[ابوالوليد المسلم]

فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم


أحمد قوشتي عبد الرحيم



{ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ}

طول الأمد ، وكثرة الشواغل ، وقلة التذكير ، والإلف والعادة : كل ذلك مظنة لتسرب القسوة إلى القلوب ، وضعف تأثرها بالمواعظ والعبر .

وشتان شتان بين ذاك القلب الغض الأول الذي كان يسمع الموعظة فتهزه هزا ، وتغيره تغييرا عجيبا ، وبين ذاك القلب الثاني الذي عرف كثيرا وسمع كثيرا لكن طال عليه الأمد ، فقسا القلب وجمدت العين وضعف التأثر !!

ومع ذلك فلا يأس من رحمة الله ، ولا مانع من فضله ورحمته ، وتأمل تلك الآيتين من سورة الحديد ، ففي أولاهما عتاب وحث على الخشوع وتحذير من قسوة القلوب بسبب طول الأمد
" { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } "

ثم بعدها مباشرة تأتي آية الرجاء والأمل " { اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} "

ومع أن هذه الآية تتكلم عن إحياء الأرض بعد مواتها إلا أن فيها إشارة إلى أنه، تعالى " يلين القلوب بعد قسوتها، ويهدي الحيارى بعد ضلتها، ويفرج الكروب بعد شدتها، فكما يحيي الأرض الميتة المجدبة الهامدة بالغيث الهتان الوابل كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن والدلائل، ويولج إليها النور بعد ما كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل " تفسير ابن كثير .