عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 23-01-2022, 07:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,299
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النسخ في القرآن عند ابن العربي


[1] وبالمناسبة، ليس وحده في ذلك، فقد وقع الشوكاني، وهو من هو علما وفهما واجتهادا، وهو متأخر عنه، ولا شك استفاد منه ومن غيره من العلماء، في نفس هذا الخلط في فتح القدير، ولم يشفع له تميزه الأصولي، وقوة طرحه، حتى نقل في عدد من المواضع النسخ، وهو على المعنى الأول، اللغوي، لا على المعنى الاصطلاحي الذي نبه عليه الأصوليون وتبنوه، (ثبت ذلك لي من خلال دراسة قمت بها على الكتاب ضمن بحث علمي لم ينشر بعد).

[2] وقد قال عنه السيوطي في الإتقان: "ما نسخ حكمه دون تلاوته وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة وهو على الحقيقة قليل جدا وإن أكثر الناس من تعداد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه"، وقال في موضع آخر: "وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد كقوله: ﴿ إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ﴾ ﴿ والشعراء يتبعهم الغاوون ﴾ ﴿ إلا الذين آمنوا ﴾ ﴿ فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ﴾ وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ. ومنه قوله: ﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾ قيل إنه نسخ بقوله: ﴿ والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ﴾ وإنما هو مخصوص به. وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب قالوا وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية انتهى. نعم النوع الأخير منه وهو رافع ما كان في أول الإسلام إدخاله أوجه من القسمين قبله"، الإتقان، 3/71-72، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974. فهذا يدل على مكانة الإمام ابن العربي في هذا الفن عند جلال الدين السيوطي، وإنما اخترت هذا الكلام لأن السيوطي أورده بعد أن حرر القول في النسخ بعض التحرير، ليتبين مدى حاجة الموضوع إلى تحرير وتدقيق.

3- ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، 2/1، ت: د. عبد الكبير العلوي المدغري، ط: مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة مصر.

4- ابن العربي، أحكام القرآن، 2/113، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، ط: 3، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، 2003.

[5] ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، 2/1، م س.

[6] ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، 2/1، م س.

[7] الشوكاني؛ إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، 2/55، ت: الشيخ أحمد عزو، ط: 1، دار الكتاب العربي، دمشق، 1999.

[8] ابن العربي، المحصول، ص: 145، ت: حسين علي اليدري - سعيد فودة، ط: 1، دار البيارق، عمان، 1999.

[9] ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، 2/1، م س.

[10] ابن العربي، أحكام القرآن، 1/457، م س.

[11] الطبري، جامع البيان عن تأويل القرآن، 14/42، تحقيق شاكر، ط: 1، مؤسسة الرسالة، 2000

[12] ابن العربي، أحكام القرآن، 1/516، م س.

[13] ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، 2/1، م س.

[14] ابن العربي، المحصول، ص: 146، م س.

[15] ابن العربي، أحكام القرآن، 2/113، م س.

[16] ابن العربي، المحصول، ص: 148، م س.

[17] ابن العربي، المحصول، ص: 146، م س.

[18] ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، 2/1، م س.

[19] هنا جعلها أربعة، وقد جعلها في موضع آخر ستة، ويمكن الجمع بينهما بأن الأربعة قريبة من المتفق عليه، بينما الذيْن زاد بهما العدد وهما الثالث والخامس عنده يمكن الاستغناء عنهما.

[20] ابن العربي، أحكام القرآن، 2/137، م س.

[21] ابن العربي، أحكام القرآن، 1/471، م س.

[22] وقفت على بعض الدراسات التي تناولت ابن العربي، ومنهجه في التفسير، فلم أقف فيها على الاهتمام بهذا الموضوع (أعني الاختلال المنهجي بين قواعد النسخ النظرية، وتطبيقاتها العملية) فكان التنبيه على هذا الاختلال وتقديم النماذج العملية عليه من إضافة هذا البحث.

[23] اعتمدت في هذا الاستقراء التبويب بالمصطلحات بدل المواضيع، لكون الصيغ أكثر إبعادا عن تكرار الألفاظ من المواضيع؛ وإن كنت حاولت ألَّا أكرر ما ورد مثيله في صيغة وردت قبل إلا لضرورة معنوية.

