عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 19-01-2022, 05:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (77)
صـ 536 إلى صـ 542



وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَتَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ سَعْدٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَيَّنُوهُ لِلْإِمَارَةِ (1) فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مَا يَبْقَى فِي نُفُوسِ الْبَشَرِ. وَلَكِنْ هُوَ مَعَ هَذَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُعَارِضْ، وَلَمْ يَدْفَعْ حَقًّا وَلَا أَعَانَ عَلَى بَاطِلٍ. [بَلْ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُسْنَدِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَفَّانَ (2) ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ (3) ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ الْحِمْيَرِيُّ - فَذَكَرَ حَدِيثَ السَّقِيفَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: " «قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ» " قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ نَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ. فَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ (4) وَلَعَلَّ حُمَيْدًا أَخَذَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا ذَلِكَ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ(1) ن، م: لِلْإِمْرَةِ.
(2) أ، ب: عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ: ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18؛ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ لِابْنِ كَثِيرٍ 5/247، الْقَاهِرَةُ، 1351 1932.
(3) أ، ب: أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا فِي التَّعْلِيقِ السَّابِقِ، وَنَصُّهُمَا: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ:. . . إِلَخْ.
(4) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَحْمَد شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ (الْمُسْنَدَ، ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18، ص [0 - 9] 64) : " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ، فَإِنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيَّ التَّابِعِيَّ الثِّقَةَ يَرْوِي عَنْ أَمْثَالِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ هُنَا بِمَنْ حَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ وَحَدِيثَ السَّقِيفَةِ وَبَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: " حم (أَحْمَدُ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ
***************************
جَلِيلَةٌ (1) جِدًّا، وَهِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ نَزَلَ عَنْ مَقَامِهِ الْأَوَّلِ فِي دَعْوَى الْإِمَارَةِ، وَأَذْعَنَ لِلصِّدِّيقِ بِالْإِمَارَةِ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ] (2) .
وَلِهَذَا اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ عَلَى أَقْوَالٍ:
[أقوال الناس في خلافة علي]
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ إِمَامٌ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ إِمَامٌ، وَإِنَّهُ يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ [فِي وَقْتٍ] (3) إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُحْكَى عَنِ الْكَرَّامِيَّة ِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِمَامٌ عَامٌّ، بَلْ كَانَ زَمَانَ فِتْنَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. وَلِهَذَا لَمَّا أَظْهَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ التَّرْبِيعَ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يُرَبِّعْ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، أَنْكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَقَالُوا: قَدْ أَنْكَرَ خِلَافَتَهُ مَنْ لَا يُقَالُ: هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، يُرِيدُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِحَدِيثِ سَفِينَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَكُونُ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا» "، [وَ] (4) هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (5) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: بَلْ عَلِيٌّ هُوَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِتَالِهِ لِمَنْ قَاتَلَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَاتَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُونَ

(1) أ: جَلِيَّةٌ.
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) فِي وَقْتٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4) ن، م: مُلْكًا هَذَا.
(5) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ (ص 515 ت [0 - 9] )
**************************
مُصِيبُونَ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، كَقَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ : [أَبِي الْهُذَيْلِ] (1) وَأَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّة ِ: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي حَامِدٍ (2) ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ [أَبِي الْحَسَنِ] الْأَشْعَرِيِّ (3) . وَهَؤُلَاءِ [أَيْضًا] (4) يَجْعَلُونَ مُعَاوِيَةَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي قِتَالِهِ، كَمَا أَنَّ عَلِيًّا مُصِيبٌ.
وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ [مِنَ الْفُقَهَاءِ] (5) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، ذَكَرَهُ [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ] (6) بْنُ حَامِدٍ، ذَكَرَ [لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ] (7) فِي الْمُقْتَتِلِين َ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: (8) كِلَاهُمَا مُصِيبٌ، وَالثَّانِي: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَمَنْ خَالَفَهُ مُخْطِئٌ. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ (9) أَنَّهُ لَا يُذَمُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ (10) وَأَنَّ عَلِيًّا أَوْلَى بِالْحَقِّ [مِنْ غَيْرِهِ] (11) . أَمَّا تَصْوِيبُ الْقِتَالِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، بَلْ هُمْ يَقُولُونَ إِنَّ تَرْكَهُ كَانَ أَوْلَى.

