عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26-01-2022, 06:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,735
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
الحلقة (56)
صــ301 إلى صــ 305


تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين .

قوله تعالى: تلك آيات الله نتلوها عليك أي: نقص عليك من أخبار المتقدمين .

[ ص: 301 ] وإنك لمن المرسلين حكمك حكمهم ، فمن صدقك ، فسبيله سبيل من صدقهم ، ومن عصاك ، فسبيله سبيل من عصاهم .

الجزء الثالث
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد .

قوله تعالى: منهم من كلم الله يعني: موسى عليه السلام . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو نهيك ، وابن السميفع : "منهم من كالم الله" بألف خفيفة اللام ، ونصب اسم "الله" وفي المراد بقوله: ورفع بعضهم درجات قولان . أحدهما: عنى بالمرفوع درجات ، محمدا صلى الله عليه وسلم ، فإنه بعث إلى الناس كافة ، وغيره بعث إلى أمته خاصة ، هذا قول مجاهد . والثاني: أنه عنى تفضيل بعضهم على بعض فيما آتاه الله ، هذا قول مقاتل . قال ابن جرير الطبري: والدرجات: جمع درجة ، وهي المرتبة ، وأصل ذلك: مراقي السلم ودرجه ، ثم يستعمل في ارتفاع المنازل والمراتب . وقد تقدم تفسير "البينات" و"روح القدس" .

قوله تعالى: ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم أي: من بعد الأنبياء . وقال قتادة: من بعد موسى وعيسى عليهما السلام . قال مقاتل: وكان بينهما ألف نبي .

قوله تعالى: (ولكن اختلفوا) يعني: الأمم .
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون .

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم هذه الآية تحث على الصدقات ، والإنفاق في وجوه الطاعات . وقال الحسن: أراد الزكاة المفروضة .

[ ص: 302 ] قوله تعالى: من قبل أن يأتي يوم يعني: يوم القيامة (لا بيع فيه) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) بالنصب من غير تنوين ، ومثله في "إبراهيم" (لا بيع فيه) وفي الطور (لا لغو فيها ولا تأثيم) وقرأ نافع وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، جميع ذلك بالرفع والتنوين . قال ابن عباس: لا فدية فيه ، وقيل: إنما ذكر لفظ البيع لما فيه من المعاوضة ، وأخذ البدل . والخلة: الصداقة . وقيل: إنما نفى هذه الأشياء ، لأنه عنى عن الكافرين ، وهذه الأشياء لا تنفعهم ، ولهذا قال: (والكافرون هم الظالمون) .
الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم .

قوله تعالى: الله لا إله إلا هو الحي القيوم روى مسلم في "صحيحه" عن أبي بن كعب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله أعظم؟ " قال: قلت: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) . قال: فضرب في صدري ، وقال: "ليهنك العلم يا أبا المنذر" قال: أبو عبيدة ، القيوم: الذي لا يزول ، لاستقامة وصفه بالوجود ، حتى لا يجوز عليه التغيير بوجه من الوجوه . وقال الزجاج: القيوم: القائم بتدبير أمر الخلق . وقال الخطابي: القيوم: هو القائم الدائم بلا زوال ، وزنه: "فيعول" من القيام ، وهو نعت للمبالغة للقيام على الشيء ، ويقال: هو القائم على كل شيء بالرعاية ، يقال: قمت بالشيء: إذا وليته بالرعاية والمصلحة . وفي "القيوم" ثلاث لغات القيوم ، وبه قرأ الجمهور ، والقيام ، وبه قرأ عمر بن الخطاب ، وابن [ ص: 303 ] مسعود ، وابن أبي عبلة ، والأعمش . والقيم ، وبه قرأ أبو رزين ، وعلقمة . وذكر ابن الأنباري أنه كذلك في مصحف ابن مسعود ، قال: وأصل القيوم: القيووم: فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن ، جعلتا ياء مشددة . وأصل القيام: القوام ، قال الفراء: وأهل الحجاز يصرفون الفعال [إلى ] الفيعال ، فيقولون للصواغ: صياغ . فأما "السنة" فهي: النعاس من غير نوم ، ومنه: الوسنان . قال ابن الرقاع:


وكأنها بين النساء أعارها عينيه أحور من جآذر جاسم

وسنان أقصده النعاس فرنقت
في عينه سنة ، وليس بنائم


قوله تعالى: له ما في السماوات وما في الأرض قال بعض العلماء: إنما لم يقل: والأرضين . لأنه قد سبق ذكر الجمع في السماوات ، فاستغنى بذلك عن إعادته ، ومثله (وجعل الظلمات والنور) ولم يقل: الأنوار .

