عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-01-2022, 01:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,935
الدولة : Egypt
افتراضي تقرير: فساد الأمة.. بوابة نحو السقوط

تقرير: فساد الأمة.. بوابة نحو السقوط
أحمد الشجاع



من رحمة الله عز وجل بخلقه أنه ثبّت لهم في الأرض سنناً لا تتغير ولا تتبدل.. بهذه السنن تستقيم حياة الناس، وعليها يعتمد الخلق في حركاتهم وسكناتهم، ولو كان لكل زمان سنّة، أو لكل مكان سنّة تختلف عن غيرها لاضطربت حياة الناس، ولضاعت كل الخبرات السابقة.

فالأحداث السابقة تكرر دائماً، وبصورة تكاد تكون متطابقة، فليس هناك جديد على الأرض.. فإذا درسنا التاريخ وعرفنا أن حدثاً ما قد مرَّ قبل ذلك، وكانت فيه نفس الظروف والملابسات التي تواكب حدثاً نعيشه الآن، فإننا نستطيع أن نستنتج النتائج، فإن كان الحدث نصراً مجيداً سرنا على نفس الطريق الذي سار فيه المنتصرون فوصلنا إلى نفس النتيجة، وإن كان الحدث هزيمة مخزية تجنبنا أخطاء السابقين فلا نصل إلى هزيمة كهزيمتهم.

دراسة التاريخ بهذه الطريقة، تجعل التاريخ حياً ينبض.. دراسة التاريخ بهذه الصورة لها هدف واضح هو البحث عن "العبرة".. وهو ما ذكره الله عز وجل في كتابه عندما قال: }لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{ [يوسف: 111].

ولهذا السبب جعل الله عز وجل ثلث القرآن قصصاً؛ حتى يستقرئ المسلمون سنن الله عز وجل في الأقوام السابقين، وليعلموا حتماً أن هذه السنن ثابتة، فيستطيعوا توقع الشيء قبل حدوثه، ومن ثم الاستفادة منه، ولا يأتي هذا إلا بتفكر عميق في كل قصة، ودراستها من كل زاوية، ولهذا يقول الله عز وجل: }فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{ [الأعراف: 176].

وفي قصة سقوط بغداد والخلافة العباسية دروس وعبر من حيث الأسباب والوقائع والنتائج والتداعيات.. ولها ما يشابهها في زماننا وحالنا، فظروف وأحوال الأمة السلبية تجددت، والأسباب المهلكة تكررت، والأحداث المؤسفة في حاضرنا تشابهت مع أحداث ذلك العصر.

وقد أراد الله عز وجل أن يوضح لنا حقيقة ثبات السنن، وتكرار التاريخ، فجعل الأحداث التي تمر بها أمتنا في وقتنا هذا تكاد تكون متطابقة مع الأحداث التي جرت على سطح الأرض في القرن السابع الهجري.

ومن هنا سيركز هذا التقرير على حال الأمة الإسلامية في زمن سقوط بغداد بيد التتار، وما حل بها من الفساد السياسي والأخلاقي والاجتماعي؛ وذلك لمعرفة جانب من الخلل ونقاط الضعف التي استغلها الأعداء لضرب المجتمع الإسلامي.
الخلل الداخلي

أسباب عامة
هناك عدد من الأسباب ساهمت في دخول التتار بلاد المسلمين، وأعانت على سرعة انتشارهم، وذكر سليمان بن حمد العودة جملة من هذه الأسباب، منها:

- أسباب قدرية كونية:

كل ما يقع في هذا الكون لا يخرج عن تقدير الله وإرادته الكونية القدرية يهيئ أسبابه ويقدر أحداثه.

ومن هذه الأسباب التي هيأها لهؤلاء التتار أن زمن خروجهم اتفق مع خلو الأرض من عدد من الملوك؛ وذلك أن خوارزم شاه كان قد قتل الملوك من سائر الممالك واستقر في الأمر، وكانت جميع البلاد المتاخمة لبلاد التتار تحت أيدي نوابه، فلما انهزم أمامهم في النهاية وهرب من أرضه وتخلى عن سلطانه خلت البلاد ولم يبق لها من يحميها فساهم ذلك في سرعة انتشارهم واستئصال شأفة المسلمين من حولهم.

