاني: ذهب الإمام مالك وأبو يوسف من الحنفية والحنابلة في غير المشهور عندهم - إلى أنه يجوز بيع الصوف على الظهر؛ لأنه معلوم يمكن تسليمه.
الراجح: أنَّه إذا كان بشرط الجز في الحال، فهو جائز، وإلا فلا؛ لِما فيه من التيسير على الناس، فإن قيل قد يموت الحيوان قبل الجز، فيتنجس شعره، وبذلك غرر من غير حاجة.
بيع الملامسة والمنابذة:
هذه البيوع كانت في الجاهلية؛ وهي أن يتراوض الرجلان على سلعة، فإذا لمس المشتري أو نبذها إليه البائع أو وضع المشتري عليها حصاة، لزم البيع؛ فالأول بيع الملامسة، والثاني المنابذة، والثالث إلقاء الحجر.
والمنابذة: أن يقول المشتري للبائع أي ثوب نبذته إليَّ، فقد اشتريته بكذا.
والملامسة: أن يبيعه شيئًا ولا يشاهده على أنَّه متى لمسه وقع البيع.
بيع الحصاة: أن يقول: ارمِ هذه الحصاة، فعلى أي ثوب وقعت، فهو لك، فهذا بيع باطل للجهل بعين ما وقع العقد عليه بكذا، أو يقول: بعتك من الأرض ما وصلت إليه هذه الحصاة، وهذا بيع باطل للجهل بقدر ما يتناوله العقد.
وهذه البيوع منهي عنها لا يجوز منها شيء؛ لما روي عن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة))[26].
بيع الملاقيح والمضامين:
الملاقيح: ما في البطون وهي الأجنة.
والمضامين: ما في أصلاب الفحول من الماء.
ولما روي عن أبي هريرة: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملاقيح والمضامين)).
بيع النجش:
حكم النجش: هو حرام وخداع، وقد روي عن الحسن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المكر والخديعة والخيانة في النار)).
المذهب الأول: البيع صحيح مع الإثم.
المذهب الثاني: يثبت الخيار للمشتري.
المذهب الثالث: البيع فاسد لا يفيد الملك نقله.
الترجيح:
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم أميل إلى رأي من يقول بثبوت الخيار للمشتري؛ لأن النهي إنما ورد لأمر خارج عن العقد؛ فلا يؤثر فيه.
بيع الثمار منفردة عن الأصل:
أولًا: بيع الثمار قبل أن تخلق:
ذهب معظم العلماء إلى أنَّه لا يجوز بيع الثمار منفردة عن أصولها قبل أن تخلق هذه الثمار؛ وذلك (للنهي عن بيع ما لم يخلق)؛ وذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه نهى عن بيع السنين، وعن بيع المعاومة؛ وهي بيع الشجر أعوامًا))[27].
ثانيًا: بيع الثمار بعد أن تخلق
1 ـ بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها.
2 ـ بيع الثمار قبل بدو الصلاح بشرط القطع.
فعن جابرِ بنِ عبدِاللَّهِ قال: ((نَهَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عنِ المُحاقلةِ، والمُزابَنةِ، والمخابرةِ، والمعاوَمةِ، وبيعِ السِّنينَ، وعنِ الثُّنيا، ورخَّصَ في العَرايا))[28].
في هذا الحَديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِاللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن المُحاقَلةِ: وهي بيعُ الحَبِّ في سَنابِلِه بحَبٍّ صافٍ، وهذا فيه جَهالةُ ما في السَّنابلِ.
والمُزابَنةِ: أي: ونهى صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، وهي بيعُ التَّمْرِ على رُؤوسِ النَّخْلِ بالتَّمْرِ الرُّطَبِ، أو ثِمارِ العِنَبِ وهي على الشَّجَرِ بالزَّبيبِ، وهذا فيه جَهالةٌ بكَيلِ ووزنِ الثِّمارِ.
والمُخابَرةِ: وهي العمَلُ في الأرضِ ببعضِ ما يَخْرُجُ منها، والبَذْرُ من العاملِ، وهذا فيه جَهالةٌ بما لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ.
والمعاومةِ: وهي "بيعُ السِّنينَ": وهو بيعُ ثَمَرِ نَخْلةٍ أو نَخلاتٍ بأعيانِها أو ما شابَه سَنتَينِ أو ثلاثًا، ومِن المعلومِ أنَّ هذا الثَّمَرَ لم يُخْلَقْ بَعْدُ.
"والثُّنيا": وهو أنْ يُباعَ الثَّمَرُ ويُسْتثنى منه جزءٌ غيرُ مَعلومِ القَدْرِ، وفي رِوايةٍ قال: ((إلَّا أنْ يُعْلَمَ))؛ أي: إلَّا أن يكونَ الجزءُ المستَثنى في البيعِ معلومَ القَدْرِ.
وقد رَخَّصَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في "العَرايا": وهي: بَيْعُ الثِّمارِ على الشَّجَرِ بعدَ تَقديرِها كَيلًا ووزنًا بالتَّمْرِ أو الزَّبيبِ؛ فالعَرايا نَوعٌ من أنواعِ البُيوعِ التي أُذِنَ فيها للحاجةِ تيسيرًا على المسلِمين؛ فيَشتريَ الرجُلُ ثمرًا في النَّخلِ؛ لكي يأكُلَه ويُطعمَه عِيالَه وليس معه نقودٌ فيَدفعُ تمرًا مَعَه أقلَّ قِيمةً مِن الثَّمرِ الذي سيَشتريه، بمِثلِ أن يَبيعَ الرُّطبِ على النَّخلِ بالزبيبِ؛ فيُعْطَى قَدْرَه مِنَ القَديمِ، بِشَرطِ ألَّا تزيدَ على خَمْسةِ أَوْسُقٍ مع التَّقابُضِ في مَجْلِسِ العَقْدِ، وسُمِّيَ ببيع العرايا؛ لأنَّ النخلةِ يُعطيها مالكُها لرجلٍ مُحتاجٍ؛ أي: يَعرُوها له، وكانتِ العربُ في الجدبِ يتطوَّعُ أهلُ النخل بذلك على مَن لا ثَمرَ له، كما يتطوَّعُ صاحبُ الشَّاةِ أو الإبلِ بالمنيحة، وهي عَطيَّةُ اللبنِ دُونَ الرقبةِ.
