
26-01-2022, 06:26 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,180
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
الحلقة (52)
صــ281 إلى صــ 285
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير .
قوله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن أي: قبل الجماع (وقد فرضتم [ ص: 281 ] لهن) أي: أوجبتم لهن شيئا التزمتم به ، وهو المهر . (إلا أن يعفون) يعني: النساء ، وعفو المرأة: ترك حقها من الصداق . وفي الذي بيده عقدة النكاح ثلاثة أقوال . أحدها: أنه الزوج ، وهو قول علي ، وابن عباس ، وجبير بن مطعم ، وابن المسيب ، وابن جبير ، ومجاهد ، وشريح ، وجابر بن زيد ، والضحاك ، ومحمد بن كعب القرظي ، والربيع بن أنس ، وابن شبرمة ، والشافعي ، وأحمد رضي الله عنهم في آخرين . والثاني: أنه الولي ، روي عن ابن عباس ، والحسن ، وعلقمة ، وطاووس ، والشعبي ، وإبراهيم في آخرين . والثالث: أنه أبو البكر . روي عن ابن عباس ، والزهري ، والسدي في آخرين . فعلى القول الأول عفو الزوج: أن يكمل لها الصداق ، وعلى الثاني: عفو الولي: ترك حقها إذا أبت ، روي عن ابن عباس ، وأبي الشعثاء . وعلى الثالث يكون قوله: (إلا أن يعفون) يختص بالثيبات . وقوله: (أو يعفو) يختص أبا البكر ، قاله الزهري ، والأول أصح ، لأن عقدة النكاح خرجت من يد الولي ، فصارت بيد الزوج ، والعفو إنما يطلق على ملك الإنسان ، وعفو الولي عفو عما لا يملك ، ولأنه قال: ولا تنسوا الفضل بينكم والفضل فيه هبة الإنسان مال نفسه ، لا مال غيره .
قوله تعالى: وأن تعفوا أقرب للتقوى فيه قولان . أحدهما: أنه خطاب للزوجين جميعا ، روي عن ابن عباس ، ومقاتل . والثاني: أنه خطاب للزوج وحده ، قاله الشعبي ، وكان يقرأ: "وأن يعفو" بالياء .
قوله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم خطاب للزوجين ، قال مجاهد: هو إتمام الرجل الصداق ، وترك المرأة شطرها .
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين .
قوله تعالى: حافظوا على الصلوات المحافظة: المواظبة والمداومة ، والصلوات بالألف واللام ينصرف إلى المعهود ، والمراد: الصلوات الخمس .
[ ص: 282 ] قوله تعالى: (والصلاة الوسطى) قال الزجاج: هذه الواو إذا جاءت مخصصة ، فهي دالة على فضل الذي تخصصه ، كقوله تعالى: وجبريل وميكال [ البقرة: 97 ] قال سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في الصلاة الوسطى هكذا ، وشبك بين أصابعه . ثم فيها خمسة أقوال . أحدها: أنها العصر ، روى مسلم في "أفراده" من حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا" . وروى ابن مسعود ، وسمرة ، وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها صلاة العصر . وروى مسلم في "أفراده" من حديث البراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية (حافظوا على الصلوات [والصلاة الوسطى ] وصلاة العصر) فقرأناها ما شاء الله ، ثم نسخها الله ، فنزلت: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وابن مسعود ، وأبي ، وأبي أيوب ، وابن عمر في رواية ، وسمرة بن جندب ، وأبي هريرة ، وابن عباس في رواية عطية ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة في رواية ، وحفصة ، والحسن ، وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ، وعطاء في رواية ، وطاووس ، والضحاك ، والنخعي ، وعبيد بن عمير ، وزر بن حبيش ، وقتادة ، وأبي حنيفة ، ومقاتل في آخرين ، وهو مذهب أصحابنا .