وملك التتار أكثر المعمورة في نحو سنة، وأوسعوا الناس قتلاً وإرهاباً - كما سلف - ولم يتفق لأحد من أهل البلاد التي لم يطرقوها بقاء إلا وهو خائف يترقب وصولهم.

فكيف إذا أضفنا إلى ذلك طبيعة هؤلاء التتار وكثرة عددهم - إذ هم يخرجون عن الإحصاء - وقوة بأسهم، وشده صبرهم على القتال؛ فهم لا يعرفون هزيمة، وعدم حاجتهم إلى غيرهم؛ فهم يعملون ما يحتاجون إليه من السلاح بأيهديم، ولا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم؛ فمعهم الأغنام والبقر والخيل وغير ذلك من الدواب؛ يأكلون لحومها لا غير، وأما دوابهم التي يركبون فإنها تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات، لا تعرف الشعير، فهم إذا نزلوا منزلاً لا يحتاجون إلى شيء من خارج.

- ضعف همم القادة وانحسار سلطان الخلافة:
وفي مقابلقوة هؤلاء التتار وشدة بأسهم واجتماع كلمتهم كان الضعف ظاهراً في ملوك الإسلام في تلك الفترة بعامة، وانشغالهم عن الجهاد باللهو واللعب. وهذا المؤرخ ابن الأثير - يرحمه الله - ينعي على الإسلام وأهله، ويصف أحوال ملوكه قبيل وفاته بسنتين فيقول معلقا على أحداث سنة 628هـ ما نصه: "فالله تعالى ينصر الإسلام والمسلمين نصراً من عنده، فما نرى في ملوك الإسلام من له رغبة في الجهاد، ولا في نصرة الدين؛ بل كل منهم مقبل على لهوه ولعبه وظلم رعيته، وهذا أخوف عندي من العدو، وقال الله تعالى: }وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً{ [الأنفال: 25]".

وليست أوضاع الخلافة العباسية ولا الخلفاء العباسيين بمعزل عن هذا الوضع المتردي؛ فقد انحسر سلطان الخلافة وانكمشت حدود العباسيين، واستقل غيرهم بالسلطة في حكم أجزاء من العالم الإسلامي، وهو أمر لم يكن سائغاً في ظل حكم الدولة الأموية، هذا فضلا عن اشتغال الخلفاء العباسيين بالشهوات وجمع الأموال في أكثر الأوقات.

هذه الحقائق يجليها لنا ابن كثير في محاولة منه لتلمس أسباب نهاية الدولة العباسية على أيدي التتار فيقول: "ولم تكن أيدي بني العباس حاكمة على جميع البلاد كما كانت بنو أمية قاهرة لجميع البلاد والأقطار والأمصار، فإنه خرج عن بني العباس بلاد المغرب، وكذلك أخذت من أيديهم بلاد خراسان وما وراء النهر وتداولتها الملوك دولا بعد دول حتى لم يبق مع الخليفة منهم إلا بغداد وبعض بلاد العراق، وذلك لضعف خلافتهم واشتغالهم بالشهوات وجمع الأموال في أكثر الأوقات.

ويقول الكتبي في وصف آخر خلفاء بني العباس وما كان عليه من ضعف الهمة والاشتغال بما لا ينبغي الاشتغال به: "كان المستعصم متديناً متمسكاً بمذهب أهل السنة والجماعة على ما كان عليه والده وجده، ولم يكن على ما كانوا عليه من التيقظ والهمة، بل كان قليل المعرفة والتدبير والتيقظ، نازل الهمة محباً للمال، مهملاً للأمور يتكل فيها على غيره".

وهنا إشارة مهمة وهي أن التمسك بمذهب أهل السنة والجماعة والاعتقاد به فقط لا يكفي في حماية الأمة وتحقيق النصر على الأعداء، بل تحتاج هذه العقيدة إلى تطبيق عملي للدين في شتى نواحي الحياة، والتزاماً بمنهج السلف الصالح في التعامل مع الواقع.

ويقول قطب الدين اليونيني قريباً من ذلك ويضيف: ".. وإنما قدموه على عمه الخفاجي لما يعلمون من لينه وانقياده وضعف رأيه ليستبدوا بالأمور".