والله سبحانه تعالى أعلى وأعلم.
الخاتمة:
أولًا: النتائج:
أن (الأصل في المعاملات الإباحة)، إلا ما جاء النص بتحريمه في المعاملات والبيوع، وهو قليل من كثير، فالشريعة سمحاء كلها رحمة وعدل ومساواة.
ثانيًا: التوصيات:
لا بد من تعديل القوانين الوضعية، وأن نمنع الربا والخبائث، وكل البيوع المحرمة، وكل ما نهى الله ورسوله عنه؛ لنرضي الله سبحانه وتعالى، ونحن بريئون من كل ما برئ الله منه.
المصادر والمراجع:
أولًا: المصادر:
1- أ.د أيمن فوزي المستكاوي، وآخرون، فقه المعاملات المقارن، 2020 م.
ثانيًا: المراجع:
2- الحاوي للماوردي.
3- الفوائد الشهير بالغيلانيات لأبي بكر الشافعي البزاز.
4- الشرح الصغير للدردير.
5- مغني المحتاج.
6- الشرح الكبير من المغني.
7- بدائع الصنائع للكاساني.
8- عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة.
[1] الإجماع لابن المنذر، ص: 52.
[2] الخرازة: مهنة أو حرفة على قِدمها ما زالت هذه الحرفة منتشرة حتى يومنا الحاضر، و"الخراز" هو الذي يتعامل مع الجلود بأدوات بسيطة؛ كالمقصات والسكاكين، والمخاريز والمجاذيب، ويصنع عددًا من المنتجات؛ كالنعال والقِرب والصملان الخاصة باللبن، وعكاك الدهن وخباء البنادق، والمحازم والغروب، وتعد الجلود هي المادة الأولية للخراز.
[3] الأساكفة: جمع "إسكاف": وهو صانع الأحذية والنعال.
[4] ملتقى الأبحر، ص: 85، المحيط البرهاني في الفقه النعماني، 1/ 476، البيان والتحصيل 8/ 46، التاج والإكليل لمختصر خليل (1/ 126).
[5] البيان والتحصيل (8/ 47).
[6] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، 3/ 60، برقم: 2237، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب، 3/ 1198، برقم: 1567.
[7] المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة (1/ 440).
[8] شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (5/ 31).
[9] الفرق: مكيال معروف بالمدينة يسع ستة عشر رطلًا؛ [مختار الصحاح ص: 500].
[10] أخرجه الطحاوي في معاني الآثار 4/ 58، والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 8.
[11] بدائع الصنائع 5/ 143.
[12] بدائع الصنائع 5/ 143، الشرح الصغير 3/ 23.
[13] وهي رواية عن مالك رواها عنه ابن القاسم، وخالفه فيها ابن وهب، وأشهب الكافي في فقه أهل المدينة (328).
[14] أخرجه الدارقطني في سننه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقال عنه: إسناده حسن؛ [سنن الدارقطني، كتاب الطهارة، باب الدباغ 1/ 48].
[15] نقل الإجماع على ذلك النووي في المجموع (1/ 296)، وابن رشد في بداية المجتهد (2/ 183)، وابن تيمية في الفتاوى (21/ 98).
[16] بدائع الصنائع 5/ 142.
[17] أجاز المالكية بيع الصوف والشعر، وأجاز ابن وهب بيع القرن والعصب، ومنعه غيره منهم؛ [المنتقى شرح الموطأ (3/ 137)].
[18] الحاوي للماوردي (1/ 68).
[19] الفوائد الشهير بالغيلانيات، لأبي بكر الشافعي البزاز (1/ 580).
[20] الشرح الصغير للدردير (3/ 22)، مغني المحتاج (2/ 11)، الشرح الكبير من المغني (4/ 14).
[21] بدائع الصنائع (5/ 144).
[22] عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة 2/ 619.
[23] الآجام والأجمة في قولهم: بيع السمك في الأجمة؛ يريدون: البطيحة التي هي منبت القصب، وجمعها الآجام؛ [التعريفات الفقهية (ص: 17)، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية مفهرس (4/ 55)].
[24] بداية المجتهد 2/ 161، والظئر المرضعة غير ولدها بأجر معين؛ [عمدة القاري شرح صحيح البخاري 8/ 102، شرح الزركشي على مختصر الخرقي 4/ 237.
[25] بدائع الصنائع 5/ 145، مغني المحتاج 2/ 16، المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 4/ 28.
[26] كأنَّه قال للمشتري: أي ثوب ألقيت عليه الحجر فقد بعتكه، وفي المغرب بيع الملامسة واللماس أن يقول لصاحبه: إذا لمست ثوبك أو لمست ثوبي، فقد وجب البيع، وفي المنتقى عن أبي حنيفة هي: أن يقول بعتك هذا المتاع بكذا، فإذا لمستك، فقد وجب البيع، أو يقول المشتري كذلك.
[27] صحيح أبي داود برقم (3375)، صححه الألباني.
[28] صحيح أبي داود برقم (3404)، صححه الألباني.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|