[24] عجبا له فقد رجح في حديثه عن الوصية أنها منسوخة بشكل كلي، كما في قوله: "وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ؛ وَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهَا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نُسِخَ جَمِيعُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نُسِخَ بَعْضُهَا، وَهِيَ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ؛ وَالصَّحِيحُ نَسْخُهَا" (ابن العربي، أحكام القرآن، 1/102)

[25] اضطرب كلام ابن العربي حول هذه الآية فخالف هذا قولُه بعد: "وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَدٌّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ: زَادَ ابْنُ زَيْدٍ أَنَّهُمْ مُنِعُوا مِنْ النِّكَاحِ حَتَّى يَمُوتُوا يَعْنِي عُقُوبَةً لَهُمْ حَيْثُ طَلَبُوا النِّكَاحَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ. ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْحَدِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ﴾ [النور: 2] فَمَنْ كَانَ مُحْصَنًا رُجِمَ، وَمَنْ كَانَ بِكْرًا جُلِدَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حَدٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ عُقُوبَةً مَمْدُودَةً إلَى غَايَةِ مُؤْذَنَةٍ بِأُخْرَى هِيَ النِّهَايَةُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ حَدٌّ، لِأَنَّهُ إيذَاءٌ، وَإِيلَامٌ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ الْجِلْدِ، وَكُلُّ إيذَاءٍ وَإِيلَامٍ حَدٌّ، لِأَنَّهُ مَنْعٌ وَزَجْرٌ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ مَمْدُودٌ إلَى غَايَةٍ إبْطَالًا لِقَوْلِ مَنْ رَأَى مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ نُسِخَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ". (ابن العربي، أحكام القرآن، 1/461)، فهو هنا نفى الإجماع الذي أثبته أعلاه. كما خالف فيها في قوله: "اختلف الناس فيه هل هو ناسخ أو لا. والصحيح أنه ناسخ لأن شروط النسخ متوفرة فيه"، (ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، ص: 11، ط: دار الكتب العلمية، بيروت، 2001)، وقال في نفس الكتاب: "قوله تعالى: ﴿ واللذان يأتيانها ﴾ نسخت ﴿ واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ﴾، ثم نسخ ذلك بالجلد والرجم"، وقال أيضا: "الآية الأولى منسوخة بحديث عبادة والثانية منسوخة بآية النور". (ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، ص: 89). ثم قال: "وقد قال بعضهم إن الحكم الذي كان للزناة كان ممدوما إلى غاية ثباته، فإن قيل هذا حكم كل منسوخ بأن يمتد إلى غاية ثم يبين انقطاعه، قلنا هذا الذي ذكرتموه في حكم كل منسوخ مستفاد من الدليل، وهذا الحكم في هذه الآية مستفاد من اللفظ". (ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، ص: 89). فليس في الآية إجماع لا على النسخ ولا على عدمه، ولا مبرر موضوعي لهذا التناقض الصريح!! والله يرحم شيخنا وإمامنا ابن العربي ويغفر له.

[26] يعني "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا".

[27] قال ابن العربي: "الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الْجَلْدَ بِالْآيَةِ وَالرَّجْمَ بِالْحَدِيثِ نَسَخَ هَذَا الْإِيذَاءَ فِي الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْدُودًا إلَى غَايَةٍ، وَقَدْ حَصَلَ التَّعَارُضُ؛ وَعُلِمَ التَّارِيخُ، وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ، فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِالنَّسْخِ؛ وَأَمَّا الْجَلْدُ فَقُرْآنٌ نَسَخَ قُرْآنًا، وَأَمَّا الرَّجْمُ فَخَبَرٌ مُتَوَاتِرٌ نَسَخَ قُرْآنًا، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحَقِّقِينَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَأَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي قَبْلَ هَذَا فِيهِ". (ابن العربي، أحكام القرآن، 1/465). وقد تعقب هو كلامه هذا في الناسخ والمنسوخ له فنفى قرآنية آية الرجم فقال: "قد بينا أن القرآن لا يثبت بأخبار الآحاد في ذاته، ولا يثبت به غيره فلا وجه للتعلق به إذ طريق القرآن النقل المتواتر" (ابن العربي، الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، ص: 90). وإن كان قد عبر عنه تعبيرا يوحي باعتباره قرآنا في رأيه في المحصول، فقال: "ويعضد ذَلِك مَا أَجمعت عَلَيْهِ الْأمة من أَنه كَانَ قُرْآنًا يُتْلَى الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَانيا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم فقد نسخ هَذَا اللَّفْظ كُله إِجْمَاعًا ويقي حكمه إِجْمَاعًا" (ابن العربي، المحصول في أصول الفقه، ص: 157، تحقيق: حسين علي اليدري - سعيد فودة، ط: 1، دار البيارق – عمان، 1999).