وإذا صح ما ينسبه إليه ابن العبري من ضعف الهمة وزهده بأقطار الخلافة عدا بغداد فهي طامة كبرى؛ إذ ينسب إلى المستعصم قوله: "أنا بغداد تكفيني ولا يستكثرونها لي إذا نزلت لهم عن باقي البلاد، ولا أيضاً يهجمون عليّ وأنا بها، وهي بيتي دار مقامي".

وعلى كل حال فيبدو أن ضعف المستعصم معروف حتى عند التتار؛ ولذا كانوا يسمونه "الأَبْلَه".

ويصف ابن الطقطقي حال المستعصم بقوله: "وكان المستعصم آخر الخلفاء شديد الكلف باللهو واللعب وسماع الأغاني، لا يكاد مجلسه يخلو من ذلك ساعةً واحدةً، وكان ندماؤه وحاشيته جميعهم منهمكين معه على التنعم واللذات، لا يراعون له صلاحاً.. وكتبت له الرقاع من العوام، وفيها أنواع التحذير، وألقيت فيها الأشعار في أبواب دار الخلافة، فمن ذلك:

قل للـخلـيفة مـهلاً أتــاك مــا لا تـحــب
ها قد دهتك فنـون من المصائب غرب
فانهض بعزمٍ وإلا غشاك ويـل وحـرب
كسر وهتك وأسر ضرب ونهب وسلب
وفي ذلك يقول بعض شعراء الدولة المستعصمية من قصيدة أولها:
يـا سائـلي ولـمـحـض الحــق يرتـاد أصخ فعندي نشدان وإنشـاد
واضيعة الناس والدين الحنيف وما تلقاه من حادثات الدهر بغداد
هتك وقتـل وأحـداث يشـيـب بــهــا رأس الوليد وتعذيب وأصـفاد
كل ذلك وهو عاكف على سماع الأغاني واستماع المثالث والمثاني، وملكه قد أصبح واهي المباني.
ومما اشتهر عنه أنه كتب إلى بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - يطلب منه جماعةً من ذوي الطرب، وفي تلك الحال وصل رسول السلطان هولاكو إليه يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار، فقال بدر الدين: انظروا إلى المطلوبيْن، وابكوا على الإسلام وأهله".. ومن هنا يذكر ابن الطقطقي صفة الرجل الكامل: "قالوا: ولا ينبغي للرجل الكامل إلا أن يكون في الغاية القصوى من طلب الرياسة أو في الغاية القصوى من تركها:

إذا ما لم تكن ملكاً مطاعا فكن عبداً لخالقـه مطيـعا
وإن لم تملك الدنيا جميعا كما تهواه فاتركها جميعا".
وفي الوقت الذي كان التتار فيه يحاصرون بغداد ويحيطون بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب، ذُكر أن جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه، وكانت من جملة حظاياه، وتسمى "عرفة"، فجاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعاً شديداً، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه فإذا عليه مكتوب: إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم. وأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز وكثرت الستائر على دار الخلافة، ولكن الأمر أكبر من ذلك وأعظم.
ولم يقف هذا الضعف والهوان عند حدود دول المشرق الإسلامي، أو ينتهي بضعف مركز الخليفة العباسي، وضمور سلطان الخلافة العباسة، بل جاوز ذلك إلى ملوك وسلاطين المسلمين في بلاد الشام ومصر، فقد ذكر ابن كثير - في أحداث سنة 658هـ - أن سلطان دمشق وحلب الملك الناصر بن العزيز، وملك الكرك والشوبك الملك المغيث بن العادل قد عزموا على قتال المصريين وأخذ مصر منهم، ومعهما الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري.

وقبل ذلك ذكر الذهبي أن عسكر الناصر سار سنة 656هـ، وعليهم المغيث بن صاحب الكرك، ليأخذوا مصر، فالتقاهم المظفر قطز - وهو نائب للمنصور علي ولد المعز - بالرمل فكسرهم وأسر جماعة أمراء فضرب أعناقهم.

وقبل ذلك كذلك في سنة 642هـ كان حصار الخوارزمية على دمشق في خدمة صاحب مصر، واشتد القحط حتى التقى بهم الشاميون ومعهم عسكر من الفرنج بين عسقلان وغزة، فانهزم الجمعان وحصدت الخوارزمية الفرنج، واندك صاحب حمص، ونهبت خزائنه وبكى وقال - معبراً عن سر الهزيمة: "قد علمت بأنا لا نفلح لما سرنا تحت الصلبان".

