
26-01-2022, 06:27 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,628
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
الحلقة (54)
صــ291 إلى صــ 295
قوله تعالى: (فيضاعفه له) قرأ أبو عمرو فيضاعفه بألف مع رفع الفاء ، كذلك في جميع القرآن ، إلا في سورة الأحزاب (يضعف لها العذاب ضعفين) وقرأ نافع ، وحمزة ، والكسائي ، جميع ذلك بالألف مع رفع الفاء ، وقرأ ابن كثير (فيضعفه) برفع الفاء من غير ألف في جميع القرآن ، وقرأ ابن عامر (فيضعفه) بغير ألف مشددة في جميع القرآن ، ووافقه عاصم على نصب الفاء في "فيضاعفه" إلا أنه أثبت الألف في جميع القرآن . قال أبو علي للرفع وجهان . أحدهما: أن يعطفه على ما في الصلة ، وهو يقرض ، والثاني: أن يستأنفه ، ومن نصب حمل الكلام على المعنى ، لأن المعنى: أيكون قرض؟ فحمل عليه "فيضاعفه" وقال: ومعنى ضاعف وضعف: واحد ، والمضاعفة: الزيادة على الشيء [ ص: 291 ] حتى يصير مثلين أو أكثر . وفي الأضعاف الكثير قولان . أحدهما: أنها لا يحصى عددها ، قاله ابن عباس ، والسدي . وروى أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة أنه قال: إن الله يكتب للمؤمن بالحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة . وقرأ هذه الآية ، ثم قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة" . والثاني: أنها معلومة المقدار ، فالدرهم بسبعمائة ، كما ذكر في الآية التي بعدها ، قاله ابن زيد .
قوله تعالى: (والله يقبض ويبسط) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي "يبسط" و"بسطة" بالسين ، وقرأهما نافع بالصاد . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما: أن معناه: يقتر على من يشاء في الرزق ، ويبسطه على من يشاء ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وابن زيد . والثاني: يقبض يد من يشاء عن الإنفاق في سبيله ، ويبسط يد من يشاء بالإنفاق ، قاله أبو سليمان الدمشقي في آخرين .
ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين .
قوله تعالى: ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل قال الفراء: الملأ: الرجال في كل [ ص: 292 ] القرآن لا يكون فيهم امرأة ، وكذلك القوم والنفر والرهط . وقال الزجاج: الملأ: هم الوجوه ، وذوو الرأي ، وإنما سموا ملأ ، لأنهم مليؤون بما يحتاج إليه منهم . وفي نبيهم ثلاثة أقوال . أحدها: أنه شمويل ، قاله ابن عباس ، ووهب . والثاني: أنه يوشع بن نون ، قاله قتادة . والثالث: أنه نبي ، يقال: له سمعون بالسين المهملة ، سمته أمه بذلك ، لأنها دعت الله أن يرزقها غلاما ، فسمع دعاؤها فيه ، فسمته ، هذا قول السدي .
وسبب سؤالهم ملكا أن عدوهم غلب عليهم .
قوله تعالى: (نقاتل) قراءة الجمهور بالنون والجزم ، وقرأ ابن أبي عبلة بالياء والرفع ، كناية عن الملك .
قوله تعالى: (هل عسيتم) قراءة الجمهور بفتح السين ، وقرأ نافع بكسرها هاهنا ، وفي سورة "محمد" وهي لغتان .
قوله تعالى: إن كتب عليكم القتال أي: فرض (ألا تقاتلوا) أي: لعلكم تجبنون .
قوله تعالى: (وقد أخرجنا من ديارنا) يعنون أخرج بعضنا وهم الذين سبوا منهم وقهروا ، فظاهره العموم ، ومعناه الخصوص .
قوله تعالى: (تولوا) أي: أعرضوا عن الجهاد . (إلا قليلا) وهم الذين عبروا النهر ، وسيأتي ذكرهم .
وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم [ ص: 293 ] قوله تعالى: وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ذكر أهل التفسير أن نبي بني إسرائيل سأل الله أن يبعث لهم ملكا ، فأتى بعصا وقرن فيه دهن ، وقيل له: إن صاحبكم الذي يكون ملكا يكون طوله طول هذه العصا ، ومتى دخل عليك رجل ، فنشق الدهن ، فهو الملك ، فادهن به رأسه ، وملكه على بني إسرائيل ، فقاس القوم أنفسهم بالعصا ، فلم يكونوا على مقدارها . قال عكرمة ، والسدي: كان طالوت سقاء يسقي على حمار له ، فضل حماره ، فخرج يطلبه . وقال وهب: بل كان دباغا يعمل الأدم ، فضلت حمر لأبيه ، فأرسل مع غلام له في طلبها ، فمرا ببيت شمويل النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخلا ليسألاه عن ضالتهما ، فنشق الدهن ، فقام شمويل ، فقاس طالوت بالعصا ، وكان على مقدارها ، فدهنه ، ثم قال له: أنت ملك بني إسرائيل ، فقال طالوت: أما علمت أن وسطي أدنى أسباط بني إسرائيل ، وبيتي أدنى بيوتهم؟ قال: بلى . قال: فبأية آية؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره ، فكان كما قال .