[ ص: 283 ] . والثاني: أنها الفجر ، روي عن عمر ، وعلي في رواية ، وأبي موسى ، ومعاذ ، وجابر بن عبد الله ، وأبي أمامة ، وابن عمر في رواية مجاهد ، وزيد بن أسلم ، وابن عباس في رواية أبي رجاء العطاردي ، وعكرمة ، وجابر بن زيد ، وأنس بن مالك ، وعطاء ، وعكرمة ، وطاووس في رواية ابنه ، وعبد الله بن شداد ، ومجاهد ، ومالك ، والشافعي . وروى أبو العالية قال: صليت مع أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم; الغداة فقلت لهم: أيما الصلاة الوسطى؟ فقالوا: التي صليت قبل . والثالث: أنها الظهر ، روي عن ابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وأسامة بن زيد ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة في رواية ، وروى ضميرة عن علي رضي الله عنه قال: هي صلاة الجمعة ، وهي سائر الأيام الظهر . والرابع: أنها المغرب ، روي عن ابن عباس ، وقبيصة بن ذؤيب . والخامس: أنها العشاء الأخيرة ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري في "تفسيره" . وفي المراد بالوسطى ثلاثة أقوال . أحدها: أنها أوسط الصلوات محلا . والثاني: أوسطها مقدارا . والثالث: أفضلها . ووسط الشيء: خيره وأعدله ، ومنه قوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا [ البقرة: 142 ] . فإن قلنا: إن الوسطى بمعنى: الفضلى ، جاز أن يدعي هذا كل ذي مذهب فيها . وإن قلنا: إنها أوسطها مقدارا ، فهي المغرب ، لأن أقل المفروضات ركعتان ، وأكثرها أربعا . وإن قلنا: إنها أوسطها محلا ، فللقائلين: إنها العصر أن يقولوا: قبلها صلاتان في النهار ، وبعدها صلاتان في الليل ، فهي الوسطى . ومن قال: هي الفجر ، فقال عكرمة: هي وسط بين الليل والنهار ، وكذلك قال ابن الأنباري: هي وسط بين الليل والنهار ، وقال: وسمعت أبا العباس يعني ، ثعلبا يقول: النهار عند العرب أوله: طلوع الشمس . قاله ابن الأنباري: فعلى هذا صلاة الصبح من صلاة الليل ، قال: وقال آخرون: بل هي من صلاة النهار ، لأن أول وقتها أول وقت الصوم . قال: والصواب عندنا أن نقول: الليل المحض خاتمته: طلوع الفجر ، والنهار المحض أوله: طلوع الشمس ، والذي بين طلوع الفجر ، وطلوع الشمس يجوز أن يسمى نهارا ، ويجوز [ ص: 284 ] أن يسمى ليلا ، لما يوجد فيه من الظلمة والضوء ، فهذا قول يصح به المذهبان . قال ابن الأنباري: ومن قال: هي الظهر ، قال: هي وسط النهار . فأما من قال: هي المغرب ، فاحتج بأن أول صلاة فرضت ، الظهر ، فصارت المغرب وسطى ، ومن قال: هي العشاء ، فإنه قال: هي بين صلاتين تقصران .
قوله تعالى: وقوموا لله قانتين المراد بالقيام هاهنا: القيام في الصلاة ، فأما القنوت ، فقد شرحناه فيما تقدم . وفي المراد به هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها: أنه الطاعة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وابن جبير ، والشعبي ، وطاووس ، والضحاك ، وقتادة في آخرين . والثاني: أنه طول القيام في الصلاة ، روي عن ابن عمر ، والربيع بن أنس . وعن عطاء كالقولين . والثالث: أنه الإمساك عن الكلام في الصلاة . قال زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت الآية (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت [ونهينا عن الكلام ] .
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون .
قوله تعالى: فإن خفتم فرجالا أي: خفتم عدوا ، فصلوا رجالا ، وهو جمع راجل ، والركبان جمع راكب ، وهذا يدل على تأكيد أمر الصلاة ، لأنه أمر بفعلها على كل حال . وقيل إن هذه الآية أنزلت بعد التي في سورة النساء ، لأن الله تعالى وصف لهم صلاة الخوف في قوله: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة [ النساء: 102 ] . ثم نزلت هذه الآية فإن خفتم أي: خوفا أشد من ذلك ، فصلوا عند المسايفة كيف قدرتم . فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية ، وبين ما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى يوم [ ص: 285 ] الخندق الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بعد ما غاب الشفق؟ فالجواب: أن أبا سعيد روى أن ذلك كان قبل نزول قوله تعالى: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال أبو بكر الأثرم: فقد بين الله أن ذلك الفعل الذي كان يوم الخندق منسوخ .
قوله تعالى: فإذا أمنتم فاذكروا الله في هذا الذكر قولان . أحدهما: أنه الصلاة ، فتقديره فصلوا كما كنتم تصلون آمنين . والثاني: أنه الثناء على الله ، والحمد له .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|