عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 01-01-2022, 06:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الثالث
الحلقة (47)

من صــ 64 الى صـ
ـ 70

و " الْعَلَامَةُ ". فَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لَهُ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ كَمَالِ الْقُرْآنِ تَرْكَهُ فِي أَمْثَالِهِ الْمَضْرُوبَةِ وَأَقْيِسَتِهِ الْمَنْصُوبَةِ لِذِكْرِ الْمُقَدِّمَةِ الْجَلِيَّةِ الْوَاضِحَةِ الْمَعْلُومَةِ ثُمَّ اتِّبَاعُ ذَلِكَ بِالْإِخْبَارِ عَنْ النَّتِيجَةِ الَّتِي قَدْ عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ أَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودُ؛ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ ضَرْبُ الْمَثَلِ بِذِكْرِ مَا يُسْتَفَادُ ذِكْرُهُ وَيُنْتَفَعُ بِمَعْرِفَتِهِ فَذَلِكَ هُوَ الْبَيَانُ وَهُوَ الْبُرْهَانُ وَأَمَّا مَا لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ فَذِكْرُهُ عَيٌّ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك خَطَأُ قَوْمٍ مِنْ البيانيين الْجُهَّالِ والمنطقيين الضُّلَّالِ حَيْثُ قَالَ بَعْضُ أُولَئِكَ:
الطَّرِيقَةُ الْكَلَامِيَّةُ الْبُرْهَانِيَّةُ فِي أَسَالِيبِ الْبَيَانِ لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا قَلِيلًا وَقَالَ الثَّانِي:
إنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ بُرْهَانٌ تَامٌّ فَهَؤُلَاءِ مِنْ أَجْهَلِ الْخَلْقِ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ إلَّا الطَّرِيقَةُ الْبُرْهَانِيَّةُ الْمُسْتَقِيمَةُ لِمَنْ عَقَلَ وَتَدَبَّرَ. و " أَيْضًا " فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ مَدَارَ ضَرْبِ الْمَثَلِ وَنَصْبَ الْقِيَاسِ عَلَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ؛ فَإِنَّهُ مَا مِنْ خَبَرٍ إلَّا وَهُوَ إمَّا عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ: سَالِبٌ أَوْ مُوجَبٌ فَالْمُعَيَّنُ خَاصٌّ مَحْصُورٌ وَالْجُزْئِيُّ أَيْضًا خَاصٌّ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَالْمُطْلَقُ إمَّا عَامٌّ وَإِمَّا فِي مَعْنَى الْخَاصِّ. فَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ هَذَا الْبَابِ أَنْ يَعْرِفَ " صِيَغَ النَّفْيِ وَالْعُمُومِ " فَإِنَّ ذَلِكَ يَجِيءُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَبْلَغِ نِظَامٍ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ " صِيغَةَ الِاسْتِفْهَامِ " يَحْسَبُ مَنْ أَخَذَ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْقِيَاسِ الْمَضْرُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا الْقَضَايَا الْخَبَرِيَّةُ وَهَذِهِ طَلَبِيَّةٌ فَإِذَا تَأَمَّلَ وَعَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ اسْتِفْهَامَاتِ الْقُرْآنِ أَوْ كَثِيرًا مِنْهَا إنَّمَا هِيَ اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ مَعْنَاهُ الذَّمُّ وَالنَّهْيُ إنْ كَانَ إنْكَارًا شَرْعِيًّا أَوْ مَعْنَاهُ النَّفْيُ وَالسَّلْبُ إنْ كَانَ إنْكَارَ وُجُودٍ وَوُقُوعٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} الْآيَةَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ} وَقَوْلُهُ فِي تَعْدِيدِ الْآيَاتِ: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} أَيْ أَفَعَلَ هَذِهِ إلَهٌ مَعَ اللَّهِ وَالْمَعْنَى مَا فَعَلَهَا إلَّا اللَّهُ وَقَوْلُهُ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} وَمَا مَعَهَا.