قال ابن الأثير واصفاً أحوال المسلمين في هذه الفترة بشكل عام: "فمن سلم من المسلمين من هاتين الطائفتين (التتار والفرنج) فالسيف بينهم مسلول والفتنة قائمة على ساق".

إذا علم ذلك كله أمكن تصور سرعة انتشارهم وضعف المقاومة أمامهم، وملء الرعب في قلوب الناس من حولهم، والله غالب على أمره.

صور من الصراع والضياع


- الحالة السياسية للأمة في القرن السادس الهجري:
يلخص سامي بن خالد الحمود الحالة السياسية في القرن السادس في عدة نقاط، منها:

- ضعف الخلافة العباسية:

في هذا القرن استمرت حالة الضعف والوهن الذي دب في الخلافة العباسية. ومع أن خلفاء هذا القرن كانوا في الجملة على درجة لا بأس بها من العدل والتقوى ومحبة الناس لهم، إلا أنه لم يعد للخليفة السيطرة التامة على البلاد الإسلامية، بل كانت السيطرة لسلاطين الدويلات أو الإمارات الإسلامية كإمارة السلاجقة والأيوبيون الغزنويين والخوارزميين والغوريين والعبيديين الذين سقط حكمهم في هذا القرن، إضافة إلى دولة المرابطين ودولة الموحدين اللتين حكمتا المغرب.

وكانت أكثر الإمارات تدين بالولاء للخليفة العباسي وتخطب باسمه كدولة السلاجقة وآل زنكي والأيوبيين والمرابطين، بينما كانت بعض الإمارات تعد نفسها دولة مستقلة ولا تعترف بسلطة الخليفة العباسي عليها كدولة الموحدين في المغرب، ودولة العبيديين في مصر.

وكانت الدولة السلجوقية أبرز الدويلات الإسلامية، فقد امتد سلطانها على خراسان وفارس والحجاز والشام و العراق دار الخلافة.

وشهد هذا القرن السادس موجات من النزاع المتكرر بين الخليفة وبين هذه الإمارات، مع أن أكثر هذه الإمارات كانت تخطب باسم الخليفة، وتعلن له الولاء، ومن هذه الأحداث:

في سنة 516 وقع قتال بين الخليفة المسترشد وبين دبيس بن صدقة صاحب الحِلة.

وفي سنة 519 عاد دبيس ومعه السلطان طغرل السلجوقي ليأخذا بغداد من الخليفة فأنزل الله مطراً كثيراً فتتفرق جموعهم.

في سنة 520 دخل السلطان محمود السلجوقي في بغداد على الخليفة فوقع بينهما القتال، فثار العامة مع الخليفة حتى وقع الصلح.

في سنة 529 وقع القتال الشديد بين الخليفة المسترشد والسلطان محمود السلجوقي وأُسر الخليفة، ونُهبت الأموال، فضج العامة حتى إنهم كسروا المنابر وامتنعوا من حضور الجماعات، وانتشرت الفتنة الداخلية في الأقاليم بسبب أسر الخليفة، فكتب السلطان سنجر السلجوقي إلى ابن أخيه محمود يحذره من مغبة هذا الفعل الشنيع، وأمره أن يعيد الخليفة إلى مكانه، فامتثل محمود رأي عمه، وأخرج الخليفة وأكرمه وأعد له احتفالاً، وأركبه فرساً وأمسك هو بلجام الفرس، وقبل الأرض بين يديه، فرضي الخليفة المسترشد وانقضت الفتنة.

في سنة 530 وقع الخلاف بين الخليفة الراشد والسلطان مسعود، فقام السلطان مسعود بخلع الخليفة واستدعاء عمه المقتفي ومبايعته بالخلافة.

في سنة 541 وقع خلاف بين الخليفة المقتفي وبين السلطان مسعود، فأمر الخليفة بإغلاق المساجد ثلاثة أيام، فأغلقت حتى اصطلح الخليفة والسلطان.

في سنة 551 طلب السلطان محمد بن محمود السلجوقي من الخليفة أن يخطب ببغداد فرفض الخليفة، فحاصره السلطان ببغداد شهرين، وتقاتل العامة مع الخليفة قتالاً شديداً.