(1) أَبِي الْهُذَيْلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) وَهُوَ الْغَزَالِيُّ.
(3) ن، م: عَنِ الْأَشْعَرِيِّ.
(4) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5) مِنَ الْفُقَهَاءِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8) ن، م، أ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(9) أ، ب: وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
(10) ن، م: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمْ.
(11) مِنْ غَيْرِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
*****************************
وَطَائِفَةٌ رَابِعَةٌ تَجْعَلُ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامَ، وَكَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي الْقِتَالِ، وَمَنْ قَاتَلَهُ (1) كَانُوا [مُجْتَهِدِينَ] (2) مُخْطِئِينَ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ (3) ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
وَطَائِفَةٌ خَامِسَةٌ تَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَةً وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ (4) تَرْكُ الْقِتَالِ أَوْلَى، وَيَنْبَغِي الْإِمْسَاكُ عَنِ الْقِتَالِ لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا (5) خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» " (6) . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ عَنِ الْحَسَنِ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ،

(1) ن: وَمَنْ قَاتَلُوهُ.
(2) مُجْتَهِدِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ.
(4) ن، م: وَكَانَ.
(5) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) ، (ب) .
(6) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 4/198 - 199 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ) وَنَصُّهُ فِيهِ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفُ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ 9/51 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2211 - 2212 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ نُزُولِ الْفِتَنِ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 14/207 - 208. وَجَاءَ الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/29 (وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر) وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ زِيَادَةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ " الِاسْتِقَامَةِ " 2/341 وَتَكَلَّمْتُ هُنَاكَ عَلَى مَكَانِهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَالْمُسْنَدِ
***********************
وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ (1) عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " (2) . فَأَثْنَى عَلَى الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ، وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا، لَمَا مُدِحَ تَارِكُهُ.
قَالُوا: وَقِتَالُ الْبُغَاةِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ بَاغٍ، بَلْ قَالَ [تَعَالَى] (3) {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] ، فَأَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا [عَلَى الْأُخْرَى] (4) قُوتِلَتْ.
قَالُوا: وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْقِتَالِ مَصْلَحَةٌ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ
(1) أ، ب: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ.
(2) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 3/186 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ. . .) ، 4/204 - 205 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ) ، 5/26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ، 9/56 - 57 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ. . .) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ:. . . وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ. وَفِي لَفْظٍ: بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/299 - 300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/323 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. . .) ؛ سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/87 - 88 (كِتَابُ الْجُمُعَةِ، بَابُ مُخَاطَبَةِ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) .
(3) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4) عَلَى الْأُخْرَى: زِيَادَةٌ فِي (م) .
****************************
سِيرِينَ، قَالَ: «قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُدْرِكُهُ الْفِتْنَةُ إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ (1) ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ» " (2) .


قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، [عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا (3) عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا. قَالَ: فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ، فَدَخَلْنَا (4) فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ] (5) ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِكُمْ (6) حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ (7) .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ عَلِيٍّ

(1) مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا إِلَّا تَبُوكَ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ 46 أَوْ 47، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 3/363 - 364؛ الِاسْتِيعَابِ (بِهَامِشِ الْإِصَابَةِ) 3/315 - 317؛ أُسْدِ الْغَابَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (ط. الشَّعْبِ) 5/112 - 113.
(2) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .
(3) م، أ: دَخَلْتُ.
(4) فَدَخَلْنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) .
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(6) ن، م، أ: أَمْصَارِهِمْ.
(7) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
*****************************
وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ، كَمَا اعْتَزَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (1) ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قِتَالٌ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُلُ، بَلْ كَانَ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ (2) أَفْضَلَ مِمَّنْ تَرَكَهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ قِتَالُ فِتْنَةٍ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ [فِيهَا] (3) خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَالسَّاعِي خَيْرٌ مِنَ الْمُوضِعِ» " (4) - 31.، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ [أَئِمَّةِ] (5) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ (6) وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
(1) ن: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ن، م: الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ.
(3) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) الْحَدِيثُ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص [0 - 9] 39 ت [0 - 9] ) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، انْظُرْ: ج [0 - 9] ، رَقْمُ 1446، 1609 ج [0 - 9] ، رَقْمُ 4286، ج [0 - 9] 4 رَقْمُ 7783، وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. انْظُرْ شَرْحَ الْحَدِيثِ فِي فَتْحِ الْبَارِي 13
(5) أَئِمَّةِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَسْرُوقِ بْنِ حَبِيبٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ. كَانَ إِمَامًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِين َ. تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 161، وَقِيلَ سَنَةَ 162. تَرْجَمَتُهُ فِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/127 - 128؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/250 - 251
******************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.86%)]