قوله تعالى: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فيه رد على من قال: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [ الزمر: 3 ] .

قوله تعالى: يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ظاهر الكلام يقتضي الإشارة إلى جميع الخلق ، وقال مقاتل: المراد بهم الملائكة . وفي المراد بـ (ما بين أيديهم وما خلفهم) ثلاثة أقوال . أحدهما: أن الذي بين أيديهم أمر الآخرة ، والذي خلفهم أمر الدنيا ، روي عن ابن عباس ، وقتادة . والثاني: أن الذي بين أيديهم الدنيا ، والذي خلفهم الآخرة ، قاله السدي عن أشياخه ، ومجاهد ، وابن جريج ، والحكم بن عتيبة . والثالث: ما بين أيديهم: ما قبل خلقهم ، وما خلفهم ، ما بعد خلقهم ، قاله مقاتل .

[ ص: 304 ] قوله تعالى: ولا يحيطون بشيء قال الليث: يقال: لكل من أحرز شيئا ، أو بلغ علمه أقصاه: قد أحاط به . والمراد بالعلم هاهنا: المعلوم ، (وسع كرسيه) أي: احتمل وأطاق . وفي المراد بالكرسي ثلاثة أقوال . أحدها: أنه كرسي فوق السماء السابعة دون العرش ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة" وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء . والثاني: أن المراد بالكرسي علم الله تعالى ، رواه ابن جبير عن ابن عباس . والثالث: أن الكرسي هو العرش ، قاله الحسن .

قوله تعالى: (ولا يئوده) أي: لا يثقله ، يقال: آده الشيء يؤوده أودا وإيادا . والأود: الثقل ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، والجماعة . والعلي: العالي القاهر ، "فعيل" بمعنى "فاعل" . وقال الخطابي: وقد يكون من العلو الذي هو مصدر: علا يعلوا ، فهو عال ، كقوله تعالى: الرحمن على العرش استوى [ طه: 5 ] . ويكون ذلك من علاء المجد والشرف ، يقال منه: على يعلى علاء . ومعنى العظيم: ذو العظمة والجلال ، والعظم في حقه تعالى ، منصرف إلى عظم الشأن ، وجلال القدر ، دون العظم الذي هو من نعوت الأجسام .
لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم [ ص: 305 ] قوله تعالى: لا إكراه في الدين في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها: أن المرأة من نساء الأنصار كانت في الجاهلية إذا لم يعش لها ولد ، تحلف: لئن عاش لها ولد لتهودنه . فلما أجليت يهود بني النضير ، كان فيهم ناس من أبناء الأنصار . فقال الأنصار: يا رسول الله أبناؤنا ، فنزلت هذه الآية . هذا قول ابن عباس . وقال الشعبي: قالت الأنصار: والله لنكرهن أولادنا على الإسلام ، فإنا إنما جعلناهم في دين اليهود إذ لم نعلم دينا أفضل منه ، فنزلت هذه الآية . والثاني: أن رجلا من الأنصار تنصر له ولدان قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدما المدينة ، فلزمهما أبوهما ، وقال: والله لا أدعكما حتى تسلما ، فأبيا ، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية . هذا قول مسروق . والثالث: أن ناسا كانوا مسترضعين في اليهود ، فلما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير ، قالوا: والله ليذهبن معهم ، ولندينن بدينهم ، فمنعهم أهلوهم ، وأرادوا إكراههم على الإسلام ، فنزلت هذه الآية . والرابع: أن رجلا من الأنصار كان له غلام اسمه صبيح ، كان يكرهه على الإسلام ، فنزلت هذه الآية ، والقولان عن مجاهد .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]