[28] وهي: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله".

[29] تقدم ما فيه.

[30] الصواب بل هو باطل، وتجاوز للحد في القول بالنسخ مع عدم توفر شروطه، ومع إمكان الجمع بين الناسخ والمنسوخ.

[31] وهي: "قَوْله تَعَالَى: ﴿ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [النساء: 19] وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: قِيلَ: الْفَاحِشَةُ الزِّنَا. الثَّانِي: قِيلَ: النُّشُوزُ. الثَّالِثُ: قَالَ عَطَاءٌ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا زَنَتْ امْرَأَتُهُ أَخَذَ جَمِيعَ مَالِهَا الَّذِي سَاقَهُ لَهَا، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِالْحُدُودِ. الرَّابِعُ: قِيلَ: إنَّهُ كَانَ فِي الزِّنَا ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ، قِيلَ لَهُمْ: ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا ﴾ [الإسراء: 32] الْآيَةَ، ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ: ﴿ وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ﴾ [النساء: 15] فَجَازَ لَهُ عَضْلُهَا عَنْ حَقِّهَا وَأَخْذُ مَالِهَا. ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا ﴾ [النساء: 16] فَهَذَا الْبِكْرَان" (ابن العربي، أحكام القرآن، 2/467).

[32] ليس هذا المعنى من النسخ الذي يتحدث عنه الأصوليون في شيء، وسنورد كلامه عليه في النقطة التي بعد هذه.

[33] كيف يتركب هذا الكلام، فلا يوصف الشيء بوصف وفي التحقيق يوصف به؟؟؟

[34] الطبري، جامع البيان، 20/299-300، م س.

[35] "وهو قول قتادة قال: لما اخترن الله ورسوله شكرهن الله على ذلك فقال (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن) فقصره الله عليهن، وهن التسع اللاتي اخترن الله ورسوله"، الطبري، جامع البيان، 20/299-300، م س.

[36] لم يشرع رفض النساء بشرع سماوي أصلا حتى يرفع، وإنما كان مما ابتدعه الرهبان، مما سكت عنه الدين، فكيف يسمى شرعا حتى ينسخ أو لا ينسخ؟.

[37] ما دام التاريخ مجهولا، والجمع ممكنا فلا داعي للقول بنسخ لا يسنده دليل، فالمستنفر عليه أن ينفرر خفيفا كان أو ثقيلا، والمكلف بمهمة عليه أن يؤديها مهما كانت.

[38] ويرد عليه ما ورد على الجزئية قبله، فقد رد ذلك القول لعدم معرفة التاريخ، والأولى أن ينسخ الطارئ القديم لا العكس.

[39] الاستنفار العام الذي لا يبقي أحدا لم يقع قط، وإلا ففي كل غزوة مكلفون بمهام مستثونون من الاستنفار، كما في علي في تبوك.

[40] الآية المشار إليها قوله تعالى: "ومما رزقناهم ينفقون" في البقرة الآية: 2. فانظر كيف جعل بعضهم الوصف الذي رتب عليه المدح مسنوخا؟!، وكيف يستقيم الكلام إذا قلنا إن أحد الأوصاف التي علق بها المدح منسوخا؟

[41] لم تنسخ الزكاة كل صدقة، بل بقيت في المال صدقات غير الزكاة واجبة لازمة كما في ما تؤديه العاقلة عن الجاني المخطئ، وكما في ما يؤديه الغني للفقير المحتاج الذي لم يجد مطعما، وكما في حق ابن السبيل إذا لم يجد حقا، وكما في ما كان يطلبه النبي صلى الله عليه وسلم من نفقات غير الزكاة للحقوق المختلفة كالجهاد وغيره... فما تعين من هذه على المرء فهو واجب وهو غير الزكاة، فكيف تصح هذه الدعوى.
وكذلك الشأن في الصلاة فصلوات الكفاية –كالعيدين- مفروضة على المجموع وإن لم تكن لازمة للأعيان، فلا يصح تركها، وكذا الجمعة ليست معدودة في ما عده الأعرابي وهي لا زمة لكل مقيم بالغ، وكذا الخسوف والكسوف لا يجوز التواطؤ على تركهما جملة، وإن لم يلزما الأعيان.
وقد قال السيوطي في هذا وأحسن: "والذي أقوله: أن الذي أورده المكثرون أقسام قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه وذلك مثل قوله تعالى: ﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ و ﴿ أنفقوا مما رزقناكم ﴾ ونحو ذلك قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك بل هو باق أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك" (السيوطي، الإتقان، 3/71، م س).
ويمكن العدول عن ادعاء النسخ في كل هذه الأمور بحمل المطلقات منها على التطوع، فالتطوع فيها مفتوح الباب، وحمل المعينات فيها على الفرائض.