- الحروب والخلافات الداخلية:
شهد هذا العصر وقوع كثير من النزاعاتوالحروب بين الإمارات الإسلامية، وفي بعضها يكون طرفا النزاع أخوين أو من أسرة واحدة، ومن أبرز هذه الأحداث:

في سنة 509 غزا السلطان السلجوقي محمد بن ملك شاه (صاحب العراق) الأمير طغتكين (صاحب دمشق) والأمير برشق (صاحب ماردين)؛ لعصيانهما سلطته وقطع الخطبة له، فلجأ الأميران إلى الصليبيين، فقتل الصليبيون من المسلمين خلقاً كثيراً.

في سنة 513 وقعت حروب شديدة بين السلطان محمود السلجوقي وعمه سنجر بن ملك شاه.

في سنة 514 كانت وقعةٌ عظيمة بين السلطانين محمود ومسعود ابني محمد بن ملك شاه.

في سنة 525 رجع العداء بين الأخوين محمود ومسعود، فتواجها للقتال، ثم وقع الصلح.

في سنة 526 وقعت الحروب بين الخوارزميين والسلاجقة.

في سنة 533 كانت وقعةٌ عظيمة بين الخوارزميين والسلاجقة.

في سنة 547 وقع قتال بين السلاجقة بقيادة سنجر وبين الغوريين بقيادة الحسين بن الحسن.

في سنة 569 مات نور الدين محمود زنكي فتفرق أمر زنكي ونشب الخلاف بينهم.

في سنة 589 مات صلاح الدين الأيوبي؛ فاضطربت الأمور بين أبنائه وبين أخيه العادل وتفرق شملهم في مصر والشام.

في سنة 590 وقعت الحرب بين السلاجقة بقيادة طغرل الثاني والخوارزمية بقيادة خوارزمشاه تَكَش، وانتهت بقتل طغرل وانتهاء أمر السلاجقة واستيلاء الخوارزمية على بلادهم.

في سنة 600 وقعت حروب كثيرة بين الخوارزمية والغورية.

- حال الأمة الإسلامية مع مطلع القرن السابع:

- الخلافة العباسية:
مع مطلع هذا القرن كان الخلفية العباسي هو الناصر لدين الله، وكانت سلطته الفعلية منحصرة في العراق، وعلى الرغم مما تصف به الناصر من الفصاحة والشجاعة والمكر والدهاء، فإنه كان رديء السيرة في الرعية مائلاً إلى الظلم وأخذ الأموال، ثم إنه مال إلى التشيع وتفضيل علي على أبي بكر.

ونقلت عنه أشياء غريبة وأفعال متناقضة فكان يفعل الشيء وضده، وكانت خلافته سنة 575 هـ ووفاته سنة 622هـ بسبب مرض طويل.

قال ابن الأثير: "وبقي الناصر لدين الله ثلاث سنين عاطلاً من الحركة بالكلية، وقد ذهبت إحدى عينيه والأخرى يبصر بها إبصاراً ضعيفاً، ثم أصابه دوسنطارية عشرين يوماً ومات.. ولم يطلق في أيام مرضه ما كان أحدثه من الرسوم الجائرة، وكان قبيح السيرة في رعيته ظالماً لهم؛ فخرّب في أيامه العراق، وتفرق أهله في البلاد وأخذ أموالهم وأملاكهم".

- الإمارات الإسلامية:
مع مطلع هذا القرن كانت بلاد المسلمين مجزأة إلى مجموعة من الإمارات الإسلامية، وكان أكثر هذه الإمارات يخطب باسم الخليفة العباسي في بغداد.
- الدولة الأيوبية: وقد امتد سلطانها ليشمل الشام ومصر والحجاز واليمن.

- الدولة الخوارزمية: التي قضت على السلاجقة، وكانت تحكم الجزء الشمالي الشرقي من البلاد الإسلامية، ويشمل بلاد ما وراء النهر وخوارزم وخراسان وفارس.

- الدولة الغورية: وكانت تحكم الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد الإسلامية، ويشمل بلاد الهند.

- دولة الموحدين: وكانت تحكم بلاد المغرب.

ومع توسع الدولة الخوارزمية كان هناك نوع من الخلاف والتوتر السياسي بين السلطان الخوارزمي والخليفة الناصر لدين الله؛ بسبب مطالبة السلطان للسلطنة في بغداد وامتناع الخليفة عن ذلك، وبسبب نزاعهما على منطقة الري.