قال الزجاج: طالوت ، وجالوت ، وداود ، لا تصرف ، لأنها أسماء أعجمية ، وهي معارف ، فاجتمع فيها التعريف والعجمة .
ومعنى قوله تعالى: (أنى له الملك) من أي جهة يكون له الملك علينا . قال ابن عباس: إنما قالوا ذلك ، لأنه كان في بني إسرائيل سبطان ، في أحدهما النبوة ، وفي الآخر الملك ، فلم يكن هو من أحد السبطين . قال قتادة . كانت النبوة في سبط لاوي ، والملك في سبط يهوذا .
قوله تعالى: ولم يؤت سعة من المال أي: لم يؤت ما يتملك به الملك . قال إن الله اصطفاه عليكم أي: اختاره ، وهو "افتعل" من الصفوة . والبسطة: السعة ، قاله ابن قتيبة: هو من قولك: بسطت الشيء: إذا كان مجموعا ، ففتحته ، ووسعته . قال ابن عباس: كان [ ص: 294 ] طالوت أعلم بني إسرائيل بالحرب ، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه . وهل كانت هذه الزيادة قبل الملك ، أم أحدثت له بعد الملك؟ فيه قولان . أحدهما: قبل الملك ، قاله وهب ، والسدي . والثاني: بعد الملك ، قاله ابن زيد . والمراد بتعظيم الجسم ، فضل القوة ، إذ العادة أن من كان أعظم جسما ، كان أكثر قوة والواسع: الغني .
وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين .
قوله تعالى: وقال لهم نبيهم إن آية ملكه الآية: العلامة ، فمعناه: علامة تمليك الله إياه (أن يأتيكم التابوت) وهذا من مجاز الكلام ، لأن التابوت يؤتى به ، ولا يأتي ، ومثله (فإذا عزم الأمر) وإنما جاز مثل هذا ، لزوال اللبس فيه ، كما بينا في قوله تعالى: فما ربحت تجارتهم [ البقرة: 16 ] . وروي عن ابن مسعود ، وابن عباس: أنهم قالوا لنبيهم: إن كنت صادقا ، فأتنا بآية تدل على أنه ملك ، فقال لهم ذلك . وقال وهب: خيرهم ، أي آية يريدون ، فقالوا: أن يرد علينا التابوت . قال ابن عباس: كان التابوت من عود الشمشار عليه صفائح الذهب ، وكان يكون مع الأنبياء إذا حضروا قتالا ، قدموه بين أيديهم يستنصرون به ، وفيه السكينة . وقال وهب بن منبه: كان نحوا من ثلاث أذرع في ذراعين . قال مقاتل: فلما تفرقت بنو إسرائيل ، وعصوا الأنبياء ، سلط الله عليهم عدوهم ، فغلبوهم عليه . وفي السكينة سبعة أقوال . أحدها: أنها ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان ، رواه أبو الأحوص عن علي رضي الله عنه . والثاني: أنها دابة بمقدار الهر ، لها عينان لها شعاع ، وكانوا إذا التقى الجمعان ، أخرجت يدها ، ونظرت إليهم ، فيهزم الجيش من الرعب . رواه الضحاك عن ابن عباس ، وقال مجاهد: السكينة لها رأس كرأس الهرة ، وجناحان . والثالث: أنها طست من ذهب [من الجنة ] تغسل فيه قلوب الأنبياء . رواه أبو مالك عن [ ص: 295 ] ابن عباس . والرابع: أنها روح من الله تتكلم ، كانوا إذا اختلفوا في شيء ، كلمتهم وأخبرتهم ببيان ما يريدون ، رواه عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه . والخامس: أن السكينة ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها ، رواه ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح ، وذهب إلى نحوه الزجاج ، فقال: السكينة: من السكون ، فمعناه: فيه ما تسكنون إليه إذا أتاكم . والسادس: أن السكينة معناها هاهنا: الوقار ، رواه معمر عن قتادة . والسابع: أن السكينة: الرحمة .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|