[42] إذا كان يقصد نسخ السجود لآدم، فلا يصح هذا لأمرين:
الأول: أن السجود لآدم أمر لمعينين قد نفذوه وانتهى، سواء كان على وجه الانحناء، أو على وجه جعله قبلة.
والثاني: أنه صدر الكلام بقوله: "اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِآدَمَ لَمْ يَكُنْ سُجُودَ عِبَادَةٍ"، فلم يثبت سجود العبادة له حتى ينسخ.
وإذا كان يقصد تحية الأعاجم بعضهم لبعض فلم يثبت كونها في الشرع حتى تنسخ، وإنما ينسخ ما ثبت شرعه.
ونفيه لمقصد التعظيم في السجود محل نظر، فإن لم يكن فيه تعظيم وتفضيل فلم يرفضه إبليس ويحتج بقوله: ﴿ أنا خير منه ﴾؟

[43] إذن فا الأقوال ثلاثة:
أولا: أنها محكمة.
الثاني: أنها منسوخة البعض محكمة البعض.
الثالث: أنها منسوخة الكل.
والأولى أن يقال: إن الآية محكمة لكنها خصصت في بعض عناصرها: "فأخرج منها كل وراث، والدا كان أو غيره، وبقي الوجوب في من عليه حقوق والندب فيما سوى ذلك.
وقد خالف في هذا الأمر في نفس هذا الكتاب، "الْخَامِسُ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً ثُمَّ نُسِخَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلَمَّا ضَعَّفَهَا النَّسْخُ قَوِيَتْ بِتَقْدِيمِ الذِّكْرِ" ابن العربي، أحكام القرآن، 1/445)

[44] في الأمر خلاف كبير، فقد أورد فيه ابن جرير الطبري: " قال ابن شهاب: كتب الله الصيام علينا، فكان من شاء افتدى ممن يطيق الصيام من صحيح أو مريض أو مسافر، ولم يكن عليه غير ذلك. فلما أوجب الله على من شهد الشهر الصيام، فمن كان صحيحا يطيقه وضع عنه الفدية، وكان من كان على سفر أو كان مريضا فعدة من أيام أخر. قال: وبقيت الفدية التي كانت تقبل قبل ذلك للكبير الذي لا يطيق الصيام، والذي يعرض له العطش أو العلة التي لا يستطيع معها الصيام" (الطبري، جامع البيان، 2/422، م س)، وقال في موضع آخر: " وقال آخرون ممن قرأ ذلك:"وعلى الذين يطيقونه"، لم ينسخ ذلك ولا شيء منه، وهو حكم مثبت من لدن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة، وقالوا: إنما تأويل ذلك: وعلى الذين يطيقونه - في حال شبابهم وحداثتهم، وفي حال صحتهم وقوتهم - إذا مرضوا وكبروا فعجزوا من الكبر عن الصوم، فدية طعام مسكين = لا أن القوم كان رخص لهم في الإفطار - وهم على الصوم قادرون - إذا افتدوا"، (الطبري، جامع البيان، 2/427، م، س)، وقد أحسن السيوطي تلخيص ذلك بقوله: "قوله تعالى: ﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية ﴾ قيل: منسوخة بقوله: ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾ وقيل: محكمة و" لا " مقدرة" (السيوطي، الإتقان، 3/73، م س)، لذلك فقول ابن العربي: وتحقيق القول" قول له مستوى كبير من الوجاهة، وإن كنا لا نوافقه فيما اختار.

[45] الذي في الطبري عن ابن عباس: "الرفث، الجماع، ولكن الله كريم يكني"، (3/487، م س)، ولعل ما في ابن العربي خطأ مطبعي.

[46] قال الطبري: "وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى الآية: يا أيها الذين آمنوا فرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب، "أياما معدودات"، وهي شهر رمضان كله. لأن من بعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان مأمورا باتباع إبراهيم، وذلك أن الله جل ثناؤه كان جعله للناس إماما، وقد أخبرنا الله عز وجل أن دينه كان الحنيفية المسلمة، فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم بمثل الذي أمر به من قبله من الأنبياء. وأما التشبيه، فإنما وقع على الوقت. وذلك أن من كان قبلنا إنما كان فرض عليهم شهر رمضان، مثل الذي فرض علينا سواء"، (الطبري، جامع البيان، 3/413، م، س)، فهو هنا يخالف ما رآه ابن العربي، وذلك لأن صوم أهل الكتاب على ذلك الشكل لم يثبت به ما تقوم الحجة بصحته.