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ هُوَ ضَرْبُ الْأَمْثَالِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَقَدْ يُعَبَّرُ فِي اللُّغَةِ بِضَرْبِ الْمَثَلِ أَوْ بِالْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ عَنْ نَوْعٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ التَّعْبِيرُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ اللُّغَةِ؛ لَكِنْ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الدَّلِيلُ عَلَى الْحُكْمِ كَأَمْثَالِ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ قَدْ قَالَ كَلِمَةً مَنْظُومَةً أَوْ مَنْثُورَةً لِسَبَبِ اقْتَضَاهُ فَشَاعَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى يُصَارَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ كُلِّ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ فِي الْأَصْلِ غَيْرَ مَوْضُوعٍ لَهَا فَكَأَنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ المثلية نُقِلَتْ بِالْعُرْفِ مِنْ الْمَعْنَى الْخَاصِّ إلَى الْعَامِّ كَمَا تُنْقَلُ الْأَلْفَاظُ الْمُفْرَدَةُ فَهَذَا نَقْلٌ فِي الْجُمْلَةِ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: " يَدَاك أَوْكَتَا وَفُوك نَفَخَ " هُوَ مُوَازٍ لِقَوْلِهِمْ: " أَنْتَ جَنَيْت هَذَا " لِأَنَّ هَذَا الْمَثَلَ قِيلَ ابْتِدَاءً لِمَنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ بِالْإِيكَاءِ وَالنَّفْخِ ثُمَّ صَارَ مَثَلًا عَامًّا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ:
" الصَّيْفَ ضَيَّعْت اللَّبَنَ " مِثْلُ قَوْلِك " فَرَّطْت وَتَرَكْت الْحَزْمَ وَتَرَكْت مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَقْتَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَ " وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ قِيلَتْ لِلْمَعْنَى الْخَاصِّ. وَكَذَلِكَ " عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا " أَيْ أَتَخَافُ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الظَّاهِرِ الْحَسَنِ بَاطِنٌ رَدِيءٌ؟ فَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الْبَيَانِ يَدْخُلُ فِي اللُّغَةِ وَالْخِطَابِ فَالْمُتَكَلِّمُ بِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُبَيِّنِ بِالْعِبَارَةِ الدَّالَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَعْنَى فِي نَفْسِهِ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا إذْ قَدْ يَتَمَثَّلُ بِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهَذَا تَطَلُّبُهُ فِي الْقُرْآنِ مِنْ جِنْسِ تَطَلُّبِ الْأَلْفَاظِ الْعُرْفِيَّةِ فَهُوَ نَظَرٌ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى لَا نَظَرٌ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى وَدَلَالَتِهِ عَلَى الْحُكْمِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ يَجْلُو عَنْك شُبْهَةً لَفْظِيَّةً وَمَعْنَوِيَّةً. وَهَذِهِ الْأَمْثَالُ اللُّغَوِيَّةُ أَنْوَاعٌ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا أَجْنَاسُهَا وَهِيَ مُعْلِنَةٌ بِبَلَاغَةِ لَفْظِهِ وَنَظْمِهِ وَبَرَاعَةِ بَيَانِهِ اللَّفْظِيِّ وَاَلَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ وَإِعْجَازِ الْقُرْآنِ يَتَكَلَّمُونَ فِي مِثْلِ هَذَا وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ أَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ صَارَتْ مَثَلًا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا تَصِيرُ الْكَلِمَةُ مَثَلًا حَتَّى يَتَمَثَّلَ بِهَا الضَّارِبُ فَيَكُونُ هَذَا أَوَّلَ مَنْ تَمَثَّلَ بِهَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ} وَكَقَوْلِهِ: {مُسَعِّرُ حَرْبٍ} وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ النَّفْيَ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْمُضَمَّنِ مَعْنَى الْإِنْكَارِ هُوَ نَفْيٌ مُضَمَّنٌ دَلِيلَ النَّفْيِ؛ فَلَا يُمْكِنُ مُقَابَلَتُهُ بِمَنْعِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْفِي بِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِ إلَّا مَا ظَهَرَ بَيَانُهُ أَوْ اُدُّعِيَ ظُهُورُ بَيَانِهِ فَيَكُونُ ضَارِبُهُ إمَّا كَامِلًا فِي اسْتِدْلَالِهِ وَقِيَاسِهِ وَإِمَّا جَاهِلًا كَاَلَّذِي قَالَ: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}.
إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَالْأَمْثَالُ الْمَضْرُوبَةُ فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا مَا يُصَرِّحُ فِيهِ بِتَسْمِيَتِهِ مَثَلًا وَمِنْهَا مَا لَا يُسَمَّى بِذَلِكَ. . . (1) {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} وَاَلَّذِي يَلِيهِ {إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} الْآيَةَ {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ}.
وَاَلَّذِي بَعْدَهُ لَيْسَ فِيهِ لَفْظٌ مِثْلُ {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} فِي الثَّلَاثَةِ {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ} {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وَقَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ إنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ}.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ} الْآيَةَ وَيُسَمَّى جِدَالًا {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} - إلَى قَوْلِهِ - {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} {إنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} الْآيَةَ {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ} {إلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إلَى الْمَاءِ} وَقَوْلُ يُوسُفَ {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ} {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} الْآيَةَ {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} إلَى قَوْلِهِ:
{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} إلَى آخِرِهِ {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا} وَاَلَّذِي بَعْدَهُ {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً} {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} فِي مَوْضِعَيْنِ
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إلَّا كُفُورًا} بَعْدَ أَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالتَّحَدِّي بِالْقُرْآنِ {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} الْقِصَّةَ {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} يُنَبِّهُ عَلَى أَنَّهَا بَرَاهِينُ وَحُجَجٌ تُفِيدُ تَصَوُّرًا أَوْ تَصْدِيقًا {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}
{وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} {مَثَلُ نُورِهِ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ} الْمَثَلَيْنِ مَثَلُ نُورِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسَاجِدِ وَأُولَئِكَ فِي الظُّلُمَاتِ {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} - ف " التَّفْسِيرُ " يَعُمُّ التَّصْوِيرَ وَيَعُمُّ التَّحْقِيقَ بِالدَّلِيلِ كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْكَلَامِ الْمَشْرُوحِ - {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} الْآيَةَ {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ} {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ} الْآيَةَ {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} {فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} وَقَوْلُهُ: {إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} إلَى قَوْلِهِ {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا} {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} إلَى آخِرِهِ لَمَّا أَوْرَدُوهُ نَقْضًا عَلَى قَوْلِهِ: {إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} فَهُمْ الَّذِينَ ضَرَبُوهُ جَدَلًا {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا} إلَى قَوْلِهِ:
{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا} {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ} {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ} {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} الْآيَةَ {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا} ولِلَّذِينَ آمَنُوا {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} {كَأَنَّهُمْ إلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} {كَالْفَرَاشِ} و {كَالْعِهْنِ}.
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَمَّا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالنُّطْقِ؛ جُعِلُوا صُمًّا بُكْمًا عُمْيًا أَوْ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالنُّطْقِ صَارُوا كَالصُّمِّ الْعُمْيِ الْبُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ نَفْسُ قُلُوبِهِمْ عَمِيَتْ وَصَمَّتْ وَبَكِمَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}

" وَالْقَلْبُ " هُوَ الْمَلِكُ وَالْأَعْضَاءُ جُنُودُهُ وَإِذَا صَلَحَ صَلَحَ سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَ سَائِرُ الْجَسَدِ فَيَبْقَى يَسْمَعُ بِالْأُذُنِ الصَّوْتَ كَمَا تَسْمَعُ الْبَهَائِمُ، وَالْمَعْنَى: لَا يَفْقَهُهُ وَإِنْ فَقِهَ بَعْضَ الْفِقْهِ لَمْ يَفْقَهْ فِقْهًا تَامًّا فَإِنَّ الْفِقْهَ التَّامَّ يَسْتَلْزِمُ تَأْثِيرُهُ فِي الْقَلْبِ مَحَبَّةَ الْمَحْبُوبِ وَبُغْضَ الْمَكْرُوهِ؛ فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ هَذَا لَمْ يَكُنْ التَّصَوُّرُ التَّامُّ حَاصِلًا فَجَازَ نَفْيُهُ لِأَنَّ مَا لَمْ يَتِمَّ يُنْفَى كَقَوْلِهِ لِلَّذِي أَسَاءَ فِي صَلَاتِهِ: {صَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ}. فَنَفَى الْإِيمَانَ حَيْثُ نَفَى مِنْ هَذَا الْبَابِ.
__________
Q (1) بياض بالأصل


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.92 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]