ونقل بعض المؤرخين كابن الأثير وابن كثير روايات تفيد أن الخليفة الناصر بسبب هذا الخلاف دعا التتار لغزو أرض الخوارزميين.


- انحسار المد الصليبي:
شهد مطلع هذا القرن انحساراً مؤقتاً في المد الصليبي بعد أن مني الصليبيون بالهزائم المتتالية على يد الأيوبيين في القرن السادس، ويضاف إلى هذا وقوع الخلاف والنزاع بين الروم والفرنج. ولكن خطراً بدأ يهدد بلاد الإسلام وهو ظهور التتار.

- ظهور التتار:
بعد فشل الحملات الصليبية امتلأت قلوب الصليبين حقداً على المسلمين، فقاموا بإغراء التتار وتحريضهم على الهجوم على بلاد الإسلام، وكانوا يقولون لهم: إن بلاد الإسلام جنان عظيمة، تنتج العسل، وتجري أنهارها باللبن. ولعبت النساء النصرانيات الحليلات والخليلات دوراً في بث هذا التحريض في المجتمع المغولي.

ثم إن هذا التحريض وافق توجهاً عقدياً لدى التتار بأن الله بعثهم ليحكموا العالم. فبدأ جنكيز خان بالاستعداد لغزو الجزء الشرقي من بلاد الإسلام حيث أراضي الدولة الخوارزمية التي كان يحكمها خوارزمشاه محمد تَكَش، وكان بعض التجار التتار قد جاؤوا إلى بلاد ما وراء النهر ليشتروا ثياباً لجنكيز خان، فلما وصلوا إلى خوارزم أمر خوارزمشاه بقتلهم وأخذ ما معهم، ثم أرسل خوارزمشاه جواسيسه إلى التتار فعادوا بعد مدة وأخبروه بكثرة عددهم وشدة بأسهم وأنهم لا يعرفون الهزيمة فندم على ما فعله بالتجار.

وفي هذه الأثناء وصل رسول جنكيز خان برسالة تهديد يقول فيها: تقتلون تجاري وتأخذون أموالهم فإني قادم إليكم بجنود لا قبل لكم بها.

وبينما كان خوارزمشاه منشغلاً في تجهيز الجيوش هجم التتار بقيادة جنكيزخان على بخارى، وبعد ثلاثة أيام من الحصار طلب أهلها الأمان فأعطهم الأمان، وأظهر العدل وحسن السيرة، وأمرهم أن يخرجوا بأسلحتهم ويقاتلوا معه من اعتصم بالقلعة، وكان في القلعة أربعُمائة من فرسان المسلمين، فسقطت القلعة، وقتل كل من فيها من المسلمين، ثم عاد جنكيز خان إلى بخارى، وغدر هو وجنوده بأهلها، فاستباحوها، وفعلوا بأهلها الموبقات، وقتلوا منهم خلقاً لا يعلمهم إلا الله، وأسروا الذرية والنساء، وفعلوا بهن الفواحش بحضرة الرجال، فقتل أناس دون نسائهم، وأسر آخرون فعذبوا أشد العذاب، وأحرقت المساجد والمدارس حتى صارت خاوية على عروشها.

ثم سار جنكيز خان وجنوده إلى سمرقند عاصمة الخوارزميين، وكان فيها من الجيش النظامي خمسون ألف، فلم يخرج للتتار أحد بسبب الخوف الذي ملأ قلوبهم، فتصدى لهم الشجعان من أهل سمرقند وكانوا سبعين ألف من عامة الناس.. وكان النصر حليف التتار وسقطت سمرقند.

وبعد سقوط سمرقند، بدأت المدن تتساقط الواحدة تلو الأخرى، فسقطت مازندران، ثم الري، وهَمَذَان، ثم زَنْجان، ثم قَزْوِين، ثم أَذْرَبِيجان، حتى استولى التتار على جميع أراضي الخوازميين في بلاد ما وراء النهر، وطغوا في البلاد، وأكثروا القتل والفساد.

أما السلطان خوارزمشاة فإنه هرب من بلاده، وأرسل جنكيزخان وراءه ثلاثة من كبار قواده على رأس عشرين أو ثلاثين ألف مقاتل.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]