[47] السيوطي، الإتقان، 3/73، م، س.

[48] يستحيل نسخ الخبر. ومثل هذا لا ينسخ، وكيف يتصور أن يفترض نسخ ما لم تثبت صحته؟

[49] البخاري، الجامع الصحيح، 3/142، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، ط: 1، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، 1422.

[50] القول بالنسخ في مثل هذا سبب إشكالا كبيرا، فليس في هذا دليلا على المعتزلة، بل غاية ما في الأمر أن الله تعالى لم يوجب علينا الصدقة بين يدي النجوى رحمة منه بنا، وتحبيبا منه إيانا في نبينا صلى الله عليه وسلم فلو كنا نتصدق قبل كل حديث معه، لقل الحديث إليه عليه الصلاة والسلام، ولقلت نجواه، ولعل في هذه الآيات تنبيها على احترام مقام النبوة، ونهيا عن إعنات النبي صلى الله عليه وسلم بالنجوى التي لا مصحلة راجحة من ورائها.

[51] دعوى المعتزلة وجوب فعل الأصلح على الله، وأما من يقول بالمقاصد، فيرى أن الله اختار للناس الأصلح، فضلا منه، لا أن ذلك مما يلزمه جل وعلا عن كل إكراه وإلزام.

[52] فيه الاستدلال على النسخ بحديث ضعيف لنصرة المذهب!، والمذهب الذي يحاول ابن العربي نصرته مذهب كلامي أكثر من كونه مذهبا فقهيا، وقد ألجأ القائلين به إليه الخوف من موافقة الفلاسفة في القول بالعلة الباعثة على الأفعال؛ لأن تصويرهم لها أنها قبل التحقق يكون الفاعل ناقصا فإذا تحقق مقصوده كمل بذلك، وكان ذلك أيضا هروبا من رأي المعتزلة الذي يفرض على الله الأصلح. وليس تعليلُ الأحكام ولا ربطُها بمصالحها بمستلزم أيا من المذهبين، ولو أخذنا كتب المسلمين قبل علم الكلام لوجدناها تُقِرُّ به، ولو ذهبنا إلى أبرز المتكلمين وأشهرهم وهو الإمام الرازي لوجدناه يقر بتعليل الأحكام وربطها بمصالحها، أما بروز نجم الجويني، والغزالي، والشاطبي، وابن تيمية وابن القيم، والعز بن عبد السلام، والقرافي، وغيرهم في هذا المجال فأمر غني عن التأكيد. ويكفينا من هذا إبراز عنوان كتاب واحد لابن القيم هو: "شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل"، ولا تعني الحكمة والتعليل هنا شيئا غير ما نفاه ابن العربي هنا. وفكرة مقاصد الشريعة كلها مناقضة لهذا التصور الذي أثبت الريسوني في كتابه "نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي" أن الجمهور من أهل السنة معه، ولا يعارضه منهم إلا أهل الظاهر فقط.

[53] أين توجد هذه المعلومة في كتب الحديث والتاريخ؟

[54] تقدم ما فيه من تناقض وسيأتي الرد عليه بعد قليل.

[55] ليس هذا من النسخ في شيء، وإنما كان على البراءة الأصلية، فورد حكمه، وإلا فأي نص رفع بالنص المتأخر؟ وقد رد هو نفسه على دعواه هذه بقوله: "وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ نَسْخًا؛ لِعَدَمِ شُرُوطِ النَّسْخِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ مَا جَاءَ مِنْ الشَّرِيعَةِ لَا يُقَالُ إنَّهُ نَسْخٌ لِبَاطِلِ الْخَلْقِ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالِ وَالضَّلَالِ، وَقَبِيحِ الْأَفْعَالِ، وَمُسْتَرْسَلِ الْأَعْمَالِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ نَسْخَ الِاشْتِقَاقِ، بِمَعْنَى الرَّفْعِ الْمُطْلَقِ، وَالْإِزَالَةِ الْمُبْهَمَةِ" (ابن العربي، أحكام القرآن، 3/540).

[56] السيوطي، الإتقان، 3/72، م س.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]